بقلم: إسماعيل الحلوتي 

في ظل ما باتت تشهده بلادنا من سنوات جفاف متتالية، ومن موجة غلاء متصاعدة منذ تفشي جائحة "كوفيد-19" وتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية، فضلا عن الحرب الروسية الأوكرانية وما ترتب عنها من زيادات رهيبة في أسعار المحروقات، التي أرخت بظلالها على أسعار باقي المواد الأولية والواسعة الاستهلاك.

وبعد انصرام أيام الشهر الفضيل رمضان بحلوها ومرها، اتجهت الأنظار صوب السماء تتطلع إلى هطول المزيد من أمطار الخير لملء الآبار والسدود، وإلى أن يأتي شهر ذو الحجة أكثر رفقا مما سبقه من الشهور، لاسيما أن العاشر منه يوافق موعد عيد الأضحى المبارك، حسب التقويم الهجري.

وفي خضم أجواء الفرحة التي غمرت القلوب بحلول عيد الفطر، فوجئ المواطنون بما شهدته أسعار اللحوم الحمراء من ارتفاع قياسي غير مسبوق، حيث قفز سعر الكيلو غرام الواحد من لحم الغنم بالجملة إلى 110 درهم، فيما بلغ ثمن الكيلو غرام الواحد من لحم البقر 90 درهما، وسط تخوفات من زيادات تصاعدية خلال الفترة القادمة، جراء تواصل نقص العرض من الرؤوس الموجهة للذبح بالمجازر الحضرية والقروية، رغم ما أقدمت عليه السلطات من قرارات تحفيزية تقضي بإعفاء مستوردي الماشية من رسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة والدعم المادي المتواتر، على أن يراعى في ذلك ألا يقل وزن الأضحية المستوردة عن 30 كيلو غراما، وأن يتم تسويقها بأثمان معقولة للطبقات الفقيرة والمتوسطة.

حيث سارع في هذا السياق الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس، خلال الندوة الصحفية التي انعقدت يوم الخميس 18 أبريل 2024 عقب نهاية الاجتماع الأسبوعي لمجلس الحكومة إلى تأكيد تصريحات وزير الفلاحة لوسائل الإعلام بخصوص استيراد أضاحي العيد، والتشديد على أن هناك رغبة لدى الحكومة في المضي قدما خلال هذه السنة من أجل مضاعفة أرقام استجلاب الأضاحي الموجهة للذبح في عيد الأضحى المقبل قياسا بالعام الماضي، حيث يدور الحديث حاليا عن جلب 600 ألف رأس من الأغنام، وقد يتم تجاوز سقف هذا الرقم المعلن.

ذلك أن محمد صديقي وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، كان قد أعلن في وقت سابق عن العودة من جديد هذه السنة لفتح المجال أمام المستوردين بهدف جلب رؤوس الأغنام لسد الخصاص الحاصل، وهو الأمر الذي يرى فيه عديد الملاحظين أنها مجرد محاولة يائسة للتغطية على إخفاقه ومعه الحكومة في إدارة إنتاج قطعان الأغنام المخصصة لعيد الأضحى رغم تداعيات الجفاف، إذ أن مستوردي الأغنام سيستفيدون من منحة جزافية تبلغ 500 درهم عن كل رأس غنم مستورد من خارج الحدود المغربية ما بين 15 مارس و15 يونيو 2024، وهو الإجراء الذي من شأنه أن يكلف ميزانية الدولة الملايير التي تستدعي تتبعها ومراقبتها بحزم وشفافية.

بيد أنه وبالموازاة مع ذلك ارتفعت حرارة الجدل ليس فقط حول الزيادة الحارقة في أسعار اللحوم الحمراء بالأسواق، بل كذلك عن تضرر القدرة الشرائية للمواطنين من الغلاء وخاصة بعد فترة رمضان التي استنزفت جيوبهم، مما أدى إلى إطلاق حملة رقمية واسعة للمطالبة بضرورة إلغاء إحياء هذه السنة، حيث يرى عدد من نشطاء الفضاء الأزرق أنه لم يعد بمقدور المواطنين البسطاء تحمل المزيد من الأعباء المالية، إن على مستوى اللجوء القسري إلى قروض الاستهلاك، أو مواجهة ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات وأضاحي العيد وغيرها أمام الأجور المتدنية والمجمدة، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.

فما جدوى لجوء الحكومة للسنة الثانية تواليا إلى استيراد آلاف رؤوس الأغنام من الخارج بدعوى توفير العرض الكافي من الأضاحي، بما يكلف ميزانية الدولة ملايير الدراهم، إذا ما علمنا أنها لا تستطيع بهذا الإجراء وحده الحد من ارتفاع أسعار أضاحي العيد، كما هو الشأن بالنسبة للسنة الفارطة التي عرفت خلالها الأسعار ارتفاعا صاروخيا لم تشهد الأسواق المغربية نظيرا له في السنوات الماضية، ولاسيما في ظل الخصاص المهول الذي يعرفه القطيع الوطني بفعل توالي سنوات الجفاف، وعجز الحكومة عن توفير ما يلزم من عرض وطني كفيل بتلبية احتياجات المواطنين المغاربة؟ والأدهى من ذلك أن دراسة أنجزت في هذا الشأن خلال السنة الماضية حددت سعر الكيلو غرام الواحد فيما بين 52 و55 درهما، أي أنه يجب أن يتراوح سعر الأضحية ما بين 1400 و3500 درهم، وليس ما بين 2000 و8000 درهم على مستوى الواقع، بسبب تدخل المحتكرين والوسطاء والمستوردين الذين تلاعبوا بالأسعار...

إن عملية استيراد رؤوس الأغنام وحدها ليست كافية في دعم القدرة الشرائية أمام تفاحش غلاء الأسعار وارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتجميد الأجور. وعلى الحكومة أن تدرك جيدا أنه ليس هناك من مستفيد حقيقي سوى كبار الفلاحين الذين يسمح لهم باستيراد رؤوس الأغنام بأثمنة جد منخفضة وبيعها بأغلى الأسعار دون حسيب ولا رقيب، مع دعمهم بمنحة قدرها 500 درهم عن كل رأس وإعفائهم من أداء الرسوم الجمركية والضريبية، فيما يظل الخاسرون من هذا الإجراء الحكومي غير المجدي، هم المواطنون من ذوي الدخل المحدود والأسر الفقيرة وصغار الفلاحين وخزينة الدولة.

 

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: رؤوس الأغنام ما بین

إقرأ أيضاً:

الحكومة تطلق برنامجا وطنيا لدعم مربي الماشية وإعادة تأهيل القطيع

أعلن وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، السيد أحمد البواري، اليوم الخميس، عن إطلاق برنامج حكومي جديد يروم دعم مربي الماشية وتحسين أوضاعهم، وذلك من خلال خطة شاملة ترتكز على خمسة محاور رئيسية تشمل الدعم المالي والتقني والوقائي، بهدف إعادة تكوين القطيع الوطني وضمان استدامة القطاع.

وأكد البواري، في ندوة صحفية أعقبت انعقاد مجلس الحكومة، أن هذا البرنامج يأتي تنفيذاً للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الذي شدد على ضرورة إنجاح عملية إعادة تكوين القطيع بكل مهنية ووفق معايير موضوعية، مع إشراف مباشر من السلطات المحلية على توزيع الدعم وتأطير المستفيدين.

ويهم المحور الأول من البرنامج إعادة جدولة ديون مربي الماشية، حيث ستتحمل الدولة كلفة تصل إلى 700 مليون درهم، سيتم من خلالها إلغاء 50% من الديون التي تقل عن 100 ألف درهم، يستفيد منها حوالي 75% من المربين، إضافة إلى إلغاء 25% من الديون التي تتراوح بين 100 و200 ألف درهم. كما ستشمل العملية إعادة جدولة القروض الأكبر وإعفاءها من فوائد التأخير.

أما المحور الثاني، فيتعلق بـدعم الأعلاف، عبر تسويق الشعير بسعر 1.5 درهم للكيلوغرام، ودعم الأعلاف المركبة للأغنام والماعز بسعر 2 درهم للكيلوغرام، بكلفة إجمالية تناهز 2.5 مليار درهم.

وفي ما يخص المحور الثالث، سيتم إطلاق عملية ترقيم إناث الماشية لمواكبة إجراءات منع ذبحها والحفاظ على القطيع، بهدف بلوغ 8 ملايين رأس مرقمة من الأغنام والماعز بحلول ماي 2026. وسيحصل المربون على دعم مباشر بقيمة 400 درهم عن كل رأس يتم ترقيمها وعدم ذبحها.

كما يتضمن البرنامج حملة علاجية وقائية وطنية تستهدف تعزيز صحة القطيع، إلى جانب تنظيم عملية تأطير تقني يشرف عليها متخصصون بتنسيق مع السلطات المحلية لضمان حسن تنفيذ التدابير.

 

مقالات مشابهة

  • الحكومة تطلق برنامجا وطنيا لدعم مربي الماشية وإعادة تأهيل القطيع
  • الحكومة تدعم أسعار الأعلاف للحفاظ على القطيع الوطني
  • التهافت على “الدوارة” و”الكبدة” قبيل العيد يرفع الأسعار إلى مستويات قياسية
  • الأنواء الجوية: ارتفاع متواصل في درجات الحرارة والعراق يواجه موجة حر شديدة
  • ترامب يعلن بناء القبة الذهبية للدفاع الصاروخي
  • 26 ألف مستفيد تستهدفهم حملة أضاحي «خيرية الفجيرة»
  • 26 ألف مستفيد من مشروع أضاحي «خيرية الفجيرة»
  • زراعة المنوفية تعلن عن حجز أضاحي العيد بأسعار مناسبة
  • «العيد قرب».. شروط وأسعار الأضاحي في 2025
  • تبدأ من 150 جنيهًا.. القصابين تكشف قائمة أسعار أضاحي 2025