لجريدة عمان:
2025-06-01@13:15:08 GMT

من فرنسا إلى أمريكا.. أقصى اليمين يتقدم

تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT

من الآن فصاعدا يحب اليمين المتطرف في فرنسا أن يُسمّي ببساطة اليمين (بإسقاط صفة المتطرف- المترجم) ويمكن إدراك المنطق وراء ذلك. فالتجمع الوطني وهو حزب اليمين المتطرف أو أقصى اليمين في فرنسا يتقدم بقوة في استطلاعات الرأي العام حول الانتخابات التشريعية والتي يقترب موعدها بسرعة.

في الأثناء، اليمين التقليدي يتداعَى.

وإذا صار التجمع الوطني المجموعة الأكبر في البرلمان الفرنسي في يوليو سيعيد تعريف التيار المحافظ في فرنسا.

مسألة إعادة تسمية أقصى اليمين يتردد صداها فيما وراء فرنسا. فهنالك قضية شبيهة في الولايات المتحدة التي شكَّل فيها دونالد ترامب الحزبَ الجمهوري على صورته (جعله تجسيدا لأفكاره). فحزب جورج دبليو بوش التقليدي والموالي للسوق والعالمي التوجُّه بالكاد يوجد اليوم. وشعار ترامب القومي «أمريكا أولا» يتحكم الآن في حركة المحافظين هناك.

كما تدور مناقشات موازية في إيطاليا وبريطانيا. فهل لا يزال من المعقول وصف جورجيا ميلوني رئيسة وزراء إيطاليا بالسياسية «اليمينية المتطرفة»؟ ومع تقدم حزب نايجل فاراج «الإصلاح» على حزب المحافظين البريطاني الحاكم في أحد استطلاعات الرأي العام هنالك حديث حتى عن استحواذ فاراج وأفكاره على المحافظين في فترة ما بعد الانتخابات.

إذن ما الذي يتبقى من السِّمات التي تميز اليمين عن اليمين المتطرف؟ الخط الفاصل والحاسم بينهما هو المواقف من الديمقراطية. فإذا رفض زعيم سياسي القبول بنتائج الانتخابات وأراد سحق «الدولة العميقة» وهو ما يعني في الواقع الدولة نفسها فمن الواضح أنه في أقصى اليمين.

لكن إذا دفع حزب ما بسياسات يعتبرها الليبراليون مستهجنة أو رجعية أو حتى عرقية لكنه يفعل ذلك في إطار السياسة الديمقراطية وحكم القانون قد لا يعود مصطلح «اليمين المتطرف» ملائما في هذه الحال.

الأيديولوجيات والحركات السياسية تتطور. وبعض هذه القوى الصاعدة قد تكون ببساطة وجها جديدا للسياسة اليمينية. وذلك تماما مثلما غيَّر السير روبرت بِيل حركة المحافظين البريطانية في القرن التاسع عشر وكما شكَّل من جديد باري جولدواتر (المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية في عام 1964) ورونالد ريجان اليمين الأمريكي في القرن العشرين.

يتحدث علماء السياسة عن «نافذة أوفرتون» وهي سلسلة من السياسات التي تعتبر محترمة من قبل الرأي العام السائد في وقت ما. (يُنسَب المصطلح إلى عالم السياسة جوزيف أوفرتون والذي يعتقد أن القيمة السياسية لفكرة ما تعتمد على وجودها ضمن الحَيِّز العام للأفكار المقبولة وليس على التفضيلات الفردية للساسة- المترجم).

ما فعله ويفعله ساسة من أمثال ترامب ومارين لوبان وفاراج هو تحويل أو زحزحة تلك النافذة. لذلك السياسات التي كانت تُعتبر في وقت ما يمينية متطرفة انتقلت إلى التيار السياسي الرئيسي. هذا أوضح ما يكون في سياسات الهجرة. فالآن تحدّد تنويعاتُ من سياسات «بناء الجدار» الترامبية طبيعةَ الجدل في الغرب. هل يمكن حقا وصف هذه السياسات «باليمينية المتطرفة» عندما توافق عليها الأغلبية؟ يبدو أن مصطلحا آخر مثل «الشعبوية القومية» أكثر دقة في نعتها.

أيضا زحزح ترامب وأمثاله «نافذةَ أوفرتون» نحو المواقف من روسيا وأوكرانيا. هنا يصبح الخط الفاصل بين شكل جديد لحركة المحافظين واستبداد اليمين المتطرف أقل وضوحا. ومن الممكن أن ترامب ولوبان وأمثالهما يريدون عقد صفقة مع روسيا لأنهم انعزاليون بلا هوادة ولا يعتقدون أن دعم أوكرانيا يخدم المصلحة الوطنية. لكن تودّدهم للرئيس الروسي قد يعكس أيضا إعجابا بأسلوب حكمه.

من المؤكد أن ترامب كشف عن حقيقته بعد خسارته انتخابات عام 2020. فرفضه قبول نتائجها وتشجيعه على محاولة انقلابية أظهرا عداءه التام للديمقراطية. والجمهوريون التقليديون من أمثال عضوي مجلس الشيوخ ماركو روبيو وميتشل ماكونيل خانوا مبادئ أساسية وحطُّوا من قدر أنفسهم بمباركة موقف ترامب.

لكن لوبان وميلوني تتحركان في الاتجاه المعاكس. فميلوني حتى الآن تبدو مثل محافظ تقليدي نسبيا في سدَّة الحكم. ذلك على الرغم من أن عديدين من أهل اليسار الإيطالي يرتابون بشدة في أنها تُخفي أجندة.

واستراتيجية لوبان بأكملها في العقد الماضي كانت التخلص من «شيطنة» أقصى اليمين والانتقال به إلى الوسط. ولأجل تلك الغاية طردت حتى والدها من الحزب. ومؤخرا جدا قطعت صلتها بحزب اليمين المتطرف في ألمانيا «البديل من أجل ألمانيا».

هل يعني ذلك أننا يمكن أن نسترخي إذا حصل حزب التجمع الوطني الفرنسي على حصة في الحكم في يوليو؟

على الإطلاق لا. فبعض سياسات لوبان حول أوروبا مثل استعادة سيادة القانون الفرنسي أو عدم سداد مدفوعات فرنسا لموازنة الاتحاد الأوروبي يمكن أن تسبب اضطرابا اقتصاديا وتهدد بقاء الاتحاد.

لكن من الممكن السعي لتطبيق مثل هذه السياسات بطريقة مشروعة داخل الإطار الديمقراطي. والخطورة الحقيقية يمكن أن تنشأ إذا أوجدت أجواءُ أزمةٍ لحزب التجمع الوطني عذرا لاستدعاء سلطات الطوارئ وبالتالي الانتقال إلى السلطوية. فهنالك أناس يدورون في فلك أقصى اليمين الفرنسي سبق لهم في الماضي القريب مغازلة أفكار شريرة وغير ديمقراطية.

القول بأن احترام الديمقراطية يمثِّل الخط الفاصل بين اليمين واليمين المتطرف قد يبدو تغليبا للشكل على المحتوى. يعتقد عديدون أن الشيء غير المقبول حقا من الساسة أمثال ترامب ولوبان يتمثل في السياسات التي يناصرانها حول سلسلة من القضايا بداية من الهجرة وإلى حقوق النساء.

لكن طالما ظلت هياكل الديمقراطية باقية، لدى الناخبين فرصة رفضِ تلك السياسات في نهاية المطاف. فقد تخلت الولايات المتحدة عن ترامب في انتخابات 2020. أيضا حزب القانون والعدالة البولندي المشتطُّ في نزعته المحافظة فقد السلطة في العام الماضي.

ويظل احترام الديمقراطية الحدُّ الفاصل بين السياسة المحافظة واستبداد اليمين المتطرف.

جيديون راكمان كبير معلقي الشؤون الخارجية بصحيفة الفاينانشال تايمز.

الترجمة خاصة لـ $

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الیمین المتطرف أقصى الیمین

إقرأ أيضاً:

أمريكا تستعد لتقديم ورقة شروط جديدة لإيران تتضمن وقف تخصيب اليورانيوم

كشفت تقارير إعلامية أمريكية، اليوم الجمعة، عن استعداد واشنطن لتقديم ورقة شروط جديدة إلى طهران تطالب بوقف تخصيب اليورانيوم بشكل كامل، في خطوة تعكس تشددًا متزايدًا من إدارة الرئيس دونالد ترامب تجاه الملف النووي الإيراني.

ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤول أمريكي رفيع المستوى قوله: "واشنطن تجهز لتقديم ورقة شروط لإيران تتضمن وقف تخصيب اليورانيوم، وإذا لم تقبل إيران الشروط فلن يكون يوما جيدا لها"، في تهديد مبطن بإمكانية التصعيد.

وأكدت الصحيفة، نقلا عن عدد من المسؤولين الأمريكيين، أن البيت الأبيض يأمل أن تُسهم بنود الاتفاق المقترح في تهدئة مخاوف إسرائيل الأمنية من البرنامج النووي الإيراني، كما يسعى لإقناع تل أبيب بتأجيل أي هجوم عسكري محتمل على إيران.

إيران تخترق حكومة إسرائيل ومقربين من نتنياهو عبر واتساب .. تفاصيلترامب يلوّح بالخيار العنيف مع إيران: لا نتيجة سوى "ذكية أو عنيفة"زلزال بقوة 5.5 ريختر يضرب جنوب إيرانترمب: إيران تريد إبرام صفقة وحذرت نتنياهو من أي إجراء عدوانيإيران تنفي تخليها عن تخصيب اليوارنيوم مقابل وعود أمريكيةإيران تعدم رجلا لتخابره مع الاحتلال الإسرائيليمسئول أمريكي: ترامب حذر نتنياهو من تقويض الجهود الدبلوماسية مع إيرانزلزال بقوة 5 درجات يضرب إيران.. والكويت ترصد

وفي هذا السياق، نقلت "وول ستريت جورنال" عن مصدر مطلع تأكيده أن إسرائيل كانت قد وضعت خطة لهجوم على منشآت إيرانية خلال العام الجاري، لكنها وافقت على إرجاء التنفيذ بعد طلب مباشر من إدارة ترامب.

وأضافت الصحيفة أن العمل العسكري، إن حدث، قد يؤخر المشروع النووي الإيراني لمدة لا تقل عن عام، لكن مسؤولين غربيين وإسرائيليين عبروا عن شكوكهم في مدى فعالية مثل هذا الهجوم في إنهاء البرنامج بشكل كامل.

من جهته، قال المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف في تصريح سابق إن الولايات المتحدة "لن تسمح لإيران بأي نوع من تخصيب اليورانيوم ولو بنسبة 1%"، في تأكيد على تشدد واشنطن في التعامل مع هذا الملف الحساس.

وفي الوقت ذاته، تستمر المحادثات غير المباشرة بين الجانبين، حيث جرت مؤخرا جولة رابعة من التفاوض في إحدى الدول الأوروبية، وسط تحذيرات من مسؤولين أمريكيين بأن فشل التفاهم مع طهران قد يدفع الأمور إلى مواجهة عسكرية في المنطقة.

إيران تخترق حكومة إسرائيل ومقربين من نتنياهو عبر واتساب .. تفاصيلترامب يلوّح بالخيار العنيف مع إيران: لا نتيجة سوى "ذكية أو عنيفة"زلزال بقوة 5.5 ريختر يضرب جنوب إيرانترمب: إيران تريد إبرام صفقة وحذرت نتنياهو من أي إجراء عدوانيإيران تنفي تخليها عن تخصيب اليوارنيوم مقابل وعود أمريكيةإيران تعدم رجلا لتخابره مع الاحتلال الإسرائيليمسئول أمريكي: ترامب حذر نتنياهو من تقويض الجهود الدبلوماسية مع إيرانزلزال بقوة 5 درجات يضرب إيران.. والكويت ترصد

على الجانب الآخر، نفت إيران عبر مسؤولين رسميين صحة التقارير التي تتحدث عن استعدادها لتعليق التخصيب، مؤكدين أن البرنامج النووي السلمي يمثل "مبدأ لا جدال فيه"، وأن تخصيب اليورانيوم هو "حق سيادي غير قابل للمساومة".

ووفق ما أكدته مصادر دبلوماسية للصحيفة الأمريكية، فإن ورقة الشروط الأمريكية لم تُعلن رسميًا حتى الآن، لكنها تنص على وقف التخصيب مقابل رفع تدريجي للعقوبات الاقتصادية، وتقديم حزمة من الضمانات التجارية والاستثمارية لطهران.

طباعة شارك إيران أمريكا طهران المفاوضات النووية النووي واشنطن

مقالات مشابهة

  • ترامب يدمر ريادة أمريكا التكنولوجية
  • اليابان: لا اتفاق تجاري مع أمريكا دون إلغاء شامل للرسوم
  • ترامب يقود حربا جديدة ضد الصين على أرض أمريكا .. تفاصيل
  • اعتبارا من تموز المقبل ..فرنسا تحظر التدخين في كل الأماكن التي يتواجد فيها الأطفال
  • عقدت معها اتفاقية سريعا لإنقاذها.. ترامب يتهم الصين بانتهاك اتفاقها التجاري مع أمريكا
  • فرنسا تحظر التدخين في كل الأماكن التي يتواجد فيها الأطفال بدءًا من يوليو
  • أمريكا تستعد لتقديم ورقة شروط جديدة لإيران تتضمن وقف تخصيب اليورانيوم
  • ترامب يتحدث عن كلفة تعديل الطائرة التي حصل عليها من قطر
  • وجه “مارألاغو”.. هوس الجمال بملامح عائلة ترامب يغزو أمريكا
  • زلزال سياسي في البرتغال.. اليمين المتطرف يصعد للمركز الثاني