أثار الهجوم المتكرر على حقل كورمور الغازي  في مدينة السليمانية بإقليم كردستان العراق، تساؤلات عدة عن الجهات والأسباب التي تقف وراءها، خصوصا أن "الاتحاد الوطني الكردستاني"، الحليف لإيران هو من يتولى إدارة المحافظة، بينما توجه الاتهامات لمليشيات موالية لطهران.

وتعرض حقل كورمور إلى هجوم، الجمعة الماضي، بطائرة مسيرة انتحارية أدى إلى مقتل 4 من العاملين في شركة "دانة غاز" الإماراتية جميعهم من الجنسية اليمنية، وإصابة ثمانية آخرين، وذلك بعد عامين من تعرضه إلى ثلاثة هجمات صاروخية خلال 72 ساعة فقط.



وعلى ضوء ذلك، أعلنت شركة دانة غاز الإماراتية، الاثنين، إيقاف الإنتاج مؤقتا في حقل كورمور، وأنها على تنسيق كامل مع سلطات كردستان، في دعم الالتزامات المعلنة بتقديم الجناة إلى العدالة، مؤكدة تطلعها لاستئناف عمليات الإنتاج في الحقل "بمجرد أن يصبح ذلك آمنا".

"مستفيد وحيد"

وبخصوص الجهات التي تقف وراء الهجوم، قال الكاتب والمحلل السياسي من إقليم كردستان، كفاح محمود، إنه "إذا أدركنا من المستفيد من توقف هذه الحقول عن إنتاج الغاز حينها سنعرف من وراء تنفيذ الهجمات، خصوصا أن الحقل المستهدف هو من أكبر حقول الغاز في العراق، وينتج حاليا نحو نصف مليار قدم مكتب".

وأضاف محمود لـ"عربي21" أن "رئيس حكومة الإقليم مسرور البارزاني، سبق أن صرّح بأنه إذا حصل تعاون بيننا وبين الحكومة الاتحادية العراقية سنستطيع في السنوات القليلة القادم أن نغطي العجز الحاصل في أوروبا بسبب قطع الغاز الروسي عنها، وتعويض ذلك النقص".

وفي أواخر شهر آذار/ مارس 2022، كان رئيس وزراء كردستان العراق، مسرور البارزاني خلال مؤتمر للطاقة في دبي، قد أعلن أن الإقليم لديه القدرة لتعويض بعض من نقص الطاقة، على الأقل في أوروبا.

ولفت محمود إلى أن "هذا يعني أن المتضرر الوحيد من إنتاج الغاز عراقيا هي إيران، التي تصدر كميات هائلة من الغاز إلى العراق لتشغيل محطات الكهرباء، وهي التي وقّعت عقدا مع العراق قيمته 15 مليار دولار يستمر سنوات عدة لتصدير غازها".




وأكد الكاتب الكردي أنه "إذا جرى تفعيل وتطوير حقول الإقليم، فبالتأكيد ستكون إيران المتضرر الأول، وأن الأخيرة تمتلك أذرع مليشياوية في العراق تعادي إقليم كردستان منذ سنوات طويلة، وهي مجهزة بطائرات مسيرة وصواريخ بعيدة المدى".

وتابع: "لو لاحظنا الأهداف التي تستهدفها هذه المليشيات، سندرك تماما بأنها تخدم الدولة الإيرانية واقتصادها، كونها تهدف إلى إيقاف البنى التحتية الاقتصادية في إقليم كردستان التي تبشّر بخير للعراق ككل".

وعن تداعيات مثل هذا الهجوم على العلاقة الحليفة بين إيران والاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة بافل الطالباني، قال محمود "أعتقد أنه أمام العامل الاقتصادي وما تستحوذ عليه إيران في العراق لا يوجد شيء اسمه حليف".

وأردف: "إيران لديها الاستعداد في سحق أي حليف إذا ما كانت عملية السحق هذه تخدم مصالحها الاقتصادية ومصالح مجالها الحيوي الذي تقوم بإنشائه من صنعاء مرورا ببغداد ودمشق وصولا إلى لبنان".




محمود رأى أن "إيران تضحّي بالكثير من أجل الحفاظ على مجالها الحيوي و مواردها الاقتصادية، كونها تخضع لعقوبات غربية صارمة، تمنعها من التقدم في الكثير من الجوانب الاقتصادية في التصدير والتصنيع، لكنها وجدت في العراق بوابة كبيرة لإنعاش اقتصادها".

وبيّن الكاتب أن "الولايات المتحدة ساعدت إيران في استثنائها من تلك العقوبات، خصوصا ما تعلق بالغاز وبعض المواد التي تصدرها إلى العراق، والتي بلغت قيمتها أكثر من 16 مليار دولار للمواد، وذلك على حساب الصناعة والزراعة المحلية العراقية".

عوامل كثيرة

وعلى الصعيد ذاته، رأى المحلل السياسي العراقي، غانم العابد، أن "الموضوع أكبر من استهداف حقل كورمور الغازي، فإنه منذ عودة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني من الولايات المتحدة، حدثت هجمات عدة في سوريا والعراق".

وأوضح العابد لـ"عربي21" أن "الهجوم الأول كان ضد قاعدة حقل العمر النفطي في سوريا، وهذا جرى من داخل الأراضي العراقية وتحديدا من نينوى، وقام الطيران الأمريكي بقصف المنصة التي انطلقت منها الصواريخ، التي لم تعلن أي جهة الوقوف وراءها".

وأضاف: "الهجوم الثاني كان على حقل كورمور بطائرات مسيرة، وأيضا لم تتبنه أي جهة، وذلك منذ توقف الهجمات على المصالح الأميركية في شباط الماضي، على إثر اتفاق حصل في مطار بغداد الدولي بين الجنرال إسماعيل قاني وقادة المليشيات العراقية".

وأكد العابد أنه "ثمة عوامل كثيرة تقف وراء شن مثل هذه الهجمات، أولها هو الاتفاق الرباعي الذي أبرم في 22 نيسان/ أبريل الجاري بين العراق وتركيا وقطر والإمارات، لإنشاء مشروع طريق التنمية التجاري، الرابط بين الخليج وأوروبا".

الأمر الآخر، بحسب العابد، هو "موقف السوداني داخل الولايات المتحدة، خصوصا مع تسريبات غير مؤكدة تفيد بأن الإدارة الأميركية طالبته بسحب السلاح المنفلت من هذه المليشيات، إضافة إلى الانقسامات الحاصلة داخل الأطراف المسلحة".

وأوضح الخبير العراقي أن "بعض المليشيات تسعى إلى التعامل بشكل مباشر مع الولايات المتحدة، مثل عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي، وأخرى تبحث عن ضمانات بعدم محاسبتها كونها متورطة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في العراق وسوريا".




وتابع: "أما الطرف الثالث فهو الأكثر عقائدية، وهما كتائب حزب الله وحركة النجباء، اللتان تريان أنهما أصبحتا بمفردهما في مواجهة الولايات المتحدة، لذلك هما الأقرب وراء الهجمات الأخيرة سواء في سوريا أو العراق".

وخلص العابد إلى أن "هذه المليشيات تتبع حاليا إستراتيجية القيام بضربات مع عدم إعلان تبنيها كونها تخام من الرد الأمريكي ضدها، إذ أن إيران ليست بعيدة عن الموضوع فهذه المجاميع  مرتبطة بها".

وتقوم شركة "دانة غاز" الإماراتية وفق اتفاق مبرم عام 2007، مع سلطات كردستان العراق، بإنتاج وتسويق وبيع البترول والغاز الطبيعي من حقلي كورمور وجمجمال في الإقليم.

واتهم وزير الخارجية العراقي الأسبق القيادي الكردي، هوشيار زيباري، خلال تدوينة على منصة "إكس" نشرها يوم الجمعة الماضي، من أسماهم القوى المليشياوية بالوقوف وراء الهجوم على الحقل الغازي، واصفا إياه بأنه "استهداف ممنهج لاقتصاد إقليم كردستان العراق".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية العراق كردستان العراق إيران العراق إيران امريكا كردستان العراق المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة کردستان العراق إقلیم کردستان حقل کورمور فی العراق

إقرأ أيضاً:

مجلس أمن إقليم كردستان العراق يعلن اعتقال "اليد اليمنى" لزعيم داعش السابق أبو بكر البغدادي

مجلس أمن إقليم كردستان العراق يعلن اعتقال "اليد اليمنى" لزعيم داعش السابق أبو بكر البغدادي

مقالات مشابهة

  • ماذا تريد إيران والهند من اتفاق تطوير ميناء تشابهار؟
  • ماذا نعرف عن المنطقة التي اختفت فيها طائرة الرئيس الإيراني؟
  • طهران تجني ثمار إرهاب الحوثي.. وساطة عُمان تحاول إنجاح محادثات أميركية- إيرانية
  • منح أكراد إيران وسوريا وتركيا الجنسية والجواز العراقي من قبل الإقليم خيانة كبرى
  • من هو سقراط خليل الذي اعتقل في كردستان العراق؟
  • كردستان العراق يعلن اعتقال مساعد كبير لزعيم داعش السابق
  • مجلس أمن إقليم كردستان العراق يعلن اعتقال "اليد اليمنى" لزعيم داعش السابق أبو بكر البغدادي
  • الخارجية الروسية: الولايات المتحدة وبريطانيا تقفان وراء الهجمات الأخيرة على أراضينا حيث تسمحان لكييف باستخدام الأسلحة الغربية ضدنا
  • برعاية إيران وحزب الله.. ارتفاع هجمات السايبر على”إسرائيل” بنحو 43%
  • نواب يلعنون الصحابة.. ماذا وراء تصعيد الخطاب الطائفي في العراق؟