تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

اختتمت اليوم السبت بالقاهرة فعاليات مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية الذي عقد بالعاصمة الإدارية الجديدة تحت عنوان "معاً من أجل وقف الحرب"، والذي افتتحه وزير الخارجية والهجرة د. بدر عبد العاطي بحضور ممثلي تلك القوى والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الفاعلة وذات الاهتمام بملف السودان.

 

وفيما يلي نص البيان الختامي :
نحن القوى السياسية والمدنية السودانية التي توافقت على هذا البيان، اجتمعنا بدعوةٍ كريمةٍ من حكومة جمهورية مصر العربية الشقيقة بعاصمتها القاهرة تحت شعار (معاً من أجل وقف الحرب)، وتداولنا الرؤى ووجهات النظر، في لحظة حرجة من تاريخ بلادنا، تهدد استقرارها واستقلالها ووحدة أراضيها وهددت بقاءها كدولةٍ لشعبٍ له إرثه الحضاري الأصيل والمُشرف، وتسببت في كارثةٍ إنسانيةٍ مريعة، وعصفت بملايين الأسر إلى المجهول، وفى هذه الساعة التي نتداول فيها، يعانون من ويلات الحرب، ومآسي النزوح والتشرد واللجوء والموت جوعاً، والافتقار لأبسطِ مقومات الرعاية الطبية، وينتظرهم شبحِ الأميةِ المُتوحش ، تاركاً أمتنا فريسةً لأجيالٍ من ضياعِ العقول والجهلِ والتطرف.

لقد استجبنا للدعوة الكريمة التي بادرت بها جمهورية مصر العربية لجمع السودانيين، وبحُضورٍ مُقدرٍ من دول الجوار والمنظمات الإقليمية والدولية بغرض التشاور والاتفاق على الحدِ المطلوب للعمل المشترك من أجل وقف الحرب وإنهاء الأسباب التي أفضت إليها، والمسارعة لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة وعلى رأسها الغذاء والدواء والتعليم، أملاً في أن تتكلل هذه الجهود بإسكات صوت المدافع وتحقيق أمان المدنيين واخراس أصوات العنف والكراهية والدعاية السالبة، والسعي معاً من أجلِ إعادة الإعمار للمرافق الأساسية التي تجعل حياة السودانيين مُمكنة في بلادهم وتهيئة الدولة لضمانِ الأمنِ والسلام لعودتهم إلى بيوتهم ومُزاولةِ حياتهم الطبيعية.

لقد اتفق المؤتمرون على أن الحرب التي اجتاحت بلادنا وقتلت وشردت وأذلت شعبنا ومزقت نسيج بلادنا الاجتماعي، صبيحة الخامس عشر من أبريل 2023، لا تمثل فقط علامةً فارقةً، ولكنها تاريخٍ جديدٍ يُلزم كل سوداني وسودانية بالنظرِ والمراجعةِ الدقيقةِ لمواقِفنا كافة. إننا ندين كل الانتهاكات التي ارتكبت في هذه الحرب، ونؤكد أنّ الحربَ مُؤشر حيوي للتفكير في إعادة التأسيس الشامل للدولة السودانية على أسس العدالة والحرية والسلام، وهو الأمر الذي يتطلب قناعة كل السودانيين به، ولهذا فإن اجتماعنا اليوم يتوجه تِلقاء المستقبل المُعافى ولأجيالنا المُقبلة في وطنٍ يكتنِفه السلام والعدالة والنهضة والحرية وسيادة حكم القانون، مستفيدين من تجاربنا وخبرات شعوب العالم في تجاوز الحرب وأهوالها نحو المصالحة الوطنية الشاملة والعدالة الانتقالية.

شمل النقاش والتداول ضرورة الوقف الفوري للحرب بما يشمل آليات وسبل ومراقبة الوقف الدائم لإطلاق النار ووقف العدائيات.

كما أكد المؤتمرون ضرورة الالتزام بإعلان جدة والنظر في آليات تنفيذه وتطويره لمواكبة مستجدات الحرب.

وتوجه المؤتمرون بالدعوة والمناشدة إلى الدول والجهات الداعمة لأطراف الحرب بأيٍ من أشكال الدعم المباشر وغير المباشر، للتوقف عن إشعال المزيد من نيران الحرب في السودان.

وإذ تُمثل الازمةُ الإنسانية السودانية المأساة الأكبر في العالم، كما أنها تأتى في رأس الأولويات التي تستوجب التصدي لها من قبل السودانيين والقوى السياسية والمجتمع المدني والمنظمات الإنسانية، حيث إن وصولِ المساعدات هو أمر واجب لإنقاذ حياة ملايين السودانيين.

وقد دعا المؤتمرون إلى حماية العاملين في المجال الإنساني وتجنيبهم التعرض للخطر والملاحقة والتعويق من قبل أطراف الحرب وفقاً للقانون الدولي والانساني، ومواصلة دعم جهود المجتمع المحلى والدولي للاستمرار في استقطاب الدعم من المانحين وضمان وصوله للمحتاجين.

كما ناشد المؤتمرون المجتمع الاقليمي والدولي الايفاء بالتزاماتهم.
أما المسار السياسي لحل الأزمة فقد أجمع المؤتمرون على المحافظة على السودان وطناً موحداً، على أسس المواطنة والحقوق المتساوية والدولة المدنية الديمقراطية الفدرالية.

إن اجتماع القاهرة يمثل فرصةً قيمةً إذ جمعت لأول مرة منذ الحرب الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية، كما جمعت طيفاً مُقدراً من الشخصيات الوطنية وممثلي المجتمع المدني، توافقوا جميعاً على العمل لوقف الحرب باعتبار أن ذلك هو سؤال سائر السودانيين ومطلبهم الأساس.

وأكدوا على تجنيب المرحلة التأسيسية لما بعد الحرب كل الاسباب التي ادت إلي افشال الفترات الانتقالية السابقة، وصولاً الي تأسيس الدولة السودانية.

توافق المؤتمرون على تشكيل لجنة لتطوير النقاشات ومتابعة هذا المجهود من اجل الوصول الي سلام دائم.

في الختام نتوجه بالشكر لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي ولحكومة وشعب جمهورية مصر العربية الشقيقة لوقفتهم إلى جانب الشعب السوداني في محنته الراهنة.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية السيسي القاهرة القوى السیاسیة من أجل

إقرأ أيضاً:

حقوقية فلسطينية لـعربي21: السيسي والجامعة العربية على المحك بسبب مجاعة غزة (فيديو)

قالت الناشطة الحقوقية ومديرة جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، آمال خريشة، إن "الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وجامعة الدول العربية باتوا على المحك في ظل تفاقم المجاعة التي تعصف بقطاع غزة"، مؤكدة أن "الصمت العربي، وعدم اتخاذ خطوات فعلية لكسر الحصار، يرقى إلى مستوى التواطؤ مع جرائم التجويع والإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون".

وأوضحت، في مقابلة مصوّرة مع "عربي21"، أن "الإضراب المفتوح عن الطعام الذي أطلقه، السبت الماضي، عدد من القادة والنشطاء الفلسطينيين في الضفة الغربية، جاء كصرخة مدوية ضد المجاعة في غزة، وتجسيدا حيّا للتلاحم مع الأهالي الذين يواجهون حرب إبادة متواصلة".

وأضافت خريشة أن "هذه الخطوة جاءت بعد استنفاد كافة الوسائل الممكنة للضغط على المجتمع الدولي والعربي، وللتأكيد على وحدة الشعب الفلسطيني في وجه العدوان الإسرائيلي"، مشيرة إلى أن "تجويع الأطفال في غزة وصل حدا لا يمكن الصمت عليه، مع استشهاد أكثر من مئة طفل بسبب المجاعة وحدها".


ولفتت إلى أن "هذا الإضراب سيُشكّل مقدمة لتحركات أوسع، تشمل انضمام مؤسسات المجتمع المدني في الضفة، ومشاركة لجنة المتابعة داخل أراضي 48، إلى جانب تنظيم مسيرة أمام القنصلية الأمريكية، في رسالة تقول: (أجسادنا جزء من المقاومة، وألمنا واحد، ومصيرنا واحد)".

وشدّدت الحقوقية الفلسطينية على أن "الرسالة الأساسية للمضربين هي تحميل المجتمع الدولي المسؤولية الكاملة عن استمرار المجازر، وفضح ازدواجية المعايير"، مؤكدة أن "الدول التي تواصل تسليح إسرائيل أو تصمت عن جرائمها، شريكة في المجاعة والإبادة التي تطال المدنيين في غزة".

وأكدت أن "الشعب الفلسطيني سيواصل نضاله رغم كل ما يواجهه؛ فالعدو الفاشي لا يفهم إلا لغة الضغط والقوة"، مؤكدة أن "التضامن العربي والدولي يجب أن يتجاوز البيانات، ويتحوّل إلى خطوات فعلية مثل قطع العلاقات، ووقف تصدير السلاح، ورفض التطبيع".

ولليوم السادس على التوالي، يواصل عشرات الشخصيات السياسية والحقوقية الفلسطينية في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، إضرابهم المفتوح عن الطعام، رفضا لجريمة تجويع إسرائيل قطاع غزة، ومنع المساعدات عن سكانه.

وإلى نص الحوار الخاص مع "عربي21":

ما الهدف الرئيسي من إعلان عدد من القادة والنشطاء الفلسطينيين بدء إضراب مفتوح عن الطعام؟

هذه الخطوة جاءت في سياق نشاط متواصل لدى أوساط مختلفة في الضفة الغربية، للضغط من أجل وقف حرب الإبادة في قطاع غزة، ولتعبئة الضفة الغربية لاستخدام مخزونها الكفاحي في مواجهة الاحتلال، بمعنى أن هناك فعاليات مختلفة.

قرّرنا الذهاب إلى إضراب عن الطعام، لأننا رفعنا صوتنا، واستخدمنا أدوات كثيرة، واستخدمنا كل الوسائل المتاحة للمناصرة والضغط على الأوساط الدولية، وعلى الأوساط العربية، وعلى النظام السياسي الفلسطيني، من أجل وقف الانقسام.

فكرنا في استخدام أجسادنا، لأن المجاعة، أو جريمة التجويع في قطاع غزة، تهدد حوالي 70 ألف طفل، وقد قضى حوالي 110 أطفال نتيجة التجويع.

استخدمنا أجسادنا للتعبير عمليا عن تضامننا وتلاحمنا مع شعبنا في قطاع غزة، وللضغط ولتوسيع قاعدة الضغط في الضفة الغربية.

وقد نجحنا، لأن هذه المبادرة ستتبعها مبادرة أطلقتها شبكة المنظمات الأهلية، سيكون هناك إضراب عن الطعام، وكذلك لجنة المتابعة في داخل مناطق الـ48 ستشارك في الإضراب، ثم يتبع ذلك تجمع ومسيرة أمام القنصلية الأمريكية.

لذلك، نحن نستخدم أجسادنا، نستخدم معدتنا، لنقول لشعبنا في غزة: همّنا واحد، وألمنا واحد، ورغم العدوان والمجازر والجنون الذي يُمارس يوميا في قطاع غزة، نقول: إننا شعب واحد، ووطن واحد، وقضية واحدة.

مَن هم أبرز المشاركين في هذا الإضراب؟

هناك تجمع شخصيات من المؤتمر الوطني الشعبي "14 مليون"، الذي يطالب بضرورة عقد انتخابات للمجلس الوطني وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية.

وهناك أيضا شخصيات من "نداء فلسطين"، وهو تجمع لثلاث قوى فلسطينية داخل منظمة التحرير، مع مستقلين وشخصيات وطنية وحركات مدنية.

وكذلك هناك شخصيات من الهيئة الوطنية الفلسطينية للسلم الأهلي، التي تطالب أيضا بضرورة وقف كافة أشكال الانقسام والذهاب إلى وحدة مبنية على وحدة النسيج الوطني المجتمعي الفلسطيني.

وكما أسلفت، هناك توجه لمشاركة قطاعات أوسع من المجتمع المدني.

ما الرسالة التي يسعى المشاركون في الإضراب لإيصالها للعالم؟

الرسالة هي تحميل المسؤولية للنظام الدولي، الذي فشل في حماية قطاع غزة، وفشل في استخدام أدوات الحماية التي أقرها القانون الدولي الإنساني والقانون الجنائي الدولي.

آن الأوان للضغط على هذا الاحتلال الغاشم من أجل وقف الحرب في قطاع غزة، ومن أجل فتح المعابر لدخول المساعدات الإنسانية والطبية والغذاء بطريقة تضمن كرامة الناس في قطاع غزة، والذهاب إلى إعمار غزة، والذهاب إلى حل سياسي ينهي هذا الاحتلال.

المجتمع الدولي، مُمثلا بأعلى هيئة وهي مجلس الأمن، فشل في حماية الشعب الفلسطيني، ولا يزال مستمرا في تطبيق معايير مزدوجة فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني–الإسرائيلي. نقول: إذا كان العالم يهتم بأمن إسرائيل، يجب أن يعلم أنه لا أمن لإسرائيل إلا بأمن الشعب الفلسطيني.

إسرائيل تُهدّد السلام في المنطقة، وإسرائيل تُهدّد السلام العالمي.

لذا، نطالب باستخدام أدوات العدالة للمحاسبة، ووقف التجارة مع إسرائيل، ووقف بيع الأسلحة، خاصة أن الجمعية العامة اعتمدت الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية فيما يتعلق بعدم قانونية الاحتلال، وإنهاء هذا الاحتلال عام 2025.

وبالتالي، أي دولة وقّعت وصادقت على هذا القرار — 124 دولة، منها دول من أوروبا — إذا تجاوزت هذا القرار، فهي تعتبر شريكا في هذا العدوان.

لذلك نقول: إننا كشعب لن تُكسر إرادتنا، وسنواصل نضالنا المشروع من أجل حقنا في تقرير المصير، ومن أجل مواجهة ما يجري في الضفة الغربية من تطهير عرقي، وما يجري في قطاع غزة من مجازر وإبادة.

هي صرخة فلسطينية إلى العالم، إلى الضمير العالمي، تأتي ضمن مبادرات عديدة أطلقناها، لتقول: إنك أنت مسؤول عن المجاعة في غزة، أنت مسؤول عن جريمة التجويع في قطاع غزة، خاصة المسؤولين في دول أوروبا، حيث ستُرسل عشرات الآلاف من الرسائل إلى كل مسؤول في الاتحاد الأوروبي أو في الحكومات الأوروبية.

هذه الصرخة تتجاوب أيضا مع حركات التضامن العالمية، والتي نحييها ونقدرها في المجتمع الفلسطيني.

ودعني أقول: إن الإضراب عن الطعام أصبح نقطة انطلاق لفعاليات مختلفة، من مسيرات ورفع شعارات، وتوافد العديد من الوفود إلى مكان الإضراب عن الطعام.

ألم يكن من الأجدى أن ننتقد موقف الدول العربية قبل أن ننتقد موقف الدول الغربية؟

منذ اللحظة الأولى للعدوان، كانت هناك نداءات، وكانت هناك لقاءات دبلوماسية قامت بها أوساط النظام السياسي الفلسطيني المختلفة، توجهت خلالها إلى الجامعة العربية أو إلى دول عربية منفردة، للضغط على إسرائيل من أجل وقف هذا العدوان.

ولكن دعني أقول: بدون إرادة سياسية عربية تُترجم فعلا على الأرض، تحمي مصالحها أولا، وتحمي الشعب الفلسطيني ثانيا، فلن يكون هناك إلا مزيد من التوغل الإسرائيلي نحو هندسة ما يُسمى بـ"الشرق الأوسط الجديد"، الذي سيمسّ سيادة كل الدول العربية، ومصادرها، وكرامة مواطنيها.

نحن نقول دوما: إننا نحترم الشعوب العربية، ونعرف أنها تحت ضغط الأجهزة الأمنية وغياب الديمقراطية، رغم أن هناك مبادرات مهمة جدا جرت في العديد من الدول العربية.

لذلك، هذه الصرخة موجّهة إلى العالم بكل مستوياته، وهي موجهة إلى الجامعة العربية وإلى الأنظمة العربية: آن الأوان لاتخاذ خطوات فعلية، مثل وقف إمداد البترول، قطع العلاقات، وإلغاء الاتفاقيات المبرمة بين دولة الاحتلال وبعض الدول.

بدون هذه الخطوات، ستبقى المنطقة في حالة تجدّد للعدوان الإسرائيلي، الذي طال سوريا ولبنان، وهناك توجهات واضحة أعلن عنها نتنياهو فيما يتعلق بالتوسع في العراق، وحتى في مصر.

نحن نثق بالشعوب العربية، ونحترم وقوفها إلى جانب القضية الفلسطينية وضد الاستعمار.

لذلك، هذه الصرخة، من أجسادنا، من أرواحنا، من أرواح الأطفال في غزة، من أرواح الأمهات اللواتي يمتن كل لحظة مئات المرات، تقول: كفى، آن الأوان لاتخاذ خطوات جادة وفعلية توجع وتؤلم هذا العدو الفاشي.

ما طبيعة الخطوات الفعلية والمؤثرة التي تطالبين بها الجانب العربي؟

أطالب بخروج الجماهير العربية مرة أخرى للتلاحم والتضامن مع نضالنا لوقف العدوان في غزة. نتحدث عن مليار عربي. نتحدث عن إمكانية أن يكون هناك توجه سلمي، وتظاهر واسع باتجاه رفح من الجانب المصري.

نتوقع أن يكون هناك مزيد من الضغط في الشارع المصري على النظام المصري لفتح المعابر، لإدخال المساعدات الغذائية والطبية.

ضغط من أجل وقف هذه الاتفاقيات مع العدو، وبالتالي رفض كافة أشكال التطبيع، ورفض مشروع إعادة هندسة الشرق الأوسط بما يخدم مصالح الإدارة الأمريكية ودولة الاحتلال.

لذلك نقول: إن الشعوب العربية قادرة، وقد انطلقت إلى الشوارع مرات عديدة، وناضلت ضد الاستعمار، وناضلت ضد الديكتاتوريات، ونحن نثق بها.

لهذا، الصرخة تقول: إننا جميعا في سفينة واحدة، يجب أن ننجو من كافة أشكال الاستعمار. آن الأوان لعدم ترك غزة. هناك مليونا إنسان على حافة الموت والإبادة.

الشعب الفلسطيني لن يستسلم. الشعب الفلسطيني سيواصل نضاله، كما واصل منذ أكثر من 77 عاما.

ما جرى في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ربط الواقع الحالي بما جرى في عام 1948، فكان الرد الإسرائيلي: تهجير قسري، استيلاء على الأرض، قتل، عنصرية، إبادة، تطهير عرقي. هذه هي مكونات الحركة الصهيونية.

كيف تنظرون إلى موقف السلطات المصرية من دعم القضية الفلسطينية ووقف حرب الإبادة في غزة؟

مصر، بكل مكوناتها، هي دولة أساسية في رسم السياسة الإقليمية، ولها ثقل عالمي في محطات عديدة من مسار تاريخ الصراع العربي–الإسرائيلي. لذلك، من غير المفهوم إطلاقا مشاركتها في حصار شعبنا في قطاع غزة، كما أن منع إدخال المواد الغذائية المتكدسة في الشاحنات على الحدود غير مبرر بأي حال من الأحوال.

بإمكان مصر، إذا توفرت الإرادة السياسية، كسر هذا الحصار، ويمكنها الاستعانة بهيئات دولية، بل وبعدد من الدول لمرافقة هذه القوافل لدى اقتحامها الحواجز الإسرائيلية.

لقد أدّت مصر دورا مهما جدا داخل مجلس الأمن وفي الهيئات الدولية المختلفة، فيما يتصل بضرورة وقف هذا العدوان، وهي وسيط، والشعب الفلسطيني ينتظر نجاح هذه الوساطة لإنهاء الحرب.

أعتقد أن على الشعب المصري، والقوى الحيّة، والقوى الديمقراطية، والتنظيمات السياسية والمدنية، أن تواصل الضغط، بالتنسيق مع شبكات عربية مختلفة، على النظام المصري من أجل فتح المعابر، والضغط على إسرائيل، بل والمطالبة بإلغاء اتفاقية كامب ديفيد التي تستنزف الموارد والمصادر المصرية لصالح الاحتلال الإسرائيلي.

موقف مصر الرافض للتهجير لاقى تقديرا كبيرا، وهو موقف مهم في مواجهة السياسة الإسرائيلية. ونأمل أن يُبنى على هذا الموقف، وأن تتخذ مصر خطوة متقدمة، خاصة في ظل التطورات الجارية المرتبطة بالصفقة.

من غير المفهوم إطلاقا أن يُصرّح السيد بحبح بتفاؤل إزاء التوجهات الإيجابية لدى حماس، ثم يأتي «ويتكوف» ويقلب الطاولة ليعبّر عن رؤية نتنياهو. من هنا تتصاعد التخوفات الجدية من اغتيالات سياسية، ومن عمليات تهجير وضربات إضافية قد تُسقط مئات الآلاف في قطاع غزة، وتُمهّد لعملية تهجير في الضفة الغربية.

لهذا، فإن مصر على المحك، والجامعة العربية على المحك.

هذه الأنظمة، واستمرارها، لا تقوم إلا على الشرعية التي تستمدها من شعوبها؛ فالاستعمار لا يمنح شرعية لأحد. وهذا هو منطق التاريخ، في المنطقة العربية وفي كل أنحاء العالم.

وأنا أطالب النظام المصري، من خلال هذا الإضراب عن الطعام، حتى لو فقدنا الحياة، بأن تكون رسالتنا الأخيرة: يجب الانتصار للشعب الفلسطيني، ويجب إحقاق العدالة لهذا الشعب؛ فهناك مثلٌ يجب استحضاره دائما على طاولة الدبلوماسيين والساسة ومتخذي القرار: "أُكلتُ يوم أُكِل الثور الأبيض".

لكن ما تعقيبك على تصريحات محافظ شمال سيناء اللواء خالد مجاور التي تحدث فيها عن صعوبة فتح معبر رفح، وأن الأمر قد يتطور إلى فتح جبهة قتال مع الولايات المتحدة، "ولا أحد يستطيع أن يقول لأمريكا لا"؟

هناك شعوب عديدة قالت لأمريكا "لا"، وانتزعت حقوقها، وهزمتها، ولم تحقق أمريكا أهدافها في عدد كبير من مناطق العالم.

نحن لا نريد أن يترتب على الموقف المصري آثار سلبية، ولكن وفق القانون الدولي الانساني، يُفرض عليها التزامات بتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية؛ فقد جاء الأمين العام للأمم المتحدة في بداية الحرب إلى رفح، وصرّح علنا بمواقف مناهضة لهذا العدوان على المدنيين، وعلى الأمهات، وعلى الأطفال.

الوكالات التابعة للأمم المتحدة لديها العديد من التقارير، وأصدرت مواقف جريئة تؤكد أن هذه حرب على النساء، وعلى الأطفال، وعلى المدنيين، حرب تدميرية لا تحترم القواعد التي أرساها القانون الدولي الإنساني، والقانون الجنائي الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

لذلك، يمكن لمصر فتح المعابر لدخول المواد الغذائية، والطبية، والوقود، من خلال التنسيق مع هذه الهيئات. حينها، فلتُقاتِل الولايات المتحدة وإسرائيل الأمين العام والهيئات الدولية، لأن مصر ستجد إلى جانبها دعما من دول أوروبية، مثل إسبانيا، والنرويج، وأيرلندا، وفرنسا.

لا يمكن السكوت على ما يجري؛ فكل مَن يصمت، أو يبرر، أو يغضّ الطرف، هو في المحصلة شريك في الجرائم، وشريك في قتل الأطفال.

في السابق، كانت تُخفى الأدلة المتعلقة بجرائم الإبادة. اليوم، ومنذ ما يزيد عن 22 شهرا، تُبث هذه الجرائم على مرأى ومسمع من العالم بأسره؛ فماذا سيقول المسؤولون في مجلس الأمن، ورؤساء هذه الدول، وكل متخذي القرار، للأجيال القادمة؟، "أغلقنا أعيننا؟ أغلقنا آذاننا؟ لم نرَ، ولم نسمع؟".

لا يمكن الاستمرار في ذلك. ما يجري في غزة له انعكاسات ليس فقط على دول الإقليم، بل على أوروبا، والولايات المتحدة ذاتها، وقد رأينا كيف أن قمع حركات التضامن في الغرب يهدد ما يُسمى بـ"الديمقراطية". ما يجري في غزة يُهدّد منظومة حقوق الإنسان برمّتها.

ورغم كل ذلك، هناك أصوات عالمية قوية تطالب بإعادة هيكلة مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة، وإنهاء هيمنة الدول الخمس الكبرى، التي تملك حق النقض (الفيتو)، وهناك إمكانية حقيقية للشعوب لبناء ائتلافات تواجه هذا النظام الدولي المختل.

كنت آمل أن نشهد موقفا أكثر صلابة ووضوحا من الصين وروسيا، يمارس ضغطا فعليا على الولايات المتحدة وإسرائيل، فيما يتعلق بجرائم الإبادة التي تطال الإنسان والحجر والشجر في قطاع غزة.

قطاع غزة يتحول إلى أرض محروقة، وترامب – بطريقة عشوائية – يتعامل مع العالم بمنطق الصفقات التجارية ومنطق المافيا، للأسف الشديد.

لهذا، آن الأوان للرئيس عبد الفتاح السيسي تحديدا، وللجامعة العربية، أن يتخذوا خطوات مدروسة، منسقة مع كل الجهات التي تعمل من أجل حماية القانون الدولي الإنساني، واحترام الضمير الإنساني، فيما يتعلق بمستقبل القضية الفلسطينية ككل.

لكن ماذا لو لم يفعل السيسي وجامعة الدول العربية ما تطالبين به، خاصة بعد عامين على بدء الإبادة؟

أنا أثق بالشارع المصري. هناك أصوات، وهناك مبادرات من مواطنين مصريين.

وأعتقد أن الضغط العالمي، والتضامن الإنساني، سيكون لهما أثر ملموس، وهذا مرتبط أيضا بصلابة الموقف الفلسطيني، ووقف الانقسام الفلسطيني.

هناك عوامل كثيرة تتحرك بالتوازي، وأنا على ثقة بأن الشعب المصري لن يصمت على قتل آلاف الأطفال والنساء، واستشهادهم بسبب التجويع.

أعتقد أن كل مصري شريف، وكل مصرية تناضل من أجل الحرية، ومن أجل احترام الحقوق غير القابلة للتجزئة، سيعلو صوته وصوتها للضغط على نظام الحكم في مصر لإدخال المساعدات الإنسانية لغزة.

مقالات مشابهة

  • محمود عتمان: مجلس الشيوخ يرفع دراسة الذكاء الاصطناعي للرئيس السيسي لتفعيلها تنفيذياً
  • حقوقية فلسطينية لـعربي21: السيسي والجامعة العربية على المحك بسبب مجاعة غزة (فيديو)
  • السوداني يوجه بإزالة جميع المعوقات التي تعترض مشاريع الطاقة
  • “الديمقراطية” تدين المجزرة الصهيونية البشعة في منطقة السودانية
  • عناوين الصحف السودانية الخميس 31 يوليو 2025
  • عماد الدين حسين: الحوار الوطني شمل جميع القوى السياسية المؤمنة بالدستور والقانون
  • البيان الختامي لمؤتمر “حل الدولتين”: الحرب والاحتلال والنزوح لن تفضي إلى السلام
  • رحلة جديدة.. القطار الثاني يغادر القاهرة لإعادة السودانيين لوطنهم
  • انطلاق المؤتمر الختامي لـ مستقبل وطن لانتخابات الشيوخ باستاد القاهرة
  • بعد قليل.. انطلاق المؤتمر الختامي لحزب مستقبل وطن لانتخابات الشيوخ