4 يونيو، 2024

بغداد/المسلة الحدث: يشهد العراق صراعًا محتدمًا بين الأحزاب للسيطرة على مجالس المحافظات، تلك الواجهة الجديدة للقوى المتنفذة، وذلك من خلال التنافس على الميزانيات والتخصيصات المالية.

ويرى مراقبون أن هذا الصراع ينطوي على مخاطر جسيمة، حيث يُشجّع على تفشّي الفساد ونهب المال العام عبر مشاريع وهمية ومقاولات تُدار من قبل تلك القوى.

ويُحذّر محللون من مخاطر اللا مركزية في ظل غياب الرقابة الفعّالة، مُعتبرين أنّها تُتيح بيئة خصبة لنهب المال العام عبر مشاريع وهمية ومقاولات مُزوّرة تُشرف عليها جهات نافذة.

وتُشير الاتهامات إلى تورّط العديد من المحافظين في قضايا فساد ونهبٍ ممنهجٍ للمال العام، ممّا يُضاعف من مخاوف تبديد الموارد المالية المُخصصة للمحافظات، والتي تُقدّر بمليارات الدنانير العراقية.

يُطالب البعض بفرض سيطرة مركزية حكومية على تخصيصات تلك المبالغ، لضمان توزيعها بشكل عادل وشفاف، ومنع هدرها في مشاريع وهمية تُثري الفاسدين.

ولكن، لا ينحصر الأمر في الفساد فقط، بل تُشير تحليلات إلى أنّ مجالس المحافظات باتت عبئًا إضافيًا على كاهل الدولة، دون جدوى حقيقية تُذكر.

فبدلًا من أن تُساهم في تقديم خدماتٍ حكوميةٍ أو اجتماعيةٍ مُفيدة للمواطنين، تُصبح بؤرةً للفساد ونهب المال العام، ممّا يُضاعف من معاناة الشعب العراقي، خاصةً في المناطق المنكوبة التي تُعاني من نقصٍ حادٍ في الخدمات الأساسية.

ويُرجع البعض جذور المشكلة إلى نظام المحاصصات المُعتمد في العراق، والذي يُعيق إجراء انتخاباتٍ نزيهةٍ تُفرزُ مُمثلين حقيقيين للشعب، ممّا يُتيح المجال للأحزاب والقوى المتنفذة لفرض سيطرتها على مجالس المحافظات، واستغلالها لتحقيق مصالحها الخاصة على حساب المصلحة العامة.

و صراع الأحزاب على الميزانيات في مجالس المحافظات يُهدد بتحويل العراق إلى دولةٍ فاشلةٍ، تُنهب فيها ثروات البلاد ويُحرم شعبها من أبسط حقوقه.

لذا، لا بدّ من اتّخاذ خطواتٍ جادةٍ لمكافحة الفساد، وإعادة النظر في نظام توزيع الموارد المالية، وضمان وصولها إلى مستحقيها، بدلًا من هدرها في جيوب الفاسدين.

ويقول المحلل الاقتصادي علي الطائي ان “إنّ صراع الأحزاب على الميزانيات في مجالس المحافظات يُشكل خطرًا كبيرًا على الاقتصاد العراقي. ففي ظلّ تفشّي الفساد ونهب المال العام، تُصبح الموارد المالية مُهددة بالضياع، ممّا يُعيق تحقيق التنمية الاقتصادية ويُؤدّي إلى تفاقم مشكلتي الفقر والبطالة”.

واعتبر الطائي إنّ فرض سيطرة مركزية حكومية على تخصيصات الميزانيات، وتعزيز الرقابة على تنفيذ المشاريع، وملاحقة الفاسدين، خطواتٌ ضروريةٌ لضمان الاستغلال الأمثل للموارد المالية وتحقيق التنمية المستدامة في العراق.”

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: مجالس المحافظات على المیزانیات المال العام

إقرأ أيضاً:

خبير عسكري: عمليات مقاومة غزة تؤكد مركزية التخطيط ولا مركزية التنفيذ

قال الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد الركن المتقاعد نضال أبو زيد إن العمليات المتزامنة التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في كل من خان يونس جنوب قطاع غزة والشجاعية شرقي مدينة غزة، تؤكد تمسكها بمبدأ التخطيط المركزي والتنفيذ اللامركزي، وهو ما يدل على تماسك منظومة القيادة والسيطرة لديها.

ورأى خلال تحليل للمشهد العسكري بقطاع غزة أن التزامن الزمني والدقة في اختيار المواقع يعكسان قدرة المقاومة على تشكيل مسرح عمليات متعدد المحاور رغم مرور أكثر من 640 يوما من الحرب، موضحا أن ذلك يُنتج واقعا ميدانيا جديدا يتمثل في تشكيل مثلثات جغرافية عملياتية تُعيد رسم البيئة القتالية.

وفي هذا السياق، تحدث أبو زيد عن نشوء مثلث عملياتي جنوبي في محيط القرارة وعبسان وبطن السمين داخل خان يونس، بالتوازي مع مثلث شمالي في مناطق بيت حانون والشجاعية وجباليا، ما يفرض على جيش الاحتلال تحديات متجددة في أكثر من جبهة قتالية.

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد كشفت في وقت سابق عن "حدثين أمنيين صعبين" في المنطقتين، بينما أفادت مصادر للجزيرة بهبوط مروحية إجلاء إسرائيلية شمال غربي خان يونس وسط قصف عنيف على محيط المنطقة، ما يشير إلى وقوع اشتباك عنيف أو كمين مُحكم.

وأكد أبو زيد أن فرض المقاومة لواقع عملياتي جديد عبر رسم بيئة ميدانية مغلقة يحاصر قوات الاحتلال ويستنزفها، وخاصة الفرقة 99 التي تم الاستعاضة عنها مؤخرا بالفرقة 252 في المحور الشمالي، مشيرا إلى أن المقاومة نجحت رغم تكرار اجتياح منطقة خان يونس الغربية من الفرقة 98 المظلية.

مؤشر فشل

وأشار إلى أن استخدام الاحتلال القنابل الدخانية وتحليق الطائرات المروحية في محيط الاشتباكات يدل -وفق المفاهيم العسكرية- على سعيه لتخليص قواته من كمين كبدها خسائر كبيرة، في مؤشر على فشل السيطرة البرية المستدامة على الأرض.

إعلان

وكانت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- قد بثت صورا لهروب جندي إسرائيلي تحت نيران مقاتليها، وأعادت نشر صورة لجندي قالت إنه يدعى "أبراهام أزولاي" كانت قد حاولت أسره قبل أن يُقتل، مضيفة: "مصير الجندي التالي سيكون أفضل كأسير جديد لدى القسام".

وتابع أبو زيد قائلا إن التلويح المتكرر من المقاومة بخيار أسر الجنود يحمل بعدا نفسيا ضاغطا على القوات الإسرائيلية، إذ تزرع مثل هذه الرسائل حالة من التوتر والارتباك في صفوف الجنود وتؤثر على أدائهم أثناء تنفيذ التعليمات في المعارك، لا سيما في إطار عمليات "عربات جدعون".

وشدد على أن مرور 54 يوما على انطلاق "عربات جدعون" من دون نتائج حاسمة، مقابل استمرار المقاومة في توجيه الضربات، يُفقد الخطة هيبتها الإعلامية التي سعت قيادة الاحتلال لترويجها كحملة ناجحة قادرة على تغيير قواعد المواجهة في القطاع.

ويرى أبو زيد أن المقاومة تستهدف إيصال جيش الاحتلال إلى مرحلة حرجة، حيث يؤدي ارتفاع نسبة خسائر الوحدات القتالية إلى ما يعرف عسكريا بـ"النقطة الحرجة"، فإذا تجاوزت نسبة الخسائر 35%، تصبح القيادة ملزمة بسحب الوحدة أو إيقاف المهمة.

مأزق القيادة

وأوضح أن وحدات مثل الفرقة 99 في الشمال والقوات المتمركزة حول خان يونس بدأت تقترب من هذه النسبة الحرجة من الخسائر، ما يضع القيادة الإسرائيلية في مأزق استبدالها في ظل محدودية البدائل البشرية والعسكرية.

وأضاف أن الخريطة التي قدمتها إسرائيل مؤخرا وتستهدف اقتطاع نحو 40% من مساحة قطاع غزة، جاءت كرسالة سياسية هدفها كبح تقدم المسار التفاوضي وليس تأسيس واقع ميداني جديد، خاصة أن توقيت عرضها تزامن مع تصاعد الحديث عن تسوية محتملة.

واعتبر أن تركيز الاحتلال على بعض الجيوب الممتدة من كيلومتر إلى كيلومترين ونصف، مثل التفاح والقرارة وجحر الديك، يهدف إلى خلق "قابلية للحركة" تعزز السيطرة المؤقتة، بما يشبه النموذج العسكري المعتمد في الضفة الغربية.

وبشأن خصوصية المناطق التي تشهد تصعيدا، قال أبو زيد إن خان يونس تحولت إلى نقطة استنزاف مفتوحة بفعل فشل الاحتلال في التوغل داخلها، بينما تُعد الشجاعية وجباليا وبيت حانون مسرحا مكررا لعمليات فاشلة، رغم خضوعها سابقا لعدة اجتياحات ضمن خطط عسكرية متعاقبة.

ولفت إلى أن فشل الاحتلال في إدراك الديناميكيات المتغيرة على الأرض مردّه إلى ضعف في تقييمات جهاز الاستخبارات العسكرية (أمان)، والذي يفترض أن يمهّد ميدانيا لوحدات العمليات، لكنه بات يتعامل مع مشهد معقد لا يُحتوى بالوسائل التقليدية.

مقالات مشابهة

  • حاج موسى يشعل صراعًا بين بنفيكا وفاينورد… وفان بيرسي يدخل على الخط!
  • خبير عسكري: عمليات مقاومة غزة تؤكد مركزية التخطيط ولا مركزية التنفيذ
  • الحكومة تضاعف الإنفاق على الصحة والتعليم في موازنة 2025/2026 لتحقيق الاستحقاقات الدستورية وتحسين جودة حياة المواطن
  • التحديات المالية بين بغداد واربيل تحتاج إلى حوار معمق
  • دحروج: مصر تشجع الحوار بين كافة الأطراف الليبية
  • وزير المالية: تخصيص 617.9 مليار جنيه للقطاع الصحي في العام المالي الحالي
  • ترقب لاجتماع توزيع المناصب الإدارية بالاتحاد النسائي
  • المالية تستقبل طلبات امتحان المحاسب القانوني من جميع المحافظات
  • في ظل الأزمة المالية.. توجيهات حكومية بتسهيلات لموظفي القطاع العام
  • مقتدى الصدر: قررتُ الانسحاب لأنني لم أعد أحتمل التعايش مع الفساد