ماذا وراء زيارة وفد ماليزي رسمي للعاصمة الأفغانية كابل؟
تاريخ النشر: 1st, May 2024 GMT
كابل- بطلب من رئيس الوزراء الماليزي محمد أنور إبراهيم، وصل يوم 24 أبريل/نيسان الحالي إلى العاصمة الأفغانية كابل وفد ماليزي برئاسة مديرة وسط وجنوب آسيا في وزارة الخارجية الماليزية شازلينا عابدين، إضافة إلى مستشاري إبراهيم وممثلي وزارات الخارجية والداخلية والدفاع الماليزية.
والتقى أعضاء الوفد مع كل من نائب رئيس الوزراء للشؤون السياسية الأفغاني المولوي عبد الكبير ووزراء الداخلية سراج الدين حقاني والخارجية أمير خان متقي والدفاع محمد يعقوب مجاهد، وناقشوا العلاقات الثنائية بين البلدين وآلية تعزيزها.
وتُعد هذه الزيارة الثالثة لوفد ماليزي منذ أغسطس/آب الماضي ولكنها الأولى التي يأتي فيها ممثلون عن مختلف الوزارات للوقوف على الوضع الميداني في عموم أفغانستان، بعد زيارتين سابقتين لتقديم مساعدات إنسانية لضحايا الزلزال في ولايتي هرات وبكتيا.
وتعليقا على هذه الزيارة، يقول السفير الأفغاني في ماليزيا نقيب الله أحمدي للجزيرة نت إن أهدافها واضحة جدا، وهي تقييم الوضع لفتح السفارة الماليزية في كابل.
ويتوقع أن يرفع الوفد تقريره إلى رئيس الوزراء الماليزي الذي سيقرر ما يجب عمله، وأن يزور محمد أنور إبراهيم كابل نهاية العام الجاري، في محاولة لتعزيز العلاقات الأفغانية الماليزية لما توفره من الفرص التجارية والاقتصادية للبلدين، حسب المصدر ذاته.
وبرأي الباحث في العلاقات الدولية عبد الحي قانت، فإن أجندة الوفد الماليزي الرئيسية هي تقديم التقرير الحقيقي عن أفغانستان إلى القيادة الماليزية، مشيرا إلى أن وصول أنور إبراهيم للسلطة زاد اهتمامه بأفغانستان وكان من معارضي وجود القوات الأميركية فيها.
ورغم اعتبار الباحث ذاته أن الزيارة بداية جيدة لتعزيز العلاقات بين البلدين التي ستتحسن تدريجيا في المستقبل، فإنه لا يعتقد أن ماليزيا ستعترف بالحكومة الأفغانية الحالية لأنها دولة صغيرة ولا تريد الاصطدام مع القوى الكبرى.
وبحسب محللين سياسيين، فإن العلاقات بين أفغانستان وماليزيا أحادية، حيث لم تفتح كوالالمبور سفارتها في كابل لأنها اختارت النأي بنفسها عن مناطق التوتر والصراع إذ كانت أفغانستان -منذ الثمانينيات- مسرحا للتنافس الدولي بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة، وللفوضى الأخيرة طيلة فترة وجود القوات الأجنبية في البلاد. كما يعتقدون أن ماليزيا كانت حذرة في التعامل مع أفغانستان، وحاولت منذ فترة فتح صفحة جديدة معها.
في السياق، يقول الباحث في الشؤون الإستراتيجية محب سبين غر للجزيرة نت إنه منذ الانسحاب الأميركي من أفغانستان حاولت ماليزيا أن تتفق هي وتركيا وقطر وباكستان وإيران على الاعتراف بالحكومة الأفغانية الحالية ولكن جهودها باءت بالفشل، لأن واشنطن لن تسمح لأي دولة مهما تكن أن تعترف بطالبان دون إجماع دولي على ذلك.
ويرى خبراء الشأن الأفغاني أن الانسحاب الأميركي من أفغانستان أدى إلى تغير سياسي وإستراتيجي في المنطقة، وأن ماليزيا مصممة على تعزيز علاقتها مع العالم الإسلامي، وتحاول إنشاء تحالف إسلامي وأن يكون لها دور ريادي، لذا أقامت علاقات وثيقة مع تركيا وقطر وباكستان.
ومن هنا يأتي الاهتمام بالملف الأفغاني، حسب المصادر ذاتها، ومن جهة أخرى تتمتع إندونيسيا بعلاقات قوية للغاية مع إيران وآسيا الوسطى، وتحاول ماليزيا أن يكون لها موضع قدم في المنطقة.
وبحسب الباحث عبد الحي قانت، فهناك تنافس بين ماليزيا وإندونيسيا، ويريد الماليزيون الوصول إلى آسيا الوسطى عبر البوابة الأفغانية ويخططون لتعزيز علاقاتهم التجارية والاقتصادية مع بلدان المنطقة لا سيما وأن أفغانستان تحظى بأهمية في مجال المناجم والثروة المعدنية.
واهتمت ماليزيا كثيرا بالملف الأفغاني، وأجرت مفاوضات مكثفة عام 2022 مع الحكومة الجديدة، وللمرة الأولى زار مسؤول ماليزي رفيع المستوى كابل، وأرادت كوالالمبور فتح السفارة، ولكن ضغوطا أجنبية وحادث استهداف منزل في الحي الدبلوماسي في كابل يُعتقد أنه كان لزعيم تنظيم القاعدة، حال دون ذلك، بحسب محللين سياسيين.
في السياق، يوضح الباحث السياسي حكمت جليل للجزيرة نت أن الإدارة الأميركية ضغطت على ماليزيا، وقالت للخارجية الماليزية إنه بإمكانكم مساعدة الحكومة الحالية في أفغانستان اقتصاديا وإنسانيا أما الاعتراف بالحكومة التي شكلتها حركة طالبان فأمر لا يمكن قبوله.
كما حذرتها من تداعيات الأمر، بحسب جليل الذي يضيف أن الهجوم على السفارتين الروسية والباكستانية أدى إلى تأجيل فتح السفارة الماليزية في أفغانستان.
بعد انهيار الحكومة الأفغانية السابقة، غادرعدد كبير من المتخصصين في الأمن الرقمي والسيبراني، وتواجه السلطة الحالية نقصا حادا في خبراء الأمن السيبراني، لذا طالب وزير الداخلية سراج الدين حقاني الوفد الماليزي بتدريب الشرطة الأفغانية وبالمساعدة في هذا المجال.
وكشف المتحدث باسم الداخلية الأفغانية عبد المتين قانع للجزيرة نت أن وزير الداخلية ناقش مع الوفد الماليزي قضايا مهمة أبرزها تدريب الشرطة وتزويد الداخلية بالمعدات التي تُستخدم في الأمن السيبراني، وأن رئيسة الوفد الماليزي وافقت على ذلك.
وتقول مصادر حكومية أفغانية إنه بعد عمل استمر 8 أشهر مع الجانب الماليزي، اتفقت الحكومة الماليزية على إرسال وفد رفيع المستوى لتقييم الوضع الأمني والميداني في أفغانستان.
وتضيف أن هناك حاجة لتعزيز هذه العلاقات ويجب أن تكون ثنائية، وبإمكان أفغانستان أن تكون سوقا للبضائع الماليزية وتحاول الحكومة الحالية تدشين خط جوي لإرسال البضائع الأفغانية إلى الأسواق الماليزية.
بالعودة إلى تاريخ العلاقات بين البلدين، بعد استقلال ماليزيا في 31 أغسطس/آب 1957، بدأت علاقاتها مع أفغانستان، واستمرت إلى 1980، حينها قطعت العلاقة ووقفت ماليزيا مع "المجاهدين" السابقين. ثم تمكن وزير الخارجية الأفغاني الأسبق نجيب الله لفرائي أثناء زيارته لماليزيا عام 1993 من التوصل إلى اتفاق بافتتاح سفارة في كوالالمبور.
وبعد عام من الاتفاق، أرسلت الحكومة الأفغانية حفيظ الله أيوبي كقائم بأعمال السفير في ماليزيا، وكانت العلاقات أحادية، حيث لم تبادر كوالالمبور بفتح سفارتها في أفغانستان، وتأجلت زيارة وزير الخارجية الماليزي عبد الله بدوي إلى كابل عام 1996، بسبب سقوطها على أيدي مسلحي حركة طالبان.
شارك 35 جنديا ماليزيا مع القوات الأجنبية التي وصلت بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول إلى أفغانستان، واستقروا في ولاية باميان وسط البلاد، ولم يشاركوا في العمليات العسكرية وكانوا يقومون بتدريب القوات الأفغانية فقط. وبعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان عام 2021، عينت ماليزيا ممثلا خاصا لكابل لتعزيز العلاقات بين البلدين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الحکومة الأفغانیة فی أفغانستان أنور إبراهیم رئیس الوزراء العلاقات بین بین البلدین للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
طالبان تجدد رفضها تسليم قاعدة باغرام إلى أمريكا
رفض المتحدث الرسمي باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، بشكل قاطع دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لاستعادة قاعدة باغرام في أفغانستان، جاء ذلك خلال مقابلة مع شبكة "سكاي نيوز" البريطانية، أكد مجاهد قائلا: "لن يسمح الأفغان أبدا بأن تسلم أرضهم لأي طرف تحت أي ظرف من الظروف".
وذكر مجاهد أن الحكومة الأفغانية أجرت محادثات مع الولايات المتحدة بشأن إعادة فتح السفارة الأفغانية في واشنطن والسفارة الأمريكية في كابل، وأضاف: "لقد ناقشنا هذا الأمر ونرغب في رؤية إعادة فتح السفارات في كل من كابل وواشنطن"، وأوضح مجاهد أن طالبان لا تعاني من مشكلة شرعية، قائلا: "ليست روسيا وحدها من اعترفت بالإمارة الإسلامية علنا، هناك عدة دول أخرى قدمت الاعتراف، وإن لم يكن علنيا".
وعن انقطاع الإنترنت الذي دام 48 ساعة، قال مجاهد إنه لا يعرف سبب الانقطاع ولم يعلق على ما إذا كانت الحكومة قد أمرت به، مؤكدا: "لم نتلق أي اتصال رسمي من وزارة الاتصالات، لذلك لسنا في موقف يمكننا من التعليق".
وفيما يخص الوضع الأمني والاقتصادي، قال مجاهد إن أفغانستان شهدت "سلاما واستقرارا نسبيا تحت حكومة موحدة مع تحسينات في الأمن وعلامات واضحة على التعافي الاقتصادي"، وعن ارتفاع سوء التغذية بشكل كبير، حيث يعيش 90 بالمئة من الأطفال دون سن الخامسة في فقر غذائي وفقا لليونيسف، أرجع مجاهد هذا الوضع إلى "عقود من الصراع وغزوتين كبيرتين دمّرتا بنية أفغانستان التحتية واقتصادها"، مشيرا أيضا إلى تأثير التخفيضات الضخمة في المساعدات الدولية.
وفي أيلول/سبتمبر الماضي، صعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من لهجته بخصوص قاعدة باغرام الجوية، قائلا إنه إذا لم تُعد أفغانستان القاعدة لى سيطرة الولايات المتحدة فإن أمورا سيئة ستحدث، سبق ذلك تصريحات له أشار فيها إلى أن القاعدة تمتلك موقعها الاستراتيجي القريب من الصين، وأضاف: "هي على بعد ساعة من المكان الذي تصنع فيه الصين أسلحتها النووية"، في إشارة إلى إمكانية استخدامها ضمن استراتيجية أوسع لمواجهة التمدد العسكري الصيني، وهو ادعاء كان قد كرره في آذار/ مارس الماضي، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة "أعطت طالبان القاعدة إياها دون مقابل.
وفي ذات السياق قال مسؤول أمريكي، لوكالة رويترز، إنه لا يوجد "تخطيط نشط" حالياً لاستعادة القاعدة، وإن أي تحرك كهذا سيستوجب عمليات لوجيستية معقدة وكلفة مرتفعة لإعادة إصلاح البنية التحتية للقاعدة، إضافة إلى تأمين محيطها ضد التهديدات، وأضاف: "لا أرى كيف يمكن أن يحدث ذلك بشكل واقعي"، مشيراً إلى أن القاعدة ستكون جيبًا أميركيًا معزولًا في بلد غير ساحلي.
بدوره، دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الدول الغربية إلى تغيير نهجها تجاه أفغانستان ورفع العقوبات المفروضة عليها، معتبرًا أن السياسات الغربية الحالية تساهم في تفاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في البلاد.
وقال لافروف خلال افتتاح الجولة السابعة من محادثات "صيغة موسكو" بشأن أفغانستان، إن "النهج العدائي الذي تتبعه الدول الغربية ما يزال يخلق مشكلات خطيرة في أفغانستان"، مضيفًا أن الغرب "يواصل احتجاز الأصول المالية السيادية للأفغان وفرض القيود على القطاع المصرفي"، داعيًا إلى "تصحيح هذا المسار التصادمي وإعادة ما تم الاستيلاء عليه وتحمل مسؤولية إعادة إعمار أفغانستان بعد الصراع وتعويض الأضرار التي لحقت بها خلال العقد الماضي".