الشعر في أفغانستان.. ما تريده طالبان
تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT
يتلو شعراء من طالبان قصائد أمام حشد كبير من المؤيدين أصلاً للحركة، يمتدحون فيها حكّام أفغانستان الذين استعادوا السلطة في كابل عام 2021.
وبالقرب من قاعدة بغرام الجوية المهجورة، وهي مركز سابق لقوات حلف شمال الأطلسي، جمعت السلطات عدداً من الشعراء الذين يغدقون المديح على هذه الإمارة الإسلامية.
ومجّد شاعر يُكنّى بطالب عمر في قصيدته التي قال إنها "هزمت هذا الجبل المليء بالغطرسة" أي القوى الأجنبية التي كانت موجودة في البلاد بين العامين 2001 و2021.
وفي قاعة الاحتفالات الكبرى، كان عشرات الرجال يحملون بنادقهم الآلية ويستمعون إلى القراءات الشعرية التي أقيمت في ولاية بروان (وسط) وكان حضورها محصوراً بالرجال.
أما النساء اللواتي أتين، فيعيد توجيههن نحو المخرج ممثلون عن وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
كابلوقال أحد هؤلاء الشعراء ويدعى سميع الله حماس (22 عاما) لوكالة الصحافة الفرنسية "علينا جميعا أن نكون متحدين ونعيش تحت سقف واحد للنظام الإسلامي ويمدّ بعضنا يده إلى الآخر بروح الأخوّة".
وأضاف الشاب على هامش اللقاء الذي أقيم في حديقة ضخمة تضم المئات من أشجار الأرجوان المزهرة "هذه هي الأفكار التي نعبّر عنها في شعرنا".
وتولّت طالبان مجدداً مقاليد السلطة في كابل قبل نحو 3 سنوات، ومنذ توليها أوقفت بعض وسائل الإعلام، وغالباً ما تُمسَح الوجوه من اللوحات الإعلانية بالمدن، وغابت تقريباً الصناعة السينمائية والتلفزيونية المحدودة بالأساس، ولم تعد المسلسلات موجودة، وأقفلت دور السينما كلها تقريباً.
لكنّ الشعر بقي أحد المجالات الفنية النادرة التي يحاول الإفادة منها بطريقة جديدة حُكّام أفغانستان.
فشغف الأفغان بالشعر مستمر منذ قرون، وهو عابر للزمن والانقسامات العرقية واللغوية.
وتحظى قصائد "لانداي" في التقليد البشتوني، و"روباي" في التقليد الداري، بشعبية كبيرة منذ زمن طويل، وهي قصائد قصيرة جداً، يسهل حفظها.
وتتمحور هذه القصائد على الحب والإسلام و"التمرد" واستخدمتها النساء مثلاً في عهد طالبان للتعبير عن غضبهن من الإجراءات التي تعرّضن لها.
ومن خلال تنظيم قراءات شعرية، تحاول حكومة طالبان كسب "القلوب والعقول" على ما رأت روكسانا شابور، من شبكة المحللين "أفغانستان أناليستس نتوورك".
وشرحت أن سلطات كابل تريد تكوين "تماسك ثقافي" لكي تثبت من خلاله أن "أفغانستان لجميع الأفغان" بعدما غادرت القوات الأجنبية البلاد.
"حب وسلام"ولاحظ محمد عليم بسميل، وهو شاعر أفغاني معروف، أن الشعراء "أدّوا دوراً مهماً في انتصار" طالبان، إذ إن "قصائدهم كانت تنتشر على نطاق واسع" حتى خارج صفوف طالبان.
واستخدمت طالبان الشعر لتحفيز مقاتليها خلال المواجهات مع القوات الأجنبية في البلاد.
وجاء مثلاً في قصيدة نظِمت عام 2008:
"الهجمات على العدو مصدر فرح
البنادق في أيدينا وأحزمة الرصاص على أكتافنا،
والقنابل اليدوية على صدري تبعث على السرور".
وقال مدير إدارة الإعلام والثقافة في بروان، شمس الحق صدّيقي، إن "القصائد القديمة كانت تشيد ببطولة مجاهدينا ورجولتهم، وهذا ما حفزهم".
ورأى أن المواضيع اليوم مختلفة جذريا، إذ إن الشعراء يجدون أنفسهم "في بيئة سلام" ويلقون أبياتاً عن "الأخوة والمحبة ووحدة الأمة".
لكنّ النساء مستبعدات من هذه التجمعات.
وما كان من شاعرة أفغانية، أجبرتها طالبان على البقاء في منزلها كالنساء الأخريات، إلا أن حملت قلمها لتروي قصة مختلفة تماماً، فكتبت:
"أريد العزلة، والابتعاد عن الجميع،
أن أتحرر من كل الأحزان،
أن أتنفس من جديد وأتوه،
أن أصبح هادئة وتكون روحي مفعمة بالضياء".
وقالت هذه الشاعرة الشابة -لوكالة الصحافة الفرنسية- طالبة عدم ذكر هويتها بينما تقوم بنشر قصائدها عبر تطبيق واتساب "عندما أرى شعراء طالبان يتلون القصائد، أشعر بالغضب".
وأضافت "عليهم إما أن يسمحوا لنا بإلقاء الشعر ونشره، أو ألا يتلوا القصائد بدورهم".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
الشارقة.. جسر ثقافي بين أفريقيا والعالم العربي
الشارقة (الاتحاد)
أكّد منسقو ملتقيات الشعر في أفريقيا أن دعم الشارقة المتواصل للأنشطة الأدبية في القارة، ساهم في إحداث نقلة نوعية في المشهد الثقافي الأفريقي، من خلال مشاريع ثقافية رائدة، أعادت للغة العربية وللشعر العربي حضورهما القوي في الحياة العامة، وفتحت آفاقاً جديدة للتبادل الثقافي بين المبدعين الأفارقة والعالم العربي، وأجمع هؤلاء أن الشارقة أصبحت ديوان العرب في حفظها التراث الثقافي العربي، ودعم ركائزه التاريخية. ففي وقت يشهد فيه الشعر العربي عزلة في بعض البلدان الأفريقية، جاءت مبادرات الشارقة، برؤية ثقافية استشرافية، لتعيد الاعتبار للأدب العربي بوصفه وعاءً للهوية، وأداة للحوار، ومنصة للتعبير الإنساني.
وأشار المنسقون إلى أن هذه الرؤية المتمثلة بملتقيات الشعر العربي في أفريقيا، التي أرسى دعائمها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أسهمت في تأسيس مرحلة ثقافية جديدة في أفريقيا، ما منح مئات الشعراء فرصاً للظهور، والتوثيق، والنشر، ضمن مشاريع متكاملة ترعاها، وتشرف على تنفيذها دائرة الثقافة في الشارقة، بالتعاون مع مؤسسات ثقافية محلية في كل بلد.
وتحدث المنسقون في تسع دول أفريقية، هي: مالي، وتشاد، وغينيا، والنيجر، ونيجيريا، وجنوب السودان، ونيجيريا، وبنين، وساحل العاج، عن آخر الاستعدادات للدورة الرابعة التي ستنطلق أولى فعالياتها بدءاً من الشهر الحالي، وذلك من حيث عدد الشعراء، والفعاليات الثقافية المصاحبة للملتقيات.
إحياء اللغة
من جانبه قال د. عبد القادر إدريس ميغا، منسق ملتقى الشعر العربي في جمهورية مالي، إنّ مبادرة الشارقة لدعم الشعر العربي في أفريقيا تُعد من المبادرات الرائدة التي تعكس رؤية حضارية واسعة لصاحب السمو حاكم الشارقة، في دعم الثقافة العربية أينما وُجدت، مؤكداً أن المشروع لم يكن مجرد تظاهرة شعرية، بل أصبح منصة حقيقية لإحياء اللغة العربية في بيئات ناطقة بها تاريخياً، كما ساهم في تعزيز مكانة الشعر بوصفه رافعة ثقافية، مشيراً إلى أن الملتقيات أحدثت في مالي نشاطاً ثقافياً غير مسبوق، وأعادت الاعتبار للأدب العربي في بلدٍ يتقاطع فيه العمق الأفريقي بالتراث العربي الإسلامي.
بلورة وتجدّد
لفت د. أحمد أبو الفتح عثمان، منسق ملتقى الشعر العربي في تشاد، إلى أن رعاية الشارقة للشعر العربي في أفريقيا، تمثل نموذجاً ناصعاً للتكامل الثقافي العربي، وتؤكد الدور الريادي الذي تضطلع به الشارقة بقيادة صاحب السمو حاكم الشارقة، في دعم الثقافة واللغة العربية على امتداد الجغرافيا الناطقة بالعربية وخارجها.
وأضاف: «أسهمت الملتقيات الشعرية التي تنظمها دائرة الثقافة بالشارقة في بلورة مشهد ثقافي متجدد، حيث وفرت فضاءات للإبداع والتلاقي، وأعادت الاعتبار للشعر بوصفه أداة للتعبير والوعي وبناء الهوية».
تشجيع عميق
أما الدكتور كبا عمران، منسق الشعر العربي في غينيا، فقال: «نشعر أن الشعر العربي الأفريقي بدأ يتنفس بأريحية جديدة، لأنه يستشعر بتقدير خارجي وشرف كبير من بلد عربي، ومن حاكم له مكانته في العالم العربي هو صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وهو تشجيع عميق لهذا الشعر الذي ظل غائباً لمدة طويلة في الساحة الثقافية الأفريقية».
وأشار إلى أن الدورة الرابعة ستضم كثيراً من الشعراء الجدد الذين يريدون المشاركة، موضحاً أن المشاركة كانت تقتصر على شعراء منطقة العاصمة، أما الآن فيشارك شعراء من جميع أقاليم غينيا، بل يأتي إليها من خارج غينيا من الراغبين في المشاركة.
تجليات جمالية
وأكد الدكتور آمدو علي إبراهيم، المنسق الثقافي في النيجر، الدور المحوري للشارقة قائلاً: «إن الشارقة عاصمة ثقافية ما زالت تحتفي بصدى الشعر على مدار الأعوام بسعي جميل من صاحب السمو حاكم الشارقة، رعاه الله. ولا ريب أن مبادرة ملتقيات الشعر العربي في أفريقيا كانت رحلة أدبية موفقة منذ خطوتها الأولى. يتجلى ذلك في الأثر الكبير الذي راكمته الملتقيات في أفريقيا منذ انطلاقها في دورتها الأولى إلى يومنا الحاضر، وهي اليوم تزداد حضوراً وامتداداً، معلنة بذلك تميزها في الحقل الثقافي والأدبي في البلاد».
إثراء وتمكين
قال د. عمر آدم، منسق ملتقى الشعر العربي في نيجيريا، إن دعم ورعاية الشارقة للشعر العربي في أفريقيا، بتوجيهات كريمة من صاحب السمو حاكم الشارقة، ساهم في إثراء المشهد الثقافي في القارة بشكل كبير. ومن خلال ملتقيات الشعر العربي، عززت الشارقة تقديراً أعمق للغة العربية وتقاليدها الأدبية في مختلف الدول الأفريقية، بالإضافة إلى أن هذا الدعم والرعاية مكّنت الكثير من الشعراء من تطوير أدواتهم الشعرية والارتقاء بنصوصهم، متجاوزين الأساليب التقليدية نحو آفاق الحداثة والتجديد، بما يواكب الحراك المعاصر في المشهد الشعري العالمي.
خارج الحدود
قال د. بامبا ايسياكا، منسق ملتقى الشعر العربي في ساحل العاج، إن المشروع الثقافي الذي ترعاه الشارقة يتجاوز الحدود الجغرافية واللغوية، ويعمل على تمكين المبدعين الحقيقيين أينما وجدوا، من خلال الرعاية المستدامة، والانفتاح على الأصوات الجديدة، والتكامل بين الفعل الإبداعي والنقدي.
وأشار إلى أن مبادرة ملتقيات الشعر العربي في أفريقيا تُمثّل نموذجاً يُحتذى به في التعاون الثقافي، وتؤكد أن الشعر ما زال يحتفظ بقدرته على بناء الجسور، وإعادة تشكيل الوعي.
امتداد ثقافي
قال د. محمد ماج رياك، منسق ملتقى الشعر العربي في جنوب السودان، إن دعم ورعاية الشارقة للشعر العربي في أفريقيا يمثل امتداداً لرؤية ثقافية عربية شاملة تؤمن الإبداع وتعدد تجلياته، ويُسهم في إعادة الاعتبار للكلمة الشعرية كأداة للتعبير عن الهوية والذاكرة الجمعية، مبرزاً أن الملتقيات الشعرية التي نُظمت بدعم من الشارقة شكّلت إضافة نوعية للمشهد الثقافي المحلي.
وأضاف حول الدورة الرابعة من الملتقى: «لقد حرصنا هذا العام على توسيع دائرة المشاركة لتشمل أصواتاً شعرية من مختلف الأجيال والمدارس، إضافة إلى حضور لافت من جمهور نوعي ومتذوق. أما الفعاليات المصاحبة، فستشمل ندوات نقدية وورشًا أدبية ولقاءات حوارية تعزز من تفاعل الجمهور مع الشعراء».
دعم وتكريس
قال د. إبراهيم أوغبون، منسق ملتقى الشعر العربي في بنين: «لا يمكن الحديث عن راهن الشعر العربي في أفريقيا دون التوقف عند الدور اللافت الذي تلعبه الشارقة، من خلال مبادراتها الثقافية الهادفة إلى دعم الكلمة، وتكريس حضورها في الفضاء العام. لقد تحوّلت هذه الرعاية من مجرد دعم إلى مشروع ثقافي متكامل، إذ يمنح المنصات الأدبية في القارة دفعة جديدة. الملتقيات الشعرية التي أقيمت برعاية الشارقة، لم تكن مجرّد تظاهرات موسمية، بل أصبحت رافعة حقيقية للمشهد الشعري، وموئلاً للحوارات والتجريب، ومساحة مفتوحة أمام الشعراء والجمهور على حد سواء».