تحاول قيادة حزب الأصالة والمعاصرة، بعث رسائل الاطمئنان إلى منتخبيه مع تصاعد المخاوف من تحول ميثاق الأخلاقيات المزمع إقراره في اجتماع المجلس الوطني السبت، إلى أداة للتضييق على المنتخبين الذين يشكلون حوالي 70 في المائة من مجموع أعضاء هذه الهيئة.

فمن جهة، صلاح الدين أبو الغالي، عضو القيادة الجماعية للحزب، الذي ألقى كلمة باسمها في هذا الاجتماع، قال إن حزبه باعتباره « أول حزب سياسي » يضع ميثاقا للأخلاقيات، سيكون « أمام مسؤولية أخلاقية جماعية.

لأن ما يجب أن لا نتغافل عنه هو أن الفاعل السياسي قدوة في المجتمع، والقدوة الحسنة تحتاج إلى التحلي بالحد الأدنى من مبادئ المروءة والشهامة والنزاهة، والتضحية والاستقامة ووفائها لانتمائها الحزبي ».

وشدد على أن ميثاق الأخلاقيات « لن يكون ترفا فكريا أو سبقا سياسيا نزايد به على باقي الأحزاب، بل سيكون ميثاقا ذا حمولات أخلاقية ملزمة، وهذا الرفع من مكانته هو ما جعلنا نتجنب إقرار مضمونه داخل المكتب السياسي، بل لمكانته الاعتبارية الهامة قررنا رفعه إليكم باعتباركم برلمان الحزب وضميره، لنعطيه بعده الأسمى ومفهومه الشمولي ».

هذه العبارات لحقها تأكيد القيادة الجماعية كما ذكر أبو الغالي، على وجوب « إعادة بناء المؤسسة الوطنية للمنتخبين على أسس تواصلية أكثر فعالية وعصرنة ونجاعة خدمة لقضايا المنتخبين وتعزيزا لروابطهم الحزبية ». كانت هذه الهيئة يرأسها في الماضي العربي المحرشي الذي يحاول نيل المنصب مجددا، باعتباره بابا خلفيا لعضوية المكتب السياسي.

هذه الكلمات غذت أكثر المخاوف المتزايدة من لدن المنتخبين. لكن نجوى كوكوس، رئيسة المجلس الوطني، حاولت تخفيف الهواجس عندما قالت خلال خطابها الافتتاحي إن ميثاق الأخلاقيات « ليس رسالة موجهة إلى المنتخبين »، بل إن هؤلاء « فخر للحزب ».

كلمات دلالية أحزاب الأصالة البام المعاصرة المغرب سياسية

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: أحزاب الأصالة البام المعاصرة المغرب سياسية

إقرأ أيضاً:

نصوص مغيبة من الفقه السياسي الإسلامي (3)

مجيب الحميدي

كانت النبوة والإمامة في نظر العلويين والعباسيين تركة يتم توارثها، ويختلفون من الأولى بها هل هو العم أم أولاد العم؟ وحينها قال شاعر العباسيين:

“أنّى يكون وليس ذاك بكائنِ

لبني البنات وراثة الأعمام”

فالعم أولى بالتركة من أولاد العم، وأولاد البنت، والإسلام والمسلمون هم مجرد تركة يتوارثونها بينهم والخلاف بين العباسيين والعلويين من أجل احتكار التركة . وكان من متطلبات هذا الاحتكار اختراع الاثناعشرية لخرافة الوصية في الغدير بعد القرن الثالث الهجري، ليجعلوا منها وثيقة ملكية أو “بصيرة ” بالمفهوم الشعبي في اليمن، وثيقة ملكية بالإسلام والمسلمين، ولم تقل جميع الفرق الزيدية ببدعة الوصية الصريحة في يوم الغدير، حتى فرقة الجارودية التي كفّرت الصحابة لم تقل بوجود وصية في غدير خم، و قالوا بوجود إشارات وعلامات وصفات للإمام لا توجد إلا في “علي”، وهذا يؤكد أن القول بالوصية لم يظهر في الزيدية في القرون الثلاثة الهجرية الأولى حتى عند الفرق الأكثر تطرفًا وثمة مغزى مهم لإنكار الزيدية لنص الوصية سنشير إليه في خاتمة المقال.

موقف القاسم الرسي من خرافة الوصية

ومما يؤكد ذلك أن الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي رحمه الله – جد الهادي إلى الضلالة يحيى بن الحسين – من أهم من تصدى لنقد بدعة وخرافة الوصية، كما جاء في مجموع الرسائل التي يؤكد علماء الزيدية والمحققون صحة نسبتها إليه ومنها رسالة “الرد على الروافض”، التي أكد فيها أن بدعة الوصية لها جذران:

الجذر الأول من الثقافة الهندية البرهمية، يقول الرسي:

“ما أتوا به من الضلال بقولهم في الوصية وما أعظموا على الله وعلى رسوله في ذلك من الدعوى والفرية التي ليس لهم بها في العقول حجة ولا برهان ولم ينزل بها من الله وحي ولا فرقان، وما قالت به الرافضة في الأوصياء من هذه المقالة فهو قول فرقة كافرة من أهل الهند يقال لهم البرهمية.( 522-523) ” والجذر الثاني من الثقافة اليهودية.

تأكيد القاسم الرسي أن الوصية والخمس المفروض على التجار والمزارعين من الثقافة اليهودية؛

ولا يتوقف تأثير الثقافة اليهودية المحرفة عند الوصية فحتى أخذ خمس الأموال للأئمة واحتكار الهداية جاء من التحريف اليهودي ويفيد كلام القاسم الرسي أن جذور القول بالوصية واحتكار الهداية باسم أعلام الهدى الذين يُهدون ولا يُهدون، وحتى أخذ الخُمس من أرباح التجارة وغيرها، جاءت من منحرفة اليهود، يقول في رسالة الرد على الروافض:

“قاد الوصية قوم من اليهود وزعموا أن الوصية انتهت إلى ولد داوود فجعلوا الوصية في ولد داوود وجعلوها وراثة، وزعموا أنه يرث ابن عن أب، وهم بالعراق يقال لهم رأس الجالوت يدفعون إليه خمس أموالهم.”

ويرى القاسم الرسي أن أهل الفضل في الإسلام هم الذين لا يأخذون خمس أموال الناس، ويؤكد أن من موانع استحقاق بعض العلويين للإمامة طلبهم الخمس من التجارة ومن كل صانع أو زارع (ص(554). وقال في موضع آخر في رده على الإمامية:

“فكيف يسع حجة الله، إذ كان حجة على ما وصفتم أن يستغل الألوف ويأخذ خمس أموالكم ويُوكل في كل بلاد لقبض الأموال.”(ص561)

تفنيد القاسم الرسي لضلالة “أعلام الهدى”

يقول القاسم الرسي ناقدا فكرة توارث الوصاية على الهداية عند الإمامية:

“ومن كان لبعض علم الهدى وارثًا، وكان هدي الأنبياء عليهم السلام له تراثًا، كان بريًا من الضلال، وغير معدود من الجهال، وإذا كان ذلك في الأوصياء كذلك، وكانوا يزعمون أنهم إنما أخذوا هذا من الكتاب “ثقافة قرآنية” وقَبِلوه وأدّعوا فيما قالوا حكم الكتاب، وتنحّلوه، كان فيه للكتاب من التهجين، ما يلحد فيه كل لعين، شأنه تعطيل كل دين، وتلبيس كل برهان مبين، لأن ما قالوا به من هذا من القول المتناقض المستحيل، إذ وصفوا بعضهم بالهدى مع وصفهم لكلهم بالتضليل.” (ص525)

ونفى الرسي الجد أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم نفسه هاديًا غير مهديًا كما يزعم حفيده يحيى لنفسه ولعلي بن أبي طالب، ويؤكد الرسي الجد أن هذا القول انحراف عن صريح القرآن في قوله تعالى: “وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ”

ويضيف الرسي الجد رحمه الله:

“فهو صلى الله عليه وسلم لم يكن يدري ما الإيمان حتى أُدري، ولا يعلم ما الهدى حتى عُلِّم وهُدي، وبعض أئمتهم عندهم عُلم الهدى والإيمان وهو وليد طفل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلمه حتى علمّه الله إياه وهو رجل كهل، فأي شنعة أشنع أو وحشة أفظع من هذا ومثله، وما يلحق فيه بأهله من مزابلة كل حق ومخالفة كل صدق.”

وهذا النقد من الرسي الجد ينطبق تمامًا على الرسي الحفيد الذي قال في كتابه الأحكام أن علي بن أبي طالب يهدي ولا يُهدى، وأنه وذريته هم المقصودون في قوله تعالى:

“قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ ۗ أَفَمَن يَهْدِي لِلْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَم مَن لَا يَهْدِي إِلَّا أَنْ يُهْدَىٰ.”

ويشير القاسم الرسي أن الله في كتابه لم يجعل غير رسوله سراجًا منيرًا، وأن الله أفرد نبيه وحده بهداية العباد إلى كل رشد أو دين بأنور دليل وأقوم سبيل وأبلغ حجة وأهدى هداية (ص517).

ويقول الرسي في الرد على دعوى الشيعة احتكار أئمة العلوية للهداية وفهم القرآن:

“فإن زعموا أنه ليس لأحد أن ينظر في تأويل كتاب الله ولا يحتج به إلا الأئمة؛ يقال لهم أخبرونا عن القرآن كله ليس لأحد أن ينظر في كتاب الله ولا يحتج به إلا الأئمة، ولا يتدبره إلا هم؟ فإن قالوا نعم، فقل لهم: فلمً يتعلم الناس كتاب الله وهم لا يتدبرونه؟ وكيف وقد أكذب الله قولكم بقوله: “أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها؟ ” أفترى هذا قول الله للأئمة؟”

ويقول محقق الرسالة عبد الكريم جدبان:

“أرجع الإمام القاسم أمر الهدى والضلال والكفر والإيمان إلى الله وحده، فمن آمن واهتدى خرج من الكفر والضلال وسكن إلى سكينة طمأنينته، وليس المرجع في ذلك لإمام وصي معصوم من علمه اهتدى).” (ص94)

فالهادي هو الله، ورسالة الهداية هي القرآن، ومن اهتدى بالقرآن فقد اصطفاه ليكون من مصابيح الهدى كائنًا من كان.

المرجعية العليا في قضايا الاختلاف من وجهة نظر القاسم الرسي

يؤكد القاسم الرسي أن المرجعية العليا في الإسلام مرجعية نصوص لا مرجعية أشخاص، فالحجج عنده ثلاث: حجة العقل، والكتاب، والرسول، والمقبول من السنة من وجهة نظره ما وقع عليه إجماع أهل القبلة، وما وقع فيه الاختلاف من أخبار الرسول فمردود إلى أصل الكتاب والعقل والإجماع. ومع ذلك يروي عنه البعض أنه يقول بحجية إجماع علماء الأسرة العلوية خاصة مع تعذر هذا الإجماع إلا فيما أجمعت عليه الأمة لتفرق علماء الأسرة العلوية بين جميع المذاهب.

ملاحظتان أخيرتان:

– الملاحظة الأولى: أن تمسك الراسخين من علماء الزيدية برفض القول بتعيين الإمام بالوصية ينطلق من إدراكهم أن إثبات الوصية ينسف عقيدة المذهب الزيدي لصالح العقيدة الإمامية، لأنه إذا صحت وصية النبي للوصي وجبت الوصية من وصي إلى وصي حسب المذهب الإمامي، فهل من المعقول أن يوصي النبي لشخص واحد ويترك الإمة بعد ذلك على ضلالة؟ ولهذا حتى الفرقة الجارودية المتطرفة رفضت القول بالنص الجلي وقالت بالنص الخفي الذي يحدد الصفات ولا يحدد الشخص نفسه، وهذا التخريج لا ينطبق على حديث غدير خم.

– الملاحظة الثانية: رغم وضوح موقف القاسم الرسي من “خرافة الوصية وعلم الهدى” فثمة كتاب يُنسب إلى القاسم الرسي و يرجح المحققون من الزيدية أنه مدسوس عليه أو منسوب بالخطأ إليه، وهذا الكتاب ينسف معظم أو أهم ما جاء في رسائل القاسم الخاصة بالرد على الإمامية، ويدافع فيه عن خرافة الوصية وحجج الله في أرضه، الكتاب اسمه” الكامل المنير في الرد على الخوارج” و يقول المحقق الزيدي عبد الكريم جدبان إنه اطلع على ثلاث نسخ من كتاب الكامل، فوجد أن اسم المؤلف في نسختين ” إبراهيم بن خيران” وفي النسخة الثالثة تم وضع اسم القاسم الرسي ، ويؤكد حدوث هذا الخطأ كثير من قدماء علماء الزيدية ومنهم عبدالله بن حمزة، ومن المعاصرين، يتفق محمد عبد العظيم الحوثي مع القائلين بأن كتاب الكامل منسوب بالخطأ إلى القاسم الرسي. ومضمون الكتاب وأسلوبه يؤكد بالفعل أن الكتاب لا علاقة له بأسلوب القاسم ولا بفكره.

 

 

 

 

مقالات مشابهة

  • فوز بايرن ميونيخ 10-0.. فرق سابقة دخلت التاريخ وسجلت "10"
  • الذهب يقترب من أعلى مستوى في شهرين
  • الشبلي لـ«عين ليبيا»: مقترح الحكومة الموحدة «ليس بريئاً» ويعيد تدوير الفشل تحت غطاء دولي
  • "ميثاق" يخصص منصات للتعريف بالخدمات والمنتجات المصرفية المُقدمة للزبائن
  • مخاوف إسرائيلية من حرب استنزاف طويلة مع إيران
  • في سابقة تاريخية بفرنسا.. سحب وسام جوقة الشرف من الرئيس الأسبق ساركوزي
  • نصوص مغيبة من الفقه السياسي الإسلامي (3)
  • اعتقال ناشطات خلال تظاهرة نسوية في عدن احتجاجًا على تدهور الأوضاع المعيشية
  • إقرار إسرائيلي بالعجز عن استهداف البرنامج النووي الإيراني كاملا
  • المكتب الوطني للإعلام يواصل جولاته التحضيرية لقمة “بريدج” بتنظيم طاولة مستديرة في لندن