الوطن أنثى إلاّ السُّودان الرجل «أبو جلابية وتوب»
تاريخ النشر: 5th, May 2024 GMT
الوطن “أنثى” إلاّ السُّودان الرجل أبو “جلابية وتوب“
عبد الله عيدروس
كثيراً ما أوقفتني عند سماعي لنشرات الأخبار العربية عن السودان قول مذيع أو مذيعة النشرة: “ورفضت السودان”، أو “اعترضت السودان”، أو غيرها من الكلمات بإعتبار أن التأنيث مرتبط بالفاعل في الخبر، وهو “الدولة” التي تؤنث، وأعتقد أن ما لفت نظري بأن أدبنا، وفننا في السودان يخاطب الوطن مذكرًا، وربما في صورة “الأب” بينما في سياقنا الإقليمي العربي يقترن الوطن بصورة الأنثى، أو “الأم”.
قد يكون مصدر “التذكير” الذي يخلق البلبلة لدينا من اللغة العربية نفسها، فالكلمة “السودان” في المؤلفات العربية القديمة يقصد بها الأقوام سود لون البشرة، في مقابل “البيضان” للأقوام ذوو البشرة البيضاء، والاسم هنا مذكر لكن عند قول: “بلاد السودان”، فهنا البلد مؤنث و”دولة” السودان أيضا الدولة مؤنثة فمن أين جاء التذكير في الوجدان والأدب السوداني؟
تعد أغاني الفنان الراحل محمد وردي الوطنية من أكثر الأغنيات انتشارا، وإذا أخذنا نماذج منها مثل: أغنية (يا بلدي يا حبوب) فنجد “يا بلدي يا حبوب/ أبو جلابية وتوب/ وسروال ومركوب/ وجبة وصديرية وسيف وسكين/ يا سمح يا زين”. فهنا تجد الوطن في خاطر شاعر القصيدة سيدأحمد الحاردلو رجل من خلال الإشارة الرمزية إلى قطع الملابس، والملحقات التراثية السودانية، بما فيها “التوب”. فالسياق الذي يذكر فيه يحدده بما كان يلبسه الرجال، ولا زال البعض في أواسط وشرق السودان.
ولنأخذ نموذجا آخر من أغنيات (محمد وردي)، وكلمات الشاعر (محجوب شريف)، وهي أغنية “وطنا الـ باسمك كتبنا ورطنا”، وهي نص يخاطب الوطن فيه في كامل الأغنية في مقام التذكير؛ وكذلك في أغنية “عرس الفداء” للشاعر مبارك بشير يستمر الاستغراق الوجداني في مفردة “الوطن” مذكرا وهنالك غيرها من الاغنيات الكثير.
الحالة الوحيدة التي تأنث فيها الوطن كانت في أغنية “عزة في هواك”، للفنان ومؤلف كلماتها خليل فرح, وهنالك رواية متواترة عن تفسير ذلك في أن المخاطب في النص كانت “العازة” زوجة البطل “علي عبداللطيف”، زميل خليل فرح في حركة اللواء الابيض التي قاومت الاستعمار.
هنالك طبعا أيضآ الشاعر حميد الذي يوطن في وجدانه “نورا” كرمز للوطن، وهي ماخوذة من اسم بلدته ومسقط رأسه “نوري” التي هي “نورا” ذاتها بلهجة قومه الشايقية.
هل السودان مذكر أم مؤنث؟ فلنتأمل هذه الفكرة ونتوغل في الأسئلة، وربما سبب هذا العنف الرابض في جنبات أرض الوطن سببه هذه الجلابيب والسيوف والسكاكين في صورته الوجدانية المتخيلة.. فماذا لو كانت صورة أنثي؟
الوسومالحاردلو السودان حميد عازة في هواك محمد وردي نورا
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: السودان حميد محمد وردي نورا
إقرأ أيضاً:
اكتشاف علمي يصدم محبي “البحث عن نيمو”… حبكة الفيلم مستحيلة بيولوجياً
اكتشاف علمي يصدم محبي “البحث عن نيمو” حبكة الفيلم مستحيلة بيولوجياً
كشف اكتشاف علمي حديث عن نظام التكاثر الفريد لأسماك المهرج “Clownfish”، عن تناقض كبير في الحبكة الرئيسية لفيلم الرسوم المتحركة الشهير “البحث عن نيمو – Finding Nemo”، ما أثار موجة من الجدل بين محبي الفيلم الذي يُعد من كلاسيكيات ديزني وبيكسار منذ صدوره عام 2003.
تدور قصة الفيلم حول السمكة الصغيرة “نيمو”، التي تُختطف من قبل غواص، فيبدأ والده “مارلن” رحلة طويلة عبر المحيط للعثور عليه، متغلباً على العديد من العقبات بمساعدة السمكة “دوري”. لكن وفقاً لاكتشافات بيولوجية مؤكدة، فإن هذا السيناريو لا يمكن أن يحدث في الواقع، لأن نظام التكاثر لدى أسماك المهرج يتضمن تغيّراً في الجنس، يعرف علمياً باسم “الخنثوية المتتابعة – Sequential Hermaphroditism”.
وتوضح الدراسات أن كل مجموعة من أسماك المهرج تتكون من أنثى مهيمنة تُعرف بـ”ملكة السرب”، وذكر مسيطر وعدد من الذكور الأصغر سناً. وإذا ماتت الأنثى المهيمنة، يتحول الذكر المسيطر تلقائياً إلى أنثى ليأخذ مكانها، ثم يختار الذكر التالي في الترتيب للتزاوج معه.
وعليه، فإن وفاة والدة نيمو في بداية الفيلم كان من المفترض أن تؤدي إلى تحوّل “مارلن” إلى أنثى، مما يُفقد الفيلم دقته البيولوجية، ويجعل قصة بحث “الأب” عن ابنه غير ممكنة في الطبيعة، حيث كانت ستصبح “مارلن” الأنثى الجديدة في المجموعة، وستبدأ دورة تكاثر جديدة بدلاً من السعي وراء الابن المفقود.
ويحدث هذا التحول الهرموني نتيجة تغيرات في النظام الغذائي وهرمون الكورتيزول لدى الذكر المسيطر، وهو ما يطلق عملية التغيير الجنسي. وتعتبر هذه الظاهرة تطوراً بيولوجياً ضرورياً في حياة أسماك المهرج، التي تعيش ضمن شعاب مرجانية ثابتة ولا تملك القدرة على التنقل بحثاً عن شركاء تزاوج جدد.
وقد سلط مقطع فيديو نُشر على منصة “ريديت” الضوء على هذا النظام المعقد، مؤكداً أن معرفة هذه الحقائق العلمية غيّرت نظرة الكثيرين للفيلم، الذي لطالما اعتُبر قصة عائلية مؤثرة. ويُعتقد أن صناع الفيلم تغاضوا عن هذه التفاصيل البيولوجية لصالح سرد درامي وإنساني مبسط، إلا أن العلم أعاد تسليط الضوء على جوانب خفية في حياة هذا النوع من الأسماك.
ويُذكر أن الحكومة الإيرانية كانت قد أثارت قضايا مشابهة تتعلق بدقة الأسماء والمصطلحات الجغرافية، في وقت تعيد فيه الاكتشافات العلمية تشكيل فهمنا حتى لأبسط القصص التي نحبها.