جميعنا نولد بنفس القدرات والإمكانات الذهنية والعقلية إلا فيما ندر ،وذلك نتيجة الإصابة بالأمراض أو الإعاقة ، ثم تتولى النظم التربوية والبيئة الإجتماعية وأساليب وطرق التعليم والعادات والتقاليد ، إعادة تشّكيل الشبكات العصبية في أدمغتنا ،وبالتالي تتشكّل القدرات الذهنية لدينا ونحن أطفال ،ونصبح منطلقين ومنفتحين أو منعزلين نمطيين ، ومنا من يمتطي الصعاب ويختار التجربة والإقدام والمجازفة والمخاطرة ونحقق النجاحات والمعجزات، وبالتالي يطلق علينا صفة المبدعين.
الكاتب والشاعر والموسيقي والفنان التشكيلي والمخرج السينمائي والرؤساء التنفيذيين الخ ، هؤلاء المبدعون لا يمكنهم تقييم أعمالهم وتقرير نجاحاتهم قبل إكتمالها أو إنجازها ونشرها، وإذا ما قام المبدع بعمليات التقييم لأعماله قبل إنجازها، فإنه لن يحقق الإبداع في الرؤية والفكر والإنتاج .
لذلك يجب على الوالدين أن يتفقا على أن يمنحا أطفالهما مساحة كافية: مكانية وزمنية ، لمحاولات التجربة والمخاطرة لتنمية مواهبهم وقدراتهم الإبداعية حتي لو نتج عن تلك المحاولات الفشل تلو الفشل وعدم تحقيق الهدف، حيث يجب أن لايثنينا هذا الفشل عن مواصلة الجهد والإصرار على أخذ المخاطرة سبيلاً ومنهاجاً للنجاح والإبداع في مناشط الحياة .
الإخفاق أو الفشل والإصرار والمخاطرة ،هم الوقود الدافع للإبداع والنجاح ، بل تقدم البشرية كلها يعتمد على المخاطرة وإحتمالية الفشل ، حيث أن الإعتقاد بأن المحاولة التالية ستكون هي النجاح ،وأن لديك فكرة أو رؤية جيدة ، وأنه في حالة الفشل سينتهي الأمر ببعض الإنتقاد أو الملامة أو الشكوك ، وفي أحسن الأحوال ستجد من يحفزك ويوجه إليك بعض النصائح الإيجابية لمواصلة الطريق ، حتماً ستقودك تلك المحاولات للإنجاز أو إبداع جديد غير متوقع أو مخطط له .
وأخيرا ، النجاح يقود الى المكافأة والتكريم وركوب الصعاب يحتاج الى الإقدام والممارسة وكل ذلك يتطلب تبنّي ذهنية الإعتقاد بأن الفشل ليس نهاية العالم بل هو قيمة عظيمة لبناء المستقبل .
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
لماذا نجحوا؟
البعض اكتفى بتسليط الضوء على خروج المنتخب المصرى من البطولة العربية المقامة فى قطر، معتبراً أن تلك هى النقطة السلبية الوحيدة التى تستحق الوقوف أمامها. نعم... هناك أخطاء كثيرة ومتكررة، ولا أحد ينكر ذلك، لكن التركيز على السلبية وحدها يجعلنا نغفل مشهداً أكبر كثيراً، وربما أهم.
هناك أمور أخرى علينا أن نتوقف أمامها طويلاً... بل نتأملها بجدية كأننا نفتح كتاباً جديداً فى الإدارة الرياضية الحديثة.
أبرز هذه الأمور هو التنظيم الدقيق لكل خطوة داخل البطولة، داخل الملعب وخارجه، تنظيم يجعلك تشعر بأنك أمام بطولة عالمية مكتملة الأركان، وليست مجرد بطولة عربية. كل تفصيلة محسوبة... كل حركة لها منطق... كل عنصر فى مكانه الصحيح.
النقل التليفزيونى بدا لافتاً، إخراج عالمى، كاميرات من كل زاوية، إعادة فورية، التقاط لردود أفعال الجماهير، ومشاهد حية من داخل وخارج الملعب، كأنك تعيش التجربة لا تشاهدها فقط.
أما استوديوهات التحليل، فكانت مختلفة بحق، فالضيوف لديهم ما يقال، والمحللون يتحدثون بلغة كرة القدم لا بلغة المجاملات، والمعلقون كذلك كانوا جزءاً من المشهد العام... إنه مشهد احترافى.
والملاعب؟ كانت وحدها قصة تستحق الدراسة. ملاعب تبهج العين وتمنح اللاعبين الرغبة فى العطاء. ليس سراً أن الأداء المرتفع لأغلب المنتخبات كان نتيجة مباشرة لبيئة لعب صحية ومحفزة.
هنا يتولد السؤال الحقيقى:
لماذا نجحت البطولة التى تنظمها قطر؟
هل لأنها اختارت طريق النجاح منذ البداية؟ هل لأنها وضعت الرجل المناسب فى المكان المناسب؟ هل لأنها استبعدت كل من يمكنه تعطيل المنظومة؟ أم لأنها قررت ببساطة أن النجاح ليس رفاهية... بل مشروع إدارى كامل؟فقررت أن تفعل كل شىء من أجل النجاح.
البطولة نجحت لأنها احترمت المعنى الحقيقى للبطولة، واحترمت جمهورها، واحترمت الرياضة ذاتها.
ونحن... علينا أن ندرس هذا النجاح، نفتش فى أسبابه، ونعيد ترتيب أوراقنا، وننظر بجرأة إلى ما يلزم تغييره.
الخسارة ليست نهاية العالم... لكن تجاهل دروس النجاح من حولنا هو الخسارة الحقيقية.