حدد العلماء التغيرات الجينية المسببة لاضطرابات مناعية نادرة في مرحلة الطفولة، تترك الأطفال يعانون من انخفاض الدفاع المناعي ضد العدوى.

وفي الدراسة الجديدة التي أجريت على 11 مريضا، تمكن باحثون من جامعة نيوكاسل ومعهد ويلكوم سانجر ومستشفى غريت نورث للأطفال والمتعاونون معهم، من ربط الطفرات في جين NUDCD3 بعوز المناعة المشترك الشديد ومتلازمة أومين، وهي حالة نادرة ومهددة للحياة من اضطرابات نقص المناعة.

ومنعت هذه الطفرات التطور الطبيعي للخلايا المناعية المتنوعة اللازمة لمكافحة مسببات الأمراض المختلفة.

وتفتح النتائج التي نشرتها مجلة Science Immunology، فرصا للتشخيص المبكر والتدخل لهذه الحالة.

ويعد عوز المناعة المشترك الشديد (SCID) ومتلازمة أومين من الاضطرابات الوراثية النادرة التي تترك الأطفال دون جهاز مناعي فعال ومعرضين لخطر الإصابة بالعدوى التي تهدد حياتهم.

ومن دون علاج عاجل، مثل زرع الخلايا الجذعية لاستبدال الجهاز المناعي المعيب، فإن العديد من المصابين لن يعيشوا عامهم الأول.

وفي حين أن طرق فحص حديثي الولادة يمكن أن تشير إلى نقص الخلايا التائية، فإن معرفة السبب الوراثي المحدد تزيد من الثقة في تشخيص مرض عوز المناعة المشترك الشديد وتحدد اختيار العلاج اللازم.

وفي الوقت الحالي، ما يزال هذا بعيد المنال بالنسبة لواحدة على الأقل من كل 10 أسر متضررة.

وفي هذه الدراسة الجديدة، قام باحثون من جامعة نيوكاسل ومعهد ويلكوم سانجر والمتعاونون معهم بدراسة 11 طفلا من أربع عائلات، اثنان منهم مصابان بعوز المناعة المشترك الشديد بينما كان التسعة الآخرون يعانون من متلازمة أومين.
وقد ورث جميعهم طفرات عطلت وظيفة بروتين NUDCD3 والذي لم يكن مرتبطا سابقا بالجهاز المناعي.

وباستخدام دراسات تفصيلية للخلايا المشتقة من المريض ونماذج الفئران، أثبت الفريق أن طفرات NUDCD3 تضعف عملية إعادة ترتيب الجينات الحاسمة التي تسمى إعادة التركيب V(D)J، وهي ضرورية لتوليد مستقبلات الخلايا التائية المتنوعة والأجسام المضادة اللازمة للتعرف على مسببات الأمراض المختلفة ومكافحتها.

وفي حين أن الفئران بنفس طفرات NUDCD3 كانت تعاني من مشاكل مناعية أخف، واجه المرضى من البشر عواقب وخيمة تهدد حياتهم. ومع ذلك، نجا مريضان بعد تلقيهما عملية زرع خلايا جذعية، ما يعزز أهمية التشخيص والتدخل المبكر.

وقالت الدكتورة جوسيا ترينكا، مؤلفة الدراسة في معهد ويلكوم سانجر والمديرة العلمية في منظمة Open Targets: "بالنسبة للأطفال الذين يولدون مصابين بنقص المناعة الشديد الخطورة، فإن الاكتشاف المبكر يمكن أن يعني الفرق بين الحياة والموت. فهذه الأمراض تترك الأطفال حديثي الولادة بلا حماية بشكل أساسي ضد مسببات الأمراض التي يمكن لمعظمنا صدها بسهولة. إن تحديد هذا الجين المرضي الجديد سيساعد الأطباء على إجراء تشخيص جزيئي سريع للمرضى المصابين، ما يعني أنه يمكنهم تلقي العلاجات المنقذة للحياة بسرعة أكبر".
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الدفاع المناعي جامعة نيوكاسل المناعة

إقرأ أيضاً:

بين قتل الطفولة في غزة… وتفكيك مخيمات الضفة

منذ اللحظة الأولى لحرب الإبادة التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، بدا واضحًا أن الهدف يتجاوز “الردع العسكري” أو “تصفية المقاومة” كما يحاول الترويج له. فالعدوان، بكل ما فيه من عنف مفرط وقصف عشوائي ومجازر جماعية، سرعان ما كشف عن نوايا أبعد من ذلك: إنهاء القضية الفلسطينية من جذورها، عبر تدمير مرتكزاتها الإنسانية والديمغرافية والاجتماعية.

الطفولة هدف مباشر في استراتيجية الإبادة
من المثير للذهول – لا للدهشة – أن الأطفال الفلسطينيين باتوا الهدف الأبرز في حرب الاحتلال على غزة. لم يعد الأمر “أضرارًا جانبية” كما تدّعي الرواية الإسرائيلية، بل سياسة ممنهجة لإبادة جيل كامل.

فبحسب منظمات حقوقية، قُتل آلاف الأطفال منذ بداية الحرب، ودُمّرت مئات المدارس ورياض الأطفال والمرافق الصحية المخصصة للصغار. وأمام هذا الواقع، يصبح من المشروع التساؤل: ما الذي يدفع قوة نووية إلى استهداف مَن لم يتجاوزوا العاشرة من أعمارهم؟

الإجابة تُشير إلى بُعد استراتيجي خطير: الاحتلال يسعى إلى تدمير الوعي الفلسطيني منذ الطفولة، وإبادة أي فرصة لولادة جيل جديد قادر على حمل الراية والمطالبة بالحق.

الضفة الغربية: تهجير قسري بصمت دولي
بينما تتجه أنظار العالم إلى الدمار الهائل في غزة، تعمل إسرائيل في الضفة الغربية بخطة صامتة لكن شديدة الخطورة. هناك، لا يُستخدم القصف الجوي، بل أدوات أكثر هدوء لكنها لا تقل دموية: التهجير القسري، تفكيك المخيمات، مصادرة الأراضي، خلع الأشجار، وبناء الطرق الالتفافية التي تُقسّم الضفة وتحوّلها إلى كانتونات متناثرة.

في الأسابيع الماضية فقط، تم تهجير مئات العائلات الفلسطينية من تجمّعاتها البدوية والزراعية، خاصة في مناطق الأغوار وجنوب الخليل، بذريعة التدريبات العسكرية أو البناء دون ترخيص. وفي الوقت ذاته، تواصل السلطات الإسرائيلية سياسة تفكيك مخيمات اللاجئين – كرمز تاريخي للنكبة – لتحويلها إلى أحياء بلا ذاكرة وطنية، في محاولة لمسح رمزية اللجوء والتهجير.

غزة تحترق والضفة تنزف… ماذا بعد؟
الجريمة الكبرى التي ترتكب اليوم في فلسطين ليست فقط في عدد الضحايا، بل في سعي الاحتلال إلى تغيير الواقع الجغرافي والسكاني بشكل نهائي. إسرائيل لا تكتفي بقتل البشر، بل تسعى لمحو معالم الوجود الفلسطيني: من شطب المخيمات في الضفة، إلى تدمير العائلات في غزة، مرورًا بسياسات التجويع والحصار والإرهاب النفسي والجسدي.

ما يجري ليس صراعًا عسكريًا، بل محاولة هندسة ديمغرافية شاملة تهدف إلى تفريغ فلسطين من أهلها، أو – على الأقل – من قدرة أهلها على الحياة والاستمرار.

سياسة واحدة بوجهين… الرصاصة والجرافة
يظن الاحتلال أن بإمكانه ترويض الفلسطيني عبر نوعين من العنف: في غزة، الرصاصة والقصف والموت الجماعي؛ وفي الضفة، الجرافة التي تهدم المنازل، وتحفر الطرق الالتفافية، وتقتلع الأشجار من جذورها. لكنه يتجاهل أن الفلسطيني قد تربى على التمسك بالأرض أكثر مما تربى على أي شيء آخر.
يبقى صوت الشعب الفلسطيني هو الأعلى. من بين الركام يخرج الأطفال في غزة
ارتدادات محتومة على الكيان الإسرائيلي
ليست المقاومة وحدها ما يهدد الكيان، بل ارتداد أفعاله عليه. إذ تشير تقارير أمنية إسرائيلية إلى أن الوضع في الضفة الغربية وصل إلى درجة “الغليان غير القابل للاحتواء”، وأن هناك “فتيلًا مشتعلاً تحت الرماد”، قد ينفجر في أي لحظة بانتفاضة واسعة أو انهيار أمني شامل. فمحاولة إخضاع الضفة وتجويع غزة لم تعد مجدية، بل تؤسس لحالة عنف مضاد قد لا تكون المقاومة قادرة على ضبطها أو السيطرة عليها.

فلسطين باقية مهما حاولوا
في خضم كل هذا الدمار، يبقى صوت الشعب الفلسطيني هو الأعلى. من بين الركام يخرج الأطفال في غزة يحملون كتبهم المحترقة، ومن بين بيوت الطين المهدمة في الأغوار يرفع الأطفال علم فلسطين. لا تكسرهم المجازر، ولا تقتلهم السياسات. لأن فلسطين، ببساطة، ليست جغرافيا فقط، بل روح ضاربة في جذور التاريخ.

المجتمع الدولي… صمتٌ مخجل وتواطؤ مقنّع
أمام كل هذا، يكتفي المجتمع الدولي بإصدار بيانات “القلق العميق” و”الدعوة لضبط النفس”، متغاضيًا عن جرائم حرب ترتكب بشكل يومي. بل إن بعض الدول الغربية لا تزال تمد الاحتلال بالسلاح والدعم السياسي، في مشهد يُظهر نفاقًا غير مسبوق في العلاقات الدولية.

فهل يحتاج العالم إلى مجزرة جديدة تُبث على الهواء مباشرة ليُدرك أن ما يجري هو تطهير عرقي؟ وهل يمكن لمجلس الأمن أن يتحرك قبل أن يُمحى جيل كامل من الوجود؟ الأسئلة كثيرة، لكن الإجابات تتأخر كما أرواح الضحايا.

خلاصة
إن الاحتلال الإسرائيلي، في حربه المتزامنة على غزة والضفة، لا يواجه “تهديدًا أمنيًا” كما يدعي، بل يواجه الحقيقة الأبديّة: أن الشعب الفلسطيني لا يُهزم، وأن محاولات الإبادة والتهجير والمحو لن تُجدي. قد تُقتل الطفولة اليوم، وقد تُهدم البيوت وتُحرَق المدارس، لكن جذوة الحياة في فلسطين لا تنطفئ.

وسيأتي يوم، يكون فيه الأطفال الذين استهدفتهم الطائرات هم من يكتبون تاريخًا جديدًا، بلا احتلال، ولا قصف، ولا نكبات.

الشروق الجزائرية

مقالات مشابهة

  • مضاد للأكسدة ويقوي جهاز المناعة.. 10 فوائد صحية مذهلة ‏لـ الرمان
  • بين قتل الطفولة في غزة… وتفكيك مخيمات الضفة
  • صورة نادرة للزعيم عادل إمام وزوجته في مرحلة الشباب تتصدر السوشيال ميديا
  • دراسة دنماركية: الحزن الشديد يزيد خطر الوفاة بنسبة 88%
  • تعلن محكمة البيضاء بأنه تقدم اليها الأخ حسين الحميقاني بطلب اصدار تسلسل وراثي
  • تعلن محكمة خولان أنه تقدم اليها الأخوة ورثة محمد قشاشة بدعوى تسلسل وراثي الى جدهم
  • تدخل طبي نادر في العراق.. استخراج 24 أداة حادة من معدة شاب
  • دراسة جديدة: الكروموسوم X الثاني لدى النساء.. ما دوره المحتمل في الإصابة بالأمراض؟
  • تعلن محكمة رداع الابتدائية بأن الأخ / عادل السلاط تقدم إليها بدعوى تسلسل وراثي
  • يعاني من اضطرابات نفسية.. شاب ينهي حياة والده بالمنيا