صحيفة عاجل:
2025-06-27@21:02:28 GMT

حرية التعبير في السعودية

تاريخ النشر: 30th, April 2024 GMT

ما إن تسن الكثير من المؤسسات الحقوقية والصحفية الغربية سكاكينها تجاه السعودية فإنها ترفع فوق رؤوس سكاكينها ملفات مثل حقوق الإنسان وحرية التعبير، وهذان الملفان يعطيان تلك الجهات الفرصة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول ودغدغة المشاعر واستجرار العواطف، ولكن المتتبع في السنوات الأخيرة للقضايا التي تحدث في الغرب وخصوصا في الولايات المتحدة الأمريكية يشعر أن حرية التعبير بدأ قمعها، وهذا ما يدعو للاستغراب.

بناء على دراستي التي نشرتها إبان تخرجي من جامعة سالفورد البريطانية في ٢٠١٦م بحثت عن حرية التعبير في السعودية وخصوصا المتعلقة بالصحفيين، ووجدت أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية تحدد هذه الحرية وهي الدين والثقافة والتقاليد ونادرا يكون للعامل الحكومي دور في قمع حرية التعبير، لكن المساس بالملك أو الحكم أو العقيدة والطائفية يعرض صاحبه للمساءلة لا سيما وأن هذه المحددات تخل بالأمن القومي وهذا أمر مرفوض بالطبع.

وحرية التعبير لا يمكن إطلاقها على وجهها دون تقييد - فمثلا - في بريطانيا يمنع المساس بالملك في بلاط الصحافة والإعلام، كما يتم منع نشر المقالات المتطرفة للمنظمات الإرهابية؛ لكون ذلك قد يخل بالأمن القومي البريطاني، وإذا ذهبنا أكثر من ذلك فكثير من الدول الأوروبية والأمريكية لا تعطي الناس حرية تعبير مطلقة، بل يتم تقييدها وخصوصا في الإعلام الرسمي، فكم من صحفي أو مذيع طرد بسبب آرائه السياسية المناهضة للطرف الآخر.

لقد رأينا في السنوات الأخيرة أمثلة كثيرة للحد من حرية التعبير في الغرب عموما في الكثير من المجالات وخصوصا السياسية، وهو ما يدعو لاستغراب البعض، ولكن المتبصر في هذا الشأن يدرك أن حرية التعبير متاحة حتى تمس الأمن القومي فإذا مسته لم تعد حرية، وبالتالي فإن كل دولة تحدد ما هو الأمن القومي الذي يجب حمايته، بل إن حزبا مثل الحزب الديموقراطي الأمريكي قد يحدد ما هي حرية التعبير بأفعاله ويمنع الأحزاب الأخرى من ممارسة نشاطها وحقوقها السياسية.

يقول ليبرمان (1953) إن مفهوم حرية التعبير أمر أكثر تعقيدا مما نتصوره؛ لأنه لم يتم لحد الآن توضيحه بشكل دقيق ولم يتم استخدامه لإعلام الجمهور، وسوء الفهم هذا ممكن أن يكون ضاراً للجمهور لأنه يساهم في خلق التناقض بين حرية المعلومات وحرية التعبير وذلك بسبب الفشل في توضيح الروابط بين "الحق في أن تعرف،" و "الحق في أن تكتشف"، و "الحق في أن تقول"، وهذا يؤكد أن الغرب هو من يحدد مفهوم حرية التعبير وعلى الباقين التقيد به، ولكن في عصر وسائل التواصل الاجتماعي أصبح الغرب في حالة قلق من التعبير المتزايد تجاه مصالحه.

إنه لا يمكن إدانة السعودية أو أي دولة حول "حرية التعبير" بل إن كل مجتمع يحدد ذلك، - فمثلا - تغريدة في منصة (إكس) تجاه قبيلة ما قد تدعو لزعزعة الأمن وتفشي العنف، وهذا ما لا يفهمه الغرب، فهو يريدنا أن نكون نسخة منه، وهذا ما لا يمكن قبوله إذ تتميز المجتمعات العربية بالقبائل والعوائل الكبرى والعوائل الصغيرة، وبالتالي فإن حرية التعبير يجب أن تضمن للجميع أمنهم وسلامتهم.

بقي القول، إن السماح بحرية التعبير أمر غير مستحيل لكنه سيكون أمرا صعبا رغم تطور حرية الكلام في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، ومع ذلك فهذه الحرية ينبغي أن تتقيد بالقيم الموجودة داخل المجتمعات.

ــــــ

صحفي باحث أكاديمي في جامعة كمبلوتنسي مدريد - بإسبانيا

المصدر: صحيفة عاجل

كلمات دلالية: السعودية حریة التعبیر

إقرأ أيضاً:

إسحق أحمد فضل الله يكتب: (كلام للغد)

وليس الأدب / ليست هذه أيام الأدب / الفكر البحت،
الفكر الذي نصنع به الكسرة والملاح…
وبحثًا عن هذا ننظر من شقوق أبواب أهل الفكر…
وما نجده هو:
(أمي قالت لي:
دققِي وخَتِّي
لامِن أبوك يجي)
ورفض…
(قلت ليها: لا..)
وهو حوار إذن، لكن
(حوار) كلمة تعني وجود ذاتين منفصلتين،
لكن حوار النفس والعقل عند أهلنا المفكرين هو:
المنقة (المانجو) الحامضة، أكلها قبل أن تنضج، يصنع السكر الثقيل.
وأهل الفكر عندنا أكلوا منقة الإسلام حامضة، فكان أن تخبط السوداني ـ العامي والمثقف ـ تخبطًا خطيرًا.
والخطير فيه هو أن صاحبه لا يخطر له أنه سكران،
والفرق بين العامي والمفكر هو أن الأخير يكتب ويقود،
والمفكر هذا، بسكرته هذه وتأمله هذا، له مشهد صاحبك عنترة في سكرته وتأمله، ورسمه صورة مدهشة للسكران الذي يغوص…
وعنترة حين يصف الذباب في الظهيرة الصامتة ويقول عن الذباب:
(هزِجًا يحك ذراعه بذراعه
فعل المُكِبِّ على الزناد الأجزم)
عنترة بالبيت هذا يرسم صورته هو، وليس الذبابة.

وقلنا إن الأمر كله هو حوار… حوار العقل والنفس…
وكل مفكر يقول ثم يطلب الموافقة:
(لموا لي فقرا
لو في قعر شَدْرَة
لو بي لبن بقرا)
النفس تجيب العقل بالجواب هذا،
ولعلنا نوافق، ثم نسمع المسألة.
……
(حوارات مع أيقونات سودانية) كتاب لمعاوية جمال الدين،
والكتاب يحاور عبد الله الطيب… المجذوب… الطيب صالح… علي المك و…
وفي الحوار نجد صورة دقيقة لما تفعله المنقة الحامضة بأهلها،
فالقوم، عقولهم المتسعة، كرعت من ثقافة الغرب حتى تجشأت… مع هبشة خفيفة للإسلام.
والصورة تصبح هي:
صورة البحارة فوق أسوار مدينة النحاس في ألف ليلة وليلة (وهناك، البحارة يجدون مدينة مذهلة وسط البحر… ويطلون من الأسوار ويجدون أروع الحوريات وهن يدعونهم، والبحار يقفز من فوق السور ليجد نفسه غريقًا في أعماق البحر).
ومثقفونا في الحوار يتكشفون عن… عقول وُلدت مسلمة… إسلام مشوَّه، عاجز، منفر… ويجدون أنهم شربوا ثقافة غربية واسعة ومعادية تمامًا للإسلام.
والرجال هؤلاء ينشبحون بين الإسلام الذي يجهلونه (ويريدونه) وبين الغرب المذهل و…
والحوارات تعجبنا وتخيفنا،
تخيفنا لأنها تعني أننا سوف نكرر للمرة المائة كل الأخطاء التي تفعل بنا ما تفعل منذ سبعين سنة.
…….
وكامل يصنع حكومته الآن،
وسوف يجد من السادة ومن غيرهم حُوبًا كبيرًا، ورفضًا،
ومقبول، لكن
الرجلين من قبيلة (أ) و(ب) حين يقتتلان، يُلقي الأول بالثاني أرضًا ويجثم فوقه… يخنقه،
والآخر، المخنوق، يقول لهذا:
“آآ… زول… الشكل عرفناه… الموت فوق شنو؟”
و. حاشية
والحديث أعلاه، إن هو تخبّط بنا في تلافيف الفهم، نرضى منه بأن نقول إننا… نقبل.
ونطلب صناعة حكومة تحت الحرب، حتى لا تأكلنا الحرب.
ونقبل، ونطلب مشاركة ومعارضة تصبح هي الخلايا الحمراء في الدم… تمنع الخراب.
ويبقى أننا نكتب هذا، ونُفاجأ بأنهم يصنعون الآن شيئًا كأنه انشقاق يُطرشق الحكومة الجديدة،
ويزعمون أن جبريل ومناوي وغيرهم، كلٌّ منهم يُجاذب لتكبير كومه في السلطة… بأسلوب: هذا أو لا…!!
وكأننا نُكرّر اللعنة التي تتبعنا منذ سبعين سنة.
ونشرح… ولا حول ولا قوة إلا بالله
إسحق أحمد فضل الله
الوان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • بوتين: العدوان لا يأتي من روسيا بل من الغرب الجماعي
  • البعثة الأممية تستنكر تحريض متظاهرين وتؤكد احترامها لحق التعبير
  • الاستخبارات الروسية تتهم الغرب بتحريف محتوى المفاوضات الروسية الأوكرانية
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (كلام للغد)
  • العدوان على إيران.. ترجمة لهلع الغرب من جبهة لا تركع
  • الشحات أبلغ الأهلي بوجود عروض خارجية لضمه.. ولكن
  • دروس وعبر
  • عقدي تمام ولكن.. وسام أبو علي يفجر مفاجأة بشأن الرحيل من الأهلي
  • هذه أقل فوائد القروض في تركيا الآن.. ولكن هل هي مناسبة؟
  • كيان الأعمال القذرة