مجلس الخوانيج يستضيف ورشة تعريفية بالمرسوم بقانون اتحادي رقم (50) لسنة 2023 في شأن تنظيم مؤسسات النفع العام
تاريخ النشر: 13th, May 2024 GMT
في إطار الجهود المبذولة في تحقيق التنمية الاجتماعية وتفعيل دور المجتمع المدني وتطوير منظومة القطاع النفعي في إمارة دبي، وتمكين وتحفيز المؤسسات ذات النفع العام من ممارسة الدور المأمول منها في العمل التطوعي والمشاركة المجتمعية، نظمت هيئة تنمية المجتمع في دبي وبالتعاون والتنسيق مع اللجنة العليا للتشريعات في إمارة دبي ورشة تعريفية بالمرسوم بقانون اتحادي رقم (50) لسنة 2023 في شأن تنظيم مؤسسات النفع العام، في مجلس الخوانيج، بحضور معالي حصة بنت عيسى بوحميد مدير عام هيئة تنمية المجتمع وممثلين عن العديد من الجهات المعنيّة بالعمل الاجتماعي والخيري والإنساني في إمارة دبي، بما فيها دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري، وسلطة دبي الإنسانية، والسلطات المشرفة على المناطق الحرة، وغرف دبي، فضلاً عن موظفي الهيئة المختصين.
وقد جاء إعداد هذه الورشة التعريفية، بهدف تفعيل أحكام المرسوم بقانون اتحادي رقم (50) لسنة 2023، وتوحيد الجهود المبذولة من جميع الجهات المعنيّة بالقطاع النفعي في إمارة دبي، باعتباره أحد أهم القطاعات الشريكة للقطاع الحكومي في تنفيذ الخطط الإستراتيجية والسياسات العامة الهادفة إلى تحقيق التنمية المجتمعية في إمارة دبي، بما فيها “أجندة دبي الاجتماعية 33”.
تناولت الورشة، التي قدّمها كل من المستشار القانوني محمد صلاح العطيوي، رئيس المكتب الفني، والدكتورة نجاة أحمد العامري، رئيس قسم تشريعات البنية التحتية والتنظيمية الحكومية في الأمانة العامة للجنة العليا للتشريعات، استعراض المرتكزات الأساسية التي قام عليها المرسوم بقانون اتحادي رقم (50) لسنة 2023، وتوضيح أهم الأحكام التي تناولها، ومن بينها الأحكام المتعلقة بنطاق تطبيقه، وأشكال المؤسسات ذات النفع العام، وأنشطة النفع العام التي يجوز لها ممارستها، وبيان الأحكام الخاصة بإنشاء وإدارة وحوكمة كل من الجمعيات والمؤسسات الأهلية والاتحادات وصناديق التكافل الاجتماعي، باعتبارها أحد أهم أشكال مؤسسات النفع العام التي نظمها المرسوم بقانون اتحادي رقم (50) لسنة 2023، بالإضافة إلى الأحكام المشتركة بينها جميعاً، كالتزامات هذه المؤسسات، والأفعال المحظور عليها إتيانها، والرقابة والتفتيش عليها، وحلها وتصفيتها، وما يجب اتخاذه من إجراءات لتوفيق وتدابير لتوفيق أوضاعه مؤسسات النفع العام القائمة بما يتوافق مع أحكام المرسوم بقانون.
وأوضح أحمد سعيد بن مسحار، الأمين العام للجنة العليا للتشريعات في إمارة دبي، أن المرسوم بقانون اتحادي رقم (50) لسنة 2023 بشأن تنظيم مؤسسات النفع العام، الذي تم إعداده بالشراكة بين حكومة دبي والجهات الحكومية الاتحادية والمحلية في الدولة، يشكّل خطوةً نوعية ومتقدمة نحو تمكين وتنظيم أحد أهم القطاعات التنموية الحيوية في دولة الإمارات العربية المتحدة، ولبنة أساسية في بناء النسيج الاجتماعي للدولة، وتنظيم ممارسة الأنشطة والخدمات الاجتماعية، سواءً التعليمية أو الثقافية أو الدينية أو التربوية أو المهنية أو النسوية أو الإبداعية أو الصحية أو الفنية، وتحقيق أغراض البر والتكافل المجتمعي بين جميع أفراد المجتمع من مواطنين ومقيمين.
ولفت بن مسحار إلى أن المرسوم بقانون يأتي في إطار حرص المشرِّع الإماراتي على تمكين المؤسسات ذات النفع العام، وتوفير بيئةٍ تشريعية تدعم منظومة عمل هذه المؤسسات وتساعدها على الاضطلاع بدورها تجاه المجتمع، بما يتواءم مع رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة الرامية لترسيخ ريادتها عالمياً على صعيد النماء والازدهار المجتمعي. كما أشاد بالدور المحوري لمؤسسات النفع العام على الصُعُد الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية، منوهاً بأهمية توفير بنية تنظيمية تسهم بتعزيز تطور هذه المؤسسات، وتواكب المسيرة التنموية الطموحة التي تخطوها دولة الإمارات العربية المتحدة في مختلف المجالات.
وأشار حريز المر بن حريز، المدير التنفيذي لقطاع التنظيم والخدمات المجتمعية في هيئة تنمية المجتمع في دبي إلى أهمية نشر الوعي المعرفي بالتشريعات الناظمة للعمل الاجتماعي والإنساني في الدولة لما في ذلك من أهمية قصوى في اضطلاع كل جهة أو مؤسسة بالدور المنوط بها لتحقيق التكامل المنشود والوصول إلى إجراءات ومنهجيات عمل سلسة تحمي حقوق المستفيدين والعاملين في المجالين الاجتماعي والإنساني. مبيناً أن ترخيص مؤسسات النفع العام وحصولها على التصاريح اللازمة لممارسة أنشطتها بكفاءة وفعالية سيساهم بشكل كبير في الوصول إلى النتائج المرجوة للخطط الاستراتيجية والسياسات العامة المعنيّة بالقطاع الاجتماعي.
وأضاف: “مع توسع خطط التنمية الاجتماعية في إمارة دبي وتزايد الوعي لدى الأفراد والمؤسسات بأهمية العمل المجتمعي والتطوعي برزت أهمية دور القطاع النفعي كرديف أساسي وهام للقطاع الحكومي في المجالين الإنساني والاجتماعي، وأن تطوير هذا القطاع يتطلب توفير الأطر التشريعية والتنظيمية الضامنة لحقوق جميع الأطراف العاملين في مجال النفع العام بما يتواءم مع احتياجات ومتطلبات المجتمع”.
وأوضح أن هيئة تنمية المجتمع في دبي، تتولى مسؤولية ترخيص مؤسسات النفع العام العاملة في إمارة دبي، ويشكل التعاون القائم بينها وبين الجهات الحكومية وغير الحكومية المشرفة على عمل تلك المؤسسات، أحد أهم الضمانات الأساسية لتطوير العمل النفعي والتطوعي والخيري في الإمارة، من خلال مؤسسات النفع العام، التي تعدّ جزءاً من منظومة التنمية المجتمعية المستدامة في إمارة دبي، والتي تصب أنشطتها وجهودها ومخرجاتها في بوتقة الأهداف الاستراتيجية التي تتبناها قيادتنا الرشيدة نحو بناء مجتمع مزدهر ينعم جميع أفراده بحياة مستقرة وسعيدة”.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: هیئة تنمیة المجتمع مؤسسات النفع العام فی إمارة دبی أحد أهم لسنة 2023
إقرأ أيضاً:
كامل ادريس: عقل مؤسسي لتحدٍ استثنائي
1 كل من تولّى الحكم في السودان، من الأزهري إلى حمدوك، كرر عبارة: “ورثنا تركة مثقلة”، حتى باتت هذه الكلمات صدى مألوفًا في أذهان السودانيين لعقود طويلة. لكن رئيس الوزراء كامل إدريس، الذي تقلد المنصب في ظل ظروف استثنائية، لم يردد هذه العبارة، ولم يشكُ من الخراب، رغم أنه ورث وطنًا ممزقًا، واقتصادًا منهارًا، وبنية تحتية مدمّرة، وشعبًا يعاني من النزوح واللجوء والجوع، ويواجه الغزاة والعملاء والصراعات الداخلية في آنٍ واحد.
ومع ذلك، لم يلجأ إدريس إلى الشكوى، بل بدأ عمله بخطاب متزن وهادئ، مستندًا على خبرته المؤسسية الطويلة. فليكن الله في عونه.
2
إن أول ما نحتاجه في كامل إدريس هو العقل المؤسسي الذي راكمه من خلال مسيرته الطويلة في دهاليز المؤسسات الدولية، وخاصة أن رئيس الوزراء يواجه الآن تحديًا وجوديًا يتمثل في إعادة بناء دولة من تحت الرماد — لا عبر الشعارات، بل بإحياء المؤسسات التي تُشكّل أساس الدولة الحديثة. فبدون مؤسسات، سيكون كل عمله عشوائيًا، لا يُنتج أثرًا ولا يصنع تغييرًا.
المؤسسات ليست مجرد زخرفة إدارية، بل هي أساس الدولة، وأدواتها التي تضمن استمرارية الحكم، وتُحقق العدالة، وتُدير الاقتصاد، وتحفظ الأمن، وتُخطط للمستقبل. لا استقرار بلا مؤسسات، ولا عدالة بلا مؤسسات، ولا تنمية بلا مؤسسات.
3
كامل إدريس مؤهّل لبناء مؤسسات الدولة، ليس فقط بما يحمله من مؤهلات أكاديمية، بل أيضًا بما اكتسبه من خبرة عملية في بيئات دولية صارمة لا تحتمل الارتجال.
والمؤسسات التي نتحدث عنها اليوم ليست نقص كفاءات فحسب، بل في حالة انهيار تام لا يصلح معها الترميم، بل تتطلب إعادة بناء شاملة من الجذور. ولعل من حسن الحظ أن هذه المؤسسات، كهياكل تنظيمية، ما تزال منصوصًا عليها في الوثيقة الدستورية المعدلة لعام 2025. لكن المشكلة ليست في وجودها على الورق، بل في كفاءتها وفعاليتها واستقلالها ونزاهتها.
فما أكثر المؤسسات التي تحوّلت إلى هياكل خاوية، وأجهزة بائسة لا تحرك ساكنًا، لأنها أُفرغت من معناها وتحولت إلى أدوات للشللية والمحسوبية.
4
بناء المؤسسات ليس ترفًا تنظيميًا، بل ضرورة وجودية للدولة. فالمؤسسات هي ما يحوّل الدولة من كيان هش إلى كيان فاعل. وهي التي تنظم العلاقة بين الدولة والمجتمع، وتُحصّن الدولة ضد الفوضى، وتُحفّز النمو والاستثمار، وتضمن العدالة وتكافؤ الفرص، وتوفر الاستقرار اللازم لتنفيذ السياسات العامة، بغض النظر عن تغيّر الحكومات أو تبدّل القادة.
فالمؤسسة تبقى، والشخص يزول. الدولة التي تُبنى على الأشخاص تنهار بزوالهم، أما الدولة التي تُبنى على المؤسسات فهي وحدها القادرة على تجاوز الأزمات والنهوض من الكبوات.
5
قدّم الفيلسوف الأمريكي فرانسيس فوكوياما في كتابه “بناء الدولة: الحكم والنظام العالمي في القرن الحادي والعشرين” (2004) رؤية عميقة حول الحاجة للمؤسسات ، جادل فوكوياما بأن مشكلة العالم ليست في نقص الديمقراطية أو غياب السوق الحرة، بل في ضعف الدول وفشلها في بناء مؤسسات فعالة.
وأكد أن القرن الحادي والعشرين يحتاج ليس فقط إلى دول ديمقراطية، بل إلى دول قادرة على أداء وظائفها الأساسية: حفظ الأمن، تطبيق القانون، تقديم الخدمات العامة، ومحاربة الفساد — بغض النظر عن طبيعة النظام السياسي أو الاقتصادي.
ضرب أمثلة حية من تجارب دول استطاعت النهوض من تحت الركام، لأنها بدأت ببناء المؤسسات:
• ألمانيا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية وانقسامها، لم تبدأ بالشعارات، بل أسست محكمة دستورية مستقلة، وبنكًا مركزيًا قويًا، ونظامًا اتحاديًا يقلل من مركزية السلطة.
• رواندا، بعد الإبادة الجماعية، أنشأت محاكم “الغاتشاتشا” لتحقيق العدالة والمصالحة، وأصلحت أجهزتها الأمنية، وركّزت على المهنية ومحاربة الفساد.
• سنغافورة، التي بدأت من لا شيء بعد الاستقلال عام 1965، ركزت على الكفاءة والجدارة، وأسّست جهازًا بيروقراطيًا عالي الأداء، وجعلت من القضاء هيئة مستقلة، وحاربت الفساد بصرامة.
6
كل هذه التجارب تؤكد أن بناء الدولة يبدأ من بناء مؤسساتها، ولا يمكن لأي مشروع وطني أن ينجح ما لم يُبنَ على مؤسسات مستقلة وفعالة. ومن حسن حظ السودان أن يكون على رأس حكومته اليوم رجل يمتلك عقلًا مؤسسيًا، مسيرة مهنية حافلة بالخبرات، مما يجعلنا نأمل أن يكون كامل إدريس هو الرجل الذي يبدأ من الأساس الصحيح. فالأوطان لا تُبنى بالخطب، بل تُبنى بالمؤسسات.
7
إن أفضل ما يمكن أن يُنجزه رئيس الوزراء كامل إدريس هو أن يضع حجر الأساس لمؤسسات فاعلة، تنبع من حاجة الوطن، لا من خطب السياسيين، وتُدار بكفاءات مهنية، لا بترضيات حزبية.
عندها فقط، سيكون بناء مشروع دولة مستقلة ومزدهرة ممكنًا.
التحدي الاستثنائي الذي يواجه رئيس الوزراء يتمثل في: كيف نصل إلى تلك الدولة المنشودة؟ دولة المؤسسات؟
في وطنٍ استوطنت فيه العشوائية، والصراعات، والحروب، وتكالبت عليه نخبٌ دائما تنشد الهُدى، وتركب قطارات الضلال.
عادل الباز
إنضم لقناة النيلين على واتساب