قد يتعرض عمال المصانع، بحكم طبيعة عملهم، لأمراض مهنية عديدة، وهو ما يقتضى التزامهم بعدد من الاشتراطات والإجراءات الوقائية لحماية أنفسهم، وذلك حسبما أكدت دراسات عديدة فى المؤتمر الدولى، الذى نظمه مؤخراً قسم الطب البيئى والمهنى بمعهد بحوث البيئة والتغيرات المناخية بالمركز القومى تحت عنوان «التحديات البيئية والمهنية وتأثيرها على صحة الإنسان».

ومن بين هذه الدراسات التى أشارت إلى التأثيرات السلبية التى يتعرض لها العمال، تلك التى أجرتها أ. د. هبة مهدى عبدالله، رئيس قسم الطب البيئى والمهنى ورئيس المؤتمر، حيث أشارت إلى تأثير التعرض لما يعرف بـ«المركبات الهيدروكربونية العطرية متعددة الحلقات» على الرئة وإمكانية حدوث السرطان.

وأوضحت الدكتورة هبة مهدى لـ«الوطن» أن المركبات الهيدروكربونية العطرية متعددة الحلقات هى تلك المركبات التى تحتوى على 4 - 6 حلقات من البنزين (وتتكون من مكونين رئيسيين وهما الهيدروجين والكربون) وتنتج من الاحتراق غير الكامل أو الانحلال الحرارى للمواد العضوية مثل الفحم والزيت والقمامة، وأيضاً من احتراق الأشجار (حرائق الغابات)، كذلك احتراق التبغ، حيث إنها مكون من مكونات دخان السجائر.

وأشارت إلى أن هذه المركبات تدخل جسم الإنسان عن طريق الاستنشاق واللمس أو البلع، حيث يتعرض العمال فى مسابك الألومنيوم لهذه المركبات، مما يُهدد بالإصابة بسرطان الرئة عند التراخى وإهمال ارتداء مهمات الحماية الشخصية.

وأكدت رئيس قسم الطب البيئى والمهنى، فى هذا السياق، ضرورة الاهتمام بخفض الحدود المسموح بها لهذه الملوثات، حيث إن التعرض على المدى الطويل لمستويات فى الحدود المسموح بها قد تكون مسرطنة.

ولفتت كذلك إلى أهمية دراسة التعدد الجينى لبعض الجينات المسئولة عن إصلاح تلف الحمض النووى، حيث إن العمال الذين يحملون بعض الأشكال الجينية يكونون أقل قدرة على إصلاح هذا التلف، ومن ثم أكثر عرضة للإصابة من غيرهم.

وفى السياق نفسه، أشارت أ. د. إيمان محمد شاهى، أستاذ الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية بقسم الطب البيئى والمهنى إلى أن عمال المسابك يتعرضون أيضاً إلى المعادن الثقيلة فى الجسيمات العالقة، مثل (الألومنيوم والنحاس والكوبالت والكادميوم والنيكل) مما قد يعرضهم إلى خطورة الإصابة باضطرابات الكلى، وأوضحت أن قابلية الفرد للإصابة بالأمراض ترتبط بآليات كفاءة إصلاح الحمض النووى.

ومن عمال المسابك إلى عمال النسيج، تحدثت أ. د. سلوى فاروق حافظ، أستاذ طب الصناعات بالقسم، عن مشاكل الجهاز التنفسى فى عمال النسيج، لافتة إلى أنه قد يعانى عمال النسيج من الإصابة بما يُعرف بـ«الربو المهنى»، لافتة إلى أن الربو هو حالة تُسبب ضيق الشعب الهوائية، وتورمها، وقد تؤدى إلى إفراز المزيد من المخاط.

أما «الربو المهنى» فهو أحد أنواع الربو، ويحدث نتيجة استنشاق الأبخرة الكيميائية، أو الغازات، أو الغبار، أو مواد أخرى أثناء العمل. وعند حدوث ذلك فإنه يسبب استجابة تحسسية أو مناعية. وتتمثل الأعراض فى السعال وضيق النفَس وضيق الصدر وأحياناً احتقان وسيلان الأنف. والأشخاص المصابون بالحساسية أو لديهم تاريخ مَرضى عائلى من الحساسية هم أكثر عُرضة للإصابة بالربو المهنى.

ومع ذلك أشارت الدراسة التى قامت بها د. سلوى فاروق مع فريق بحثى من قسم بحوث تلوث الهواء بمعهد بحوث البيئة والتغيرات المناخية، إلى أن صناعة القطن أكثر أماناً على الجهاز التنفسى من صناعة الكتان، حيث كانت ملوثات الهواء والأعراض التنفسية واختبارات وظائف الرئة أفضل لدى عمال القطن مقارنة بعمال الكتان، وهو ما أرجعه الباحثون إلى العمليات الصناعية النظيفة واستخدام عمال القطن لمعدات الحماية الشخصية.

وفى مقابل مثل هذه الأمراض التى تُهدد العمال، أوصى مؤتمر «التحديات البيئية والمهنية وتأثيرها على صحة الإنسان»، بعدد من التوصيات فى محاولة للتصدى لهذه الأمراض وعلاجها، ومن بينها الدعوة إلى تضافر الجهود من الوزارات المعنية (الصحة والبيئة والتعليم والبحث العلمى) للوقوف على الآثار السلبية للتعرضات المهنية بالمصانع على صحة العمال وصحة البيئة، وأهمية عمل اختبارات ما قبل التعيين والاختبارات الدورية، وعمل تحليل جينى إن أمكن لدراسة الاستعداد الجينى للمشاكل الصحية الناتجة عن التعرضات المهنية، ومن ثم استبعاد العمال الأكثر عرضة لوقايتهم من الإصابة بالأمراض المختلفة عند استمرار التعرض.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: إلى أن

إقرأ أيضاً:

قناع وجه ذكي يكشف أمراض الكلى عبر التنفس

أميرة خالد

طوّر فريق من الباحثين بقيادة كورادو دي ناتالي، قناع وجه مبتكراً يمكنه الكشف عن أمراض الكلى المزمنة عبر تحليل التنفس، في خطوة قد تُحدث تحولاً في مجال التشخيص الطبي.

وأوضح الفريق البحثي، أن هذه التقنية تعتمد على مستشعرات متطورة مدمجة في القناع، قادرة على رصد المركبات الكيميائية المرتبطة بالمرض في الهواء الخارج من رئتي المريض.

وتُعد الكلى من أهم أعضاء الجسم المسؤولة عن تصفية الفضلات وتنظيم مستويات السوائل، لكن في حالة مرض الكلى المزمن، تتراجع قدرتها تدريجياً على أداء وظائفها الحيوية.

ويتيح الابتكار الجديد بديلاً غير جراحي وأكثر سهولة، بالرغم من أن التشخيص التقليدي لهذا المرض يعتمد على تحليل الدم أو البول لرصد نواتج الأيض.

ويعمل هذا القناع الذكي عبر مستشعر يعتمد على بوليمر موصل مزوّد بأقطاب كهربائية فضية معدلة، ما يعزز قدرته على رصد المركبات الكيميائية مثل الأمونيا، التي يرتفع تركيزها لدى مرضى الفشل الكلوي.

وتتغير المقاومة الكهربائية، عند تفاعل الغازات المتطايرة مع البوليمر، وهو ما يسمح بجمع بيانات يمكن استخدامها في تحديد الإصابة بالمرض.

وقام الباحثون بتجربة شملت 100 شخص، نصفهم مصابون بأمراض الكلى المزمنة، حيث نجح القناع في تحديد المرضى بدقة 84% (إيجابي حقيقي)، بينما بلغت دقته في تحديد الأشخاص الأصحاء 88% (سلبي حقيقي). ويتيح هذا النظام تحديد مراحل المرض المختلفة، ما يعزز فرص التدخل المبكر وتحسين الرعاية الصحية.

ويشير الخبراء إلى أن هذا الابتكار يُعدُّ خطوة واعدة نحو استخدام تقنيات بسيطة وغير جراحية لمراقبة صحة المرضى، ما قد يغير مستقبل التشخيص الطبي، ويسهم في تقليل العبء على المرافق الصحية.

مقالات مشابهة

  • 3 مصانع وسوق خردة ومدرسة وحظيرة .. حرائق بالقاهرة والجيزة والمحافظات
  • النقابات المهنية في فلسطين: نثمن قرار نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال وندعو لتوسيعها دوليا
  • قناع وجه ذكي يكشف أمراض الكلى عبر التنفس
  • بالشمع الأحمر.. إغلاق مصانع تقلد منتجات ماركة شهيرة من المياه الغازية بالغربية
  • فعالية توعوية بصحة الكلى ببهلا
  • نوبات الربو تزداد مع استخدام نوع من حبوب منع الحمل
  • وزير الاقتصاد ورئيس مؤسسة الاسمنت يطلعان على الأضرار في مصانع الاسمنت جراء العدوان الصهيوني
  • وزير الاقتصاد ورئيس مؤسسة الاسمنت يطلعان على الأضرار في مصانع الاسمنت جراء العدوان
  • عمال بترومسيلة بحضرموت يحتجون للمطالبة بتحسين أوضاعهم 
  • أبوظبي للتنقل يعزِّز التنقل المستدام باستثمارات استراتيجية في البنية التحتية لشحن المركبات الكهربائية