المفتي لقادة الأديان: نواجه تحديات مشتركة وعلينا فتح حوار لإيجاد حلول.. الله لم يخلق التنوع عبثًا.. أنشأنا مركز سلام لمواجهة فتاوى الكراهية التي يحاول المتطرفون بثها في العالم وينسبونها زورًا للإسلام
تاريخ النشر: 1st, May 2024 GMT
مفتي الجمهورية خلال كلمته في المنتدى العالمي للحوار بين الثقافات بـ أذربيجان لقادة الأديان:نواجه تحدياتٍ مشتركةً تُحتِّمُ علينا فتح قنوات الحوار لإيجاد حلول للمشكلات التي يواجهها العالمالله لم يخلق التنوع عبثًا.. والناس قد يختلفون حول العقائد والأديان ولكنهم يتفقون على الأخلاقثبات القيم الأخلاقية كفيل بحفظ الأمن والأمان في المجتمع مهما اختلفت العقائد والأدياننحن بحاجةٍ إلى جهد كبير لترسيخ القيم والأخلاق في المجتمع من خلال المؤسسات الدينية والإعلامية والتعليميةلا بد من وضع برامج تعليمية لاقتلاع جذور التعصب والتشدد والعنف من عقول أبناء الإنسانية جميعًاالإعلام المعاصر يجب أن يتعاون على الحب والإخاء ويبتعد عن نشر الكراهية وإذكاء نار الفُرقةدار الإفتاء المصرية سَعتْ بخُطًا حثيثة لجمع الشمل وتوطيد الأخوَّة ونبذ الكراهية في مجال الإفتاءأنشأنا الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم للتحاور والتعاون وجمع شمل المُفتين وترجمة قيم السلام في فعالياتهاأنشأنا مركز "سلام" ومراصد بحثية لمواجهة فتاوى الكراهية التي يحاول المتطرفون بثها في العالم وينسبونها زورًا للإسلامالدار أطلقت المؤشر العالمي للفتوى لقياس ثمار الوسطية والكراهية في مجال الإفتاءنحتاج إلى مناهج تعليم ومنابر إعلامية تتبنى مبادرات مواجهة الكراهية والإسلاموفوبيا
ألقى فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، كلمته الرئيسية في المنتدى العالمي السادس للحوار بين الثقافات في باكو بجمهورية أذربيجان، والذي يعقد في الفترة من 1 إلى 3 مايو تحت شعار "الحوار من أجل السلام والأمن العالمي"، ويحضره عدد كبير من قادة الأديان في العالم.
وقال فضيلة المفتي: "إننا نواجه تحدياتٍ مشتركةً تُحتِّمُ علينا فتح قنوات الحوار المباشر مع بعضنا البعض لإيجاد حلولٍ للمشكلات التي يواجهها العالم"؛ موضحًا أن هذا العالم المترامي الأطراف بات قرية صغيرة بمعنى الكلمة؛ وأي حادثة مهما بدت عابرة شديدة المحلية تؤثر في أقصى مكان فيه.
وأكد فضيلة المفتي خلال كلمته أن الناس قد يختلفون حول العقائد والأديان، ولكنهم يتفقون على الأخلاق، ويتعايشون فيما بينهم في أمن وسلام، ما دام بينهم عقد اجتماعي وعُرف أخلاقي واحد يسمو بهم نحو المعاني الراقية من الصدق والأمانة والتعاون على البر والخير والاحترام المتبادل، موضحًا أن أهم ما يعزز من قيمة التعايش السلمي والأمن هو السعي إلى التعارف بمعنى الاطلاع على الثقافات والأديان المختلفة من مصادرها الأصيلة المعتمدة، لا مما يشاع ويقال عنها من شائعات مغرضة هنا أو هناك، والله تعالى قد ذكر في القرآن الكريم أنه لم يخلق هذا التنوع والتعدد عبثًا ولا سدى فقال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ}، وقال تعالى: {أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.
وأضاف فضيلته أن ثبات القيم الأخلاقية كفيل بحفظ الأمن والأمان في المجتمع مهما اختلفت العقائد والأديان، وأي عبث بالمنظومة الأخلاقية التي تعارف الناس عليها سوف يؤدي إلى عواقب كارثية وخيمة؛ ولذلك فإننا بحاجةٍ إلى جهد كبير لترسيخ القيم والأخلاق وقواعد الذوق العام في المجتمع من خلال المؤسسات الدينية والإعلامية والتعليمية والفنية، وما أحوجنا -حقًّا- لتفعيل تلك القيم وتحويلها إلى واقع ملموس في عصرنا الحاضر، بعدما تفاقمت مخاطر قوى شريرة تزكي نيران الكراهية والتعصب والشقاق والطائفية والتطرف والإرهاب وتعتدي على الكرامة الإنسانية.
وأشار إلى أن العالم بحاجة إلى إجراءات عملية تُفعِّل هذه القيم الراقية حتى نئِدَ الكراهية ونُحيي المحبة والسلام، وما أحوج إعلامنا المعاصر إلى أن يتعاون على الحب والإخاء وألا يتعاون على نشر الكراهية وإذكاء نار الفرقة، كما شدد على ضرورة اهتمام التعليم المعاصر بتدريب الطلاب صغارًا وكبارًا على أن يتكاملوا في اتفاقهم واختلافهم، وكذلك شدد على حاجة دعاة حقوق الإنسان في العالم إلى أن يكون منطلق دعوتهم العناية بالإنسان ومساندته بصرف النظر عن اعتبارات الجنس واللون والدين، والنظر بعين الاعتبار إلى المشترك الإنساني من ناحية، وإلى احترام الخصوصيات والتنوعات من ناحية أخرى، فضلًا عن حاجة مؤسساتنا أيضًا إلى أن تُفشي السلام والمحبة والحوار قولًا وفعلًا بينها.
وأوضح أن الحوار لا ينقلب أبدًا إلى حديث أحادي لإلحاق الهزيمة بالمخالف؛ لكنه يجسد المحاولة لفهمه وبناء جسور التفاهم والتعاون معه تنفيذًا لمراد الله عز وجل؛ فقد خلقنا سبحانه وتعالى شعوبًا وقبائل ليتعرف بعضنا إلى بعض.
ولفت النظر إلى سعي "دار الإفتاء المصرية" في الفترات السابقة بخُطًا حثيثة لجمع الشمل وتوطيد الأخوة ونبذ الكراهية في مجال الإفتاء، فأنشأت الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم للتحاور والتعاون على البر والتقوى وجمع شمل المفتين على المحبة والسلام ونبذ الكراهية محليًّا وعالميًّا، وكذلك حرصت دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور الإفتاء في العالم على ترجمة هذه القيم في فاعلياتها وفتاويها وبياناتها ومبادراتها ومؤتمراتها العالمية المختلفة.
وأشار إلى إنشاء الدار مجموعة من المراصد البحثية وأطلقت مبادراتها لخدمة هذا المقصد النبيل، ومنها على سبيل المثال: "مركز سلام"؛ وهو مركز لدراسات التشدد ومواجهته، ومرصد لفتاوى الكراهية التي يحاول المتطرفون بثها في العالم وينسبونها زورًا وبهتانًا للإسلام، وذلك بالموازاة مع مرصد آخر يرصد ممارسات الكراهية في ثوبها الآخر، وهو مرصد الإسلاموفوبيا، ويُعنى بما يسمى الكراهية ضد الإسلام والمسلمين في العالم، كما تم إطلاق المؤشر العالمي للفتوى لقياس ثمار الوسطية والكراهية في مجال الإفتاء، مؤكدًا أن كل هذه المراكز آتت أُكلها طيبًا خلال فترة العمل السابقة، ولا زلنا نعمل على المزيد.
وتابع فضيلة المفتي قائلًا: “لا شك أننا في هذه المبادرات وبالإضافة إلى النيات الطيبة من هنا وهناك نحتاج إلى مناهج تعليم مساندة ومنابر إعلام مُعينَة، وأن تتبنى هذه المبادرات كل أسرة، بل يتبناها المجتمع بكل مؤسساته الحكومية والمدنية لكي تثمر الثمرة المرجوة”.
وفي ختام كلمته، أعرب فضيلة المفتي عن أمنياته في نشر ثقافة التعايش والأمن والسلام بين أبناء الإنسانية جميعًا، واقتلاع جذور التعصب والتشدد والعنف من عقول أبناء الإنسانية جميعًا، مشددًا على أن الإنسانية بحاجة إلى العيش في أمن وسلام وتعاون لكي يعم الخير على الجميع من الجميع.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الإفتاء فی العالم فضیلة المفتی فی المجتمع إلى أن
إقرأ أيضاً:
الأميرة لمياء بنت ماجد آل سعود: الإعلام يخلق الوعي باحتياجات المجتمعات ويتكامل مع العمل الإنساني
الرياض - الوكالات
أكدت صاحبة السمو الملكي الأميرة لمياء بنت ماجد آل سعود، الأمين العام وعضو مجلس أمناء "مؤسسة الوليد للإنسانية"، أهمية السرد الإعلامي في تمكين النساء والارتقاء بأوضاعهن حول العالم، ومسؤولية وسائل الإعلام في نقل قصص النساء بصدق وأمانة، وعدم الاكتفاء بالحديث عنهن من بعيد، مشيرة إلى أن الإعلام والعمل الإنساني متكاملان، فالإعلام يخلق الوعي باحتياجات المجتمعات، فيما يسهم العمل الإنساني في تحويل هذا الوعي إلى برامج ومشاريع ذات أثر مستدام.
جاء ذلك في جلسة بعنوان "نهاية الاستجابة المؤقتة للإعلام تجاه القضايا الإنسانية والأزمات" حاورها فيها الإعلامي في صحيفة The Observer ماثيو بيشوب، ضمن فعاليات اليوم الثاني من قمة "بريدج 2025"، أضخم حدث عالمي في قطاعات الإعلام والمحتوى والترفيه.
السرد القصصي والعمل الإنساني
وقالت سموها: "حياتي مرتبطة بقصص النساء، فالحياة في جوهرها قصص تُروى، وعندما أختار بين مشروعين، تكون القصة هي العنصر الأهم: ما هي القصة؟ وإلى أي مدى تمسّ هذا المجتمع؟ مؤسسة الوليد للإنسانية تعمل في 190 دولة، ومن أهم مجالات تركيزها تمكين النساء والشباب".
وأوضحت سموها أن نهج "مؤسسة الوليد للإنسانية" يقوم على احترام المجتمعات المحلية والقيام ببحث جاد قبل إطلاق أي مبادرة، مشيرة إلى أن البحث يعني فهم احتياجات النساء والشباب في كل مجتمع، وأكدت أن العمل الإنساني يستند إلى المعلومات والسرديات والمعرفة بالمجتمعات واحتياجاتها وكيف يمكن مساعدتها.
وربطت سموها بين نجاح المحتوى الإعلامي وقوة القصة، قائلة: "أنجح الأعمال والبرامج والأفلام التي تتناول قضايا المرأة تقوم على قصة حقيقية. الحياة عموماً هي قصتك وقصتي، وتلهمني قصص الناس الذين ألتقيهم كل يوم، ويشرّفني أن أساند النساء في مختلف أنحاء العالم".
استمرارية التغطية.. أبرز تحديات العمل الإنساني في الإعلام
وحول التحديات التي تواجه العمل الإنساني في الإعلام، قالت سموها: "أبرز هذه التحديات هي الاستمرارية في تغطية القصص الإنسانية. فعندما تقع أزمة ما، تصبح عنواناً رئيسياً في كل قناة إخبارية لمدة شهر، ثم تختفي. أما في العمل الإنساني، فأنا أؤمن بأننا نلعب دور الوصي الذي يواصل تذكير الناس. على سبيل المثال، ما حدث في سوريا وما يحدث في فلسطين وميانمار، ينبغي للمنظمات غير الحكومية وغير الربحية أن تواصل تذكير الناس بأهمية دعم المتضررين".
وأضافت: "إذا كنت تحمل هدفاً واضحاً، مثل دعم المرأة، فمن واجبنا نحن أن نبقيك على اطلاع، وهذا ما نفعله في المؤسسة؛ نحدث الناس أسبوعياً بما أنجزناه، وما الذي تحقّق، وكيف استطعنا مع شركائنا تضييق الفجوات أو سدّها بالكامل".
نموذج رائد للتأثير الإيجابي طويل الأمد
وتطرقت سموها إلى استراتيجية "مؤسسة الوليد للإنسانية" التي لا تؤمن بنهج التأثير المؤقت قصير المدى في العمل الإنساني، بل تلتزم بالبقاء إلى جانب المجتمعات المستفيدة لمدة ثلاث سنوات على الأقل لضمان أثر ملموس ومستدام، مشيرة إلى اعتماد المؤسسة نموذج شراكة يقوم على ثلاث ركائز أساسية؛ شريك دولي موثوق، كيان حكومي على الأرض يضمن استدامة العمل وألا يختفي المشروع بمجرد انتهاء التمويل، ومنظمة محلية غير ربحية تضمن تلبية الاحتياجات الفعلية للمجتمع.
وشددت سموها على أن هذا النموذج يمكّن المشاريع من إحداث أثر إيجابي مستدام على المجتمعات المستهدفة، ويضمن ألا تتوقف تلك المشاريع بمجرد انتهاء التغطية الإعلامية أو دورة التمويل الأولى.
الإعلام يوجه المسار.. تجربة جمهورية لاوس
واستعرضت سموها تجربة جمهورية لاوس، حيث تعمل المؤسسة ضمن محفظة واسعة لمشاريع التطعيم حول العالم، وصلت إلى 700 مليون طفل في إطار محور "تنمية المجتمع"، قائلة: "ذهبت إلى لاوس لأنها حالة معقّدة؛ بلد صغير يضم نحو ستة ملايين نسمة، وأكثر من أربعين لغة، وأكثر من 200 جبل، وعدداً كبيراً جداً من القرى الجبلية. أردت أن أرى بنفسي إذا كان نظام التبريد صالحاً لنقل اللقاحات إلى القرى في أعالي الجبال، وأن أتحقق من سلامة السلسلة كاملة".
وأضافت: "خلال البحث الميداني، تبيّن أن المشكلة الرئيسية في لاوس ليست التطعيم بحد ذاته، بل معتقدات غذائية خاطئة، حيث يسود اعتقاد بأن المرأة الحامل لا ينبغي أن تأكل إلا الأرز مع صلصة الصويا والبهارات والملح، وهي ممارسات تحرم الجنين من العناصر الغذائية اللازمة لنموه السليم، وينجم عنها مواليد قصار القامة وضعفاء البنية، وأدمغتهم أقل نمواً مما يجب أن تكون عليه".
وتابعت سموها: "لأننا قمنا بهذا البحث واطلعنا على الواقع بأنفسنا، استطعنا أن نطلق حملات توعية وأن نفهم بشكل أفضل كيف نساعد المجتمع. بدأنا المشروع على أنه مشروع تطعيم، لكنه انتهى بمسار مختلف تماماً يركّز على التغذية والصحة. ومرة أخرى، نعود إلى الإعلام؛ الإعلام هو من يوجه مسار العمل الإنساني".
العمل الإنساني ثقافة وهوية وإيمان قبل أن يكون أرقاماً
وأكدت صاحبة السمو الملكي الأميرة لمياء بنت ماجد آل سعود أن فعل الخير ليس حكراً على الأغنياء أو أصحاب النفوذ، ولا يقتصر على المشاريع الضخمة، فعلى المستوى العملي، حتى الابتسامة في وجه إنسان صدقة. مشيرة إلى أن فعل الخير في هذه المنطقة من العالم جزء من الهوية والثقافة المحلية، ومتصّل بمفهوم الزكاة كركن أساسي من أركان الإسلام.
وقالت: "نؤمن بأن الإنفاق في سبيل الله على الفقراء والمحتاجين والمساكين يعود علينا، ولا نبحث عن أي مصلحة في عمل الخير. أكبر المؤسسات الإنسانية والإنسانية في الشرق الأوسط أطلقها كبار رجال الأعمال وعائلات تجارية عريقة. وهذه روح الإسلام؛ خير الناس أنفعهم للناس، وعندما تُعطي تلقى جزاءً حسناً".
واختتمت سموها الجلسة بالتأكيد على أهمية مواصلة الشراكة بين الإعلام والعمل الإنساني لتعزيز الأثر الإنساني المستدام حول العالم.