الاستبداد المطلق... لمواقع التواصل الاجتماعى
تاريخ النشر: 4th, July 2024 GMT
أصبحت الأجهزة الذكية المتطورة، فى متناول يد كل إنسان يعيش على أرجاء المعمورة، وفى مقابل امتلاكه لهذه الرفاهية المتقدمة فى تكنولوجيا وسائل الاتصال الحديثة، أصبح الخبر ينتشر بسرعة البرق دون تمييز إذا كان خبرا صادقا أم كاذبا، أو حتى الهدف من نشره تهديد لكيان الدولة وسلامة المجتمع، من هنا تكمن الخطورة فى سوء استخدام التطور الهائل لمواقع التواصل الاجتماعى، على الشبكات العنكبوتية المعروفة «بالانترنت».
وإذا كانت وسائل التواصل بأنواعها لها دور هائل فى ثورة المعلومات، إلا أنها لها دور خطير فى بث الأخبار الكاذبة والمعلومات المغلوطة المفبركة، التى من شأنها الإضرار بالأمن القومى ووضع الدولة الاقتصادى.. وإن كانت الشرعية القانونية تعطى الحق للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بحجب الموقع أو المواقع محل بث هذه الشائعات كلما أمكن تحقيق ذلك فنيًا... إلا أن شبكة المعلومات الدولية لمواقع التواصل الاجتماعى بحرها واسع فى مجال بثها عبر سماء الفضاء الإلكترونى، تستخدمه جهات خارجية فى سرقة عقول بعض أفراد الشعوب غير الناضجة سياسيا، وجعل هذه العقول تنقاد إلى تحقيق مآربها الشيطانية، لأن اتساع حرية التعبير عن الرأى فى هذا العالم الافتراضى، تختلف عن الواقع المادى للعالم الذى نعيش فيه، لأن فى الأولى لأ يوجد حدود أو قواعد قانونية، يمكن أن تراعى فيها طبيعة الشعوب وحياتهم الخاصة، بالتالى تفرض عليهم ثقافة وتحرر مجتمع غربى غير مقبولة فى مجتمعنا الشرقى، الذى تحكمه عاداته القديمة المتأصلة فى الحفاظ على تقاليده الشرقية الموروثة، ومصالحه المتشعبة فى ظل نظام محافظ على الآداب العامة وقداسة عقائد الشعوب، خلاف ذلك بأن هذه المواقع تبث بيانات كاذبة عن مركز الدولة الاقتصادى وعن أجهزتها التفيذية، لخلق حالة من الاحتقان بين السلطات العامة فى الدولة وأفراد الشعب، إلى جانب انتهاك خصوصية الأشخاص وحياتهم الخاصة، دون ضوابط قانونية تنظم هذا العمل العابر للحدود، وعلى ذلك تستعين مخابرات دول أجنبية بالشخصيات الهاربة من مصر، وتقوم بتوفير المواقع الإلكترونية الذكية والقنوات الفضائية لهم... لكى يقوموا بممارسة آرائهم العدائية ضد الحكومة المصرية.. من خلال محتوى قائم على الأكاذيب والتزييف، خلاف الثانية ألا وهو واقعنا المادى الذى نعيشه، تخضع ممارسة حق التعبير عن الرأى فيه إلى ضوابط قانونية تنظم هذا العمل.
إن غياب التشريعات القانونية الدولية المنظمة للعمل عبر الفضاء الإلكترونى، وترك الحبل على الغارب للقائمين عليه والسماح لهم بنشر الشائعات والأخبار غير الحقيقية، يعد مخالفا لقواعد وأصول الاعلانات والمواثيق الدولية، التى تسمح بحرية التعبير عن الرأى دون أن يترتب على هذه الحرية الحاق الضرر بأمن وسلامة شعوب الدول، لأن هذه الأفعال تدخل فى جرائم التأثيم التى يعاقب عليها القانون... لأنهم يدعون إلى اضطراب وزعزعة الاستقرار الداخلى بين أبناء الوطن الواحد، واستهداف منشآت الدولة الاقتصادية والسيادية، وهذه المواقع أنشئت فى ظل مؤامرات تحاك ضد الوطن فى نشر الشائعات من الخارج، لخلق مظاهرات دامية وانهيار النظم السياسية فيها، جراء انقياد العقول الخربة إلى طغيان هذه المواقع الشيطانية، التى أصبحت الخطر الداهم الآتى من ناحية مواقع التواصل الاجتماعى والسموات الفضائية المفتوحة، لأن الجاحدين فى هذه الأماكن يريدون توجيه الشعوب إلى تصديق أهوائهم الخسيسة وضلالهم البعيد، فى سعيهم إلى التشويه العلنى لرموز الدولة وتآليب الرأى العام ضدهم، من أجل نشر الفوضى الخلاقة لإسقاط الدول والشعوب، ولكن خيب الله آمالهم بعد أن انتبه الشعب لهم، وخيب آمال الدول المستبدة الطامعة فى خيرات الشعوب، بعد أن استنزفوا ثروات بلاد كثيرة، انخدعت فيها الجماهير إلى زيفهم، فى اخفاء الحقائق ونشر الفتن والأكاذيب، وكان ثمن هذا الخداع بأن ضاعت الأوطان وأريقت فيها دماء الأبناء، بعد أن حصدت أرواحهم الطاهرة، الدعوات إلى المظاهرات والاضطرابات الفارغة، فى وقت غفلة فيه الشعوب ولم تنتبه إلى حقيقة المؤامرات التى تنال من ضياع الدول، وعلى ذلك أهيب بالشعب المصرى بأن ينتبه، ولا يصدق ولا يأمن إلى ما تبثه مواقع التواصل الاجتماعى والقنوات الفضائية من الخارج، لأنهم يريدون أن تخطئ الجماهير وتنساق إلى شهواتهم ورغباتهم الشيطانية، ولكن الله قد نجى مصر من خطأ فوضى ظلام يناير، إلى شمس ثورة 30 يونيو المشرقة «تحيا مصر».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أرجاء المعمورة التواصل الاجتماعي التواصل الاجتماعى
إقرأ أيضاً:
فيتو الرئيس.. ونائب المصادفة
لم يكن موقف الرئيس السيسى باستخدام حق الفيتو حدثا عابرا أو مجرد إجراء شكلى لمعالجة تجاوزات شابت العملية الانتخابية، بل كان تعبيرًا عن رؤية أعمق تهدف إلى تصحيح مسار العمل السياسى من جذوره.
هذه الرؤية بدأت من القوائم والترشيحات وتجاوزت حدود صناديق الاقتراع.. المعضلة الحقيقية لم تكمن يومًا فى آلية التصويت وحدها، بل ارتبطت بسلوكيات سبقت العملية الانتخابية، حيث اختلطت السياسة بالعلاقات الشخصية، وتحولت بعض الأحزاب من ساحات للعمل العام إلى دوائر مغلقة تسيطر عليها المجاملات، وتحسم فيها القرارات الهاتفية، بعيدا عن معايير الكفاءة أو الخبرة السياسية.
من هنا ظهر ما أُطلق عليه ظاهرة «نائب الباراشوت»، وهو النائب الذى لم يمر بمسيرة سياسية منظمة أو يعرف معنى التنظيم الحزبى وقواعده، لكنه وجد نفسه فجأة مرشحًا للبرلمان بسبب علاقات شخصية أو صلاته بأصحاب النفوذ داخل الحزب.
هذه الأنماط من الترشيحات لا تُهدر فقط حق الكفاءات الحزبية التى أفنت سنوات فى خدمة كياناتها السياسية، وإنما تفرغ التجربة البرلمانية من محتواها الحقيقى، كما أنها تجعل التمثيل النيابى مجرد إجراء خالٍ من التعبير عن تطلعات الشارع أو احتياجاته.
الأخطر من ذلك أن مثل هذه الممارسات توصل رسائل سلبية للقواعد الشبابية فى الأحزاب، بأن الجهد والاجتهاد لا يكافآن، وأن طريق البرلمان ليس عبر جهودهم وإيمانهم بقضايا الناس، بل من خلال العلاقات والمصالح.
فى هذا السياق، يعكس قرار الفيتو رسالة واضحة بأن الدولة لن تسمح بوجود برلمان يشكَّل بالمصادفة أو حياة سياسية تدار بالمحاباة، فالدولة التى تسعى إلى بناء مؤسسات قوية ومستقرة لا يمكن أن تقبل بأن تتحول الأحزاب إلى منصات للنفوذ الشخصى، ولا أن يُختزل العمل البرلمانى فى مقاعد تُمنح كالهدايا بدلًا من أن تُكتسب بالاستحقاق والجدارة.
هذا القرار أضاف شعورا بالثقة لدى المواطنين تجاه إدارة الدولة للمشهد السياسى.. وجود الرئيس فى صلب هذه القرارات يمنح طمأنينة بأن الأمور تدار بحكمة وروية، وأن القرارات تدرس بعناية شديدة لضمان المصلحة العامة.
ثقة الشعب فى هذه الإدارة لم تأتِ عبثًا، بل بنيت على مواقف أثبتت حيادية الدولة ووقوفها على مسافة واحدة من الجميع، دون حماية لأى خطأ مهما كان مصدره، ولكن يبقى التحدى الأكبر أمام الأحزاب السياسية التى يجب أن تعيد النظر فى سياساتها وآلياتها الداخلية لتفتح المجال أمام كوادرها الحقيقية.
الخيار الآن واضح: إما أن تتحمل الأحزاب مسئوليتها الوطنية وتعزز مصداقيتها بترشيح الأفضل والأكفأ، أو تستمر فى إنتاج أزمات تهدد وجودها وتأثيرها.
تصحيح واقعنا السياسى يبدأ بالالتزام بقواعد اللعبة السياسية واعتماد التمثيل النيابى كمسئولية وطنية حقيقية وليس مجرد تشريف رمزى. وهذا هو صلب التدخل الذى تقوم به الدولة لتصويب المسار وحماية الوطن من عواقب لا يحتملها مستقبله السياسى والاجتماعى.
سيدى الرئيس.. مطمئنون لوجودك ومطمئنون لعدلك وأمانتك، ونعلم جيدا أن سيادتكم لا تمرر أى أمر إلا بدراسة وتمنح الحقوق لأصحابها لذا فإنكم أملنا وملاذنا الأول والأخير.
[email protected]