تدشين مرتقب لخدمة 4G بعدن من قبل سبأفون ومخاوف من تكرار تجربة واي
تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT
كشفت مصادر محلية عن استعداد شركة "سبأفون" العاملة في المناطق المحررة تدشين خدمة 4G بالعاصمة عدن بعد تفعيلها بشكل تجريبي مؤخراً.
وقالت المصادر إن الشركة ستدشن بيع شرائح جديدة لعملائها خاصة بخدمة 4G، ابتداءً من هذا الأسبوع بعد أن قامت بتفعيل الخدمة بشكل تجريبي ومحدود خلال الأيام الماضية.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لما قالوا إنها قياس لسرعة الإنترنت الذي تقدمه شرائح الشركة الجديدة في عدن والتي تم توزيعها بشكل محدود على موظفي الشركة وبلغت نحو 50 ميجابت.
الشركة ومن جانبها دعت في منشور لها على صفحتها في "الفيس بوك" الجمعة، إلى زيارة مراكز خدمات البيع التابعة لها "للحصول على أرقام جديدة كليا وبسرعة إنترنت عالية"، دون أن تُشير إلى أنها خدمة 4G.
وفي سبتمبر من عام 2020 أعلنت شركة سبأفون، نقل إدارتها إلى العاصمة عدن بعد قيام جماعة الحوثي بالسيطرة على مقرها في صنعاء، ليؤدي الأمر إلى انقسام الشركة إلى شركتين بذات الاسم، وفصل شبكتها بالمناطق المحررة عن الأخرى بمناطق سيطرة الحوثي.
وظلت الشركة طيلة السنوات الثلاث الماضية تعاني من وضع مالي صعب، جراء فصلها عن كافة شبكات الاتصال المحمول والأرضي تنفيذاً لأوامر الحوثي، بالإضافة إلى عجزها عن تقديم خدمات الإنترنت، انعكاساً لعجز الحكومة الشرعية في كسر سيطرة المليشيا الحوثية على ملف الاتصالات.
وهو ما يثير المخاوف من أن تكون تجربة الشركة تكراراً للتجربة الفاشلة التي قامت بها شركة "واي" في عدن العام الماضي، ولم تستمر أكثر من 6 أشهر، جراء اعتمادها على الإنترنت من قبل شركة "عدن نت" المزود الوحيد للإنترنت التابع للحكومة الشرعية.
وفشل مشروع "عدن نت" الذي تم تدشينه منتصف عام 2018م لتقديم خدمة 4G بالمناطق المحررة، بعد أن تلقى ضربة عنيفة بتشفير الكابل البحري AAE-1 الذي قام عليه المشروع وفشل الحكومة في استعادته.
ما أجبر شركة "عدن نت" لاستخدام الكابل البحري القديم الذي يربط اليمن بجيبوتي عبر عدن، للبقاء على قيد الحياة وبعدد محدود من المشتركين، وغير قادرة على توسيع نطاق خدماتها.
وما يعزز من الشكوك حول نجاح تجربة "سبأفون" هو عدم توضيح الشركة بنفي أو تأكيد للمعلومات المتداولة بأن خدمة الإنترنت التي ستقدمها هي عبر "عدن نت" كما كان الحال مع "واي"، بل إن سعر الشريحة الجديدة المرتفع يبلغ 60 ألف ريال، أي نحو 40 دولاراً وهو نفس المبلغ لسعر شرائح "واي".
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: عدن نت
إقرأ أيضاً:
د.محمد عسكر يكتب: الذكاء الاصطناعي.. حلم التطور ومخاوف السيطرة
في السنوات الأخيرة، أصبح الذكاء الإصطناعي (AI) واحداً من أكثر المواضيع إثارة للجدل، إذ يتقدم هذا المجال بسرعة فائقة تفوق توقعات الكثيرين. وبينما يرى البعض فيه ثورة تكنولوجية واعدة تحمل فرصاً هائلة في مجالات مثل الطب، والهندسة، والتعليم، والتكنولوجيا، وغيرها من المجالات فإن آخرين ينظرون إليه بعين القلق، محذرين من مخاطره المحتملة. تتزايد المخاوف تجاه ما قد يحمله المستقبل من مخاطر ومن تأثيرات سلبية على الخصوصية، وسوق العمل، وأنماط الحياة الإجتماعية، مما يطرح تساؤلات جدية حول مستقبل العلاقة بين الإنسان والآلة. ففي زمنٍ تُعاد فيه صياغة العلاقة بين الإنسان والآلة، لا يكفي أن ننبهر بقدرات الذكاء الإصطناعي، بل علينا أن نتساءل دوماً: إلى أين يقودنا هذا الطريق؟ وبينما نركض نحو المستقبل بأمل وحماس، لا يجب أن نغفل إشارات التحذير التي تومض على جانبي الطريق.
فما هى أسباب الخوف من الذكاء الإصطناعي، وهل هذا الخوف مبرر؟ ولماذا يجب علينا أن نأخذ هذه المخاوف على محمل الجد؟ وهل آن الأوان لنخاف حقاً من الآلة؟
الذكاء الإصطناعي يُعد من أبرز الإنجازات التي حققها الإنسان في العصر الحديث. فمن القدرة على الترجمة الفورية، إلى تحليل الصور والأصوات، وحتى المساعدة في تشخيص الأمراض، يبدو أنه لا حدود لما يمكن للآلات الذكية إنجازه. ومع ذلك، يساورنى القلق تجاه هذا التقدم، وأرى أن هناك أسباباً وجيهة تجعلنا نخشاه، أو على الأقل نتعامل معه بكثير من الحذر.
أحد أبرز المخاوف يتمثل في فقدان السيطرة. في الوقت الذي تتسابق فيه كبريات شركات التكنولوجيا حول العالم لتطوير آلات تفكر وتتعلم بمفردها، هناك أصوات ترتفع محذرة من أن ما يبدو تقدماً تقنياً قد يكون بداية لمرحلة جديدة لا يتحكم فيها الإنسان في مصيره بالكامل. فهل نحن بالفعل أمام "أداة ذكية" تخدمنا، أم أمام كائن رقمي قد يتحول يوماً إلى خصم يصعب التنبؤ به؟ فمع تطور الذكاء الإصطناعي ليصبح أكثر قدرة على التعلم الذاتي، قد تظهر أنظمة يمكنها تحسين أدائها بدون تدخل بشري مباشر. وهذا يعني أن بعض الأنظمة قد تتخذ قرارات معقدة دون أن نعرف تماماً كيف ولماذا؟، وهذا يطرح أسئلة خطيرة حول الشفافية والمساءلة.
الخطر الآخر يتمثل في التلاعب البشري عبر الذكاء الإصطناعي. منصات التواصل الاجتماعي على سبيل المثال تستخدم خوارزميات دقيقة لتحليل سلوك المستخدمين، وتوجيههم نحو محتوى معين، مما قد يُشكل تهديداً مباشراً للديمقراطية والرأي العام. كم من مرة ظننت أنك إخترت ما تشاهد أو تقرأ، بينما في الحقيقة كانت الآلة هي من دفعك لذلك دون أن تشعر؟ لقد أصبحنا نعيش في عالم تتحكم فيه الخوارزميات بتفاصيل حياتنا اليومية؛ فهي من توجّهنا إلى ما نُشاهد، وتُرشدنا إلى ما نشتري، بل وقد تؤثر بدرجة ما في من نُحب، يبدو أن الذكاء الإصطناعي لم يعد مجرد أداة مساعدة، بل إنة أصبح شريكاً في إتخاذ القرار.
أما في سوق العمل، فالصورة لا تقل قتامة. الذكاء الإصطناعي يهدد ملايين الوظائف حول العالم، خاصة تلك التي تعتمد على المهام الروتينية. ومع زيادة الإعتماد على الأتمتة، تظهر مخاوف من إتساع الفجوة بين أصحاب المهارات التقنية ومن سواهم، ما يُنذر بإضطرابات إجتماعية وإقتصادية قادمة. وما يجعل هذه المخاوف أكثر تعقيداً، هو غياب قوانين رادعة وتنظيمات فعالة تحكم إستخدام الذكاء الإصطناعي. في كثير من الدول، تسير التكنولوجيا أسرع من التشريعات، ما يترك الباب مفتوحاً أمام الشركات لإستخدام هذه التقنيات دون رقابة كافية، أو مساءلة أخلاقية.
أما الخوف الأكبر من وجهه نظرى، فهو من سيناريو تطوير "ذكاء إصطناعى عام" وهو نوع من الذكاء قد يتفوق على الإنسان في كل شيء تقريباً. إذا وصل الذكاء الإصطناعي إلى هذة المرحلة التى يستطيع فيها تحسين نفسه بنفسه دون تدخل الإنسان، فقد نصبح في موقف لا نمتلك فيه القدرة على فهم أو التحكم بما يفعله. مثل هذا التطور قد يخلق كياناً لا يخضع لأي معايير أخلاقية بشرية، ما قد يهدد الأمن العالمي والبقاء الإنساني. وفي حال وُجد مثل هذا الكائن الرقمي، فهل سيكون من الممكن حقاً التحكم به؟ أم أننا سنكون قد صنعنا كائناً لا نستطيع إحتواءه؟
أنا لا أتحدث عن سيناريوهات أفلام خيال علمي، بل عن واقع يفرض نفسه يوماً بعد يوم. فما الذي سيحدث حين تبدأ الآلة في التفكير بمعزل عن الإنسان؟ وهل يمكن حقاً الوثوق بذكاء بلا ضمير ولا مشاعر؟ وهل نملك أدوات كافية لضمان أن يبقى الذكاء الإصطناعي تحت السيطرة البشرية؟
ورغم كل هذه التحديات، فإن الخوف من الذكاء الإصطناعي لا يعني رفضه، بل يعني إدراك الحاجة إلى تقنينه وتوجيهه. علينا ألا نسمح للتكنولوجيا بأن تتطور بمعزل عن قيمنا الإنسانية، بل يجب أن نضع ضوابط أخلاقية وتشريعية صارمة تضمن أن يكون الذكاء الإصطناعي في خدمة الإنسان، لا العكس. الذكاء الإصطناعي أداة قوية، لكنها مثل أي أداة، قد تكون للبناء أو للهدم، والخيار بأيدينا.
إننا لسنا بحاجة إلى الخوف من الذكاء الإصطناعي بقدر ما نحن بحاجة إلى فهمه، ومُساءلة من يُطوّره، ووضع معايير واضحة تضمن أن يظل في خدمة الإنسان لا في موقع السيطرة عليه. فالتكنولوجيا، في نهاية المطاف، ليست سوى أداة. لقد آن الأوان أن نتحرك فعلياً نحو وضع قوانين وضوابط له، وتشجيع الشفافية، وتعليم الأجيال القادمة كيف تتعامل مع هذا الذكاء الجديد بحكمة ووعي.
فالذكاء بلا ضمير... قد يكون أخطر من الجهل.