مثل يوسف عليه السلام: عناصر الشرطة المفرج عنهم من جب الحجز إلى سجن القصر
تاريخ النشر: 14th, June 2024 GMT
تقرير: خالد فضل
منذ أن أعلن عن احتفال بإطلاق سراح أكثر من 500 فرد من المحتجزين لدى قوات الدعم السريع معظمهم من ضباط الشرطة ومنسوبيها وبعض أفراد القوات المسلحة والمدنيين، ذلك بمسيد الشيخ أبو قرون بمنطقة شرق النيل بالخرطوم السبت الماضي، تباينت ردود الأفعال تجاه تلك الخطوة بين الترحيب والتشكيك والتعليل.
من جانبها أعلنت قوات الدعم السريع على صفحتها في منصة (×)، أنّ قيادة الدعم السريع بالتنسيق مع الصيب الأحمر أفرجت رسمياً عن مئات الأسرى من قوات الشرطة بعد رفض مليشيا البرهان استلامهم- على حد وصفها- فيما قال عدنان حزام الناطق الرسمي باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان إنّ اللجنة لم تشارك في عملية إطلاق سراح المحتجزين من قبل قوات الدعم السريع، لكنه رحّب بأي مبادرة تأتي من أي طرف منخرط في الصراع تهدف إلى التخفيف من معاناة السودانيين في ظل هذا الصراع.
وأضاف في حديث لراديو دبنقا 10 يونيو 2024م، الأطراف المعنية تواصلت مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر لتسهيل هذه العملية لأن الصليب الأحمر يلعب دور الوسيط الإنساني المحايد في مثل هذه العملية، ولكن للأسف لم يتمكن من تسهيل هذه العملية لعدم توفر الضمانات الأمنية لزملائنا العاملين على الأرض.
بيد أنّه أشار إلى تمكن اللجنة من إطلاق سراح أكثر من 565 محتجز من منطلق إنساني بحت؛ ذلك منذ اندلاع الصراع في أبريل2023م.
وفي السياق، أفاد خبير سوداني في القانون الدولي الإنساني- فضّل حجب اسمه- أنّ التوصيف القانوني لوضعية المفرج عنهم هو (المحتجزين) لأنه جرى احتجازهم في أتون صراع داخلي مسلح، وهو التوصيف للحالة السودانية بناء على البروتوكول الإضافي الثاني لإتفاقية جنيف، مضيفاً أن حقوقهم كذلك مضمنة في القانون، وهي الحقوق الإنسانية الكاملة المعروفة.
وحول وضعية الصليب الأحمر على الأرض الآن، أضاف أنّه لم يتمكن من العمل منذ حادثة الشجرة المشهورة في الأيام الأولى لنشوب الحرب، عندما كانت فرق منه تعمل وقتها على إجلاء عدد من الأسر في تلك المنطقة الملتهبة من نواحي الخرطوم، وتعرضت سيارات الإجلاء لإطلاق النار من جانب قوات الجيش بحجة أن السيارات لم تسلك الطريق المتفق عليه مسبقا بين الطرفين والصليب الأحمر، وقد نجم عن تلك الحادثة وفاة بعض أفراد تلك الأسر وإصابة بعض العاملين ضمن بعثة الصليب الأحمر مما قاده لتجميد عمله في الخرطوم من حينها.
وحول ما تم ذكره بأن الشرطيين المفرج عنهم قد تم تسجيلهم لدى رئاسة الصليب الأحمر في جنيف، أفاد المصدر نفسه، أنّ هناك آراء متداولة حول فرضية حصول قوات الدعم السريع على (فورمات) تسجيل الأسرى من مكاتب اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الخرطوم إثر سيطرتها على المناطق التي تقع فيها تلك المكاتب ومن ثم نهب ممتلكاتها بما فيها تلك الفورمات ليتم استغلالها بعد ذلك من جانبهم ودون علم الصليب الأحمر.
(تقدّم) على الخطمن جانب آخر أبلغ بكري الجاك المتحدث الرسمي باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) صحيفة (التغيير) الإلكترونية، أنّ إطلاق سراح ضباط الشرطة المحتجزين لدى قوات الدعم السريع يأتي ضمن إعلان أديس أبابا الموقع في يناير الماضي بين (تقدم) والدعم السريع، حيث التزم الأخير بذلك في الإعلان، وقال إنّ الجيش رفض الحضور للتنسيق مع الصليب الأحمر أكثر من مرّة (طبعا لا نعرف سبب رفض الجيش بشكل مفصل)- بحسب تعبيره.
مسيد أبو قرون.. النجاح في صمتفي بيان باسم الشيخ إدريس الحسن أبو قرون؛ خليفة مسيد الشيخ أبو قرون بمنطقة شرق النيل في الخرطوم بحري، تلقت (التغيير) نسخة منه، كشف عن تواصله منذ نوفمبر 2023م مع قيادات الدعم السريع لإطلاق سراح الأسرى، وتأمين منطقة شرق النيل.
ويمضي البيان إلى أنهم وجدوا من قيادة الدعم السريع كل التقدير والاحترام والموافقة الكاملة على المبادرة والوفاء بالعهد وإطلاق سراح عدد كبير من العسكريين والمدنيين على فترات متفاوتة. وكذلك العمل على تأمين المنطقة من المتفلتين مما قاد إلى بقاء المواطنين وعدم مغادرة قراهم، وحل كثير من المشاكل، وقد تمّ كل ذلك في صمت وبعيداً عن الإعلام، وأنّ المبادرات ستستمر لجمع الصف الوطني وإطلاق سراح الأسرى لدى الطرفين، كما نوه البيان بالشكر لقائد الدعم السريع وعدد من قياداته لدورهم الإيجابي في نجاح المبادرة.
تشكيك وخشية على الطرف الآخرعشية وصول عدد من المفرج عنهم من منسوبي الشرطة السودانية إلى مدينة شندي- بولاية نهر النيل التي تقع تحت سيطرة قوات الجيش والمليشيات المتحالفة معه- انطلقت دعوات تطالب بالتحقيق معهم قبل إطلاق سراحهم وتسليمهم إلى ذويهم خشية أن يكونوا مصادر لقوات الدعم السريع، جاء ذلك في تسجيل صوتي تم نشره على نطاق واسع عبر وسائط التواصل الاجتماعي، حيث دعا فيه الفريق شرطة عابدين الطاهر مدير المباحث الأسبق إلى استجواب الضباط المفرج عنهم، والتعامل معهم بحذر شديد، وعزلهم لمدة زمنية، وعدم السماح لهم بدخول الوحدات الرسمية.
بيد أنّ رأياً مخالفاً تمت نسبته إلى العميد شرطة الطيب شاور دكين، تمّ تداوله كذلك في عدة منصات تواصل سودانية، حيث يطالب العميد دكين بأن يتلقى المفرج عنهم الرعاية الصحية والطبية لأنهم سودانيون ولهم أسر قبل أن يكونوا شرطيين، ونوه إلى أن الخطوة تمت في المسار الذي افترعته (تقدم) باتفاقها مع الدعم السريع على إطلاق سراح المحتجزين لديها.
وتساءل في خاتمة كلمته عن أي جريرة يريد الفريق الطاهر حبسهم بها لمدة 6 أشهر. والملاحظ أنه لم تصدر أي ردود من جانب القوات المسلحة أو قيادة الشرطة حول موضوع هؤلاء المحتجزين المفرج عنهم حتى لحظة إعداد هذا التقرير.
في سياق ذي صلة، وبحسب معلومات من مصادر متطابقة وذات صلة في الأسابيع الأولى لاندلاع القتال في الخرطوم فإن أعداداً كبيرة من ضباط الشرطة كانوا قد عبروا الحدود إلى مصر المجاورة ضمن موجات اللجوء الكثيفة في تلك الأيام، خاصة مع حملات الاستهداف الواضحة داخل الأحياء السكنية لمنسوبي الأجهزة العسكرية والأمنية من جانب قوات الدعم السريع، فيما يعرف معد التقرير أفراداً من منسوبي الشرطة ممن تجمعهم به أواصر وصلات إجتماعية، في الخرطوم والجزيرة، التحقوا للعمل في بعض الولايات التي يسيطر عليها الجيش، أو اتجهوا لأعمال أخرى طلباً للرزق.
الوسومالجيش الخرطوم الدعم السريع السودان الصليب الأحمر القوات المسلحة شرق النيل ضباط الشرطة مسيد الشيخ أبو قرونالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان الصليب الأحمر القوات المسلحة شرق النيل ضباط الشرطة قوات الدعم السریع الصلیب الأحمر ضباط الشرطة المفرج عنهم إطلاق سراح فی الخرطوم شرق النیل أبو قرون من جانب ذلک فی
إقرأ أيضاً:
ما هي فصائل السلام التي شكلتها بريطانيا لقمع ثورة الفلسطينيين؟
في أواخر ثلاثينيات القرن العشرين، ظهرت في فلسطين الانتدابية تشكيلات شبه عسكرية عُرفت باسم "فصائل السلام"، بدعم مباشر من سلطات الانتداب البريطاني، وذلك في سياق قمع الثورة الفلسطينية الكبرى (1936–1939)، وهو ما يتكرر حاليا مع مجموعة "أبو شباب" المدعومة إسرائيليا.
وتألفت هذه الفصائل من عناصر فلسطينية وعربية محلية، أغلبهم من الخصوم السياسيين للمفتي أمين الحسيني، الزعيم الوطني والديني البارز في تلك المرحلة، وهدفت بريطانيا إلى استغلال الانقسامات الداخلية بين الفلسطينيين لضرب المقاومة، من خلال تجنيد متعاونين محليين لملاحقة الثوار وتقديم المعلومات عن تحركاتهم.
وتشكلت فصائل السلام أساساً من عناصر عشائرية ووجهاء محليين، خصوصا من القرى والمناطق التي تضررت بفعل الثورة، أو من أشخاص تربطهم مصالح خاصة مع السلطات البريطانية، ورغم تسميتها بـ"فصائل السلام"، فقد تورطت هذه المجموعات في مواجهات مسلحة ضد رجال المقاومة، وأسهمت في اعتقال عدد كبير منهم، مما أثار عداءً واسعاً تجاههم في الأوساط الشعبية.
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
مع تراجع الثورة الفلسطينية الكبرى واقتراب الحرب العالمية الثانية، لم تعد فصائل السلام تمثل أولوية استراتيجية لبريطانيا، التي بدأت تتخلى تدريجياً عن دعمها لها.
وبعد أن استُخدمت هذه التشكيلات لضرب الثوار وتفكيك البنية التنظيمية للانتفاضة، قامت سلطات الانتداب بحل معظم وحداتها وسحب الغطاء عنها، خاصة مع تصاعد الانتقادات الدولية والمحلية لطبيعة عملها.
وقد تعرض العديد من أفراد هذه الفصائل للاغتيال أو الانتقام الشعبي بعد انكشاف تعاونهم، بينما انسحب آخرون من المشهد السياسي بهدوء، بذلك انتهى دور فصائل السلام بوصفها أداة مرحلية وظّفتها بريطانيا لتفتيت الجبهة الوطنية الفلسطينية، ثم تخلّت عنها بعد أن استنفدت وظيفتها.
ويتكرر هذا الأسلوب حاليا في قطاع غزة، وكشفت إذاعة جيش الاحتلال تفاصيل جديدة عن التعاون والدعم الإسرائيلي الذي تحظى به مجموعة "أبو شباب"، والتي تنشط في رفح، جنوب قطاع غزة.
وقالت الإذاعة، إن قوات "الجيش" نقلت أسلحة إلى عناصر المجموعة، من طراز "كلاشنكوف" والتي تمت مصادرتها من حماس والاستيلاء عليها في القطاع خلال العمليات الجارية.
ويتركز نشاط المجموعة في منطقة رفح، وهي المنطقة التي احتلها جيش الاحتلال، والآن يعمل رجال أبو شباب هناك.
وتزعم الإذاعة أن من بين مهام عناصر المجموعة حماية المساعدات الإنسانية التي تدخل قطاع غزة، ومحاربة حماس، رغم أن الدلائل والتقارير تشير إلى ضلوع المجموعة بعمليات السطو على المساعدات، وتعمدها خلق حالة من الفوضى في غزة.
ومن ناحية أخرى، ذكرت صحيفة معاريف العبرية، أن "الجهة التي تقف وراء تجنيد مجموعة أبو الشباب الإجرامية هي جهاز الأمن العام (الشاباك)، فقد أوصى رئيس المنظمة، رونين بار، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالمضي قدمًا في تجنيد العصابة، وتزويدها ببنادق كلاشينكوف ومسدسات غُنِمت من حركتي حماس وحزب الله خلال حرب السيوف الحديدية، وهي الآن في مستودعات جيش الدفاع الإسرائيلي".
وبحسب تقرير آفي أشكنازي مراسل الصحيفة العسكري، فقد "قدّم رونين بار وجهاز الأمن العام (الشاباك) لرئيس الوزراء خطةً تجريبية ملخصها أن قطاع غزة يحتوي على كميات هائلة من الأسلحة المتنوعة - بنادق، وقاذفات قنابل، وصواريخ محمولة على الكتف، وغيرها ، وأن إدخال بعض البنادق والمسدسات بشكل مدروس ومُراقَب لن يُغيّر من سباق التسلح في غزة".
وذكرت الصحيفة، أن "مجموعة أبو الشباب تضم عشرات العناصر، وهي مكونة من عائلات عشائرية، ومعظم الشخصيات التي جندها جهاز الأمن العام (الشاباك) كعصابة مرتزقة لإسرائيل هم مجرمون غزيون يتاجرون في جرائم المخدرات والتهريب وجرائم الممتلكات"، وفق التقرير.
وكان أساس الفكرة العملياتية لجهاز الشاباك هو استخدام المجموعة كقيادة عمليات، ودراسة إمكانية تشكيل حكومة بديلة لحماس في خلية صغيرة ومحدودة المساحة داخل رفح بحسب الصحيفة.
وقالت المؤسسة الأمنية إنها "لا تُحيط بهذه المجموعة بحواجز ضخمة لتكون بديلاً عن حماس، بل هي عبارة عن بضع عشرات إلى بضع مئات من الأعضاء. الهدف الأساسي هو دراسة إمكانية بناء عناصر محلية تحل محل أنشطة حكومة حماس في مناطق محددة جغرافيا".
بدوره، زعم صحفي إسرائيلي أجرى مقابلة مع ياسر أبو شباب، الذي يقود المجموعة في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، أن الأخير ينسق مع جيش الاحتلال، ويعمل في مناطق تقع تحت سيطرته في القطاع.
وقال دورون كادوش المراسل العسكري لإذاعة جيش الاحتلال: إنه أجرى مقابلة مع أبو شباب، كاشفا عن تفاصيل أنشطته وتعاونه مع السلطة الفلسطينية، وعلاقة مجموعته بالاحتلال.
وزعم أبو شباب أن "مئات العائلات تلجأ إلينا، ونستقبل العشرات منها يوميًا، نحن نحميها في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش، يصلون إلينا عبر ممر إنساني، ونطالب بالسماح بنقل عشرات الآلاف من الأشخاص بأمان، وأن يكون الممر الإنساني تحت إشراف دولي".
وأضاف في مقابلة ترجمتها "عربي21" أن "هناك علاقات تربطه مع السلطة الفلسطينية، وهي شريكة في عمليات التفتيش الأمني على مداخل المنطقة التي يتواجد فيها، علاقتنا مع السلطة قائمة في إطار المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، وفي إطار شرعيتها القانونية، نجري عمليات تفتيش أمنية عبر جهاز المخابرات الفلسطينية، الذي يتعاون معنا في هذا الشأن لضمان عدم دخول عناصر معادية تُخرب مشروعنا للتحرر من حماس، دون أن نتلقى تمويلًا من السلطة".
وأوضح أننا "لا نعمل مع إسرائيل، لكن هدفنا حماية الفلسطينيين من حماس، أسلحتنا ليست من إسرائيل، بل هي أسلحة بسيطة جمعناها من السكان المحليين، دون استبعاد إمكانية التنسيق معها في المستقبل، وإذا تم أي تنسيق، فسيكون إنسانيا، لصالح أهلنا في شرق رفح، وسيتم تنفيذه من خلال قنوات الوساطة".