شبكة اخبار العراق:
2025-12-14@02:20:06 GMT

في غياب الدولة تضيع الشعوب

تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT

في غياب الدولة تضيع الشعوب

آخر تحديث: 22 ماي 2024 - 9:06 صبقلم:فاروق يوسف جاء قرار تحطيم الدولة العراقية الذي اتخذه الحاكم المدني الأميركي بول بريمر منسجما مع مبادئ وتطلعات الأحزاب الطائفية الشيعية التي وقفت مع الاحتلال. ولم تكن جماعة الإخوان المسلمين بنسختها العراقية أفضل في تعاملها مع ذلك القرار الذي وضع حدا لجهود مضنية بذلتها أجيال من العراقيين في بناء تلك الدولة الحديثة.

ذلك ما كان الأميركان على دراية به وهو ما يخدم مشروعهم القاضي بتدمير العراق حاضرا ومستقبلا. فعراق من غير دولة لن تقوم له قائمة ولن يستعيد مكانته على خارطتي الشرق الأوسط والعالم العربي، ناهيك عن صورته في العالم. قد يظن البعض خطأً أن الأمر التبس علي حزبيي الإسلام السياسي بحيث تحوّل عداؤهم للنظام السياسي إلى عداء للدولة. ذلك ليس صحيحا. فالدولة باعتبارها كيانا مؤسساتيا كانت هي المقصودة كونها تتعارض مع مبدأ الحاكمية الذي أعلى الإخواني سيد قطب من شأنه وصار جزءا من المنطلقات النظرية للإخوان كما لكل الأحزاب الدينية التابعة لإيران وقبلها المرجعيات الدينية الإيرانية. وإذا ما اعتبرنا ذلك المبدأ نوعا من النفاق السياسي الذي يهدف إلى إخفاء الواقع فإن العداء للدولة يعود في حقيقته إلى أن المؤسسة الدينية تزدهر في ظل ضعف الدولة، أما حين تكون الدولة قوية فإنها تنزوي جانبا. ذلك ما حدث في مختلف العصور التي مرّت بها الدولة العربية الإسلامية. التقت المصلحة الأميركية بمبادئ جماعات الإسلام السياسي التي وجدت في الغزو الأميركي باباً تطل من خلاله على مستقبل ستكون فيه هي سيدة الموقف في النظام وفي الفوضى. وليس المقصود بالنظام هنا العودة إلى مبادئ العمل المؤسساتي بل العمل السياسي في أجواء مستقرة نسبيا. وهو ما عاشه العراق بعد سنوات طويلة من الاضطراب الذي لا تزال معادلاته ممكنة الاستعادة في أيّ لحظة. يمكن لمقتدى الصدر على سبيل المثال أن يقلب الطاولة على الجميع حين يريد ولو كانت هناك دولة لما استطاع القيام بذلك. منذ أكثر من عشرين سنة والعراق من غير دولة. وهو حدث غير مسبوق في التاريخ السياسي الحديث في العراق. لقد حافظ الانقلابيون في 1958 و1963 و1968 على الدولة التي كانت قائمة منذ عشرينات القرن العشرين. كانت تلك الدولة هي الحاضنة التي استطاعوا من خلالها تنفيذ مشاريعهم في الهدم والبناء على حد سواء. لم يؤثّر التقاتل الحزبي على الدولة ولم يمسّها بضرر. ظلت الدولة قائمة بعيدا عن المعدلات السياسية التي تتحكم بشكل الحكم. أما وقد سقطت الدولة فقد حل النظام السياسي محلّها. ولأنه كيان يتألف من مواد سائلة فلم يعد القانون قادرا على استيعاب تحولاته والتحكم بمساراته. حين اختفت الدولة اختفى العراق. تلك هي المعادلة التي تحلم بالوصول إليها كل تنظيمات الإسلام السياسي. ولو قُدر للإخوان المسلمين أن يستمروا في حكم مصر لكانت الدولة المصرية التي حافظ عليها النظام الجمهوري قد تم تحطيمها ولالتحقت مصر بالعراق. ولكن حركة النهضة نجحت في تدمير دولة بورقيبة في تونس. فعن طريق التخلص من دولة بن علي تم الانقضاض على الدولة المدنية التي أقامها الحبيب بن بورقيبة وحافظ عليها زين العابدين بن علي. كلما حاول الرئيس قيس سعيد العودة بتونس إلى مسار الدولة يصطدم بمظاهر الفوضى التي صار الكثيرون في غياب الدولة يعتبرونها نوعا من الديمقراطية. وما لم تكن هناك دولة فلا وجود لميزان. كان من الممكن أن تضيع مصر لو أن الإخوان استمروا في مشروع دولتهم. أما في تونس وقد تمكنت منها حركة النهضة فلم يكن من الصعب أن تضيع الدولة. لقد تم تذويبها في سياق قوانين أفرطت في تمجيد الانتقام منها بحجة المراجعة التاريخية. ما جرى يكشف عن أنه كانت هناك رغبة لتذويب دولة بورقيبة والانتهاء منها. في العراق أنهى المحتل الأميركي الدولة باعتبارها دولة صدام حسين. ذلك ما فعلته حركة النهضة حين اعتبرت الدولة التونسية دولة بن علي. المفارقة أن قيس سعيد رجل قانون وهو لا يجرؤ على مكاشفة شعبه بحقيقة أن دولتهم ماتت.الفجيعة واحدة في كل البلدان التي تعرضت لهزات اقتلعت الدولة فيها من أساسها. فلا اليمن ولا ليبيا ولا العراق ولا تونس ستتمكن من استعادة الحياة الطبيعية ما لم تبن فيها دولة جديدة على أنقاض الدولة التي هُدمت. ذلك ما يستغرق زمنا طويلا. هذا إذا توفرت الإرادة الوطنية المستقلة والحرة.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: ذلک ما

إقرأ أيضاً:

مرسوم بقانون اتحادي بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون اتحادي في شأن مجهولي النسب

أصدرت حكومة الإمارات مرسوماً بقانون اتحادي رقم (12) لسنة 2025 بتعديل بعض أحكام قانون مجهولي النسب، في خطوة تعكس التزام دولة الإمارات بتعزيز منظومة حماية الطفل وترسيخ مبدأ «المصلحة الفضلى للطفل» بوصفه الأساس الذي تُبنى عليه جميع القرارات المتعلقة برعايته وتنشئته.
ويأتي إصدار المرسوم بقانون انسجاماً مع نهج دولة الإمارات في تطوير التشريعات المتعلقة بحماية الطفولة وتمكين الطفل، وبما يواكب المتغيرات المجتمعية، ويضمن توفير بيئة أسرية مستقرة وآمنة تلبّي احتياجات الطفل النفسية والتعليمية والصحية والاجتماعية.
ويعكس المرسوم بقانون توجهات دولة الإمارات لبناء منظومة متكاملة ومتقدمة تكفل الرعاية الشاملة للأطفال مجهولي النسب، وتحمي حقوقهم، وتضمن لهم بيئة أسرية آمنة، وتُعزز اندماجهم الإيجابي في المجتمع، وتصون خصوصيتهم، وتحفظ هويتهم.
وتؤكد التعديلات أن الحضانة تُمنح للأسر المقيمة في دولة الإمارات وفق شروط محددة، وفي مقدمتها تقديم الطلب من الزوجين معاً وألّا يقل سن أي منهما عن 25 عاماً، بما يضمن توفر النضج والمسؤولية والقدرة على تقديم الرعاية اللازمة الطفل، واستيفاء متطلبات التنشئة السليمة ضمن بيئة أسرية مستقرة وآمنة.
كما تُحيل التعديلات إلى اللائحة التنفيذية تحديد معايير وضوابط الإقامة داخل الدولة، بما يضمن اتساق بيئة الأسرة الحاضنة مع المعايير المعتمدة، وتوفير أفضل مستويات الرعاية للمحضون. ويضع المرسوم بقانون إطاراً شاملاً يُنظّم دور الأسرة الحاضنة ومسؤولياتها في الرعاية والتعليم والمتابعة الصحية والنفسية، ويُلزمها بضوابط واضحة تحمي مصلحة الطفل، وتضمن الحفاظ على خصوصيته، وصون هويته.

 

أخبار ذات صلة الإمارات تعزز مكانتها مركزاً عالمياً للتمويل الحديث والأصول الرقمية تسلم كأس «الفورمولا-1».. نوريس يعيش «حلم الطفولة»!

وفي إطار توسيع خيارات الحضانة بما يحقق مصلحة الطفل، وانسجاماً مع توجهات الدولة في دعم دور المرأة الاجتماعي، وتعزيز مشاركتها في منظومة الرعاية الأسرية، جاءت التعديلات لتتيح للمرأة المقيمة في الدولة حضانة الطفل مجهول النسب وفق شروط محددة، تشمل الإقامة داخل الدولة، وألّا يقل سنّها عن 30 عاماً، إضافة إلى قدرتها على إعالة نفسها والمحضون مادياً، وبما يضمن توفير أفضل الظروف للرعاية، ويمنح المرأة المؤهلة فرصة للقيام بدورها الاجتماعي والإنساني.
كما تضمنت التعديلات اعتماد آليات واضحة للمتابعة والتقييم الدوري، سواءً للأسر الحاضنة أو للمرأة الحاضنة، من خلال لجنة مختصة تتأكد من جودة الرعاية واستمراريتها، وتضمن تعزيز مسؤولية الأسرة والمرأة تجاه الطفل، واتساق بيئة الحضانة مع المعايير المعتمدة، بما يحقق المصلحة الفضلى للمحضون، ويحافظ على استقراره ونموه المتوازن.
وفي حال فقدان أي من شروط الحضانة أو الإخلال بالالتزامات المنصوص عليها في المرسوم بقانون، تُجيز التعديلات سحب المحضون من الأسرة أو المرأة الحاضنة لضمان حماية الطفل والحفاظ على سلامته وحقوقه.
كما تمنح التعديلات اللجنة المختصة صلاحية وضع خطة تصحيحية في حال كان الإخلال غير جسيم، بحيث تُلزم الأسرة أو المرأة الحاضنة بتنفيذها وفق الضوابط والشروط والمدد الزمنية المحددة، بما يضمن استمرار رعاية الطفل في بيئة آمنة ومستقرة تلبي احتياجاته، وتدعم نموه السليم.
وتؤكد هذه التعديلات حرص دولة الإمارات على تطوير منظومة حماية الطفل بما يعكس قيمها الاجتماعية والإنسانية، ويُعزز مبادئ العدالة والرحمة والتمكين الأسري، ويُترجم التزام الدولة بتمكين الأطفال مجهولي النسب من حياة كريمة تكفل لهم الاندماج الإيجابي في المجتمع، وتُوفر لهم فرصاً متكافئة للنمو والتعلم ضمن بيئة أسرية آمنة ومستقرة تراعي احتياجاتهم النفسية والاجتماعية والتعليمية.
وتأتي هذه الجهود ضمن مسار شامل تتبناه الدولة لحماية حقوق الطفل وتعزيز جودة حياته، وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة، بما يُرسّخ مكانة دولة الإمارات نموذجاً عالمياً في الرعاية والحماية الاجتماعية والإنسانية.

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • عبر الخريطة التفاعلية.. ما أهمية المنطقة التي وقع فيها كمين تدمر؟
  • أول تسجيل صوتي للفنانة عبلة كامل بعد غياب سنوات.. "اتعالجت على نفقتي الخاصة"
  • رئيس وزراء العراق: بعثة الأمم المتحدة كانت شريكا حيويا وأسهمت في تثبيت المسارات الدستورية
  • 192 دولة.. العراق ينضم إلى تحالف عالمي لمكافحة الفساد
  • مدبولي يؤكد دعم الدولة لمختلف المشروعات الثقافية المتنوعة التي تستهدف تقديم الخدمات خاصة للشباب والنشء
  • مرسوم بقانون اتحادي بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون اتحادي في شأن مجهولي النسب
  • خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة
  • الإمارات تتضامن مع العراق وتعزي في ضحايا الفيضانات والسيول في إقليم كردستان
  • العزّوني ينتقد الحكومة: فرص تاريخية تضيع واعتراف بخطأ تشريعي
  • القضاء الأعلى يوبخ مسؤولًا بعد كتاب عن إسقاط النظام السياسي في العراق