عربي21:
2025-05-28@04:20:15 GMT

المشروع الصهيوني ومشاريع تفكيك العالم الإسلامي

تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT

المتابع للحرب الأهلية الكارثية التي تتوسع يوميا في السودان، وما يبدو فيها من مظاهر تفكيك الدولة وتمزيق المجتمع الذي يجري على قدم وساق وبشكل منهجي، لا بد وأن يقفز إلى ذهنه مشاريع التقسيم، التي يقترب منها العقل العربي بحذر طوال القرن الماضي، وذلك منذ "سايكس بيكو" التي وضعت الأساس لهذا التقسيم، فها هي تكمل المشوار وصولا للتفتيت!

وإذا التفت شرقا أو غربا، في محاولة تلمس أوضاع العالم العربي والإسلامي، ستجد قريبا من المشهد الدامي في السودان، مشاهد أخرى أخذت خطوات متقدمة في نفس المسار، وإن لم تبلغه بعد بهذه الصورة، كما نرى في الصومال، والعراق، ولبنان، وسوريا، وليبيا، واليمن.



ومن المؤسف أنك إذا أردت أن تتصور ما يتعرض له العالم العربي والإسلامي، من أزمات سياسية، ومشكلات اقتصادية، وتهديدات أمنية واستراتيجية، وكوارث مجتمعية، وحروب أهلية، فإن أيسر طريق لذلك هو أن تلتقط المنظار الصهيوني، لتلقى منه نظرة ولو سريعة على ما يجري بساحات المنطقة المختلفة، فهو المنظار الأدق، الذي يمكنه أن يجعلك تشاهد كل ذلك بكل وضوح، كما يكشفه لك بسهولة ويسر!

كان سعي الغرب دائما للسيطرة على منطقتنا مصحوبا بالعمل على تقسيمها، الذي يقتضي اليوم العمل على تفتيت المفتت، وتجزئة المجزّأ من الأقطار الإسلامية، وذلك لتحويل الشرق الإسلامي إلى جزر منعزلة، على أسس دينية ومذهبية وعرقية
فالحقيقة التي لا تخطئها العين، أن عملية الزراعة القسرية للكيان الصهيوني في منطقتنا، حرصت منذ البداية على جعل كل ظروف منطقتنا على مقاسه، ومتوافقة مع تطلعاته، وملبية لطموحاته، فضلا عن جعل الكيان الصهيوني هو مركزها، وفي موقع الصدارة من بنيتها، والحاكم الرئيس على مستقبلها، وأن تكون علاقته بها علاقة الخادم بالمخدوم، وكأنما دول المنطقة كلها اختراع جديد، ليس له وظيفة سوى خدمة إسرائيل، كما أنها مجرد مرافق اقتصادية وتجارية وزراعية لخدمتها، والسهر على حمايتها. أما حكامها فهم مجرد حراس للدفاع عن إسرائيل، وشعوبها هم مجرد عبيد طوع أمرها، يسارعون في تلبية رغباتها ونزواتها، ولا تكون مبالغا -وفق الرؤية الصهيونية- إذا قلت: إن إسرائيل دولة صُنعت لها أمة.

لهذا فإن كل الأهداف والخطط التي وضعت لمنطقتنا، ولا سيما منذ حملة "بونابرت" التنويرية! إنما كانت تعمل على زراعة هذا الكيان، وأنها كانت ولا زالت تعمل على تدعيم مركزه، وتوظيف كل التحولات والتداعيات والانهيارات لصالحه، فضلا عن أن كل الإجراءات والأنشطة المعنية بالمنطقة إنما تعمل على تكريس هذه الحقيقة.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تم ضخ موارد كبيرة لأجل نجاح هذا المشروع، وكرست لأجله موارد هائلة، وأنفقت أموالا طائلة، وصدرت لأجله آلاف المشاريع والخطط والقرارات، وتدخل في القلب من ذلك مشاريع تفكيك دول المنطقة وتمزيق مجتمعاتها، لكي تكون على مقاس الكيان الجديد، وفي هذا الإطار يمكن أن ندرك طبيعة وأبعاد قرار تفكيك الدولة العثمانية في اتفاقية "سايكس بيكو" ١٩١٦، التي جاءت مصاحبة ومتزامنة مع وعد "بلفور" ١٩١٧، بتأسيس الكيان الصهيوني في المنطقة.

فلقد كان سعي الغرب دائما للسيطرة على منطقتنا مصحوبا بالعمل على تقسيمها، الذي يقتضي اليوم العمل على تفتيت المفتت، وتجزئة المجزّأ من الأقطار الإسلامية، وذلك لتحويل الشرق الإسلامي إلى جزر منعزلة، على أسس دينية ومذهبية وعرقية، وأن تكون الخلافات بينها محتدمة على الدوام، فذلك في نظرهم هو الضمانة الوحيدة لأمن إسرائيل، التي بدورها تضمن استمرار هذا التفتيت، حتى تقوم بوظيفتها في المنطقة على الوجه الأكمل.

وهذا ما يرجع بنا إلى مخطط المستشرق اليهودي الأمريكي "برنارد لويس" الذي نُشر في مجلة وزارة الدفاع الأمريكية، والذي تم التصديق عليه في الكونجرس الأمريكي في ثمانينيات القرن الماضي عام ١٩٨٣، ذلك المشروع الذي اقترح إعادة تفتيت العالم الإسلامي، من خلال إضافة أكثر من ثلاثين كيانا سياسيا، بدعوى حل مشكلة الأقليات الدينية والمذهبية والثقافية! فضلا عن تلغيم العلاقات بينها، عن طريق المشكلات الجغرافية والديموغرافية، مثل الحدود والمياه وغيرها.

والكيانات الجديدة المقترحة هي: دولة بلوشستان المقتطعة من باكستان وإيران، ودولة بشتونستان المقتطعة من باكستان وأفغانستان، دولة كردستان المقتطعة من العراق وإيران وتركيا وسوريا، وتحويل إيران إلى أربع دويلات هي: إيرانستان، أذربيجان، وتركمانستان، وعربستان، وتقسيم العراق إلى دويلتين: إحداهما شيعية حول البصرة، والثانية سنية حول بغداد، وتقسيم الأردن إلى دويلتين: إحداهما للبدو والثانية للفلسطينيين، وتقسيم سوريا إلى خمس دويلات: مسيحية، وشيعية، وسنية، ودرزية، وعلوية، وتقسيم لبنان إلى كانتونات: إحداهما للموارنة والمسيحيين الآخرين، وثانيهما للسنة، وثالثهما للشيعة، ورابعهما للدروز، وتقسيم مصر إلى دويلتين: إحداهما سنية والثانية قبطية، وتقسيم السودان إلى دويلتين: زنجية في الجنوب وعربية في الشمال، وتقسيم المغرب العربي بين: البربر والعرب، وتقسيم موريتانيا بين: العرب، والزنوج، والمولدين، وضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، وإعادة تقسيم السعودية إلى الكيانات التي كانت قائمة قبل وحدتها 1933.

اتخذت من هزيمة الربيع العربي نقطة انطلاق جديدة، قامت من خلالها بالدفع باتجاه إصابة شعوبه باليأس من التطلع للديمقراطية، أو الكرامة الإنسانية، أو العدالة الاجتماعية، وذلك حتى تجد نفسها أمام خيارين أحلاهما مر: فإما الاستبداد والقمع، وإما تفكيك الدول وتمزيق المجتمعات، حيث لا ديمقراطية ولا عدالة اجتماعية ولا كرامة إنسانية
لا شك أن الحقائق على الأرض اليوم تؤكد أننا أمام حقيقة كبرى، وهي أن تقسيم دولنا وتمزيق مجتمعاتنا هو أخطر المشاريع التي يجري العمل عليها بقوة، وأنها لا تزال تتلقى كل الدعم من المراكز الدولية الكبرى، كما يتم الدفع بها بكل قوة من قبل أطراف عدة، كلها تلتقي حول ضرورة التفكيك والتمزيق.

وللمفارقة فقد أخذت مشاريع التفكيك قوة دفع هائلة على أنقاض الربيع العربي، الذي تحول من حلم وفرصة لنهضة الأمة إلى كابوس يبدد أحلامها، ويضعها بشكل أكبر في موقع الخادم المطيع للمشروع الصهيوني، ولكل مستلزماته واحتياجاته.

فقد اتخذت من هزيمة الربيع العربي نقطة انطلاق جديدة، قامت من خلالها بالدفع باتجاه إصابة شعوبه باليأس من التطلع للديمقراطية، أو الكرامة الإنسانية، أو العدالة الاجتماعية، وذلك حتى تجد نفسها أمام خيارين أحلاهما مر: فإما الاستبداد والقمع، وإما تفكيك الدول وتمزيق المجتمعات، حيث لا ديمقراطية ولا عدالة اجتماعية ولا كرامة إنسانية! وهو ما يتضح اليوم في كل من سوريا، واليمن، وليبيا، والسودان، فضلا عن العراق، ولبنان، والصومال.

من اللافت أن غالبية هذه الدول (ليبيا والعراق وسوريا واليمن) هي التي تصدرت التصدي لرفض اتفاقيات كامب ديفيد، بين مصر وأمريكا وإسرائيل منذ زيارة السادات لإسرائيل عام ١٩٧٧، وأدارت عملية إخراج النظام المصري من الجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وحركة عدم الانحياز، وكأنها تعاقب اليوم على هذا الرفض!

لكن هل يعني ذلك أن مشروع التفكيك والتمزيق أصبح قدرا لا مفر منه، وأنه يصب فقط في جهة مصالح خصوم أمتنا وأعداء حضارتنا؟ أم أنه -برغم خطورته- يمكن مقاومته وتحويله لفرصة جديدة، لإعادة بناء منطقتنا لصالح شعوبها، وفي إطار المشروع العام لنهضة أمتنا، واستئناف مسيرة حضارتنا؟

كشفت "طوفان الأقصى" حقائق جديدة لم تكن معروفة من قبل، ووضحت للعيان أن مشاريع التفكيك والتمزيق يمكن أن تكون خصما من مشاريعهم، ولا سيما مشروعهم المركزي؛ إسرائيل الكبرى
لقد كشفت "طوفان الأقصى" حقائق جديدة لم تكن معروفة من قبل، ووضحت للعيان أن مشاريع التفكيك والتمزيق يمكن أن تكون خصما من مشاريعهم، ولا سيما مشروعهم المركزي؛ إسرائيل الكبرى. ففي الوقت الذي لم يتلق الشعب الفلسطيني ولا المقاومة في غزة أي قدر من المساعدة من دول مركزية، تريد أن تتبوأ مركز القيادة الإقليمية، بل إنها صبت كل مساعدتها تجاه إسرائيل، وتفوقت أحيانا على الدول والحكومات الغربية، الأب الشرعي للكيان الصهيوني، وحلت محلها في مساحات تعذر عليها الدخول فيها! فإن الدول المفككة والمجتمعات الممزقة، تكاد تكون هي مصدر النيران الوحيد في وجه العدوان الوحشي على غزة، وهي تصب حمم الغضب الشعبي على المشروع الصهيوني، الذي لم يعش لحظات خطر تهدد وجوده مثلما يعيشها الآن.

ولن يقف الأمر عند ذلك، إذا نهض المخلصون من أبناء أمتنا، واستوعبوا خطر التفكيك والتمزيق بشكل صحيح، وأدركوا قوة دفعه ومحركاته الرئيسة بشكل دقيق، فإنهم يمكنهم حينئذٍ أن يُفشلوه، بل ويتخذوا من تفاعلاته قاعدة انطلاق كبرى، لإعادة بناء المنطقة على أسس جديدة تكفل نهضتها، وتدعم حصانتها وسيادتها، وتضمن حماية أمنها القومي، وتقف بها من جديد في قلب المحاور الفاعلة على الساحات الدولية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مشاريع الصهيونية التفكيك الصهيونية مشاريع العالم الاسلامي التفكيك مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة من هنا وهناك مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفکیک الدول أن تکون فضلا عن

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تختبر الصمت العربي والأقصى في خطر

تتوالى التحذيرات من شخصيات دينية وسياسية بشأن تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى المبارك، وسط صمت عربي وإسلامي شكّل محفزًا لتصعيد محاولات فرض واقع جديد على ثالث الحرمين الشريفين.

وتأتي هذه التحذيرات في وقتٍ تتسارع فيه التطورات على الأرض، حيث يواصل الاحتلال الإسرائيلي خطواته لتغيير الوضع القائم في الأقصى، وازدياد المخاوف من فرض أمر واقع جديد.

فقد شهدت مدينة القدس أمس مظاهرات ومسيرة أعلام إسرائيلية استفزازية جابت البلدة القديمة ووصلت إلى أبواب المسجد، وسط حراسة مشددة من قوات الاحتلال وبمشاركة وزراء وأعضاء بالكنيست من اليمين المتطرف، وترافق ذلك مع اقتحامات واسعة لساحات الأقصى واعتداءات على المصلين والمرابطين.

وشكل ذلك كله مشهدا عدّته شخصيات دينية وسياسية -في مقابلات مع الجزيرة نت- حلقةً خطيرة من مسلسل التصعيد المستمر بحق المدينة ومقدساتها، مع تصاعد الدعوات المتجددة لتحمّل الأمة العربية والإسلامية مسؤولياتها، ووقف مسلسل الصمت تجاه "خطر التهويد الحقيقي" الذي بات يهدد الهوية والمقدسات الإسلامية في القدس.

ولا يمكن عزل هذا التصعيد الإسرائيلي في المسجد الأقصى عن استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وما يتعرض له سكان القطاع حاليا من حرب إبادة جماعية ومجاعة فعلية تهدد حياة 2.3 مليون فلسطيني يتعرضون لحصار إسرائيلي تام.

من اليمين: الدكتور علي محي الدين القرة داغي والشيخ عمر الكسواني وجمال أبو عرام (وكالات) لماذا الصمت العربي؟

ويُجمع المتحدثون للجزيرة نت على أن الصمت العربي تجاه الانتهاكات المتصاعدة بحق المسجد الأقصى لم يعد مبرَّرًا، بل بات عاملا رئيسيًا في تشجيع الاحتلال على التمادي في تهويد الحرم القدسي.

إعلان

فمدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني يقول "إن القدس عاصمة الإسلام والأقصى واجب عقيدي لكل مسلم، ولا يمكن اختزال الدفاع عنه في كونه مسؤولية الفلسطينيين فقط". مؤكدا أن "ما يحدث من اعتداءات ومحاولات لتغيير معالم البلدة القديمة والقصور الأموية والاقتحامات المتكررة هو استخفاف بالأمة جمعاء".

ويضيف مدير المسجد الأقصى أن "رابطتنا بالأقصى عقيدية، والصمت العربي والإسلامي إزاء ما يجري اليوم يُسقط هذا الواجب ويشكل خطورة كبيرة على هوية المسجد وأهله". مبينا أن "الأقصى حق خالص للمسلمين لا يقبل القسمة ولا الشراكة، والجميع حكومة وشعوبًا مطالبون بالقيام بمسؤولياتهم".

ويذهب رئيس لجنة القدس في المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج حلمي البلبيسي إلى تحميل الأنظمة العربية المسؤولية المباشرة عما يجري من مخطط التهويد في المسجد الأقصى، وتمادي الاعتداءات على الشعب الفلسطيني.

ويضيف البلبيسي أن "الصمت العربي على انتهاكات الاحتلال هو ما شجّع العدو على التمادي، فالاعتداءات بدأت عام 1967 حين أُغلق الأقصى أمام المصلين ولم تصدر ردود فعل رسمية حازمة".

مشددا على أن "الأنظمة أذعنت لإملاءات العدو مقابل حماية مصالحها، أما الشعوب فما زالت قلوبها مع القدس، ويمنعها القمع من نصرة المقدسات، ولو فُتحت لها الأبواب لما ترددت في التضحية".

أما رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القرة داغي فيرى أن "الصمت نابع من الضعف والتفرق والهوان الذي أصاب معظم الدول العربية، إضافة إلى حب الدنيا وعبادة الكراسي والحرص على السلطة".

ويطرح القرة داغي سؤالا يقارن فيه بين ما يتردد عن وجود مقاومة مسلحة في غزة تمنع الأنظمة من التحرك وبين واقع الاحتلال في المسجد الأقصى، ويقول: "القدس اليوم بلا مقاومة مسلحة، ومع ذلك لا تتحرك الأنظمة! هناك أوراق ضغط هائلة بيد العرب: قطع العلاقات وإيقاف البترول وغيرهما، لكنها معطلة لغياب الإرادة".

إعلان

لكن مدير عام أوقاف الخليل جمال أبو عرام يذهب إلى أن "المسؤولية جماعية، وليست مسؤولية الفلسطينيين وحدهم بل كل العرب والمسلمين"، مبينا أن الصمت يُضاعف شراسة العدوان ويجب فضح الانتهاكات على كل المستويات الدولية".

أما القيادي في حركة الجهاد الإسلامي هيثم أبو الغزلان فيقول "إن الصمت العربي والإسلامي مريب، خصوصًا في ظل استمرار الاعتداءات الصهيونية وتصاعدها ضد القدس والمسجد الأقصى، وضد أهلها؛ تهويدا واستيطانا واعتداءات مستمرة، واقتحامات متكررة، وعمل صهيوني جاد يهدد هوية المسجد الأقصى الإسلامية، والسعي الدائم لهدم المسجد الأقصى وبناء ما يسمى الهيكل المزعوم".

من اليمين: هيثم أبو الغزلان وحلمي البلبيسي (وكالات) اختبار الصمت العربي

ولم تعد اقتحامات المسجد الأقصى فعلا عابرًا أو طقسًا دينيًا بحتًا، بل صارت أداة سياسية وإستراتيجية لاختبار صبر العرب والمسلمين وحدود ردة فعلهم.

واليوم الثلاثاء، حاول إسرائيليون عرقلة مرور شاحنات مساعدات في طريقها إلى قطاع غزة من ميناء أسدود.

وهذا ما ذهب إليه القيادي في الجهاد الإسلامي بأن تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية الحالية تمثل "اختبارا واضحا للصمت العربي والإسلامي، ومحاولة قياس رد الفعل على هذه الاعتداءات المستمرة، وهي جزء من العدوان المتواصل والمتصاعد ضد شعبنا وأهلنا في قطاع غزة والضفة المحتلة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ولذلك، فإن الاقتحامات بلغت درجات غير مسبوقة في عدد المشاركين ونوعية الطقوس الدينية المزعومة، كترديد التراتيل ومحاولات ذبح القربان داخل الساحات، خاصة بعد فشل الاحتلال في غزة، وهذا التصعيد جزء من مؤامرة جادة لتثبيت التهويد وتعويض إخفاقاتهم العسكرية، وفق ما صرح به البلبيسي.

ويوضح الكسواني أن "هذه الاقتحامات تجمع بين طقوس دينية متطرفة تمارس برعاية حكومة الاحتلال وبين محاولة فرض واقع جديد وجعل هذه الممارسات معتادة في المشهد اليومي.

إعلان

وبيّن مدير المسجد الأقصى أن "الهدف من هذا واضح، وهو كسر هيبة المسجد الأقصى." مؤكدا أن "هذه الطقوس الشاذة تحدث بقوة الاحتلال والسلاح ولا تعطي أي شرعية، واستمرارها هو اختبار لاستكانة العالمين العربي والإسلامي، والدليل أن استمرار سفك الدماء في غزة قابله صمت مشابه تجاه الأقصى".

أما رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فيرى أن "هذه ليست طقوسًا دينية فقط، بل هي موقف سياسي مقصود وجس نبض للأمة تمهيدًا لمشاريع أكبر؛ فكل المؤشرات تدل على أنهم يخططون لهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم، لا سيما مع التصريحات المتكررة لقادة اليمين الإسرائيلي."

ولا يبعد مدير الأوقاف في الخليل عن ذلك، ويقول إن "الاقتحامات اليومية وممارسات المستوطنين والجنود الإسرائيليين في الساحات وكل معالم الحرم القدسي تعكس حقدًا عقديًا، وتستفيد من ردة الفعل الضعيفة والصمت العربي والإسلامي".

ورغم هذه الممارسات، فإن الشيخ الكسواني يشير إلى أن حضور المصلين من أهل القدس وفلسطينيي الداخل يبعث رسالة قوية باستمرار التشبث بإسلامية الأقصى، رغم التضييق والمعاناة المستمرين على الحواجز.

أعداد كبيرة من المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون باحات المسجد الأقصى (مواقع التواصل)  الأقصى في خطر

ويتفق جميع المتحدثين للجزيرة نت على أن المسجد الأقصى في خطر حقيقي ومتفاقم منذ احتلاله عام 1967، لكن وتيرة الخطورة تصاعدت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.

فالدكتور القرة داغي اليوم يحذر من أن سلطات الاحتلال تتعامل مع ساحات الأقصى بوصفها حديقة عامة، وترفع دعوات علنية للسيطرة الكاملة عليه وعلى القدس، وكل هذا وسط صمت مطبق من الأنظمة العربية. مبينا أنه "إذا استمر هذا الصمت فقد نشهد كارثة كبرى".

ويلفت أبو عرام النظر إلى أن "مخاطر التقسيم الزماني والمكاني قائمة، ودائرة الاستهداف للأقصى تتسع يومًا بعد يوم، خاصة بعد اندلاع الحرب على غزة، والأمة مطالبة بتحمل مسؤولياتها قبل فوات الأوان".

إعلان

ويستشهد الكسواني بتاريخ الانتهاكات التي تعرض لها المسجد الأقصى، مشيرا إلى أنه "منذ عام 1967 والأقصى في خطر، أما الجديد الآن فأنه توجد كل يوم اقتحامات ومحاولات ممنهجة لتغيير الوضع القائم من خلال صلوات يهودية وتصريحات سياسية تهدف إلى التقسيم". مبينا أن "الخطر لم يعد مؤجلًا بل أصبح واقعا نعيشه يوميًا."

وهذا التقسيم يراه البلبيسي "الخطر الحقيقي الذي يكمن في احتمال تكرار تجربة المسجد الإبراهيمي بالخليل، حيث تم التقسيم الزماني والمكاني بحكم الأمر الواقع بعد الهجمة على الحرم.

مضيفا أن الأقصى اليوم "يشهد تصاعدًا في أدوات التهويد وسط انسحاب النظام العربي الرسمي من مسؤوليته، وهو ما يضعنا أمام احتمال الهدم الفعلي للأقصى."

والمسجد الأقصى يمر حاليا بأخطر مراحل العدوان الإسرائيلي المستمر، وهذا يتطلب موقفا عربيا وإسلاميًا يواجه هذه التحديات، ويعطي دفعا لمقاومة الشعب الفلسطيني لتحقيق أهدافها في صدّ العدوان وإنهاء المخاطر، حسب ما قاله أبو الغزلان.

وهكذا تتضافر شهادات المتحدثين في رسم مشهد بالغ الخطورة: صمت عربي رسمي وشعبي مكبل بالقمع وغياب الإرادة، في مقابل طقوس دينية متطرفة تتحول لأداة سياسية لاختبار العالم الإسلامي، في ظل تصاعد ملموس للخطر المحدق بمصير أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.

مقالات مشابهة

  • رابطة العالم الإسلامي تُدين اقتحام مسؤولين ومستوطنين إسرائيليين باحات الأقصى
  • إسرائيل تختبر الصمت العربي والأقصى في خطر
  • "الإيسيسكو" تحتفي بسمرقند عاصمةً للثقافة في العالم الإسلامي
  • دول العالم الإسلامي تتحرى هلال ذي الحجة اليوم
  • ما سر الجسم المجنح الذي ظهر أعلى الشمس في صور ناسا؟
  • أول صورة لهلال شهر ذي الحجة من العالم الإسلامي
  • جامعة ديوك الأمريكية تستضيف الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي
  • الفلك يحدد أول أيام «عيد الأضحى» في معظم العالم الإسلامي
  • ليس الكباب ولا البقلاوة.. تعرف على الطبق التركي الذي نال إعجاب العالم!
  • أسلحة الذكاء الاصطناعي التي استخدمتها إسرائيل في حرب غزة