أعلنت الولايات المتحدة، الجمعة، عن مساعدات طارئة بقيمة 315 مليون دولار للسودانيين، محذّرة من احتمال حدوث مجاعة ذات أبعاد تاريخية، وحمّلت طرفي النزاع مسؤولية الكارثة الإنسانية.  

وتشمل المساعدة الغذاء ومياه الشرب بالإضافة إلى فحوص لحالات سوء التغذية وعلاج الأطفال في حالات الطوارئ. ويأتي ذلك فيما تشير التقديرات إلى أن خمسة ملايين شخص داخل السودان يعانون الجوع الشديد، مع نقص الغذاء أيضا في دول الجوار التي لجأ إليها مليونا سوداني.

وقالت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد للصحفيين: "نريد أن يستيقظ العالم على الكارثة التي تحدث أمام أعيننا". 

وأضافت "لقد رأينا توقعات للوفيات تقدر أن ما يزيد على 2.5 مليون شخص، حوالي 15 في المئة من السكان، في دارفور وكردفان، المناطق الأكثر تضررا، يمكن أن يموتوا بحلول نهاية سبتمبر".

وشددت المسؤولة الأميركية على أن هذه "أكبر أزمة إنسانية على وجه الكوكب، ومع ذلك فهي قابلة بطريقة ما للتفاقم مع اقتراب موسم الأمطار".

لم يجمع النداء الإنساني الذي أطلقته الأمم المتحدة من أجل السودان سوى 16 في المئة من هدفه، مع تركّز الكثير من الاهتمام العالمي على غزة، حيث تحذر منظمات الإغاثة أيضا من مخاطر المجاعة.

وقالت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، سامانثا باور، إن السودان قد يكون في وضع أسوأ من الصومال، في عام 2011، عندما توفي حوالي 250 ألف شخص بعد ثلاثة مواسم متتالية بدون هطول أمطار كافية في بلد على شفا الفوضى.

وأضافت باور أن "السيناريو الأكثر إثارة للقلق هو أن السودان سوف يعيش المجاعة الأكثر فتكا منذ إثيوبيا في أوائل الثمانينيات"، عندما مات ما يصل إلى 1.2 مليون شخص.

انزلق السودان إلى الحرب، في أبريل عام 2023، عندما بدأت المواجهة المسلحة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق في رئاسة مجلس السيادة محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي". 

ومع توسع النزاع على السلطة في أنحاء البلاد، قالت باور إن إيصال المساعدات عبر خطوط سيطرة الجانبين "يكاد يكون معدوما".

انتقدت المسؤولة بشدة كلا الطرفين. وقالت إن قوات الدعم السريع "تنهب بشكل منهجي المستودعات الإنسانية، وتسرق المواد الغذائية والماشية، وتدمر مرافق تخزين الحبوب والآبار في المجتمعات السودانية الأكثر ضعفا".

والجيش كذلك "يناقض تماما التزاماته ومسؤوليته" تجاه الشعب السوداني من خلال منع المساعدات من عبور الحدود مع تشاد إلى دارفور، وفق ما ذكرته المسؤولة الأميركية.

وأضافت سامانثا باور "الرسالة الواضحة حقا هنا هي أن العرقلة، وليس عدم كفاية مخزونات الغذاء، هي الدافع وراء مستويات المجاعة التاريخية والفتاكة في السودان".

المصدر: الحرة

إقرأ أيضاً:

6 نقاط تشرح ما وراء اتهام واشنطن السودان باستخدام أسلحة كيميائية

نشرت صحيفة واشنطن بوست في يناير/كانون الثاني الماضي تقريرا حساسا للغاية، نقلت فيه مزاعم أربعة مسؤولين أميركيين كبار بأن القوات المسلحة السودانية استخدمت الأسلحة الكيميائية مرتين على الأقل ضد قوات الدعم السريع في المناطق النائية من البلاد، وهي القوات التي تتهمها الولايات المتحدة بارتكاب أعمال إبادة جماعية.

وبحسب تقرير للكاتب محمد بن عمر نشر في موقع "ميديم" الأميركي، فإن تقرير الصحيفة الأميركية البارزة لم يقدم أي أدلة ملموسة، ولم يشر إلى أي تحقيق مستقل، ولا إلى تقييمات ميدانية تم التحقق منها، ولا إلى بيانات علمية تدعم تلك المزاعم.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جيوتيان الصينية.. أول حاملة مسيّرات طائرة في التاريخlist 2 of 2"انقلاب عسكري وسقوط إسلام آباد".. انتصارات زائفة في حرب باكستان والهندend of list

في ذلك الوقت، مرت القصة في ظل صمت دولي واضح، ومع ذلك، وبعد أكثر من أربعة أشهر، شرعت واشنطن في فرض عقوبات رسمية على السودان. هذا التسلسل للأحداث، وهو تسريب الخبر إلى وسائل الإعلام ثم الضغط السياسي ففرض العقوبات، يحمل ما يمكن تسميتها بالسمة المميزة لسردية إستراتيجية رسمت بعناية لتحقيق أغراض جيوسياسية.

1- أين الدليل؟

وبحسب تقرير الموقع الأميركي، فإن السؤال الأول الذي يطرح نفسه في هذا الخصوص بسيط ولكنه عميق، وهو أين الدليل؟ فهل زارت لجنة دولية مستقلة مواقع الهجمات المزعومة؟ هل تم جمع عينات التربة أو أي مخلفات بيولوجية وتحليلها من قبل خبراء محايدين؟ وهل سمح للمنظمات الإنسانية المحايدة بالوصول تلك الأماكن وإجراء أي تحقيق؟

إعلان

يجيب كاتب التقرير بأنه لم يحدث أي مما تمت الإشارة إليه، وبدلا من ذلك فمن المتوقع أن يقبل المجتمع العالمي تلك الادعاءات الخطيرة التي تستند فقط إلى مصادر مجهولة لم يتم التحقق منها. فاستخدام الأسلحة الكيميائية تهمة خطيرة يجب أن تعتمد على ما هو أكثر بكثير من التكهنات الإعلامية، فالوصول إليها يجب أن يتم عبر صرامة علمية وإجراءات قانونية واجبة.

الكاتب: المزاعم الأميركية ليست بسيطة فقد استُغلت من قبلُ في تفكيك الجيوش الوطنية (أسوشيتد برس)

وبحسب الكاتب، فإن مثل هذه المزاعم ليست بسيطة، وقد استغلت تاريخيا لتبرير التدخلات الخارجية وتغيير أنظمة الحكم بالقوة وتفكيك الجيوش الوطنية، كما هو الحال في العراق، ويبدو أن السودان ينجذب إلى مصير جيوسياسي مماثل.

2- السياق الذي تم تجاهله

ويرى كاتب التقرير أن ما يجري في السودان ليس صراعا بين فاعلين متساويين، فهناك دولة ذات سيادة تقاتل مليشيا مارقة هي قوات الدعم السريع التي ارتكبت جرائم حرب فظيعة وشردت الملايين وحاصرت المدن، ورغم ذلك، يتم تثبيت سردية تشوّه الجيش الوطني وتتغاضى عن تصرفات المليشيا.

ويؤكد الكاتب أن ما يورده هنا ليس دفاعا عن جانب معين، وإنما هو دفاع عن الحق السيادي للسودان في العدالة والكرامة وتقرير المصير.

ويشير إلى أنه إن كان ثمة دليل موثوق على استخدام الأسلحة الكيميائية، فليتم فحصه من خلال تحقيق دولي شفاف ونزيه تحت إشراف الأمم المتحدة أو منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

إن "فرض عقوبات تستند فقط إلى تسريب صحفي ليس عدالة، إنها سابقة خطيرة للقانون الدولي المسيس".

3- تدابير أميركية متصاعدة

في 22 مايو/أيار الحالي فرضت الولايات المتحدة رسميا عقوبات على السودان، مشيرة إلى انتهاكه قانون مراقبة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية لعام 1991، وستدخل العقوبات المذكورة حيز التنفيذ في السادس من يونيو/حزيران القادم بعد إخطار الكونغرس، وتشمل ما يلي:

إعلان حظر بعض الصادرات الأميركية إلى السودان. فرض قيود على الحصول على قروض الحكومة الأميركية والضمانات الائتمانية. اتهامات رسمية بأن السودان انتهك التزاماته بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية.

تتبع هذه العقوبات عقوبات فردية سابقة ضد رئيس مجلس السيادة والقائد العام للجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان بناء على مزاعم استهداف المدنيين واستخدام المجاعة وسيلةً للحرب.

4- إستراتيجية التصعيد

ووفق الكاتب، فإن التدابير الحالية ليست سوى البداية، ويعتقد أن هناك تكتيكات ضغط أميركية محتملة يمكن أن تشمل ما يلي:

1. إعادة السودان إلى القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب. وقد شطبت الولايات المتحدة اسم السودان رسميا من قائمة الدول التي تعدها راعية للإرهاب في ديسمبر/كانون الأول 2020، وبعد موافقة السودان على دفع أكثر من 300 مليون دولار لحساب خاص بمن يسمون ضحايا الإرهاب، والموافقة أيضا على بدء تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

2. الضغط من أجل إصدار قرار في مجلس الأمن بموجب الفصل السابع، مما قد يؤدي إلى حظر عالمي على الأسلحة للسودان أو ما هو أسوأ.
3. التنسيق مع الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات موازية.
4. الضغط على الحلفاء الإقليميين لتغيير مواققفهم الداعمة للجيش السوداني.

تتبع هذه العقوبات عقوبات سابقة بحق الرهان (أسوشيتد برس)

وتهدف هذه الإستراتيجية المتعددة الأوجه إلى إضعاف القدرات التشغيلية والمكانة السياسية للجيش السوداني من خلال ممارسة ضغط دولي مستمر.

5- استجابات دولية متوقعة ومسرح يتسع

بالإضافة إلى عقوبات واشنطن على السودان، فمن المرجح أن تحذو جهات عالمية وإقليمية فاعلة أخرى حذوها:

قد تدعو منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى إجراء تحقيق مستقل والنظر في تعليق عضوية السودان بها. يتوقع أن يصطف الاتحاد الأوروبي مع واشنطن، كما حدث في مواقفه ضد سوريا وروسيا. يمكن لمجلس الأمن إعادة النظر في قضية السودان بذريعة "تهديد للسلام والأمن الدوليين". قد يضطر الاتحاد الأفريقي إلى اتخاذ مواقف أكثر ضد السودان في ضوء أي إدانات دولية محتملة. قد تعيد المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيقها بشأن السودان، وربما تضيف أسماء جديدة إلى قائمتها لمجرمي الحرب المتهمين. إعلان

ويرى الكاتب أن هذه الإجراءات في حال تنفيذها قد تتسبب في تعميق العزلة الدولية للسودان وترسيخ حالة الشلل السياسي التي يعاني منها.

6- حملة ضغط محسوبة

ويختتم الكاتب تقريره بأن ما يتكشف ليس السعي لتحقيق العدالة، وإنما هي جهود تهدف لإعادة تشكيل النظام السياسي السوداني من خلال سياسة متعمدة للضغط والعزلة، تستخدم مزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية ذريعة لفرض العقوبات ونزع الشرعية عن المؤسسات الوطنية وتحويل ميزان القوى.

ويشدد على أن كل ما سبق هو تنفيذ واضح لمبدأ "الجزرة والعصا"، حيث يحرم الجيش السوداني من الوصول إلى الأسلحة ويتعرض لضغوط اقتصادية ودبلوماسية بهدف إجباره على قبول الحلول السياسية المفروضة من الخارج بغض النظر عن المصالح الوطنية أو الإرادة الشعبية.

ويعكس هذا النهج الإستراتيجيات السابقة المستخدمة في العراق بعد حرب الخليج وليبيا ما بعد القذافي، حيث تم استخدام الخنق الاقتصادي والعزلة السياسية للضغط من أجل الامتثال، مما أدى في نهاية المطاف إلى تجزئة الدولة في الحالتين.

في حالة السودان، تخاطر هذه الإستراتيجية بتفاقم الانقسامات الداخلية، وإطالة أمد المعاناة الإنسانية، وزعزعة استقرار المنطقة الأوسع.

ما هو مطلوب بدلا من ذلك هو تحقيق محايد وخاضع للإشراف الدولي، واحترام السيادة السودانية، والالتزام الحقيقي بالسلام والعدالة، وليس تغيير النظام.

مقالات مشابهة

  • 1.1 مليون درهم مساعدات إنسانية لنزلاء «عقابية دبي»
  • الصحة العالمية: أكثر من 14.5 مليون نازح بسبب أزمة السودان وتدهور الوضع الصحي بشكل غير مسبوق
  • أزمة قطاع الصيد البحري تتفاقم في ظل صمت وزارة الدريوش
  • أي أهداف تسعى إليها واشنطن من عقوبات السودان؟
  • مكالمة هاتفية مشحونة تكشف عن أكبر خلاف بين ترامب ونتنياهو | تفاصيل
  • بيسكوف: الولايات المتحدة تلعب الدور الأكثر نشاطا في الوساطة بشأن أوكرانيا
  • فاتح يلدز يؤكد دعم أنقرة لحل الأزمة الإنسانية في السودان وتمتعه بالسيادة ووحدة أراضيه
  • 6 نقاط تشرح ما وراء اتهام واشنطن السودان باستخدام أسلحة كيميائية
  • واشنطن بوست: أكثر من مليون طالب أجنبي يدرسون بالولايات المتحدة فما أهميتهم؟
  • سفير أنقرة بالخرطوم: إفريقيا شريك استراتيجي وندعم السودان لحل أزمته الإنسانية