صحيفة عاجل:
2025-12-14@03:01:19 GMT

حرية التعبير في السعودية

تاريخ النشر: 30th, April 2024 GMT

ما إن تسن الكثير من المؤسسات الحقوقية والصحفية الغربية سكاكينها تجاه السعودية فإنها ترفع فوق رؤوس سكاكينها ملفات مثل حقوق الإنسان وحرية التعبير، وهذان الملفان يعطيان تلك الجهات الفرصة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول ودغدغة المشاعر واستجرار العواطف، ولكن المتتبع في السنوات الأخيرة للقضايا التي تحدث في الغرب وخصوصا في الولايات المتحدة الأمريكية يشعر أن حرية التعبير بدأ قمعها، وهذا ما يدعو للاستغراب.

بناء على دراستي التي نشرتها إبان تخرجي من جامعة سالفورد البريطانية في ٢٠١٦م بحثت عن حرية التعبير في السعودية وخصوصا المتعلقة بالصحفيين، ووجدت أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية تحدد هذه الحرية وهي الدين والثقافة والتقاليد ونادرا يكون للعامل الحكومي دور في قمع حرية التعبير، لكن المساس بالملك أو الحكم أو العقيدة والطائفية يعرض صاحبه للمساءلة لا سيما وأن هذه المحددات تخل بالأمن القومي وهذا أمر مرفوض بالطبع.

وحرية التعبير لا يمكن إطلاقها على وجهها دون تقييد - فمثلا - في بريطانيا يمنع المساس بالملك في بلاط الصحافة والإعلام، كما يتم منع نشر المقالات المتطرفة للمنظمات الإرهابية؛ لكون ذلك قد يخل بالأمن القومي البريطاني، وإذا ذهبنا أكثر من ذلك فكثير من الدول الأوروبية والأمريكية لا تعطي الناس حرية تعبير مطلقة، بل يتم تقييدها وخصوصا في الإعلام الرسمي، فكم من صحفي أو مذيع طرد بسبب آرائه السياسية المناهضة للطرف الآخر.

لقد رأينا في السنوات الأخيرة أمثلة كثيرة للحد من حرية التعبير في الغرب عموما في الكثير من المجالات وخصوصا السياسية، وهو ما يدعو لاستغراب البعض، ولكن المتبصر في هذا الشأن يدرك أن حرية التعبير متاحة حتى تمس الأمن القومي فإذا مسته لم تعد حرية، وبالتالي فإن كل دولة تحدد ما هو الأمن القومي الذي يجب حمايته، بل إن حزبا مثل الحزب الديموقراطي الأمريكي قد يحدد ما هي حرية التعبير بأفعاله ويمنع الأحزاب الأخرى من ممارسة نشاطها وحقوقها السياسية.

يقول ليبرمان (1953) إن مفهوم حرية التعبير أمر أكثر تعقيدا مما نتصوره؛ لأنه لم يتم لحد الآن توضيحه بشكل دقيق ولم يتم استخدامه لإعلام الجمهور، وسوء الفهم هذا ممكن أن يكون ضاراً للجمهور لأنه يساهم في خلق التناقض بين حرية المعلومات وحرية التعبير وذلك بسبب الفشل في توضيح الروابط بين "الحق في أن تعرف،" و "الحق في أن تكتشف"، و "الحق في أن تقول"، وهذا يؤكد أن الغرب هو من يحدد مفهوم حرية التعبير وعلى الباقين التقيد به، ولكن في عصر وسائل التواصل الاجتماعي أصبح الغرب في حالة قلق من التعبير المتزايد تجاه مصالحه.

إنه لا يمكن إدانة السعودية أو أي دولة حول "حرية التعبير" بل إن كل مجتمع يحدد ذلك، - فمثلا - تغريدة في منصة (إكس) تجاه قبيلة ما قد تدعو لزعزعة الأمن وتفشي العنف، وهذا ما لا يفهمه الغرب، فهو يريدنا أن نكون نسخة منه، وهذا ما لا يمكن قبوله إذ تتميز المجتمعات العربية بالقبائل والعوائل الكبرى والعوائل الصغيرة، وبالتالي فإن حرية التعبير يجب أن تضمن للجميع أمنهم وسلامتهم.

بقي القول، إن السماح بحرية التعبير أمر غير مستحيل لكنه سيكون أمرا صعبا رغم تطور حرية الكلام في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، ومع ذلك فهذه الحرية ينبغي أن تتقيد بالقيم الموجودة داخل المجتمعات.

ــــــ

صحفي باحث أكاديمي في جامعة كمبلوتنسي مدريد - بإسبانيا

المصدر: صحيفة عاجل

كلمات دلالية: السعودية حریة التعبیر

إقرأ أيضاً:

العمالة للغرب وعواقبها الكارثية على العرب

 

 

إن كل هزيمة يتعرض لها العرب على أيدي الغرب لم تأتِ فجأة، بل سبقتها سنوات طويلة من التحالفات والعلاقات الحميمية، يُوهم خلالها الحلفاء بأن المودة والمصالح المشتركة ستدوم. لكن التاريخ يثبت أن الغربيين لا يحفظون الجميل لأحد، وأنهم خير من يستغل الحلفاء أيما استغلال، قبل أن يتخلصوا منهم بشكل مهين ومتعمد.
هذه القاعدة لم تختلف بين أفغانستان والعراق واليمن، ولا بين أي نظام أو حركة تظن أنها قادرة على الاعتماد على الغرب. فالثمن الذي يدفعه الحلفاء المحليون غالبًا ما يكون باهظًا، شاملًا الانهيار السياسي، والفوضى الأمنية، والتدخل المباشر، والوصاية المعلنة أو المخفية، بما يبرهن أن أي علاقة حقيقية أو موثوقة مع الغرب للعرب هي مجرد وهم، وأن الخيانة التاريخية هي القاعدة لا الاستثناء.
في الماضي، تحالفت الوهابية مع واشنطن لدحر السوفيات من أفغانستان، ظنًا منها أن التحالف سيضمن لها الحماية والنفوذ الدائم. لكن هذه المودة لم تدم، ففي غضون سنوات قليلة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، انقلبت إلى رعب، لتبدأ الولايات المتحدة في ضرب الوهابية في أفغانستان وبقية العالم تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، مؤكدةً أن الغرب لا يعترف بالولاءات ولا يحفظ الجميل، وأن أي تحالف معه قائم على مصالحه الذاتية فقط، بغض النظر عن الثمن الذي يدفعه الحلفاء المحليون.
وفي السياق نفسه، تحالف صدام حسين مع واشنطن في الثمانينيات لضرب الثورة الإسلامية في إيران، في إطار الحرب العراقية–الإيرانية التي دامت ثماني سنوات. فصدام يعتقد أن الدعم الغربي، خصوصًا العسكري والاستخباراتي، سيضمن له التفوق على إيران، ويقوي موقفه الإقليمي داخليًا وخارجيًا. وقد حصل العراق على تمويل ضخم، وأسلحة متقدمة، ودعم سياسي من واشنطن وأوروبا، بينما كانت وسائل الإعلام الغربية تروج لصدام باعتباره خط الدفاع ضد «الخطر الشيعي الثوري».
لكن هذا التحالف لم يدم طويلاً، إذ أنه بعد نهاية الحرب، لم يلبِ الغرب أي مطالب لصدام، وبدأوا بشن العقوبات الاقتصادية عبر أدواتهم الخليجية قبل أن يستدرجوه إلى حرب الخليج في عام 1990م، لتستغل الولايات المتحدة هذا التصرف لتوجيه ضربات قاسية للعراق وفرض حصار اقتصادي صارم استمر أكثر من عقد، أدى إلى انهيار الاقتصاد وتفاقم الأوضاع الإنسانية، قبل التخلص منه نهائياً عام 2003م.
وفي اليمن، منذ عام 2004م، تحالفت واشنطن مع النظام الحاكم بشقيه الرسمي والإخواني ضد المشروع القرآني بقيادة السيد حسين بدرالدين الحوثي – رضوان الله عليه – جاء هذا التحالف في إطار سياسة أمريكية تهدف إلى حماية نفوذها في البلاد وضمان السيطرة على مفاصل القرار في اليمن، والتصدي لأي حركة ترى فيها تهديدًا للمشروع الصهيوني في المنطقة. وكانت النتيجة الأولى لهذا التدخل سقوط نظام علي عبدالله صالح، بعد أن ساعدت واشنطن حلفاءها من حزب الإصلاح في إسقاطه بثورة شعبية، وقد اعترف صالح لاحقاً أن تمكينه للإخوان من مفاصل الدولة كان بتوجيهاتٍ أمريكية، ليؤكد أنه والإخوان عملاء للبيت الأبيض، وأن واشنطن تضرب حلفاءها بحلفائها.
وبالنسبة لحزب الإصلاح، ورغم إعلانه البراءة من جماعة الإخوان، إلا أن حظر ترامب للجماعة شمل حزب الإصلاح باعتباره فرعها في اليمن، ولذلك عمدت واشنطن إلى إسقاط شرعيتهم المزعومة عبر المجلس الانتقالي بعد أن وجدت فيه الحليف الأرخص والأوفى من الإخوان وشرعيتهم المزعومة.
وحتى الشخصيات التي انسلخت من مواقفها ومبادئها سعيًا لضمان بقائها في السلطة، مثل العرادة واليدومي وغيرهما، لن تكون استثناءً من هذه القاعدة. فالتجربة تؤكد أن الارتهان لواشنطن لا يمنح حماية دائمة، بل يؤجل السقوط لا أكثر. فهؤلاء، كما غيرهم من الحلفاء المحليين، سيجدون أنفسهم في لحظة ما خارج الحسابات الأمريكية، لتكون نهايتهم السياسية إما العزل والإقصاء، أو التخلي الكامل، للأسباب ذاتها التي أطاحت بحلفاء سابقين جرى استهلاكهم ثم رُمي بهم عند تغير المصالح.
إن التاريخ يثبت أن كل تحالف عربي مع الغرب ينتهي بالخيانة والدمار، وأن أي وهم بالتعايش أو الاستقرار تحت مظلة القوة الغربية هو مجرد خدعة. ففي أفغانستان انقلبت المودة بين الوهابية وواشنطن إلى رعب، وفي العراق دفع صدام حسين ثمن تحالفه بالدمار والحصار ثم الموت، وفي اليمن أصبح الحلفاء المحليون رهينة للقرارات الأمريكية، ونهايتهم الحتمية هي العزل أو التخلي، تمامًا كما حدث مع سلفهم المرتبط بالمشروع الصهيوني العالمي.

مقالات مشابهة

  • بسمة داود تنضم لمسلسل "أب ولكن" بطولة محمد فراج
  • شاهد / جديد المبدع عيسى الليث .. مساعي الغرب
  • منظومة التصدي للشائعات.. قيد مصري جديد على حرية الرأي
  • ياسمين عبد العزيز عن الشهرة: "مفيش حرية"
  • البرهان يناور بذكاء ويتوعد الدعم السريع
  • العمالة للغرب وعواقبها الكارثية على العرب
  • سماء السعودية على موعد غدًا مع شهب التوأميات.. وهذا أفضل وقت للمراقبة
  • القضاء يتراجع عن قراره بتكميم الأفواه وحرية التعبير بعد الرفض الشعبي لكونه مخالف للدستور وحمل موظف “مسوؤلية”الكناب
  • أخبار التوك شو: أحمد موسى: مصر أكثر بلد يتيح حرية الرأي.. مدبولي: على المواطن عدم نشر المعلومات أو الأخبار قبل التحقق من صحتها
  • بعيداً عن الأكاذيب.. مدبولي يؤكد احترام الحكومة للصحفيين والإعلاميين والحرص على حرية الرأي