صدور بيان مشترك اقتصادي واجتماعي بمجلس الشراكة الإستراتيجي السعودي البريطاني
تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT
صدر اليوم البيان المشترك للجانب الاقتصادي والاجتماعي بمجلس الشراكة الإستراتيجي السعودي البريطاني، فيما يلي نصه:
في إطار الشراكة الإستراتيجية بين المملكة والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية، انطلقت أعمال مؤتمر مبادرة “GREAT FUTURES”، التي تعد ضمن مخرجات الجانب الاقتصادي والاجتماعي بمجلس الشراكة الإستراتيجي السعودي البريطاني، حيث عُقِد الاجتماع الرابع للجانب الاقتصادي والاجتماعي بمجلس الشراكة الإستراتيجي السعودي البريطاني، برئاسة معالي وزير التجارة الدكتور ماجد القصبي، ونائب رئيس مجلس الوزراء البريطاني معالي السيد أوليفر دودن بالرياض.
واستعرض الجانبان خلال الاجتماع، التقدم الكبير في تعزيز وتنويع العلاقات الثنائية، بما يعود بالنفع على البلدين، واتفقا على برنامج طموح يهدف إلى تعزيز ازدهار البلدين والاستفادة المثلى من الفرص الواعدة التي تُتيحها رؤية المملكة 2030.
وأشاد الجانبان بالمستويات القياسية لحجم التجارة بين البلدين التي تجاوزت 21.7 مليار دولار، واتفقا على زيادة حجم التجارة الثنائية 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030م، كما أعرب الجانبان عن عزمهما على إبرام اتفاقية شاملة وطموحة للتجارة الحرة بين المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي.
وأشاد الجانبان بعمق العلاقات الثنائية بين البلدين في مجال الاستثمار الذي شهد ازدهارًا ملحوظًا، حيث وصلت قيمة الاستثمارات السعودية في المملكة المتحدة إلى 21 مليار دولار منذ عام 2017م، بينما بلغ الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة 13 مليار دولار في عام 2023م، كما رحبا بافتتاح مكاتب في المملكة المتحدة لصندوق الاستثمارات العامة، ونيوم، وشركة علم؛ والاستثمارات السعودية الجديدة التي تزيد قيمتها عن 3.5 مليارات دولار في شمال شرق إنجلترا؛ وافتتاح عدد من الشركات البريطانية التي يتجاوز عددها 52 شركة بريطانية مقارّها الإقليمية في الرياض، كما وقعت المملكتان اتفاقية لتوسيع التعاون في مجال الاستثمار بين البلدين، ورحب الجانبان بالتسهيلات التمويلية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية بقيمة 700 مليون دولار أمريكي من قبل وكالة تمويل الصادرات البريطانية؛ بهدف تطوير المتنزه الترفيهي “Six Flags” بمدينة القدية، حيث أكدت المملكة المتحدة مجددًا التزامها بتعزيز توجيه استثماراتها إلى المملكة بما يتماشى مع تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030.
والتزم الجانبان بدعم تحولات الطاقة وأمنها عبر الشراكة الثنائية، واتفقا على التعاون المستمر في مجالات الطاقة التقليدية، والطاقة المتجددة، والبتروكيماويات، وكفاءة الطاقة، والهيدروجين الأخضر والنظيف، واحتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه، والمواد المتقدمة المستدامة، بالإضافة إلى بناء المزيد من الشراكات في مجالات البحث والتطوير المشتركة، والشراكات التجارية في مجال التقنية الخضراء.
وأكّد الجانبان أهمية توفير إمدادات آمنة ومتنوعة للمعادن الحرجة، وأكدت المملكة المتحدة دعمها لمؤتمر التعدين الدولي الذي تنظمه المملكة من خلال مشاركة المؤسسات البريطانية الرائدة، كما رحب الجانبان بإعلان رغبة بورصة لندن للمعادن لإقامة مراكز تسليم لها في مدينة جدة.
وأشاد الجانبان بافتتاح 5 مدارس بريطانية في المملكة العربية السعودية منذ عام 2021م، ويستهدف الجانبان مضاعفة عدد المدارس بحلول عام 2025م، كما رحبت المملكتان أيضًا بخطط جامعة ستراثكلايد لتصبح أول جامعة بريطانية تُنشئ فرعًا لها داخل المملكة، وذلك بالتعاون مع جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، كما أنّ هنالك 14 ألف طالب سعودي يدرسون في المملكة المتحدة هذا العام، كما أكد الجانبان التزامهما بتعزيز الشراكة التعليمية من خلال توقيع برنامج تعاون في التعليم والتدريب التقني والمهني بين المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بالمملكة ووزارة الأعمال والتجارة بالمملكة المتحدة، إضافة إلى ذلك، رحبت المملكتان بتوقيع عقد خدمة بين جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن وجامعة ستراثكلايد، يهدف إلى تقديم برنامج الماجستير التنفيذي لإدارة الأعمال.
واتفق الجانبان على تطوير شراكتهما في مجال البحث والابتكار، مع التركيز على العلوم والتقنية المتخصصة وعلم الجينوم والفضاء، كما اتفقا على دعم احتضان الشركات الناشئة وتسهيل وصولها إلى رأس المال الجريء، بالإضافة إلى التنسيق بشأن الفرص والتحديات التي يطرحها الذكاء الاصطناعي، ومتابعة أعمال قمة المملكة المتحدة العالمية لسلامة الذكاء الاصطناعي.
واتفق الجانبان على بحث فرص التعاون الوثيق بين القطاع الخاص في البلدين ودعم جهودهم الهادفة إلى زيادة اعتماد تقنيات الثورة الصناعية الرابعة وتعزيز القدرات الصناعية في البلدين.
وأكد الجانبان مجددًا التزامهما بالشراكة في مجال الرعاية الصحية، من خلال اتفاقية موسعة تركز على التعاون في مجالات جديدة لتشمل: “التحول الرقمي، والتقنية الحيوية، ومقاومة مضادات الميكروبات”، كما اتفقا على استكشاف فرص التعاون في مجال التكنولوجيا الحيوية والطب الوقائي، ورحّبا بافتتاح مركز “Priory” الطبي، وهو أول عيادة دولية للصحة العقلية في المملكة مع التزامهما بإنشاء أربعة مراكز أخرى، إضافة إلى افتتاح كلية “King’s College” مستشفى في جدة وعزمها على افتتاح مستشفى آخر في الرياض.
اقرأ أيضاًالمملكةلارتكابها جريمة التستر.. إغلاق منشأة لصيانة السيارات بمحافظة الأحساء وتصفية نشاطها التجاري
وتواصل المملكتان تعميق الشراكة في المجالات الثقافية، وتنفيذ الاتفاقية السعودية البريطانية التي تهدف إلى التعاون في المحافظة على التراث، والفعاليات الثقافية، وبرامج الإقامة الفنية، والتبادل المعرفي، كما رحب الجانبان بالاتفاقية المبرمة بين وزارة الثقافة السعودية ومتحف العلوم بلندن التي تهدف إلى تعزيز التبادل الثقافي، وتطوير القدرات في قطاع المتاحف في البلدين، كما اتفقت وزارة الثقافة السعودية على العمل بالشراكة مع الأرشيف الوطني البريطاني لرقمنة السجلات الثقافية للمملكة.
وأكد الجانبان تعزيز التعاون المشترك في مجالات النقل والخدمات اللوجستية المختلفة وبالأخص في مجال النقل الجوي والسككي وأساليب النقل الحديثة.
وأشاد الجانبان بتسهيل إجراءات أنظمة التأشيرات الإلكترونية في المملكة المتحدة، التي تهدف إلى زيادة عدد زوّار الأعمال والمستثمرين والسُياح بين البلدين، كما رحب الجانبان باتفاقية “بيان نوايا مشترك” للتعاون بين الهيئة السعودية للسياحة و”Visit Britain”، واتفقا على تعزيز التعاون وتبادل الخبرات في المجالات المتعلقة بتنمية رأس المال البشري في القطاع السياحي، من خلال تنظيم برامج تدريبية وتطويرية ل 5000 سعودي من الجنسين في المعاهد ومراكز التدريب المتخصصة في السياحة في المملكة المتحدة حتى نهاية عام 2026م.
ورحب الجانبان بالشراكة بين جامعة “Loughborough” البريطانية ومعهد إعداد القادة، والتعاون مع جامعة نيوكاسل لرفع مستوى مشاركة المرأة السعودية في الرياضة.
وأكدت المملكة أنّ سوق لندن للأوراق المالية خيار مفضّل للمملكة كونه مركزًا ماليًا عالميًا، خاصة بعد أن جمعت من خلاله المملكة 70 مليار دولار منذ عام 2022م، منها إصدار سندات خضراء بقيمة 12.5 مليار دولار لمدة 100 عام أصدرها صندوق الاستثمارات العامة، كما اتفق الجانبان على مواصلة التعاون المُشترك في مجالات الإدراج المزدوج، والخدمات المصرفية، والتكنولوجيا المالية، وإدارة الأصول، والتأمين.
وفي ختام الاجتماع، أكد معالي وزير التجارة الدكتور ماجد القصبي، ونائب رئيس الوزراء البريطاني معالي السيد أوليفر دودن، رغبتهما في مواصلة رفع مستوى التعاون والشراكة الإستراتيجية بين البلدين.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية فی المملکة المتحدة بین البلدین ملیار دولار التعاون فی فی مجالات فی مجال من خلال
إقرأ أيضاً:
الشراكة الاستراتيجية بين الصين وآسيان ودول الخليج
تشو شيوان **
في ظل التحولات الجيوسياسية والاقتصادية المتسارعة التي يشهدها العالم، برزت القمة الثلاثية بين رابطة دول جنوب شرق آسيا "آسيان" والصين ومجلس التعاون الخليجي، التي عقدت في كوالالمبور يومي 27 و28 مايو 2025، كحدث استثنائي يعكس إدراكًا مشتركًا لأهمية التعاون الإقليمي في مواجهة التحديات العالمية، ومن الواجب أن ننظر للقمة على أنها لم تكن مجرد اجتماع دبلوماسي روتيني، بل كانت خطوة استراتيجية نحو تشكيل شراكة اقتصادية قادرة على إعادة رسم خريطة القوى في نظام دولي يتجه نحو التعددية القُطبية.
جاءت القمة في وقت تواجه فيه العديد من دول آسيان تحديات اقتصادية جراء الرسوم الجمركية الأمريكية التي تراوحت بين 10% و49%؛ مما أثر على صادراتها، ومن هنا أكد رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم على أهمية هذه الشراكة الثلاثية لتعزيز المرونة الاقتصادية وبناء أسواق بديلة تقلل من الاعتماد على الاقتصادات الغربية، وهذه النقطة تحديدًا أجدها من أهم النقاط التي جاءت في القمة فكما يبدو أن هناك نهج عالمي يقول أنه من الواجب تقليل الاعتماد على الاقتصادات الغربية طالما لنا فرص وأهداف مشتركة بين دول الشرق والجنوب.
من حيث الأرقام، فإنَّ حجم التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون وآسيان بلغ 137 مليار دولار في 2022، بينما تجاوزت التجارة بين الصين وآسيان 700 مليار دولار، مما يجعل هذه الكتلة الاقتصادية قوة لا يستهان بها في النظام التجاري العالمي، وقد لعبت الصين دورًا محوريًا في القمة، حيث سعت إلى تعزيز شراكتها مع كل من آسيان ومجلس التعاون الخليجي عبر مبادرات مثل مبادرة الحزام والطريق التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ، والتي دعمت مشاريع بنية تحتية كبرى في جنوب شرق آسيا، كما أعلن رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ عن استعداد الصين لإنشاء منطقة تجارة حرة بين الأطراف الثلاثة، مما سيعزز التكامل الاقتصادي ويسهل تدفق السلع والاستثمارات، وأن توجد القمة مشاريع كبرى مثل المناطق الحرة المشتركة أجده أمرًا مهمًا سيدفع بالنمو الاقتصادي في كلٍ من دول الآسيان ودول مجلس التعاون الخليجي وأيضًا الصين.
إن المصالح والأهداف المشتركة هي الضامن الأكيد لنجاح مثل هذا التعاون؛ فالصين بوصفها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تسعى لتوسيع شراكاتها التجارية والاستثمارية في كل من منطقة جنوب شرق آسيا والخليج، وهما منطقتان غنيتان بالموارد الطبيعية وتشهدان نموًا اقتصاديًا عاليًا، وفي المقابل تتطلع دول آسيان ومجلس التعاون الخليجي إلى الاستفادة من السوق الصيني الضخم والتكنولوجيا المتقدمة التي تمتلكها الصين، بالإضافة إلى تنويع شراكاتها الاقتصادية بعيدًا عن الاعتماد التقليدي على القوى الغربية، ومع تحقق هذه المصالح المشتركة سنشهد علاقات أكثر ترابطًا في المستقبل.
وفضلًا عن الجانب الاقتصادي، تحمل هذه القمة دلالات سياسية مهمة؛ ففي عالم تسوده التوترات الجيوسياسية، يمثل تعزيز الحوار والتفاهم المتبادل بين الحضارات المختلفة ضرورة مُلحَّة، وفي هذا الجانب قد أكد رئيس مجلس الدولة الصيني على أهمية "إدارة الخلافات بشكل فعّال من خلال التفاهم المتبادل، واستكشاف مسار جديد للتقدم الشامل لمختلف الحضارات"، وهذه التصريحات تشير إلى رغبة مشتركة في بناء نظام عالمي أكثر توازنًا وتعددية، بعيدًا عن الهيمنة القطبية الواحدة التي باتت عبئًا سياسيًا واقتصاديًا على العديد من دول العالم.
في الختام.. يمكن القول إن القمة الثلاثية في ماليزيا تمثل خطوة مُهمة نحو بناء شراكة استراتيجية متينة بين الصين وآسيان ومجلس التعاون الخليجي، وإن نجاح هذه القمة يعتمد على قدرة الأطراف الثلاثة على تحويل الخطط إلى واقع ملموس، والمؤشرات إيجابية خاصة مع توقعات بأن يتجاوز حجم التجارة بين مجلس التعاون وآسيان والصين 500 مليار دولار بحلول 2030، وهذه الشراكة ليست فقط خطوة نحو تعافي اقتصادات المنطقة؛ بل أيضًا رسالة واضحة بأن العالم لم يعد أحادي القطبية، وأن الشراكة قادرة على صياغة مستقبل أكثر توازنًا، وأجد أن القمة الثلاثية نموذجًا للتعاون في عالم متعدد الأقطاب؛ حيث تبرز قوى جديدة تقودها مصالح مشتركة ورؤى استراتيجية بعيدة المدى، والدرس الأهم هنا هو أن التعاون الإقليمي لم يعد خيارًا؛ بل ضرورة في عالم مليء بالتحديات.
** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية
رابط مختصر