لماذا تشتعل المعارك بين حزب الله وإسرائيل الآن؟ خبراء يجيبون للجزيرة نت
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
أفادت وسائل إعلام إسرائيلية اليوم الثلاثاء بأن حرائق التهمت آلاف الدونمات بالجليل الأعلى (شمالي الأراضي المحتلة)، في حين دعا وزيرا الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش إلى "حرق لبنان كله".
ويأتي ذلك في ظل تصاعد متسارع في سير المعارك بين حزب الله وإسرائيل، وأخذ هذا التصاعد أشكالا مختلفة من حيث نوعية الأهداف وعمقها الإستراتيجي، وكذلك حجم الأسلحة وقدرتها التدميرية التي لم تستخدم من قبل.
ويطرح هذا التصعيد جملة من الأسئلة من قبيل: هل يمثل ذلك ردعا لإسرائيل أو ذهابا بالمواجهة إلى مدى بعيد؟ وما علاقة هذا التصعيد بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المستمر منذ نحو 8 أشهر؟ وهل يكون هذا التصعيد انعكاسا للنزاعات الإقليمية وتشابكها كما يحدث في البحر الأحمر؟
وحملت الجزيرة نت هذه التساؤلات وغيرها إلى عدد من المحللين والخبراء العسكريين في محاولة لتقريب الصورة والإجابة على هذه الأسئلة.
ترسانة عسكرية
من جانبه، قال الخبير العسكري والإستراتيجي حاتم الفلاحي إن حزب الله يمتلك قدرات بشرية وعسكرية كبيرة جدا، كما أنه راكم ترسانة عسكرية منذ ثمانينيات القرن الماضي، وهذه الترسانة تضم ما بين 2000 و2500 طائرة مسيرة -بأنواع مختلفة- ويمكنها الوصول إلى جميع المدن الإسرائيلية في الأراضي المحتلة.
وأضاف أن حزب الله يمتلك أيضا صواريخ مضادة للدبابات، ولديه كذلك أنواع أخرى من الصواريخ الباليستية والمضادة للطائرات، وهي متعددة المديات حيث تبدأ من 5 كيلومترات، وتنتهي بمسافات بعيدة جدا قد تصل إلى آلاف الكيلومترات، بالإضافة إلى أن إيران زوّدت حزب الله بأسلحة نوعية ومتطورة جدا.
ومن أجل ذلك -كما يبين الفلاحي- استطاع حزب الله الوصول إلى قاعدة "ميرون" الجوية المهمة جدا لجيش الاحتلال، واستهداف مقرات القيادة والسيطرة، وضرب أهداف مهمة، وإسقاط طائرات مسيرة، مثل "هيرمز 900″، محققا بذلك تصعيدا كبيرا في سير المواجهة في هذه الجبهة.
وعن أهداف هذا التصعيد، يقول المختص في الشؤون العسكرية والأمنية أسامة خالد إن حزب الله يصبو إلى الوصول لجملة من الأهداف، ومنها:
ردع جيش الاحتلال الإسرائيلي عن التمادي في قصف أهداف تابعة لحزب الله في العمق اللبناني. منع إسرائيل من فرض واقع أمني جديد يقوم على تدمير المناطق الجنوبية في لبنان وتوسيع التهجير السكاني في هذه المناطق. حرمان القوات الإسرائيلية من مبدأ المفاجأة، وإنهاك الجهد العسكري لديها الذي يتركز في ما يعرف بمنطقة القيادة الشمالية والفرق العسكرية التابعة لها، مع استنزاف قدراتها في مناوشات مستمرة ضمن قواعد حرب محسوبة. تشكيل حالة من العمى الاستخباراتي لدى منظومة الأمن الإسرائيلية قبل ارتفاع مستوى المعركة، وتحسبا لاندلاع حرب كبيرة على جبهة لبنان. تقديم حالة إسناد لجبهة غزة في ظل الاستفراد بها طيلة الشهور الماضية في حرب غير مسبوقة على المقاومة في القطاع. تحسين أوراق التفاوض في المعركة السياسية والدبلوماسية في ظل مطالبات إسرائيلية بانسحاب قوات حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني، وهذا ما يرفضه الحزب وحاضنته الشعبية.آثار الهجمات الصاروخية التي أطلقها حـ.ـزب الله من #لبنان على مستوطنة كريات شمونة، ما تسبب في نشوب حرائق وإصابة 16 إسرائيليا بينهم 7 جنود pic.twitter.com/DaOLLffWcc
— Aljazeera.net • الجزيرة نت (@AJArabicnet) June 4, 2024
ضبط إيقاع المعركةورغم هذا التصعيد الواضح، يقول حاتم الفلاحي إن الصراع ما زال مقيدا ضمن حدود معينة، لأن استخدام هذه الترسانة الصاروخية خضع لعمليات متعددة، أخذت مستويات وأبعادا مختلفة، بما فيها تطور المعركة، وصولا إلى مواجهة نوعية بين الطرفين.
وأضاف أن هذا التصعيد كان مؤثرا بشكل كبير جدا على إسرائيل خلال الفترة الماضية، وهو ما دفعها إلى إجراء مناورات والتهديد باجتياح جنوب لبنان من أجل دفع حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني.
ويشاركه هذا الرأي أسامة خالد الذي يرى أن أطراف القتال لا زالت حريصة حتى اللحظة على ضبط إيقاع المعركة حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة نحو حرب إقليمية، ولكن التطورات المتسارعة على الجبهة اللبنانية ذاهبة نحو مسار إجباري من التصعيد العسكري في المنطقة، خاصة مع الأعمال العسكرية التي تقوم بها جماعة الحوثي في البحر الأحمر.
لكن مدير مشروع لبنان في مجموعة الأزمات الدولية هايكو ويمن ذهب إلى أن تصعيد حزب الله خلال الأسابيع الأخيرة ذو طابع تكتيكي في الأساس، فهو تصعيد مضاد لهجمات إسرائيلية أكثر عمقًا وشدة، ويأتي كذلك ضمن نظرية دفاع حزب الله عن نفسه أمام الرواية الإسرائيلية التي تقول إنها أحدثت ضررا كبيرا في صفوف الحزب.
وأضاف ويمن أن حزب الله الآن في مرحلة الرد لمنع إسرائيل من تحقيق هذا "التحسن". وأشار إلى أنه قد تكون هناك أيضا رسالة للأطراف الخارجية والوسطاء الذين يعتقدون أن حزب الله يائس من وقف إطلاق النار، وهو في الوقت نفسه جاهز لدفع الثمن من أجل ذلك.
ويرى أيضا أن حزب الله يعتقد أن التصعيد الإسرائيلي خلال الأسابيع الماضية يهدف إلى تحسين موقفه التفاوضي من أجل وقف إطلاق النار في لبنان بمجرد الوصول إلى الأمر نفسه في غزة.
أما عن تأثير اشتعال الجبهة في جنوب لبنان على المنطقة، فيرى مدير مشروع لبنان في مجموعة الأزمات الدولية أن حزب الله وإسرائيل -بالإضافة إلى حلفائهما الخارجيين إيران والولايات المتحدة- غير مهتمين بالفعل ببدء حرب شاملة بينهما.
ويضيف ويمن أنه ما دامت الحرب في غزة لم تنته، فإن إمكانية وجود أزمة إقليمية لا تزال قائمة، وأشار إلى أن الزيادة في نطاق الأراضي وشدة الحرب الحالية مع وجود أي خطأ تكتيكي أو تقديرات خاطئة قد تخلق ديناميكية قوية نحو تصعيد متسارع يكون من الصعب جدا الحفاظ عليه.
في حين يرى المختص في الشؤون العسكرية والأمنية أسامة خالد أن المؤسسة الأمنية والعسكرية في إسرائيل لديها توجه جدي في الذهاب نحو قرارات حاسمة تتعلق بمصير قواعد اللعبة مع حزب الله، والسعي نحو إمكانية تحقيق المفاجأة الإستراتيجية.
وأضاف أن إسرائيل تعتقد أنه يمكنها شلّ الجزء الأكبر من قوة حزب الله وقدراته استعدادا لحرب كبيرة على لبنان، لكن هذا رهن بالوضع الداخلي في إسرائيل، ومدى قناعة المستوى السياسي بالتصعيد إلى حرب طاحنة مع حزب الله كما يحدث في قطاع غزة، وكذلك مدى تقبل الوضع الإقليمي الحالي لهذا التوجه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات هذا التصعید أن حزب الله من أجل إلى أن
إقرأ أيضاً:
من ام المعارك الى الوعد الصادق .. لم تتغير العقلية
من ام المعارك الى الوعد الصادق .. لم تتغير العقلية
رشا عوض
اثناء الحرب الاسرائيلية الايرانية انتشرت كثير من الآراء الغارقة في الرغائبية الطفولية التي زادت وللمفارقة بعد الضربة الامريكية للمفاعلات النووية الايرانية!
يبدو ان الرأي العام في منطقة الشرق الأوسط لم يتعلم شيئا من حرب الخليج الثانية عندما كان كبار المثقفين والمتعلمين يراهنون على قدرات خارقة للعراق بقيادة صدام حسين ستجعل امريكا وحلفاءها يلعنون حظهم العاثر لانهم هاجموا العراق! وان ام المعارك بقيادة صدام ستجعلهم يندمون!
الان تفيض الاسافير بمثل هذه الحماقات والمغالطات ويدخل البعض في حالة انكار مرضية واصرار عجيب على ان البرنامج النووي الايراني ما زال بخير وان الضربة الامريكية مجرد زوبعة في فنجان!
وهذا انكار لحقائق لا تقبل المغالطة وعلى رأسها الخسائر الضخمة لايران كدولة وكنظام سياسي من الحرب عامة ومن الضربة الامريكية بشكل خاص . وان نظام الملالي في ازمة من العيار الثقيل غير مسبوقة في تاريخه ربما اطاحت به في خاتمة المطاف او على اقل تقدير جعلته يتجرع السم مجددا كما تجرعه الامام الخميني رحمه الله وتلحق عملية ” الوعد الصادق” باختها غير الشقيقة”ام المعارك” .
المقام ليس مقام شماتة في ايران، فكاتبة هذه السطور تنتمي وجدانيا وجيوسياسيا لزمرة المستضعفين في جنوب الكرة الارضية، وتتمنى نهضتهم ومغادرتهم لخانة القابلية للاستضعاف ولكن يؤذيها انهم لا يسلكون الطريق الصحيح لتحقيق ذلك بمنطق التاريخ!
وليس المقام مقام ” بهلوانيات انكارية في شكل تحليلات سياسية”! كالتي تعج بها بعض الفضائيات وصفحات السوشيال ميديا!
بل نحن في ازمة تستوجب تفكيرا عميقا في الاسباب الجذرية للازمة المركبة والصعبة جدا التي تمسك بتلابيب هذه المنطقة المنكوبة من العالم ومن اسباب نكبتها انها تتهرب من مواجهة الواقع بالانكار والمكابرة .
* جذر الازمة
هناك وصمة عار في جبين المجتمع الدولي وقواه العظمى وهي الفشل المخجل في فرض قرارات الشرعية الدولية على اسرائيل ممثلة في الانسحاب من الاراضي المحتلة عام ١٩٦٧ واقامة دولة فلسطينية في حدود ١٩٦٧ وتسوية الصراع العربي الاسرائيلي تسوية عادلة في اطار مرجعيات القانون الدولي الانساني والشرعية الدولية.
وهناك معضلة اخرى كانت سببا في هزيمة القضية الفلسطينية رغم عدالتها وهي ” المحامون الفاشلون” الذين لم يتصدوا لهذه القضية انطلاقا من منصة القانون والشرعية الدولية ومن ثم النضال السياسي والحقوقي الدؤوب من هذا الموقع ، بل حولوها الى صراع وجودي ابتداء بتطرف القومية العربية وهيمنة فكرة استئصال الدولة العبرية والالقاء بها في البحر، وبعد هزيمة القومية العربية بدلا من استيعاب الدرس كانت النتيجة هي الهبوط بالصراع الى مستوى اكثر تخلفا وهو الصراع الديني بين المسلمين واليهود ، واستلمت هذه الراية جماعات الاسلام السياسي، وفي الوقت الذي يراهن فيه المحامون الفاشلون على القوة في حسم الصراع اثبتوا في كل محك عملي انهم لا يفهمون ماذا تعني القوة في العصر الحديث! اذ ان للقوة وجوها عدة مترابطة ومتكاملة، ومن اهم عناصرها ” النظام السياسي الذي يتعاطى مع العالم بعقلانية وبحسابات واقعية دقيقة تفهم معادلات توازن القوى وتعقيداتها الشائكة” غياب هذا العنصر سيقود للهزيمة حتى لو توفر عنصر القوة العسكرية ، مع العلم ان المراهنين على القوة العسكرية في منطقتنا مثل ايران ووكلائها لا يملكون ميزة تنافسية في هذا المجال مقارنة باسرائيل التي يهددون بمحوها من الوجود ولا بامريكا التي يهتفون بموتها! ومع ذلك يصرون على نقل المعركة الى الميدان الذي تمتلك فيه اسرائيل وحلفاؤها التفوق الحاسم!
والطامة الكبرى ان الايرانيين في حالة حرب وعداء مع كامل محيطهم الاقليمي! الامر الذي يجعل هزيمتهم حتمية في مواجهة عدو لديه اقوى حليف عالمي.
ما يجري على الارض يدل على ان ” القضية الفلسطينية ” العادلة ليست هي المحرك لكل ما شهدناه ونشهده الان من حروب في هذه المنطقة، بل انها استغلت كغطاء اخلاقي لأبشع أنواع الاستبداد السياسي وأطماع التوسع الاقليمي،لقد اصبحت عشرات الآلاف من اجساد الفلسطينيين المحترقة بآلة القتل الاسرائيلية وقودا للمشاريع الايدولوجية.
* جريمة اسقاط غصن الزيتون!
المجتمع الدولي شريك اصيل في الجريمة ضد الفلسطينيين بتواطئه مع الاحتلال ، حتى عندما تراجعت منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات عن المواجهة العسكرية واعترفت باسرائيل وقبلت بحل الدولتين لم يستثمر العالم في خيار السلام ويقوي دعاته ، بل ان اسرائيل عاقبت عرفات – الذي جاءها يحمل غصن الزيتون قائلا : لا تسقطوا الغصن الاخضر من يدي- عاقبته بان اسقطته هو ذاته قتيلا بالسم! وهاهي الدولة العبرية رغم قوتها العسكرية تتلقى الان ضربات الصواريخ الايرانية وتتدمر مدنها وتفقد مواطنيها تحت الانقاض في دلالة واضحة على ان السلام لا يتحقق بالقوة فقط ولا بالقباب الحديدية بل يتحقق بالعدل وانصاف الضحايا وتشارك الجميع في نعمة الامان والطمأنينة ، للأسف ظل عنصر التسوية العادلة للقضية الفلسطينية غائبا عن ساحة الفعل الدولي الجاد ، ولو لم يحضر هذا العنصر الوازن اخلاقيا وسياسيا لن تنعم هذه المنطقة بما فيها اسرائيل نفسها بالسلام.
* الاصطفاف النبيل!
في سياق الحرب الاسرائيلية الايرانية لا اجد خندقا يقنعني بان اتخندق فيه ، خندقي بعيد كل البعد عن خامئني وعن نتنياهو ! خندقي هو ذلك الاصطفاف الذي يجب ان يكون لدعاة السلم والحرية ، اصطفاف من ينحازون لفكرة ان بالامكان ان يعيش الفلسطينيون والاسرائيليون والايرانيون جميعا بسلام وكرامة امنين من ويلات الحروب وفق معادلة عقلانية للسلام العادل بعيدا عن الهوس الايدولوجي في جميع الاطراف، بعيدا عن تطرف اليمين الاسرائيلي وعن تطرف الاسلام السياسي، بعيدا عن منطق القوة العارية التي تسحق العدل تحت اقدامها.
هذا الاصطفاف النبيل لو كان هو التيار الرئيس في المنطقة ووجد الاوعية السياسية المنظمة والمثابرة سوف يكسب الرهان لانه سيكون اداة ضغط ناجعة على المجتمع الدولي.، الان رغم ان التيار الغالب على الوعي الجمعي في المنطقة العربية والاسلامية هو تيار المفاصلة الدينية المساند صراحة او ضمنا للتنظيمات الجهادية ، رغم ذلك تمرد الرأي العام في امريكا والدول الغربية على قبول السردية الاسرائيلية للصراع وخرجت التظاهرات الحاشدة المنددة بحرب غزة وما صحبها من فظائع ضد المدنيين والمناوئة لاسرائيل وانتهاكاتها وجرائم حربها ، هذا التمرد سيكون حاسما وسيؤثر في سياسات الحكومات والمنظمات الدولية لو كان التيار الغالب في رفع لواء القضية هو تيار ديمقراطي حقوقي ينطلق من منصة القانون الدولي والشرعية الدولية ويقف في ذات منصة الضمير الاخلاقي العالمي..
طريق ايران بقيادة نظام الملالي ليس هو طريق الانتصار للقضية الفلسطينية بل هو طريق تدمير ايران نفسها! والسبب ليس فقط غياب الديمقراطية وحقوق الانسان ، بل هو غياب الحد المطلوب من الرشد والتعقل لمحافظة اي دولة وطنية في العصر الحديث على شعبها ومصالحها الاستراتيجية ، فلو عقدنا مقارنة مثلا بين ايران ودولة صديقة لها في نادي الاستبداد كالصين، نجد ان الصين التي تمتلك ترسانة عسكرية من العيار الثقيل تتضمن السلاح النووي منذ الستينات، والصواريخ العابرة للقارات ، وقاعدة متينة للتصنيع الحربي مسنودة على اساس صلب من القدرات النوعية في مجال التكنولوجيا، وبتفوق حاسم في مجال العلوم بانواعها، وحضور كبير في التنافس الكوكبي على تقنيات الذكاء الاصطناعي والهندسة الوراثية وعلوم الفضاء والاقمار الصناعية، ولها اضخم اقتصاد في الكرة الارضية.
هذه الدولة العظمى بحق وحقيقة لم نسمع قادتها يوما هددوا بمحو دولة ما من الوجود كما يفعل القادة الايرانيون! وتفادي الدخول في الحروب يكاد يكون من ثوابتها السياسية! ورغم كل ما تتعرض له الصين من استفزازات امريكية في سياق التنافس الاقتصادي والتكنولوجي فانها تدير علاقاتها مع امريكا بدون عنتريات وتهور ، تحمي مصالحها ومكانتها العالمية بكفاءة واقتدار وفق حسابات دقيقة تأخذ في الاعتبار قوة خصومها ومدى قدرتهم الفعلية على الاضرار بها ، اما ايران لمجرد امتلاكها لبرنامج نووي لم يكتمل بعد اشعلت محيطها الاقليمي كله بحروب وكالة! وزعمت انها ستمحو اسرائيل من الوجود ! وبددت مواردها في صناعة المليشيات ورعاية الارهاب وما يسمى بتصدير الثورة ، فجلبت على نفسها الحصار والعقوبات وفي النهاية تدمير البرنامج النووي الذي انفقت عليه مليارات الدولارات فضلا عن الدمار الكبير الذي طال مقدراتها العسكرية والاقتصادية. اما ما يسمى بطووفان الاقصى الذي تقف خلفه ايران فقد اغرق غزة في بحر الدم! وابتلع حماس وحزب الله والحوثيين ووصلت امواجه المتلاطمة الى داخل طهران!
بمتابعة نتائج كل حروب الشرق الاوسط في العشرين عاما الاخيرة نجد ان القاسم المشترك الاعظم بينها هو دفن القضية الفلسطينية تحت غبار المعارك، اذ لا نسمع بعد كل حرب نقاشا عن الدولة الفلسطينية وعودة اللاجئين الفلسطينيين ووقف الاستيطان في الاراضي المحتلة، بل تتقزم اجندة التفاوض الى فك الحصار عن قطاع غزة! وفتح المعابر! تبادل الاسرى! الافراج عن الرهائن! توصيل الاغاثة! الإعمار! وبعد طوفان الاقصى كانت القضية الابرز هي عدم اقتلاع سكان قطاع غزة نهائيا وتهجيرهم الى مصر! ورغم ذلك ممنوع التساؤل عن جدوى كل تلك الحروب التي يتم الدفاع عنها باسم القضية الفلسطينية!