قلل الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء الركن محمد الصمادي، من أهمية عملية ‏تحرير 4 أسرى للاحتلال على المستوى الاستراتيجي، مُعتبرا أنها نجاح تكتيكي ‏لا غير.‏

وأعلنت قوات الاحتلال الإسرائيلي عن تمكنها من تحرير أربعة أسرى أحياء من مخيم النصيرات وسط غزة، خلال عملية خاصة ارتكبت على إثرها مجزرة راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى.



وارتكبت قوات الاحتلال مجزرة مروعة في النصيرات، بعد أن شنت قصفا عنيفا على أجزاء واسعة من المدينة ومخيمها، تسبب في سقوط أكثر من 40 شهيدا وعشرات الجرحى، نقلوا إلى مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، بالتزامن مع توغل محدود في الأجزاء الشرقية والشمالية.

وتابع الصمادي في حديث خاص لـ"عربي21": "ما تم من الناحية العسكرية ‏هو عملية تحرير للأسرى، ولكنها كانت مُصاحبة بعملية وحشية وطغيان وجبروت ‏وظُلم وعربدة وحرب إبادة وارتكاب كافة أنواع الموبقات ضد المدنيين الأبرياء في ‏منطقة النصيرات".‏



وقال إن "عملية تحرير الأسرى نعم ستكون داعمة لموقف نتنياهو في الحرب داخليا ‏وخارجيا، ولكننا نتحدث عما يزيد عن 8 أشهر من القتال ومع ذلك فشل جيش ‏الاحتلال عسكريا وإعلاميا وأخلاقيا في هذه الحرب".‏

ولذلك يرى الخبير العسكري أن "جيش الاحتلال وحكومة اليمين المتطرف يبحثون عن ‏أي صورة من صور النجاح حتى تُعزز موقفهم، فعلى الرغم من هذه الترسانة ‏العسكرية الهائلة والجيش الذي يُصنف بأنه الـ 14 عالميا، إلا أن الاحتلال لم يستطع ‏تحقيق أي من أهداف الحرب المُعلنة".‏



واستدرك الصمادي بالقول: "نعم أحرز جيش الاحتلال العديد من النجاحات على ‏المستوى التكتيكي - علما بأن مقارنة القوى هي بالمطلق لصالح جيش الاحتلال، ولكن ‏إرادة الصمود وعقيدة القتال وإصرار هذا المقاتل الفلسطيني البطل على الاستمرار في ‏أعمال المقاومة هو لصالح المقاومة وهذا ما ساهم في عملية موازنة الخلل في ميزان ‏القوى- ولهذا باعتقادي لا ترقى هذه النجاحات لأن تصل إلى المستوى الاستراتيجي"‎.



وأوضح أن "قيام الاحتلال بعملية التحرير هذه شيء طبيعي ضمن آلة القتال والقدرات ‏العسكرية الموجودة لديه، لكن هذا العمل وفقا للعُرف العسكري لا يُصنف كعمل ‏بطولي خاصة أنه جاء بعد ما يزيد عن 8 أشهر من العمليات العسكرية المتواصلة، ‏ولذلك هذه العملية لا تُصنف ولا تندرج ضمن الإنجازات على المستوى ‏الاستراتيجي‎"‎.

دعم لنتنياهو داخليا وخارجيا.. ولكن!‏

وحول كيف ستدعم هذه العملية موقف نتنياهو المتمثل برغبته باستمرار العمل ‏العسكري، قال الصمادي، "أولا على المستوى الداخلي ستقوي موقفه وتدعمه".‏

واستدرك بالقول: "لكن بالنسبة لعائلات الأسرى لن تُحدث هذه العملية تغييرا كبيرا، ‏فهذا النوع من العمليات يحتوي على مُعامل خطورة عال جدا متمثل باحتمالية قتل ‏الأسرى أثناء عملية التحرير في العمليات المستقبلية، بالمقابل أهالي الأسرى يرغبون ‏بأن يكون هناك صفقة سلمية للتبادل".‏



وتابع: "وأما خارجيا، فإن الولايات المتحدة ونتنياهو وحكومة اليمين المتطرف ‏يحاولون الآن أن لا يتم التوصل لهدنة أو اتفاق لتبادل الأسرى، حيث أن الحرب الآن ‏انتقلت من استنزاف المقاومة لجيش الاحتلال إلى محاولة الأخير استنزاف قدرات ‏المقاومة".‏

ولفت إلى أن "هذا الأمر هو ما تراهن عليه قوات جيش الاحتلال، أي أن يكون هناك ‏استمرار للعمليات خاصة بعد السيطرة على محور فيلادلفيا بالكامل وبالتالي أصبح ‏الآن قطاع غزة مُطوقا ومُحاصرا بعد حصاره لمدة 18 عاما".‏

وأضاف: "لهذا جيش الاحتلال ونتنياهو يراهنون الآن على تخفيض القدرات القتالية ‏للمقاومة واستنزاف قدراتها، ويحاولون أن يطيلوا أمد القتال حتى تستهلك المقاومة ‏قدراتها من الأسلحة المضادة للدبابات والقدرات الصاروخية الموجودة لديها".‏

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاحتلال غزة اسرى احتلال غزة طوفان الاقصي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جیش الاحتلال

إقرأ أيضاً:

من تحت الأنقاض..كيف تُعيد كمائن القسام صياغة معادلة الردع في غزة؟

الثورة /متابعات

رغم الحصار الخانق والدمار الهائل والفارق الكبير في موازين القوى، تواصل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وعلى رأسها كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، إعادة رسم قواعد الاشتباك مع جيش الاحتلال الإسرائيلي. لا يقتصر الأمر على الصمود الميداني، بل يتعداه إلى تكتيكات نوعية متقدمة أربكت الحسابات العسكرية وأدخلت الجيش في حالة استنزاف غير مسبوقة.

الهندسة الميدانية

في تقرير تحليلي نشره موقع الجزيرة نت، يرى الباحث والمحلل العسكري ياسين عز الدين أن كتائب القسام نجحت في توظيف الهندسة الميدانية للمواجهة كأحد أبرز أسلحتها خلال الحرب المستمرة منذ أكثر من 20 شهرًا. ويؤكد أن الكمائن التي تُنصب داخل أبنية مدمّرة أو في أزقة خان يونس والشجاعية تُظهر تطورًا في استخدام الأرض كسلاح، لا كساحة معركة فقط.

من أبرز هذه العمليات، تفجير مبنى في قلب منطقة قال الجيش الإسرائيلي إنها “مطهرة”، وأسفر عن مقتل وإصابة عدد من عناصر لواء “جولاني” النخبوي، بحسب اعترافات إسرائيلية مُقتضبة.

ولم تكن العملية وليدة الصدفة، بل ثمرة تخطيط استباقي دقيق، ومهارة في استغلال التضاريس والبنية التحتية للمدينة، خصوصًا شبكة الأنفاق التي منحت المقاومة مرونة عالية رغم استخدم جيش الاحتلال أسلوب القصف السجادي في العديد من مناطق قطاع غزة.

ويرى عز الدين، أن المقاومة لا تكتفي بتفخيخ المباني، بل تعتمد على بنية تحتية متشابكة من الأنفاق والممرات، ما يمنحها قدرة على المبادرة في توقيت لا يتوقعه العدو، مستفيدة من بيئة حضرية محطمة ولكن مألوفة تمامًا للمقاتلين.

من الانهيار النفسي إلى ارتباك القرار

ويُجمع محللو الشؤون العسكرية في إسرائيل على أن جيش الاحتلال بات في وضع معقّد. وقد صرح رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير مؤخرًا بأن “الحرب لن تكون بلا نهاية”، في إشارة صريحة – كما يرى العميد اللبناني المتقاعد إلياس حنا– إلى الاعتراف بالعجز عن الحسم، والتخبط بين الأهداف السياسية والقيود العملياتية.

في هذا السياق، يوضح عز الدين أن استمرار العمليات النوعية داخل مناطق يقول الجيش إنه “أعاد السيطرة عليها” يثبت أن زمام المبادرة بات في يد المقاومة، ما ينسف الأسطورة التقليدية لتفوق الجيش الإسرائيلي في الحرب البرية.

ويلفت إلى أنه في مقابل الديناميكية المتطورة للمقاومة، يظهر جيش الاحتلال الإسرائيلي في حالة استنزاف ممتدة ما دامت الحرب مستمرة، حيث تتآكل موارده البشرية والنفسية والمادية، ويجد نفسه مضطرًا لإعادة الانتشار مرارًا، دون القدرة على تحقيق إنجازات استراتيجية حقيقية.

ويتابع: “المقاومة استطاعت أن تحوّل المدن المدمّرة إلى ساحات كمائن، والأنقاض إلى أدوات خداع عسكري متقن”.

من ساحة المعركة إلى دائرة القرار

ولم تعد تداعيات هذه الحرب ميدانية فقط، بل وصلت إلى عمق النظام السياسي الإسرائيلي، فالخسائر المتزايدة في صفوف القوات البرية، وخاصة ضمن وحدات النخبة، ساهمت في تصاعد التوتر داخل الائتلاف الحكومي، وفقاً لحنا.

فبينما تسعى قوى المعارضة الإسرائيلية لتقديم مشاريع قوانين لحل الكنيست، تعيش حكومة نتنياهو حالة من الشرخ الداخلي بين الحفاظ على البقاء السياسي وعبء استمرار الحرب، وهو ما يجعل من معادلة “الكمين مقابل الكرسي” واقعية تمامًا.

ويلفت حنا إلى أن الجدل المتصاعد داخل الكنيست حول جدوى استمرار الحرب، والضغوط التي تتعرض لها حكومة نتنياهو من قبل أحزاب المعارضة والدينية على حد سواء، تُظهر حجم التأثير غير المباشر الذي تمارسه المقاومة عبر الضغط الميداني المستمر.

رسائل ملازمة للردع من الأسفل

في خطوة لافتة، بثّ الناطق العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة رسالة مباشرة إلى الجمهور الإسرائيلي، حذّر فيها من استمرار دعم القيادة السياسية والعسكرية في “حرب الإبادة”، داعيًا إلى وقف الحرب أو انتظار المزيد من “التوابيت المغطاة بالأعلام”.

وبحسب عز الدين، فإن هذا النوع من الخطاب يعكس تحولًا في استراتيجية المقاومة نحو استخدام الرسائل النفسية كسلاح، وليست مجرد شعارات دعائية خاصة في ظل التعتيم الإعلامي الذي يفرضه الجيش على عدد القتلى والجرحى، في محاولة يائسة للسيطرة على المعنويات.

“هذه الرسائل لا تهدف فقط إلى الضغط المعنوي”، يقول عز الدين، “بل تُفعّل التناقضات الداخلية الإسرائيلية، وتُحرّك الرأي العام ضد استمرار الحرب”.

ويؤكد حنا، أن لم تعد الحرب في غزة مجرد مواجهة على الأرض، بل تحوّلت إلى سباق إرادات ومعركة سرديات. فبينما تبني المقاومة ردعها من تحت الأنقاض، وتسقط “أسطورة الجيش الذي لا يُقهر” قطعةً قطعة، تكافح إسرائيل لمنع تشكّل وعي داخلي بفشلها، لكنها تفشل تدريجيًا.

ويؤكد أن حرب الإبادة باتت تكتب فصولها من الأبنية المهدمة، ومن خطوط الاشتباك التي رسمها مقاتلون لا يملكون طائرات ولا أقمارًا صناعية، لكنهم يتقنون لغة المفاجأة، ويُجيدون اللعب في الزمان والمكان الذي يختارونه هم، لا عدوهم.

مقالات مشابهة

  • خبير عسكري: مواجهة روسيا وأوكرانيا ضربت معايير الحرب التكتيكية
  • تواصل غضب عائلات أسرى الاحتلال واتهامات لنتنياهو بإعاقة الصفقة
  • روسيا تعلن اكتمال المرحلة الأولى من عملية تبادل الأسرى مع أوكرانيا
  • روسيا تعلن اكتمال المرحلة الأولى من تبادل الأسرى مع أوكرانيا
  • عائلات أسرى إسرائيل تتظاهر للمطالبة بإعادة ذويهم وإنهاء حرب غزة
  • من تحت الأنقاض..كيف تُعيد كمائن القسام صياغة معادلة الردع في غزة؟
  • مصير الأسرى الإسرائيليين في غزة منذ 7 أكتوبر
  • بعد تحذير القسام.. مظاهرات حاشدة في تل أبيب تطالب بإبرام صفقة تبادل أسرى
  • ألمانيا تكشف نتائج ضربة العنكبوت واتهامات متبادلة بين أوكرانيا وروسيا بملف الأسرى
  • موسكو وكييف تتبادلان الاتهامات بتعطيل عملية لتبادل الأسرى