يصادف يوم 27 أبريل من كل عام، يوماً تاريخياً وحضارياً مشهوداً في ذاكرة اليمن واليمنيين، كونه اليوم الذي تجسدت فيه الديمقراطية بأروع صورها، وكان يوماً اختار فيه أبناء الشعب اليمني من يمثلهم في مجلس النواب، وحافظ هذا اليوم على تخليده للديمقراطية بثلاث مراحل انتخابية برلمانية، وتأجلت الرابعة بناءً على طلب من أحزاب المعارضة في عهد الرئيس علي عبدالله صالح.

في يوم 27 أبريل 1993م، كانت البداية لأول انتخابات برلمانية بعد تحقيق الوحدة اليمنية الخالدة في الثاني والعشرين من مايو 1990م، وشارك فيها أكثر من 2.7 مليون يمني أدلوا بأصواتهم لمرشحيهم، كان عدد النساء أكثر من 500 ألف امرأة، وكان المرحلة الأولى لتجسيد الديمقراطية، باختيار الشعب اليمني من يمثلهم في البرلمان.

وبلغ عدد المرشحين لعضوية مجلس النواب في الانتخابات البرلمانية الأولى (3181) مرشحا في كافة الدوائر الانتخابية البالغ عددها (301 دائرة) على مستوى اليمن، بينهم (41 امرأة)، ومن بين العدد الإجمالي المذكور كان هناك (1215) مرشحاً عن أحزاب سياسية، والباقي وهو العدد الأكبر المقدر بـ(1966) مرشحاً كانوا مستقلين.

الجولة الثانية للديمقراطية، وتحديداً المرحلة الثانية في الانتخابات البرلمانية كانت في 27 أبريل 1997م، والتي بلغ عدد المرشحين فيها (2311) مرشحاً، منهم (557) مرشحاً مستقلاً، والبقية من الأحزاب السياسية، فيما بلغ عدد النساء المرشحات في هذه الانتخابات نحو عشرين امرأة، فيما أدلى فيها المواطنون بأكثر من 2.8 مليون ناخب وناخبة.

وفي 27 أبريل 2003م، كانت المرحلة الثالثة من الانتخابات البرلمانية، وتقدم للانتخابات 19 حزباً وتنظيمًا سياسيًا بـ(991) مرشحًا للمقاعد البرلمانية الـ301، بالإضافة إلى (405) مرشحين مستقلين، وتم تسجيل أكثر من ثمانية ملايين مواطن في جداول الناخبين، بمن في ذلك الناخبات اللائي تضاعف عددهن تقريباً مقارنة بانتخابات 1997م (3.4 مليون مقابل 1.8 مليون ناخبة).

وكان من المقرر أن تتم الجولة الرابعة من الانتخابات البرلمانية اليمنية في 27 أبريل 2009م، لكن تم تأجيلها بناءً على طلب من أحزاب المعارضة التي كانت تُعرف حينها بأحزاب اللقاء المشترك، وبررت طلبها ذلك بأنها غير مستعدة وغير جاهزة لخوضها، وطلبت التأجيل حتى تتمكن من تمكين نفسها في مختلف الجوانب، واستمر التأجيل حتى جاءت فوضى الربيع العبري في العام 2011م، وحينها توقفت أعمال الديمقراطية، وأنهى الرئيس علي عبدالله صالح مهامه بنقله للسلطة لخلفه عبد ربه منصور هادي بانتخابات توافقية يوم 21 فبراير 2012م، وتسليمه السلطة في 27 فبراير 2012م.

لم يقتصر الأمر فقط على الانتخابات البرلمانية، بل جسد الرئيس علي عبدالله صالح أروع وأنصع صور الديمقراطية في تاريخ اليمن، من خلال ممارسة الشعب اليمني كامل حقوقه الدستورية والقانونية باختيار من يمثلهم في رئاسة البلاد، وفي المجالس المحلية، بالإضافة إلى انتخاب المحافظين الذي تم في مايو 2008م.

الانتخابات الرئاسية بعد تحقيق الوحدة اليمنية الخالدة كانت في 3 دورات، الأولى في 23 سبتمبر من العام 1999م، وكانت أول انتخابات رئاسية مباشرة في شبه الجزيرة العربية، أعقبها الانتخابات الرئاسية في 20 سبتمبر 2006م، وكان الفائز فيهما هو المرشح علي عبدالله صالح، وحقق فوزاً ساحقاً في كل منهما، ثم انتهت في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 21 فبراير 2012م، والمرشح الوحيد فيها عبدربه منصور هادي، وكان مرشحاً توافقياً، لكنه لم يحافظ على الديمقراطية التي سلمها له الرئيس علي عبدالله صالح.

انتخابات المجالس المحلية في اليمن، كانت بدورتين: الأولى جرت في 20 فبراير 2001م، حيث جرى فيها الإدلاء عبر صناديق الاقتراع لانتخاب 7104 ممثلاً في المجالس المحلية من أصل 23827 مرشحاً، وفي ذات اليوم أيضاً، أدلى المواطنون بأصواتهم في الاستفتاء على التعديلات الدستورية المقترحة.

وقد تنافس على مقاعد المجالس المحلية في المحافظات والمديريات أكثر من (23) ألف مرشح ومرشحة يمثلون مختلف الأحزاب والتنظيمات السياسية والمستقلين وأظهرت نتائج تلك الانتخابات التي تزامنت مع الاستفتاء على التعديلات الدستورية عن فوز (6283) مرشحاً ومرشحة في مجالس المديريات و(417) مرشحاً ومرشحة في مجالس المحافظات في الانتخابات الأساسية والتكميلية.

أما الدورة الثانية، فتزامنت مع الانتخابات الرئاسية في 20 سبتمبر 2006م، حيث فاز في انتخابات المجالس المحلية (10657) مرشحاً في المديريات مقابل (47) مرشحة، و9 مرشحات في المحافظات مقابل (952) مرشحاً، وجرت في أجواء خصبة يسودها الأمن والاستقرار والسكينة العامة.

جميع مراحل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمجالس المحلية والمحافظين، خضعت لرقابة محلية وعربية ودولية واسعة، في أجواء مفعمة بالوطنية والنزاهة وقد وصف المراقبون الدوليون الانتخابات في اليمن بمختلف دوراتها بأنها "حرة ونزيهة على نحو معقول، وخطوة إيجابية في التطور الديمقراطي في اليمن"، واجمعت أنها لم تغفل يوماً عن مسيرة سنوات من العمل الديمقراطي على الساحة اليمنية، واصفين هذا التحول الذي بدأت ملامحه في التشكل منذ عام 1993م وصولاً لإجراء أول انتخابات رئاسية عام 1999م، وانتخابات البرلمان في 1997م و2003م، والمجالس المحلية في العام 2001م و2006م، وانتخابات رئاسية أخرى في العام 2006م، بأنه "ميلاد التطور الديمقراطي في الجزيرة العربية في تاريخها الحديث".

جاءت الانتخابات لتجسد حدثاً ديمقراطياً مهماً في إطار التوجه السياسي لاستكمال البناء المؤسسي للدولة اليمنية الحديثة وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في صنع القرار وإدارة الشئون المحلية، كما أنها جاءت في إطار الإصلاح الاقتصادي والمالي والنقدي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والاستثمار، ومداميك لترسيخ النهج الديمقراطي، واكتملت بذلك حلقات البناء الديمقراطي في اليمن، خلال 3 عقود في تاريخ اليمن وكان الرئيس علي عبدالله صالح هو أول مؤسس لها وهو من أرسى مداميكها بحنكة وسياسة متزنة وبعقلانية.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: الرئیس علی عبدالله صالح الانتخابات البرلمانیة الانتخابات الرئاسیة المجالس المحلیة فی الانتخابات فی الیمن أکثر من

إقرأ أيضاً:

"اليوم24" يحاور مرشحا لبرلمان الطفل: أنا مرشح لكل طفل لا يصل صوته (حوار خاص )

تأسس برلمان الطفل في المغرب سنـة 1999، ويعد بمثابة هيئة تمثيلية تهدف إلى تمكين الأطفال من التعبير عن آرائهم والمشاركة في اتخاذ القرارات التي تؤثر في حياتهم. وهو يتكون من ممثلين منتخبين من جميع أنحاء المملكة المغربية، ويضم الأطفال من الفئة العمرية ما بين 12 و18 سنة.

يتم الترشح للانضمام إلى برلمان الطفل من خلال انتخابات محلية أو جهوية، يشارك من خلالها الأطفال في عملية اختيار مرشحين من بينهم لتمثيلهم في البرلمان، بشرط  أن يكون الطفل قد بلغ السن المحددة من 12 إلى 18 سنة، وتكون لديه رغبة حقيقية في تمثيل قضايا الأطفال والمساهمة في تحسين ظروف حياتهم.

في هذا الإطار، ارتأى  « اليوم24 » استضافة الطفل المرشح « زين الدين الجاحظ  » البالغ من العمر 16 سنة، والذي عبر عن رغبته في دخـول غمار هاته التجربـة، بعدما استهوته فكـرة الترشح لبرلمان الطفل للمشاركة في إيصال صوت أطفال العالم القـروي والمناطق الهشة. فكـان لنـا هذا الحـوار:

بـدايـة مرحـبا بكم على موقع « اليوم24 »:

أشكر بداية موقع “اليوم 24”، هذا المنبر الوطني، على احتضانه هذا اللقاء الذي لا أراه مجرد حوار صحفي عابر، بل أعتبره إعلان انطلاق رسمي لمرحلة جديدة في مساري، مرحلة النضج، والتأثير، وصناعة الذاكرة.

أنا زين الدين الجاحظ، 16 سنة من حي سيدي البرنوصي، ذاك الحي الذي ولدت فيه بين شقوق التحدي، والذي لم يكن يوماً مجرد حي شعبي بل مدرسة كبرى للحياة.

عرفني الناس من خلال ظهوري المتكرر على شاشات التلفزة الوطنية، حيث حملت صوتي ورسائلي إلى القلوب قبل الآذان، ثم كان اسمي حاضراً بقوة في الدورة الخامسة للمسابقة الوطنية لفن الخطابة، ورغم أنني لم أظفر باللقب، فقد كنت من بين أكثر المشاركين تأثيراً، ونلت تصفيق الجمهور قبل أن أنال اعتراف لجنة التحكيم.

سـؤال: إضافة لاهتمامك بحقوق الطفل وأوضاعه، هل لديك أية اهتمامات أخرى ؟

جـواب: نعم أكيد، ففي السنة الفارطة  تم ترشيحي رسمياً ضمن قائمة أفضل صناع المحتوى الشباب بالمغرب، وهي فرصة لم تأت من فراغ، بل من تراكم حكايات، ومشاعر، ورسائل صوتية ونصوصية حركت الساكن، ولامست الجرح.

لكن اللحظة الأهم في مساري حتى الآن، كانت حين أطلقت كتابي الأول بداية السنة “بين خطّين”. كتاب ليس كباقي الكتب، لأنه لم يُكتب بحبر فقط، بل بماء الذاكرة.

رويت فيه قصة الألم والضوء، في واقع صعب كـ”درب معاكيز”، وذكرت فيه صديقي ريان، الذي ساندني في أكثر الفصول سواداً، ووالدتي التي كانت لي كل الحكاية حين سكت الجميع، واحتضنتني كي لا أشعر بذلك الفراغ المفروض على أمثالي من الأطفال.

فهذا الحوار بالنسبة لي بمثابة ولادة جديدة، وإعلان نية صريحة لأقـول: « أنـا هنا، لا لأُرى، بل لأُحـدث الفرق ».

 

سـؤال: هل من الممكن الحديث حول الدافع الذي جعلكم تتبنون فكرة الترشح لبرلمان الطفل بالمغرب؟ وما أهمية ذلك على المستويين المحلي والوطني بالنسبة لهاته الفئة؟

جـواب: أولا، لا يسعني في هذا المقام إلا أن أعبر عن بالغ فخري واعتزازي بكون محطة برلمان الطفل المغربي تنعقد تحت الرئاسة الفعلية لصاحبة السمو الملكي الأميرة الجليلة لالة مريم، وتحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وهي رعاية ذات دلالات عميقة على العناية الملكية الفائقة التي تحظى بها الطفولة المغربية وقضاياها المصيرية.

أما عن دوافعي الشخصية للترشح، فهي تتجاوز فكرة الحضور الرمزي أو نيل لقب تمثيلي، بل هي امتداد طبيعي لمساري الإنساني والثقافي، ككاتب يعبر عن مشاعر وأصوات غالبا ما تهمش، وكشاب بدأ نشأته في بيئة شعبية تلخص واقع آلاف الأطفال في هذا الوطن.

ترشحت لأنني لا أريد فقط أن أتحدث باسم الأطفال، بل أريد أن أُحدث الأثر باسمهم، ولأجلهم.

فترشحت فقط لإيصال صوت الطفل الذي لا يجد ملعباً للعب فيه، ولأجل الطفلة التي ترى المدرسة حلماً بعيداً، ولأجل كل طفل يظن أن صوته غير مسموع… فكما أقول دائما « أنا هنا لأثبت له العكس ».

وأؤمن أن أهمية هذا الترشح تتجلى في مستويين متكاملين:

فعلى المستوى المحلي تعتبر فرصة حقيقية للاقتراب من أطفال الأحياء الشعبية، ومرافقة أصواتهم وهمومهم، وإيصالها للجهات المسؤولة برؤية نابعة من الميدان، لا من وراء المكاتب.

وعلى المستوى الوطنـي، فإن ترشحي يعتبر تتويجاً لحلم طويل، قادر على أن يكون فيه الطفل شريكاً فعلياً في السياسات العمومية، وفاعلاً حقيقياً في النقاش حول مستقبله، لا مجرد مستفيد صامت من قرارات تُفرض عليه.

سـؤال: كيف ترون واقع حقوق الطفل بالمغرب، وما هي المطالب الملحة التي ستترافعون فيها لأجل هذه الفئة الواسعة من الشعب المغربي؟

جـواب: بداية أقـول، » دعونا نواجه الحقيقة بجرأة »: « الطفل في المغرب لا يعيش حقوقه كاملة، بل يعيش على وعود مؤجلة ».

نعم، هناك مجهودات ومبادرات نبيلة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وبدعم دائم من صاحبة السمو الملكي الأميرة لالة مريم من خلال المرصد الوطني لحقوق الطفل، لكن رغم ذلك لا تزال الطفولة المغربية تعاني من الهدر المدرسي، والفقر الأسري، وغياب ملاعب ومساحات لعب، مع ضعف الحماية النفسية والاجتماعية لهاته الفئـة، وتملص مؤسسات كثيرة من مسؤولياتها الدستورية والإنسانية.

أنا لا أقول هذا من باب التشكي، بل من باب المسؤولية، لأنني ولدت في أحد أكثر الأحياء تحدياً داخل جهة الدار البيضاء-سطات، وتعلمت فيها أن الصوت القوي لا يُخلق من الامتياز، بل من الألم.

ولهذا، أحمل معي إلى برلمان الطفل ثلاث قضايا كبرى، وسأجعل منها معاركي اليومية:

أولـها: العدالة المجالية في حقوق الطفل، بحيث لن أقبل أن يبقى طفل القرية والحي الشعبي خارج الحسابات، وسأدافع عن ميزانيات عادلة توجه للمناطق المهمشة، وتوفر بنية تحتية حقيقية للطفولة.

ثانيا: إرساء برنامج وطني لمحاربة الهدر المدرسي والتفكك الأسري لأن المدرسة ليست مجرد بناء، بل أمان، والأسرة ليست مجرد حضن، بل مستقبل.

وسأطالب بسياسات استعجالية لمواكبة الأسر الفقيرة نفسياً ومادياً، حتى لا يَدفع الأطفال ثمن هشاشة لا ذنب لهم فيها.

ثالثا: الاعتراف بالطفل كمشارك في السياسات العمومية، وليس مجرد موضوع فيها من خلال مطالبتي بأن يكون للطفل المغربي صوتاً رسمياً داخل المجالس المحلية، ووسائل الإعلام، والقرارات التربوية، فنحن لا نطلب الإحسان، بل نطالب بالاعتراف.

سـؤال: في خضم حديثك الحارق عن هاته القضايا الأساسية في واقع الطفل المغربـي، نستشف تشبثك بقوة بمسألة الوصول إلى برلمان الطفل، لماذا هذا الإصرار؟

جـواب: أكـيد… فأنا كتبت كتابًا وثّقت فيه الحقيقة كما عشتها، لا كما تُجملها التقارير، وكنت أحمل معي أصوات الأطفال الذين لا يملكون حتى دفترا وتحدثت عنها في شاشات الإعلام، ونافست في مسابقات وطنية ورفعت إسم جهـة الدار البيضاء سطات عاليا ولو دون تتويج، ولم أخن أبداً وجعـي ولا وجع أصدقائي في الأحياء الهشة.

ولهـذا كله، أكون أن الأحق بتمثيل جهة الدار البيضاء-سطات،  لأنني ببساطة ابن هذه الجهة، وتحديدا من قلبها المنسي، حيث تنمو الأحلام وسط العتمة.

فأنا لا أطلب مقعداً للزينة أنا أُطالب بمنبر، لأحمل أحلام أطفال الجهة إلى البرلمان، لا كرقم، بل كصوت نابض، يقاتل من أجل أطفالها.

سـؤال: من خلال جولتكم في مناطق الجنوب الشرقي، ودواوير نائية، ما الذي عاينتموه علاقة بأوضاع الأطفال وحقوقهم الأساسية في بيئتهم المعيشية؟

جـواب: حين قررت أن أطلق حملتي الميدانية من هناك، من عمق الجبال، لم يكن ذلك بدافع التميز فقط، بل لأني آمنت أن أصوات الأطفال لا تصل دائماً من فوق المنصات، بل من تحت الغبار، حيث الطفولة تُهدر في صمت.

في دوار “تارغة”، التابع لإقليم ورزازات، لم أر فقط الجبال… رأيت صراعاً يومياً يعيشه الطفل، صراعاً بين البقاء والحرمان.

ومن خلال هذه الجولة، رصدت خروقات خطيرة، لا يمكن التغاضي عنها:

أول ما يصدمك هناك هو غياب أي فضاء ترفيهي للأطفال، لا ملعب، لا حديقة، لا حتى مساحة ترابية آمنة.

الطفل في « تارغة » لا يعرف اللعب، في حين أن المادة 31 من اتفاقية حقوق الطفل – التي صادق عليها المغرب – تضمن له الحق في “اللعب والراحة وممارسة الأنشطة الثقافية والفنية”.

وهنا نجد حرماناً مباشراً من حق اللعب، الذي يعد ركيزة نفسية لنمو الطفل.

ثم تأتي المعاناة اليومية مع الدراسة، والتي تتجلى في بُعد المؤسسات التعليمية بعدَ الابتدائي، وغياب النقل المدرسي، يجعل من كل صباح مغامرة محفوفة بالخطر.

رأيت ذلك بعيني، بل جربته بنفسي، حين قطعتُ جزءا من المسار مع أطفال الدوار، وكانت النتيجة إصابة مؤلمة في يدي اليسرى.

لذلك أرى أن هدا الأمر بمثابة خرق واضح للفصل 31 من الدستور المغربي، الذي ينص على “تيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين من تعليم عصري ذي جودة ”، إضافة إلى أن هذا الأمر يخالف الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة 2030، المتعلق بضمان تعليم جيد، منصف، وشامل.

ليس هذا فقط، فالحق في العلاج أيضا غائب تماماً ففي « تارغة »، لا وجود لأي مركز صحي، ولا نقطة إسعاف، ولا حتى مسعف قريب.

في الحالات الطارئة على الطفل أن يصبر أو يسلك طرقاً وعرة لمسافات طويلة، قد تُنهي حياته قبل وصوله للمساعدة الطبية، إنها خروقات صارخة للفصل 31 من الدستور المغربي، وللهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة.

أما البيئة التي يعيش فيها هؤلاء الأطفال، فهي هشة للغاية، فالبيوت غير مجهزة، ولا صرف صحي فيها مع ضعف كبير في ربط الماء والكهرباء، والطرقات بالكاد تُسمى طرقاً، وهذا إخلال واضح بوعود الدولة ضمن البرنامج الوطني لتنمية المناطق القروية والجبلية (2017–2023)، الذي كان من المفترض أن يُحدث فرقاً في مثل هذه المناطق.

إجمـالاً، أقـول إن هناك غياباً شبه كلي لمواكبة مؤسسات الدولة ومجتمعها المدني، للأطفال، فلا وجود لجمعيات، ولا أنشطة، ولا دور شباب ولا برامج توعوية، ولا ثقافة، ولا حلم.

في دوار « تارغة »، يكبر الطفل وحده، يتعلم من الأرض، ويتخرج من مدرسة الصبر، وهذا خرق لأدوار المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، ولمضامين الاستراتيجية الوطنية لحماية الطفولة.

أنا لم آت إلى هذه الجبال لأكتب تقريرا، بل جئت كي أسمع وأحس وأعود بالحقائق، ومن هنا، من دوار « تارغة »، أعلن التزامي الكامل بأن أنقل هذا الواقع بكل صدق، داخل برلمان الطفل المغربي، وسأحول هذه الملاحظات إلى ملفات رسمية، وأقدمها باجتماعات موثقة، مع صور، وأسماء، وأدلة، كي لا تظل الجبال مجرد ظلال بعيدة عن قرارات المركز.

فأنا مرشح لكل طفل لا يصل صوته، ولكل أم نسيت الدولة أن تسألها عن أحلام أبنائها، وهذا هو عهدي، وهذه هي مسؤوليتي.

 

 

كلمات دلالية أوضاع الأطفال المغرب اوضاع اجتماعية برلمان الطفل حقوق الطفل زين الدين الجاحظ مرشح برلمان الطفل

مقالات مشابهة

  • الحوثيون يقتلون داعية بارز وقيادي بحزب الإصلاح اليمني بمنزله غرب اليمن
  • رئيس إندونيسيا يصل إلى جدة
  • رئيس جمهورية إندونيسيا يصل إلى جدة
  • الحكيم: الانتخابات محطة مهمة ومفصلية له في ترسيخ الديمقراطية
  • الديهي: لحظة خروج الفريق عبد الفتاح السيسي قبيل ثورة 30 يونيو كانت نقطة تحول فارقة في تاريخ مصر
  • "اليوم24" يحاور مرشحا لبرلمان الطفل: أنا مرشح لكل طفل لا يصل صوته (حوار خاص )
  • نائب: ثورة 30 يونيو كانت الفعل الأعظم في تاريخ مصر الحديث
  • ارتفاع حوادث الغرق في شواطئ أكادير خلال أبريل وماي مع تسجيل 5 وفيات
  • طارق صالح: الجاهزية العسكرية خط الدفاع الأول لحماية مكتسبات اليمن
  • خارجية النواب: 30 يونيو كانت لحظة فارقة وحاسمة في تاريخ الوطن