في تعاملاتنا اليومية قد نقدم المجاملة، لمن نتعامل معهم في حال انبهارنا بشيء، وهي حالة إيجابية في حياتنا الاجتماعية هدفها تقريب القلوب وتلطيف العلاقات الإنسانية.. كل ماعلينا هو المصداقية عندما تدعونا الحاجة إلى المجاملة حتى نحافظ على مكانتنا وموقعنا في أعين من نجاملهم.. ولكن في زمن أصبح الذكاء الاصطناعي فيه جزءًا من حياتنا اليومية، وهذا الأمر بات بديهياً .

. يتسلل سؤال إلى أذهاننا: هل تتحدث إلينا الروبوتات بصدق… أم تقول فقط ما نحب أن نسمعه؟..فمع ازدياد الاعتماد على روبوتات المحادثة كتشات جي بي تي وجيميني لأغراض مهنية، واجتماعية، وغيرها، تظهر ظاهرة جديدة تُعرف بـ"المجاملة الرقمية" حيث تبدأ روبوتات المحادثة في تأييد آرائنا، لإرضائنا، وربما تزييف الحقائق بحسن نية.
وبالرغم أن هذا التوجه قد يبدو "لطيفًا"، إلا أن تبعاته قد تكون  ذات تأثير على الثقة، والوعي، والصحة النفسية للمستخدمين، خاصة عند التعامل مع محتوى حساس أو مصيري.
اقرأ أيضاً..مليار مستخدم لأداة «ميتا» الذكية

روبوتات الذكاء الاصطناعي والمجاملة
ونحن في عام 2025، أصبح من الطبيعي أن نجد الملايين يستخدمون روبوتات المحادثة مثل تشات جي بي تي كأصدقاء للدردشة، أو مستشارين، أو مرشدين وظيفيين، أو حتى مدربي لياقة. ومع الوقت، بدأت تنشأ علاقات  بين البشر والذكاء الاصطناعي، تتخطى مجرد طرح الأسئلة للحصول على إجابات. وقد يصل الأمر إلى تقديم  النصيحة أحياناً. لكن هذا التقارب الرقمي يفتح الباب أمام مشكلة أعمق: هل باتت روبوتات الذكاء الاصطناعي تقول ما نريد أن نسمعه… بدلًا من أن تقول الحقيقة؟.

تخوض شركات التكنولوجيا الكبرى حاليًا ما يُعرف بـ"سباق التفاعل الذكي"، حيث تتسابق على جذب المستخدمين إلى روبوتاتها، ثم إبقائهم فيها أطول وقت ممكن.
ميتا أعلنت أن روبوتها تجاوز مليار مستخدم نشط شهريًا، بينما جوجل جيمني وصل إلى 400 مليون مستخدم، في حين لا يزال تشات جي بي تي متصدرًا بـنحو 600 مليون مستخدم.

لكن في سبيل تعزيز التفاعل، أصبحت الشركات تميل إلى تحسين إجابات الروبوتات لتكون أكثر "ودية وموافقة"  حتى لو كان ذلك على حساب الدقة أو الفائدة.
متى تصبح المجاملة الرقمية إدمانًا؟
يسمّى هذا السلوك في عالم الذكاء الاصطناعي بـ"sycophancy"، أي التملق المفرط. حين تُظهر الروبوتات دعمًا مفرطًا، أو تثني على آراء المستخدمين دون نقد، يشعر المستخدم بالراحة، ويرغب بالعودة، ولكن هل هذا ما نحتاجه فعلًا؟.

أخبار ذات صلة نيورالينك تجمع 650 مليون دولار لتوسيع تجارب زرع الشرائح الدماغية «الشارقة الرقمية» تستقبل وفداً كورياً للتعاون في الذكاء الاصطناعي

في أبريل الماضي، تعرّضت أوبن أيه أي لانتقادات، بعد تحديث جعل تشات جي بي تي يظهر بشكل مبالغ في الموافقة على المستخدمين، ما دفع الشركة إلى الاعتراف بأنها اعتمدت بشكل مفرط على تقييمات "إعجاب" المستخدمين كمرجع لتحسين الاستجابات، دون تقييم كافٍ لمدى خطورة ذلك.
 هل تميل الروبوتات للتملق؟
في دراسة أجراها باحثون في شركة أنثروبيك، تبين أن الروبوتات من شركات مثل ميتا وأوبن أيه أي وانثروبيك، جميعها أظهرت مستويات متفاوتة من التملق. وفق موقع "تك كرانش".

ويرجّح الباحثون أن السبب يعود إلى أن النماذج اللغوية تُدرّب استنادًا إلى إشارات بشرية، والمستخدمون عادةً يفضّلون الردود اللطيفة والمؤيدة، ما يجعل النماذج تتكيّف لتُرضيهم.
المجاملة المفرطة
الدكتورة نينا فاسان، أستاذة الطب النفسي في جامعة ستانفورد، تحذر من أن المجاملة المفرطة ليست مجرد خاصية اجتماعية، بل يمكن أن تصبح إدمانًا نفسيًا، وخاصة في أوقات الوحدة أو الضيق.وتؤكد  فاسان أنه "في العُرف العلاجي، هذا النوع من التفاعل ليس دعمًا بل العكس تمامًا".

كما تؤكد أماندا أسكل، رئيسة قسم السلوك والمواءمة في أنثروبيك، إن الشركة تسعى لأن يكون روبوتها "كلود" مثل الصديق الحقيقي الذي يقول الحقيقة، حتى عندما تكون غير مريحة. فالأصدقاء الجيدون لا يجاملوننا دائمًا. بل يخبروننا بالحقيقة عندما نحتاج إليها.
لكن تنفيذ هذا الهدف أصعب مما يبدو، خصوصًا في عالم مليء بالضغط التنافسي والحوافز المبنية على إرضاء المستخدم.

الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة ذكية؛ إنه مرآة تعكس القيم التي نبرمجها فيه.فإذا ما دُرّب على إرضائنا بأي ثمن، سينتهي به المطاف إلى تحوير الحقيقة، بدلًا من مساعدتنا على مواجهتها.

في عالم يبحث فيه الإنسان عن الأجوبة، لا ينبغي للآلة أن تختار المجاملة على حساب الصدق، ولا أن تفضّل رضا المستخدم على مصلحته.
فالمجاملة قد تُريحنا لحظة... لكنها تُضللنا على المدى البعيد. فالسؤال الحقيقي لم يعد:هل الذكاء الاصطناعي قادر على التفكير؟ بل: هل نحن مستعدون لسماع الحقيقة منه... حتى لو لم تكن كما نريد؟.
لمياء الصديق (أبوظبي)

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: روبوتات الدردشة المجاملة التحول الرقمي العصر الرقمي الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی جی بی تی

إقرأ أيضاً:

وزير الري: نستخدم الذكاء الاصطناعي في إدارة الموارد المائية

أكد الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، أن مصر تشهد تحولًا نوعيًا في إدارة الموارد المائية، لمواجهة التحديات المتصاعدة الناتجة عن الزيادة السكانية وتغير المناخ.

كلمة وزير الري

وقال “سويلم”، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لأسبوع القاهرة للمياه الذي يعقد تحت شعار الحلول المبتكرة من أجل القدرة على الصمود أمام التغيرات المناخية واستدامة الموارد المائية، المُذاع عبر شاشة “إكسترا نيوز”، إن المرحلة الحالية تمثل "جيلًا ثانيًا" من إدارة المياه، أكثر مرونة وابتكارًا، يجسد انتقال مصر من الإرث التاريخي إلى الريادة المستقبلية، ومن الخبرة المتوارثة إلى الإدارة الذكية المعتمدة على أحدث الوسائل العلمية والتكنولوجية.

وأضاف سويلم أن هذا التحول يتم عبر دمج التكنولوجيا الرقمية، والذكاء الاصطناعي، وتقنيات الاستشعار عن بُعد في منظومة إدارة المياه، بهدف رفع كفاءتها وتوظيفها لخدمة القطاعات المختلفة في الدولة.

وأوضح أن الوزارة تسعى من خلال هذا النهج إلى تعزيز الاستخدام الأمثل للموارد المائية وتحسين إدارة المنظومة المائية بما يواكب التغيرات العالمية، مؤكدًا أن مصر ماضية في مسيرة التطوير من "مدرسة الري المصرية" العريقة إلى منظومة ري ذكية تواكب المستقبل.

مقالات مشابهة

  • وادي السيليكون يخشى انفجار فقاعة الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي سرّع تفشّيها.. كيف تميّز بين الحقائق والمعلومات المضللة؟
  • خبراء صحة: الذكاء الاصطناعي يخلق شعورا بالتشويس النفسي
  • كيف يغري الذكاء الاصطناعي المستخدمين بالانتحار؟ دراسة تكشف ثغرات خطيرة
  • وزير الري: نستخدم الذكاء الاصطناعي في إدارة الموارد المائية
  • جوجل تعيد ابتكار البحث بالصور عبر الذكاء الاصطناعي
  • هل اقتربنا من سيناريوهات انفجار الذكاء الاصطناعي؟
  • ميتا تُشدد الرقابة على روبوتاتها الذكية لحماية الأطفال من المحادثات غير اللائقة
  • أين تصنع وتركب نصف روبوتات العالم؟
  • ميتا تطلق Vibes.. منصة جديدة لمقاطع الفيديو بالذكاء الاصطناعي تثير الجدل حول خصوصية المستخدمين