تفاقمت المجاعة لتصل إلى مستوى خطير فى قطاع غزة بشكل عام، ومحافظة غزة والشمال بشكل خاص، ويأتى ذلك فى ظل الأوضاع الإنسانية المتدهورة فى محافظات قطاع غزة بسبب منع إسرائيل إدخال المساعدات والغذاء والدواء كأداة للضغط السياسي الذي تمارسه دولة الاحتلال. وهكذا فإن شبح المجاعة يكبر يوما بعد يوم مما ينذر بارتفاع أعداد الوفيات بسبب الجوع خاصة بين أكثر من مليون طفل باتوا اليوم تحت التهديد المباشر لسوء التغذية من بينهم 3500 طفل باتوا أقرب للموت بسبب سوء التغذية وانعدام الغذاء والمكملات الغذائية وانعدام التطعيمات.
وقالت وزارة الصحة فى غزة إن أكثر من ستين نازحا فى مركز إيواء فى "بيت لاهيا" غالبيتهم من الأطفال تعرضوا لتسمم غذائي نتيجة تناولهم أطعمة فاسدة، ويشهد مركز الإيواء هناك نقصا حادا فى المواد الأساسية الغذائية فى ظل استمرار الحرب التي دخلت شهرها التاسع، وأرجعت لجنة الطوارئ فى وزارة الصحة فى غزة سبب تلف الأغذية إلى انتظار شاحنات المساعدات ــ التى تحمل مكونات الغذاء ــ لفترات طويلة تحت أشعة الشمس مما أدى إلى فسادها. وقال المكتب الإعلامي الحكومي فى القطاع الاثنين الماضى: إن النازحين يتناولون أغذية معلبة منتهية الصلاحية نتيجة للنقص الحاد فى الطعام بقطاع غزة، وإن المجاعة والأمراض تتزايد بين سكان القطاع وخاصة الأطفال متهما إسرائيل بالمسئولية عن حالات التسمم بسبب إغلاقها معبر رفح وتقييد دخول المساعدات والسلع الغذائية لمناطق شمالي القطاع.
عاد هاشتاج "يموت جوعا" للانتشار على مواقع التواصل الاجتماعي إثر حملة الكترونية جديدة تطالب بإنقاذ مدن شمال القطاع من المجاعة. ونشر مغردون تحت هذا الهاشتاج مقاطع مصورة قالوا إنها توثق المجاعة التى يعانى منها أهالى الشمال بسبب الحصار الذي تفرضه إسرائيل ومنعها دخول المساعدات. كما وثق رواد التواصل حالات وفاة لأطفال من شمال القطاع بسبب سوء التغذية ونقص المواد الغذائية. وتقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" نقلا عن شركائها الذين يعملون على الأرض: إن واحدا من كل ثلاثة أطفال في شمال غزة يعانون من سوء التغذية الحاد أو الهزال، وتظهر السجلات أن 33 شخصا توفوا بسبب سوء التغذية فى قطاع غزة من بينهم 29 طفلا، وأن العدد قد يكون أعلى من ذلك بكثير، ونشر صحفى مقطع يظهر طفلا رضيعا وقد برزت عظامه بسبب نفاد الغذاء وعلق قائلا: (الأطفال يموتون من الجوع، هذا الطفل بجسده الهزيل يشرح المعاناة بتفاصيلها الموجعة المؤلمة).
الجدير بالذكر أنه قبل نحو أسبوعين توقع وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية "مارتن غريفيث" أن يواجه نصف سكان غزة الموت والمجاعة بحلول منتصف يوليو الجاري ما لم يتم السماح بحرية وصول المساعدات. وكانت القوات الإسرائيلية منذ أن سيطرت على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي قد منعت مصر من استخدام المعبر بذريعة أنه لم يعد آمنا للعمل الإنساني، ولهذا يتم الآن تحويل المساعدات والوقود إلى معبر "كرم أبو سالم". ووفقا لأرقام الأمم المتحدة فإنه فى شهر مايو الماضى دخلت فى المتوسط 97 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة يوميا بانخفاض قدره 42% عن شاحنات المساعدات التى دخلت فى شهر إبريل. وفى أول أسبوعين من شهر يونيو الماضي انخفض العدد مجددا ليصل إلى 89 شاحنة.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: سوء التغذیة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
انتقادات ألمانية بسبب عرقلة الاحتلال إدخال المساعدات إلى غزة
دعا نائب المستشار الألماني ورئيس الحزب الديمقراطي الاجتماعي، لارس كلينغبايل، إلى ممارسة ضغوط سياسية على الاحتلال الإسرائيلي بسبب ما وصفه بـ"التباطؤ" في إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، محذّرًا من تفاقم المعاناة الإنسانية والمجاعة الوشيكة في القطاع.
وأكد كلينغبايل، الذي يشغل أيضًا منصب وزير المالية، على ضرورة حماية المدنيين ووقف الخطط الإسرائيلية لتهجير سكان غزة بالقوة، معتبرًا أن هذه الممارسات تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي.
وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الألمانية أن "معاناة الأطفال والضحايا المدنيين نتيجة للهجمات العسكرية الإسرائيلية باتت أمرًا صادمًا لا يمكن تجاهله".
وشدد المسؤول الألماني على ضرورة التزام الاحتلال الإسرائيلي بالقانون الإنساني الدولي، داعيًا في الوقت نفسه حركة "حماس" إلى الإفراج عن جميع الأسرى المحتجزين لديها.
تل أبيب تدّعي إدخال مساعدات.. وغزة تكذّب
من جانبه، زعم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في كلمة متلفزة مساء أمس الخميس، أن حكومته سمحت بإدخال "كميات كافية" من المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة خلال الأيام الأخيرة، مشيرًا إلى السماح بدخول نحو 100 شاحنة يوم الأربعاء الماضي.
إلا أن السلطات المحلية في غزة نفت هذه الادعاءات، وأكدت أن ما دخل فعليًا لا يتجاوز 87 شاحنة، وهو ما وصفته حركة "حماس" بأنه "أقل من عُشر الاحتياج اليومي"، في ظل ما يشهده القطاع من انهيار صحي وتصاعد حاد في مستويات الجوع.
وفي السياق نفسه، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، يوم الأربعاء الماضي، عن دخول 87 شاحنة محملة بالمساعدات للمرة الأولى منذ 81 يومًا من الإغلاق الإسرائيلي الكامل للمعابر.
وأوضح أن قطاع غزة يحتاج يوميًا إلى ما لا يقل عن 500 شاحنة من المواد الغذائية والطبية والإغاثية، و50 شاحنة وقود كحدٍّ أدنى لإنقاذ الأرواح.
وطالب المكتب المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بالتحرك الفوري والضغط على الاحتلال لفتح المعابر بشكل دائم، وضمان التدفق المنتظم للمساعدات، والعمل الجاد على إنهاء الحصار المفروض على القطاع منذ أكثر من 18 عامًا.
إطلاق نار على دبلوماسيين يثير غضبًا أوروبيًا
في تطور موازٍ، دعت الرئيسة المشاركة لحزب الخضر الألماني، فرانزيسكا برانتنر، حكومة بلادها إلى استدعاء سفير الاحتلال الإسرائيلي في برلين، احتجاجًا على قيام الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار على وفد دبلوماسي يضم 35 دبلوماسيًا أوروبيًا وعربيًا، من بينهم ألمان، أثناء زيارتهم إلى مخيم جنين شمال الضفة الغربية.
وقالت برانتنر في تصريح صحفي إن "إطلاق الجنود الإسرائيليين النار على الدبلوماسيين لا يمكن أن يمر دون محاسبة"، مطالبة جميع الدول الأوروبية التي تعرّض ممثلوها للهجوم باتخاذ إجراءات مماثلة.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد أطلق النار على الوفد رغم أن الزيارة كانت منسّقة مسبقًا مع سلطات الاحتلال، في انتهاك واضح لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، التي تُلزم الدول المضيفة بضمان أمن البعثات الدبلوماسية.
ومنذ 21 كانون الثاني/يناير الماضي، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ عملية عسكرية واسعة في شمال الضفة الغربية، بدأها بمدينة جنين ومخيمها، قبل أن يوسّعها إلى مدينة طولكرم ومناطق أخرى.
وفي موازاة حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، كثّف الجيش والمستوطنون اعتداءاتهم في مدن الضفة الغربية، بما في ذلك القدس المحتلة، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 969 فلسطينيًا، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، إضافة إلى اعتقال ما يزيد عن 17 ألف شخص، وفق إحصاءات فلسطينية رسمية.
ومنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، بدعم أميركي كامل، شنّ حرب إبادة ضد سكان قطاع غزة، خلفت حتى الآن أكثر من 175 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، ومئات الآلاف من النازحين.