البحث عن فرض النفوذ.. اشتعال الحرب الباردة بين القوى الكبرى في أفريقيا.. صراع أمريكي روسي على القارة السمراء.. والهند وإيران تدخلان المعادلة
تاريخ النشر: 23rd, June 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وصراع الدول الأفريقية لنيل استقلالها من القوى الاستعمارية، وخوضها صراعات داخلية وخارجية للحصول على الاستقلال، حتى انتهى خروج المستعمر من القارة من زيمبابوي، وهي آخر الدول التي رحل عنها الرجل الأبيض عام 1980.
انتقلت الحرب الباردة إلى القارة الأفريقية، فشهدت الصراعات بين القوى المتناحرة على الحصول على ثرواتها الطبيعية، فبعد أن انتهت الحرب العالمية الثانية طالت تأثيراتها دول القارة مثل تحول معظم دول القارة نحو التعددية الحزبية ورغم أن بعض من دولها تأثرت بالنظام السوفيتي في إعادة بناء أركان الدولة، ورغم أن لم تكن دول الاتحاد السوفيتي قوى استعمارية في القارة، لكن الدعم التي شهدته بعض من الدول التي تم تحريرها من الاستعمار الغربي، دعما من السوفيت، واعتبره زعماء أفريقيا أن الاتحاد السوفيتي هو محامي صلب تجاه قضايا التحرر، وداعما للدول التي تتبنى الأفكار الماركسية في ذلك الوقت، كما حاولت الدول التي نالت استقلالها الابتعاد عن كل ما هو استعماري، ورغم ذلك لم تستمر الأفكار الماركسية أمام الاتجاه الليبرالي العالمي، كما لم تصبح الطريق الذي تسيره عليه أفريقيا، فاتجهت القارة نحو الديموقراطية والتعددية الحزبية.
وحسب دراسة حملت عنوان " التطورات السياسية في أفريقيا جنوب الصحراء بعد الحرب الباردة" للدكتور نغم محمد صالح، فإنها ترى المتغيرات التي مر بها العالم، وتكالب الدول الاستعمارية على ثروات القارة الأفريقية، وهو ما أشعل الحرب الباردة كان له تأثير واضح على كل القوى في أفريقيا، وخاصة توجه هذه القوى نحو القارة السمراء، وتغيرت اتجاهها، وبعد ضعف الاتحاد السوفيتي في وقت سابق، وأصبحت الولايات المتحدة الأمريكية هي المسيطر عالميا، والقطب الأوحد عادات مرة أخرى قوى عالمية كروسيا والصين وبدأ الصراع على الثروات الأفريقية، فاتسمت هذه الحرب الباردة بأنها اتخذت الاتجاه الاقتصادي بشكل أكبر من غيره، فسعت القوى الكبرى للحصول على مقدرات هذه الدول، وخاصة أنها تمتلك المواد الأولية للصناعة التي تقوم عليها الدول الصناعية، وامتلاك القارة لهذه المقدرات يجب أن يحولها من القارة الضعيفة إلى العمل على استغلال هذه الثروات التي تمتلكها وعدم السماح للدول الخارجية بالتدخل في الشأن الداخلي للدول الأفريقية، لوقف استغلال مقدراتها وهو ما يتطلب استيعاب الأحداث العالمية، والتعامل معها، والاعتماد على النماذج السياسية والاقتصادية من أبناء القارة، وعدم الاعتماد على النماذج المستوردة من الخارج، والتي هدفها حفظ القوى الطامعة في مقدرات أفريقيا وتحويلها لأرض للحرب الباردة.
تكالب الدول الاستعمارية على ثروات القارة الأفريقيةوحسب حديث لـ«CIA»، قال كاميرون هدسون، المتخصص في الشأن الأفريقي، إن الانسحاب الأخير الذي أعلنت عنه الولايات المتحدة الأمريكية من النيجر وتشاد، هو انسحاب قسري، ويعتبر انسحابا قسريا، يجب أن تشعر منه واشنطن بالقلق، ولذلك أمريكا في حاجة ضرورية لتغير طريقة تعاملها مع الوضع في أفريقيا، بعدما فشلت السياسة الأمريكية في الشراكة الأمنية فعليها دعم الديمقراطية حتى تواجه التمدد الروسي والصيني في القارة، ومواجهة الإرهاب الذي تسبب في انعدام الأمن، وضعف الديموقراطية، وهو دور هام على الولايات المتحدة أن تواجهه في القارة الأفريقية، وترسيخ مكافحة الإرهاب وتعزيز الديموقراطية ، وخاصة مع اتجاه قادة الدول في أفريقيا اختيار شركائهم لتحقيق مصالحهم دون النظر من هو الشريك، في ظل صراع يدور في ساحات الدول، وهو ما تم رصده في التهديدات الإرهابية في منطقة الساحل، واتجاه الدول في أفريقيا ناحية موسكو بدلا من واشنطن.
وحسب تصريحات "كاميرون" فالقادة في الولايات المتحدة الأمريكية، ترى هذا الصراع الدائر في القارة على أنه حرب باردة تشهرها القارة السمراء، وهو الأمر الذي يغضب القادة الأفارقة، وجعل قادة الدول تنظر للولايات المتحدة كونها دولة غير صديقة لأفريقيا، وحسب ما قاله الجنرال «مايكل لانجلي»، رئيس القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا، في رسالة قام بتسليمها في مارس الماضي للكونجرس الأمريكي: «هناك عدد من البلدان عند نقطة التحول التي يتم استغلالها بالفعل ».
اتجاه قادة الدول في أفريقيا اختيار شركائهم لتحقيق مصالحهمويرى كاميرون أن على الولايات المتحدة إيقاف هذه المنافسة، والعمل على التعاون مع الدول الأفريقية، وتتخلى عن طريقتها في إملاء شروط وأوامر للشركاء في أفريقيا، وتؤمن بأن القارة ذات أهمية استراتيجية لها.
وفي تصريحات لـ"البوابة، يرى محمد تورشين، محلل سياسي سوداني، وباحث في الشؤون الأفريقية، الأحداث في القارة الأفريقية تمضي بتسارع شديد في ظل حضور روسي كثيف، لأنها أصبح حضورها طاغيا في الساحل الأفريقي، كما أنها نجحت في السيطرة على أفريقيا الوسطى، كما تتواجد بقوة في ليبيا لدعم حليفها، كما لديها تطلعات وآمال أن تكون حاضرة في الصراع السوداني بقوة، وتزعم للتأثير في أكثر من دولة أفريقية، وهي استراتيجية وضعتها بوتيرة سريعة، في ظل وجود قوى إقليمية أخرى لديها نفس التطلعات والمطامع والتطلعات مثل الهند وإيران، فبالتي يتضح الأمر أن أفريقيا أصبحت ساحة لتصفية الحسابات بين القوى الإقليمية والدولية فهو صراع نفوذ وفرض إرادة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الحرب العالمية الثانية الاتحاد السوفيتي كاميرون هدسون الولايات المتحدة القادة الأفارقة القارة الأفریقیة الولایات المتحدة الحرب الباردة فی أفریقیا فی القارة
إقرأ أيضاً:
تحذير إسرائيلي من التردد في حسم معضلات الحريديم وإيران وغزة
في الوقت الذي تواجه فيه دولة الاحتلال سلسلة من الأزمات الداخلية والخارجية، تظهر أمامها ثلاث معضلات أساسية: تجنيد الحريديم، استمرار الهجمات على إيران، ونهاية الحرب في غزة، وكل منها يحمل مخاطر شديدة عليها من جميع الاتجاهات، مما يجعلها بحاجة إلى ما يسميها الاسرائيليون "لحظة بن غوريون" التي تتمثل بخيار التحرر من الجمود القاتل في جميع المجالات، والتردد في اتخاذ القرارات.
الجنرال إيتان بن إلياهو، القائد السابق لسلاح الجو، أكد أن "الدولة تواجه قرارات حاسمة وعاجلة، وكل طريق تختاره يحمل مخاطر وتحديات جديدة، ومع ذلك، فإن القيادة الحقيقية تلتزم باتخاذ القرارات، حتى عندما يكون من الواضح أن كل واحدة منها تشكل حلاً وسطاً محفوفاً بالمخاطر".
وأضاف في مقال نشرته القناة 12، وترجمته "عربي21" أن "قضية تجنيد اليهود المتشددين تتصدّر أجندة الرأي العام، لأن عدم التعبئة في صفوفهم قد تخلق عبئاً تنظيميا على الجيش، وتعمق الانقسام الاجتماعي، بل وربما تؤدي لاستيلاء مسياني على الجيش، حيث يطيع الجنود الحاخامات بدلاً من قادتهم، كما قد يؤدي لانهياره تحت وطأة العبء، وإلحاق أضرار جسيمة بالاقتصاد، وتوسيع الصدع في الدولة لأبعاد لا يمكن إصلاحها، ولذلك فإن التسويف المستمر، وانعدام القدرة على اتخاذ القرار يخلقان واقعاً فوضويا على الأرض".
وأشار إلى أن "القضية الثانية تتمثل بالهجوم على إيران الذي شكل نجاحا عسكريا، لكنه لم يحقق بعد النتيجة الاستراتيجية المرجوة، وإذا لم يتم اتخاذ خطوات إضافية، فإن إنجازات القوات الجوية قد تذهب أدراج الرياح، في حين أن تجدد الهجوم يحمل مخاطر جدية على الصعيدين العسكري والسياسي، ولكن في غياب القيادة التي تدفع نحو استئناف المفاوضات، وتستغل الإنجازات العسكرية لإنجاز تسوية سياسية مع الإيرانيين، فقد نشهد تلاشي فعالية العملية الناجحة".
وأوضح أن "المعضلة الثالية تكمن في مسألة إنهاء الحرب في غزة، بزعم أن وقف القتال قد يسمح لحماس بالتعافي، وتشكل مرة أخرى تهديدا كبيرا، وعلى النقيض من ذلك، فإن السيطرة الكاملة للجيش على القطاع ستجعل الجنود هدفاً سهلاً للمقاتلين، وتعرض حياة الرهائن المتبقين للخطر، وتفرض عبئاً هائلاً في شكل الحكم العسكري والتهجير والاستيطان".
وأضاف أن "الدولة التي تضم بالفعل 2.25 مليون من فلسطينيي48 داخلها، و3.5 مليون آخرين في الضفة الغربية، ستضيف لسيطرتها ومسؤوليتها 2.25 مليون آخرين في غزة، إضافة لأربعة ملايين لاجئ منتشرين في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، مما يعني وقوعها في فخ، لأن تردد الحكومة، وخوفها، يكمن في أن يؤدي وقف الحرب لتقويض استقرار التحالف الحكومي".
وحذر أنه "إذا امتد الأمر إلى حلول التهجير والاستيطان في غزة، فلن يواجه معارضة الأغلبية الإسرائيلية فحسب، بل قد يتحول لكارثة، مما يستدعي إحياء تراث بن غوريون في اتخاذ القرارات الشجاعة، رغم المخاطر الكامنة فيها، وتتمثل في وقف الحرب، وإعادة الرهائن على الفور، لأن المخاطر لن تختفي على أي حال، وستبقى حالة عدم اليقين، لكن معظم المشاكل سيكون من الأسهل حلها، وستكون الدولة قادرة على التعامل مع المشاكل المتبقية".