بين قتل الطفولة في غزة… وتفكيك مخيمات الضفة
تاريخ النشر: 27th, July 2025 GMT
منذ اللحظة الأولى لحرب الإبادة التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، بدا واضحًا أن الهدف يتجاوز “الردع العسكري” أو “تصفية المقاومة” كما يحاول الترويج له. فالعدوان، بكل ما فيه من عنف مفرط وقصف عشوائي ومجازر جماعية، سرعان ما كشف عن نوايا أبعد من ذلك: إنهاء القضية الفلسطينية من جذورها، عبر تدمير مرتكزاتها الإنسانية والديمغرافية والاجتماعية.
الطفولة هدف مباشر في استراتيجية الإبادة
من المثير للذهول – لا للدهشة – أن الأطفال الفلسطينيين باتوا الهدف الأبرز في حرب الاحتلال على غزة. لم يعد الأمر “أضرارًا جانبية” كما تدّعي الرواية الإسرائيلية، بل سياسة ممنهجة لإبادة جيل كامل.
فبحسب منظمات حقوقية، قُتل آلاف الأطفال منذ بداية الحرب، ودُمّرت مئات المدارس ورياض الأطفال والمرافق الصحية المخصصة للصغار. وأمام هذا الواقع، يصبح من المشروع التساؤل: ما الذي يدفع قوة نووية إلى استهداف مَن لم يتجاوزوا العاشرة من أعمارهم؟
الإجابة تُشير إلى بُعد استراتيجي خطير: الاحتلال يسعى إلى تدمير الوعي الفلسطيني منذ الطفولة، وإبادة أي فرصة لولادة جيل جديد قادر على حمل الراية والمطالبة بالحق.
الضفة الغربية: تهجير قسري بصمت دولي
بينما تتجه أنظار العالم إلى الدمار الهائل في غزة، تعمل إسرائيل في الضفة الغربية بخطة صامتة لكن شديدة الخطورة. هناك، لا يُستخدم القصف الجوي، بل أدوات أكثر هدوء لكنها لا تقل دموية: التهجير القسري، تفكيك المخيمات، مصادرة الأراضي، خلع الأشجار، وبناء الطرق الالتفافية التي تُقسّم الضفة وتحوّلها إلى كانتونات متناثرة.
في الأسابيع الماضية فقط، تم تهجير مئات العائلات الفلسطينية من تجمّعاتها البدوية والزراعية، خاصة في مناطق الأغوار وجنوب الخليل، بذريعة التدريبات العسكرية أو البناء دون ترخيص. وفي الوقت ذاته، تواصل السلطات الإسرائيلية سياسة تفكيك مخيمات اللاجئين – كرمز تاريخي للنكبة – لتحويلها إلى أحياء بلا ذاكرة وطنية، في محاولة لمسح رمزية اللجوء والتهجير.
غزة تحترق والضفة تنزف… ماذا بعد؟
الجريمة الكبرى التي ترتكب اليوم في فلسطين ليست فقط في عدد الضحايا، بل في سعي الاحتلال إلى تغيير الواقع الجغرافي والسكاني بشكل نهائي. إسرائيل لا تكتفي بقتل البشر، بل تسعى لمحو معالم الوجود الفلسطيني: من شطب المخيمات في الضفة، إلى تدمير العائلات في غزة، مرورًا بسياسات التجويع والحصار والإرهاب النفسي والجسدي.
ما يجري ليس صراعًا عسكريًا، بل محاولة هندسة ديمغرافية شاملة تهدف إلى تفريغ فلسطين من أهلها، أو – على الأقل – من قدرة أهلها على الحياة والاستمرار.
سياسة واحدة بوجهين… الرصاصة والجرافة
يظن الاحتلال أن بإمكانه ترويض الفلسطيني عبر نوعين من العنف: في غزة، الرصاصة والقصف والموت الجماعي؛ وفي الضفة، الجرافة التي تهدم المنازل، وتحفر الطرق الالتفافية، وتقتلع الأشجار من جذورها. لكنه يتجاهل أن الفلسطيني قد تربى على التمسك بالأرض أكثر مما تربى على أي شيء آخر.
يبقى صوت الشعب الفلسطيني هو الأعلى. من بين الركام يخرج الأطفال في غزة
ارتدادات محتومة على الكيان الإسرائيلي
ليست المقاومة وحدها ما يهدد الكيان، بل ارتداد أفعاله عليه. إذ تشير تقارير أمنية إسرائيلية إلى أن الوضع في الضفة الغربية وصل إلى درجة “الغليان غير القابل للاحتواء”، وأن هناك “فتيلًا مشتعلاً تحت الرماد”، قد ينفجر في أي لحظة بانتفاضة واسعة أو انهيار أمني شامل. فمحاولة إخضاع الضفة وتجويع غزة لم تعد مجدية، بل تؤسس لحالة عنف مضاد قد لا تكون المقاومة قادرة على ضبطها أو السيطرة عليها.
فلسطين باقية مهما حاولوا
في خضم كل هذا الدمار، يبقى صوت الشعب الفلسطيني هو الأعلى. من بين الركام يخرج الأطفال في غزة يحملون كتبهم المحترقة، ومن بين بيوت الطين المهدمة في الأغوار يرفع الأطفال علم فلسطين. لا تكسرهم المجازر، ولا تقتلهم السياسات. لأن فلسطين، ببساطة، ليست جغرافيا فقط، بل روح ضاربة في جذور التاريخ.
المجتمع الدولي… صمتٌ مخجل وتواطؤ مقنّع
أمام كل هذا، يكتفي المجتمع الدولي بإصدار بيانات “القلق العميق” و”الدعوة لضبط النفس”، متغاضيًا عن جرائم حرب ترتكب بشكل يومي. بل إن بعض الدول الغربية لا تزال تمد الاحتلال بالسلاح والدعم السياسي، في مشهد يُظهر نفاقًا غير مسبوق في العلاقات الدولية.
فهل يحتاج العالم إلى مجزرة جديدة تُبث على الهواء مباشرة ليُدرك أن ما يجري هو تطهير عرقي؟ وهل يمكن لمجلس الأمن أن يتحرك قبل أن يُمحى جيل كامل من الوجود؟ الأسئلة كثيرة، لكن الإجابات تتأخر كما أرواح الضحايا.
خلاصة
إن الاحتلال الإسرائيلي، في حربه المتزامنة على غزة والضفة، لا يواجه “تهديدًا أمنيًا” كما يدعي، بل يواجه الحقيقة الأبديّة: أن الشعب الفلسطيني لا يُهزم، وأن محاولات الإبادة والتهجير والمحو لن تُجدي. قد تُقتل الطفولة اليوم، وقد تُهدم البيوت وتُحرَق المدارس، لكن جذوة الحياة في فلسطين لا تنطفئ.
وسيأتي يوم، يكون فيه الأطفال الذين استهدفتهم الطائرات هم من يكتبون تاريخًا جديدًا، بلا احتلال، ولا قصف، ولا نكبات.
الشروق الجزائرية
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الإبادة الاحتلال غزة غزة الاحتلال الإبادة المساعدات المجاعة قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات اقتصاد مقالات سياسة عالم الفن سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الضفة فی غزة
إقرأ أيضاً:
أول تعليق من قومي الطفولة على قرار حظر الإسكوتر الكهربائي في الجيزة
كتب- أحمد جمعة:
توجهت الدكتورة سحر السنباطي رئيسة المجلس القومي للطفولة والأمومة، بالشكر إلى المهندس عادل النجار، محافظ الجيزة ونائبته الدكتورة هند عبد الحليم، لإصدار قرارات وتوجيهات صارمة للأجهزة التنفيذية على مستوى المحافظة بشأن التعامل الفوري مع ظاهرة انتشار "الإسكوتر الكهربائي" المُستخدم من قبل الأطفال في الطرق العامة.
وأشادت "السنباطي"، في بيان اليوم السبت، بهذه القرارات التي من شأنها حماية الأطفال والنشء من أي مخاطر قد يتعرضون لها حال قيادتهم للإسكوتر الكهربائي، لافتة إلى أن هذه الظاهرة باتت في تزايد والتي تمثل خطر حقيقي على الأطفال والمارة بعد رصد عدد من الحوادث والتجاوزات.
وناشدت "السنباطي"، الأهالي والأسر، ضرورة حماية أطفالهم من مثل هذه المخاطر، والمساهمة في منع قيادة الأطفال للإسكوتر الكهربائي دون رقابة منهم، ومنع قيادته في الطرق العامة والسريعة، وأن يتحملوا مسئولية أطفالهم وحمايتهم، مؤكدة على أن أمن وسلامة الأطفال والمواطنين امر لا يمكن التهاون فيه.
اقرأ أيضًا:
الأرصاد تعلن تفاصيل طقس الـ6 أيام وموعد انكسار الموجه الحارة
"الرعاية الصحية": خدمات الغسيل الكلوي بأسوان متوفرة بـ6 مستشفيات
وزير العمل: اللغة الأجنبية أصبحت شرطًا أساسيًا للعمل بالخارج
حملة "100 يوم صحة".. الصحة: 14.5 مليون خدمة طبية مجانية في 9 أيام
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
الدكتورة سحر السنباطي المهندس عادل النجار المجلس القومي للطفولة والأمومة الإسكوتر الكهربائيتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقةإعلان
أخبار
المزيدالثانوية العامة
المزيدإعلان
أول تعليق من "قومي الطفولة" على قرار حظر الإسكوتر الكهربائي في الجيزة
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
40 27 الرطوبة: 20% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب الثانوية العامة فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك