لجريدة عمان:
2025-05-30@13:23:49 GMT

جد غيثًا..

تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT

عندما يأتي الحديث عن الابتكار المجتمعي في الأعمال الخيرية يتجلى الإرث الخالد للسمت العماني الأصيل، فالجود وقيم العطاء والتكافل ليست جديدة على مجتمعنا، وهي بمثابة المحفزات لتجسيد هذا الإرث في ثقافات وممارسات ابتكارية تساهم في وضع حلول عصرية للتحديات الاجتماعية، وقد أوجدت تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات آفاقًا رحبة لدعم جهود الأعمال الخيرية والتطوعية، وتمكين الابتكار المجتمعي القادر على إحداث آثار تحويلية إيجابية ومستدامة، وهذا يقودنا إلى منصة «جود» الخيرية الإلكترونية، التي أطلقتها وزارة التنمية الاجتماعية مؤخرًا كمظلة عمل وطنية داعمة للجهود المجتمعية التي تقوم بها الجمعيات والفرق الخـيرية التطوعية في سلطنة عُمان، وهذه المنصة تمثل قيمة مضافة لمنظومة العمل الخيري والتطوعي، وذلك من حيث إضفاء الصفة المؤسسية للشراكة المجتمعية في التنمية، وكذلك في مواكبة الاتجاهات الحديثة لتجويد رسالة مؤسسات المجتمع المدني بصفتهم شركاء التنمية الوطنية، وحجر الأساس في توظيف الابتكار المجتمعي في سياقه الأوسع والشامل.

في البدء لا بد من الإشارة إلى أن توظيف التقنيات الرقمية في إدارة ممارسات الأعمال الخيرية قد ظهر مع بداية الألفية، وبدأ يكتسب مساحة في الممارسات والعمليات بشكل تدريجي خلال العقدين الماضيين، ولكنه انتشر بشكل كبير خلال فترة وباء كوفيد -19 بسبب تدابير التباعد الاجتماعي للوقاية من الجائحة، حيث تعذر حينها إقامة فعاليات التوعية واستقطاب المانحين وجمع التبرعات بالطرق التقليدية، وبذلك أصبح لزامًا اللجوء إلى أنماط العمل عن بعد، وافتراضيًّا عبر مختلف التقنيات والمنصات الإلكترونية. وفي بداية التحول الرقمي ظهرت المخاوف بشأن إحجام المانحين عن التبرع إلكترونيًّا بسبب حداثة محور ضمان الثقة في قنوات الدفع الآمنة التي كانت تروج لها الجمعيات الخيرية، ولم تجد التقبل المجتمعي الواسع، ولكن واقع الحال جاء مغايرًا تمامًا، فالانتقال إلى جمع التبرعات إلكترونيًّا لم يكن مماثلا للحملات التقليدية وحسب، ولكنه فاقها في الأثر، فقد أتاحت المنصات الإلكترونية بأدواتها التفاعلية الفرصة للجمعيات الخيرية ببناء الشراكات الفاعلة مع جهات داعمة جديدة لم تكن موجودة في المشهد السابق، وتمكنت الجمعيات بمختلف مجالات عملها الخيري من الاستفادة من المشاركات المجتمعية من خارج الحدود الجغرافية التي تصلها الحملات التقليدية، كما أظهر استطلاع الرأي زيادة مستوى الوعي بين الفئات العمرية الشابة، مما يعكس تحولا إيجابيًّا في غرس قيم العطاء في النسيج المجتمعي.

وبذلك فإن التقنيات الحديثة أصبحت من أهم مكونات العمل في المجال الخيري والتطوعي، فدورها لا يقتصر على توليد مشاركة المانحين والحفاظ على استدامتها، وتسهيل الدفع الآمن للمساهمات النقدية، إذ يمكن للمؤسسات الخيرية الاستفادة كذلك من وسائل التواصل الاجتماعي كأداة تسويقية لاستهداف مختلف الشرائح المجتمعية، وعلى المستوى التقني فإن الذكاء الاصطناعي يمكنه أن يلعب دورًا كبيرًا في تحليل البيانات وتحديد الأنماط والاتجاهات، لدعم أولويات عمل مؤسسات الأعمال الخيرية التي أصبحت أكثر اعتمادًا على التكنولوجيا من أي وقت مضى، وهذا ما ساهم في تصدر الابتكار المجتمعي القائم على توظيف التقنيات المتقدمة.

فإذا نظرنا إلى منصة «جود» الخيرية نجدها تتواكب مع هذه الاتجاهات العالمية من حيث المزايا التي تقدمها للمانحين والمستفيدين وهي تجربة ابتكارية ومجتمعية وليست مجرد منصة خدمية، فوجود هذه المنصة على خريطة العمل المؤسسي يعد مسرِّعًا في الاستثمار في قيمة العطاء، ونشر ثقافة العمل الخيري كمحفز لتحقيق أهداف تنموية وطنية في الرفاه الاجتماعي؛ لأن قوة العطاء تمتد إلى ما هو أبعد بكثير من إيصال التبرعات للمستحقين، وتحسين حياة الأفراد، فالمبادرات الخيرية تحدث تأثيرًا إيجابيًّا عميقًا ومضاعفًا للتغيير الإيجابي المنشود، وتعزز الشعور بالانتماء والمواطنة المسؤولة التي تؤدي دورًا محوريًّا في معالجة التحديات الاجتماعية المختلفة، كما أن وجود منصة «جود» الخيرية يجعل من التوعية بأهمية العمل التطوعي والخيري أكثر حضورًا وتأثيرًا وإلهامًا وخصوصًا لدى فئات اليافعين والشباب الذين هم أكثر انجذابًا للأدوات الإلكترونية، ومن خلال إشراك الشباب في الأنشطة الخيرية يمكن غرس السمت العُماني والشعور بالمسؤولية الاجتماعية منذ سن مبكرة، وذلك تعزيزًا للنسيج الاجتماعي ولرفع حس الانتماء والترابط، وبناء الثقة بأهمية العمل الخيري في الالتزام بإحداث الفرق حاليًّا وللأجيال المستقبلية.

أصبح الابتكار المجتمعي ضرورة ملحة لدعم التنمية الشاملة والمستدامة، ورعاية ثقافة العطاء وقيم التضامن تتجاوز إطار الأعمال الخيرية العرضية، فهي تتقاطع مع أهم المحاور الحاسمة لبناء مجتمعات متماسكة، وقادرة على تعزيز التعاون والحوار بين الأجيال، وتشمل هذه المحاور إتاحة الأدوات التي تُمكّن فئات المجتمع من الأخذ بزمام المبادرة في المشاركة في الأعمال الخيرية، ثم تعزيز الوعي بثقافة العطاء التي تمتد إلى ما هو أبعد من الأفعال الفردية، وهذا هو جوهر الابتكار في منصة «جود» الخيرية؛ لأنها تنسج هذه الخيوط معًا لإحداث تأثير إيجابي وبشكل تشاركي ومُلهم، وذلك من خلال تسخير التكنولوجيا، وإبراز القيمة التنافسية للسمات العُمانية القائمة على العطاء، وبما يخلق التأثير المضاعف لممارسات وثقافة العمل الخيري والتطوعي الذي يمكّن المجتمع من معالجة مجموعة واسعة من التحديات القضايا المجتمعية، إذ يسمح هذا التآزر بابتكار حلول أكثر شمولا واستدامة، وفي الوقت ذاته يساهم وجود هذه المنصة في دعم اتخاذ خطوات استباقية في العمل الخيري الممنهج، وهذا من شأنه أن يضفي عنصر المرونة والشمولية في الجهود الخيرية والتطوعية.

ومع وجود المنصة الوطنية «جود» فإنه من الأهمية بمكان تعزيز الوعي لخلق تأثير دائم ومضاعف لمفهوم العمل الخيري التطوعي، وإدماج الشباب في قيادة ابتكارات اجتماعية مدفوعة بالتكنولوجيا لإضافة مكاسب إضافية لممارسات وثقافة العطاء، وتشجيع العمل المشترك والفعّال لجميع أطياف المجتمع، وتأصيل الشعور بالملكية لهذا العمل الوطني الذي يمتد تأثيره ليشمل الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والقيمية، وكذلك يعبر الحدود الزمنية ليترك إرثًا دائمًا للأجيال القادمة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الأعمال الخیریة العمل الخیری تعزیز ا

إقرأ أيضاً:

نقل وتوطين التكنولوجيا.. تعرف على أجندة مؤتمر الابتكار وريادة الأعمال نحو تنمية زراعية

انطلقت فعاليات اليوم الثاني لمؤتمر  ومعرض الابتكار وريادة الأعمال نحو تنمية زراعية في المجال الزراعي الذي ينظمة مركز البحوث الزراعية بمشاركة مجموعة من المنظمات و الشركات الكبري المهتمة بالابتكارات و ريادة  الأعمال في المجال الزراعي وياتي ذلك في اطار توجيهات وزير الزراعة علاء فاروق وتحت اشراف الدكتور عادل عبد العظيم رئيس مركز البحوث الزراعية 
وقد. بدءات  الجلسات الحوارية وورش العمل في اليوم الثاني للمؤتمر، حيث بدءت الجلسة الحوارية الأولي، عن محاضرة: " نقل وتوطين التكنولوجيا"

ضبط 24 شيكارة أسمدة زراعية محظور تداولها بكفر الشيختكثيف زراعة أشجار الظل بالمدارس ومراكز الشباب لمواجهة إرتفاع الحرارة بأسوان


 
وجائت المحاضرة الثانية 
دور الاستشعار عن بعد في استصلاح الأراضي والتنمية الزراعية"
للدكتور عبد العزيز شتا أستاذ الأراضي بكلية الزراعة جامعة عين شمس، تحدث فيها عن التغيرات المناخية وآثارها على التنبؤات بارتفاع منسوب مياه البحر وتأثيراتها  على أراضي شمال الدلتا والمياه الجوفيه بها.


والتعديات على الأراضي الزراعية القديمة بالبناء خارج الاحوزة العمرانية المعتمدة وتغيير سياسة الاستخدام الزراعي الي استخدامات أخرى. تحديات في التأثير على جودة التربة فى الاراضي المستصلحة وحديثة الاستصلاح والاستزراع والخاصة باحتمالات تغير ملوحة مياه الآبار وغيرها.


تدهور مستويات الخصوبة نتيجة استنزاف المغذيات المعدنية وتوقف وصول معادن الطين والطهى وكذلك التكثيف الزراعي.

 تسويق منتجات مركز البحوث الزراعية


و انتهت الجلسة بتعقيب من الدكتور عادل عبد العظيم رئيس مركز البحوث الزراعية عن إمكانية التعاون مع القطاع الخاص الذي أكد استعدادة  لإمكانية تسويق منتجات مركز البحوث الزراعية والاستفادة من تعاون  المشترك بين البحث العلمي الزراعي  والقطاع الخاص

طباعة شارك تنمية زراعية المجال الزراعي البحوث الزراعية وزير الزراعة مركز البحوث الزراعية

مقالات مشابهة

  • «خلوة الجود» ترسم مستقبل العمل المجتمعي في دبي
  • «الأعمال الخيرية العالمية» تنفذ 50 مشروعاً في كينيا
  • وفد كويتي يطلع على التجربة القطرية في مجال العمل الخيري والإنساني
  • محمود فوزي: العمل الخيري أصبح جزءًا أساسيًا من استراتيجية التنمية المستدامة
  • محافظ المنيا: نولي اهتماما بالغا برفع الوعي المجتمعي بالقضية السكانية
  • مساهمات الكنيسة في العمل المجتمعي الخيري على الفضائية المصرية
  • حملة “لحظة جود” ترسخ العمل الخيري المؤسسي
  • نقل وتوطين التكنولوجيا.. تعرف على أجندة مؤتمر الابتكار وريادة الأعمال نحو تنمية زراعية
  • المبعوث الخاص لشؤون الأعمال والأعمال الخيرية ضمن قائمة «TIME100 للعمل الخيري»
  • وزير الزراعة يفتتح معرض ومؤتمر البحوث الزراعية حول الابتكار وريادة الأعمال