فى شأن المخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع
تاريخ النشر: 14th, July 2024 GMT
فى شأن المخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع
الذبح الحلال وتحديات الحداثة
بقلم: طلعت محمد الطيب*
تواجه النصوص الشرعية الخاصة بالذبح الحلال أو ما عرف بتذكية الحيوان قبل أكله، تحديات كبيرة وضغوطا هائلة فى عصر العولمة والتعاون التجارى بين الشعوب، لدرجة باتت تهدد مقاصد الإسلام على ضوء المعارف العلمية التى وفرتها الحداثة، في كلما يتعلق بمبدأ الرفق بالحيوان وحماية صحة الإنسان .
يستند الإجماع الفهى الموروث او ما عرف بإجماع جمهور علماء المسلمين فى تعامله مع هذه القضية المهمة، إلى عدد من النصوص أهمها تعريف الفقهاء للذبح الحلال بأنه " قطع الحلقوم والمرىء والودجين" وانه لا يحل للمسلمين " أكل المخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع". والموقوذة هى البهيمة التى أزهقت روحها لضربها بمثقل حجر او هراوة او نحوهما، مع أن ذلك أمر لابد من حدوثه فى المسالخ المنتشرة بالتجمعات الحضرية والمدن الحديثة، حيث يستحيل ذبح العشرات والمئات من الحيوانات فى مدة وجيزة دون أن يسبق ذلك تدويخها بغرض السيطرة عليها. وتدويخ الحيوان قبل ذبحه stunning يعنى ضرب الحيوان على رأسه بمثقل كالهراوة حتى يسقط على الأرض مغشيا عليه، وهو ما قد يدخلنا ضمن محظورات أكل " الموقوذة" التى لا يحل أكلها على المسلمين.
أذكر جيدا أن جامعة الخرطوم كانت ترسلنا بغرض التدريب العملى على صحة اللحوم، إلى سلخانة امدرمان. وقد كنا نفاجأ بمشهد غريب هناك تمثل فى وجود إثنين من العاملين يحمل كل منهما هراوة ضخمة (عتلة) على مدخل المسلخ، ليدخل عليهما الثيران واحدا تلو الآخر. كانت مهمتهما تنحصر فى ضرب الثور على رأسه بالعتلة عدة ضربات حتى يخر المسكين مغشيا عليه ويسبح فى بركة من الدماء، ثم يذبح بعد ذلك. وهذه الطريقة فى التدويخ متخلفة وغير إنسانية كما انها خطيرة فكثيرا ما كان الثور يفيق وهو فى حالة هياج ليشكل تهديدا مباشرا على العاملين بالمسلخ، خاصة إذا كان من ثيران غرب السودان (أمبررو).
لتدويخ الحيوان قبل الذبح فى الولايات المتحدة وكندا وغرب اوروبا ودول أخرى عديدة أصبح إستخدام ما يعرف بالمسدس ذى الإبرة الواقذة penetrating captive bolt شائعا. توضع فوهة المسدس على جبهة الحيوان، أعلى العينين قليلا، وبالضغط على الزناد تخرج قطعة معدنية مدببة تخترق الجمجمة ثم ترتد مرة أخرى داخل المسدس. يتسبب المسدس فى تدمير الدماغ cerebrum بينما يبقى على جذعه brain stem سليما كى يستمر القلب فى الخفقان. يتم بهذه الطريقة تدويخ دائم للحيوان لا يصحو منه أبدا، بينما يستمر القلب ينبض لمدة قد تصل إلى عشر دقائق، وهى مدة كافية للذبح ونزف الحيوان بشكل جيّد دون أن يشعر بأى ألم لأنه يكون فى حالة غياب دائم عن الوعى لا يفيق منه irreversible . من المفيد هنا معرفة أن القلب لا يتوقف عن النبض إلا بعد أن يستنفذ كل الأكسجين المتاح ثم يتوقف بعدها لأن تدمير الدماغ بواسطة المسدس كان قد عطل الرئتين عن العمل.
كان مجلس الفقه الإسلامى المشار إليه فى بداية المقال قد أباح إستخدام المسدس بشكل مبدئى ولكنه للأسف إقتصر فى إباحته هذه، على المسدس ذى الرأس المدببة non penetrating captive bolt وهو لا يحدث إختراق فى الجمجمة لكنه يصيبها بضربة قوية ربما تؤدى إلى تهشيمها، وقد يحدث نزف داخلى فى الدماغ ويرفع من ضغطه والنتيجة حدوث تدويخ مؤقت reversible ، وهى طريقة غير عملية، ولذلك فهى لا تنتشر فى المسالخ الحديثة. ربما تكون الفائدة الوحيدة لهذه الطريقة تتلخص فى الإعتقاد بأنها تمنع خلايا الدماغ من دخول مجرى الدم وتقلل فرص نقل مرض جنون البقرBSE (Bovine Spogiform Ecephalopathy).
يحتاج الفقه الشرعي أيضا لمراجعات شاملة بسبب إصراره على أن الذبح الحلال لا يتحقق إلا بقطع الحلقوم والمرىء والودجين. فالموت السريع للذبيحة لا يحدث بسبب قطع الحلقوم والمرىء كما إعتقد الفقهاء قديما، إنما بسبب قطع الشريان السباتى carotid artery والوريد الوداجى jugular vein وحدوث هبوط حاد فى الدورة الدموية نتيجة لذلك. ضرورة التدويخ تبرز اكثر فى حالة ذبح الثيران والابقار والعجول لأن طبيعة هذه الحيوانات تميل إلى تمدد الاوعية الدموية عند قطعها أوما يعرف بظاهرة إنسداد الشرايين sealing off the artery مما يقود إلى إطالة النزيف وتأخير حدوث غياب الوعى حيث يظل الحيوان واعيا بما حوله وهو ينزف لمدة طويلة نسبيا قد تصل الى دقيقة كاملة.
كذلك اوضح د. جريجورى الباحث بجامعة برستول بالمملكة المتحدة فى بحث نشر فى هذا الشأن، إن قطع الحلقوم يتسبب فى مضاعفة معاناة الحيوان لدخول الدم إلى الرئة والقصبة الهوائية. وقد أوصى بذبح الحيوان بالقرب من الفك، أى على مستوى الفقرة العنقية الاولى cervical 1 لأن هذه الطريقة فى الذبح تضمن قطع العصب الواصل للجهاز التنفسى وبالتالى تغييب الإحساس حينما يتدفق الدم داخل الشعب الهوائية.
الطريقة المتبعة فى ذبح وسلخ الحيوانات فى الغرب تقوم على تجنب قطع المرىء ولا تكتفى بذلك بل يتم ربطه، إضافى إلى ربط اسفل القولون مع المثانة لمنع وصول محتويات المعدة والإمعاء إلى اللحم وتلويثه ببكتريا إى كولاى E.coli 0157:H7 التى تعيش بشكل طبيعى داخل محتويات الإمعاء. وهى بكتريا ضارة جدا بالانسان وتلحق به أضرارا عديدة أهمها الإصابة بالفشل الكلوى. وإى كولاى بكتريا لا تموت إلا فى درجة حرارة أعلى من سبعين درجة مئوية. ولكم ان تتخيلوا خطورة ذلك لأن بعض الناس لا يقوم بطهى اللحوم بشكل جيد وبعضهم يأكلها نيئة (أكل المرارة فى السودان). على كل حال فإن أكل المرارة (أم فتفت) يعتبر من العادات الضارة والشديدة الخطر على صحة الإنسان بسبب بكتيريا إى كولاى.
من المآخذ على مخرجات مجمع الفقه الإسلامى المذكور أنه كان قد أباح إستخدام طريقة التدويخ بالصعق الكهربائى للرأس فقط دون الجسم لتجنب توقف القلب، لأن مفهوم الموت قديما كان يتحدد بتوقف القلب وليس توقف الدماغ. مشكلة الصعق الكهريائى ليشمل الرأس فقط دون بقية الجسم، يؤدى إلى تدويخ مؤقت reversible ولثوانى معدودة يستعيد بعدها الحيوان وعيه. أعتقد أن مخرجات ذلك المجمع الفقهى قد جاءت دون الطموح المطلوب فى التصدى لقضية الذبح الحلال وأصغى لجمهور الفقهاء فى قبورهم أكثر مما يجب، بينما كان المطلوب منه مواجهة تلك النصوص بالشجاعة المطلوبة والمسؤولية التى تتطلبها المرحلة.
* طبيب بيطري بالمعاش موظف بالوكالة الكندية لتفتيش الاغذية سابقا
talaat1706@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: هذه الطریقة
إقرأ أيضاً:
رغم النشاط البدني.. عادة يومية قد تسرع الإصابة بالخرف
الولايات المتحدة – أظهرت دراسة حديثة، أجراها فريق من علماء المركز الطبي بجامعة فاندربيلت في ناشفيل، تأثيرات طويلة الأمد لبعض العوامل المرتبطة بنمط الحياة على صحة الدماغ، خاصة في ما يتعلق بألزهايمر.
وكشفت الدراسة أن الجلوس أو الاستلقاء لفترات طويلة قد يزيد من خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، حتى وإن كانت ممارسة التمارين الرياضية جزءا من روتين الفرد اليومي.
ولطالما أوصى الخبراء بممارسة 150 دقيقة من التمارين الرياضية أسبوعيا للتقليل من المخاطر الصحية المرتبطة بالجلوس لفترات طويلة، مثل العمل المكتبي أو مشاهدة التلفزيون. ولكن الدراسة الأمريكية تؤكد أن النشاط البدني في أوقات الفراغ لا يقي من مرض ألزهايمر إذا كانت فترات الجلوس طويلة.
وتابع العلماء أكثر من 400 شخص تزيد أعمارهم عن 50 عاما ولم يعانوا من الخرف في بداية الدراسة. وطُلب من المشاركين ارتداء جهاز قياس النشاط البدني على مدار أسبوع كامل، ثم قورنت نتائج النشاط مع اختبارات الأداء الإدراكي وفحوصات الدماغ التي أُجريت على مدار السبع سنوات التالية.
وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين يقضون وقتا أطول في الجلوس يعانون من انخفاض أكبر في حجم “الحصين”، وهو جزء من الدماغ مهم للذاكرة والتعلم. وهذه الظاهرة تتسارع بشكل خاص لدى المصابين بمرض ألزهايمر، حتى وإن كانوا يمارسون التمارين الرياضية بانتظام.
كما تبين أن الأشخاص الذين يحملون الجين APOE-e4، الذي يعد من العوامل الوراثية المهمة للإصابة بمرض ألزهايمر، هم أكثر عرضة لهذه المخاطر. وهذا الجين يزيد احتمال الإصابة بالمرض عشرة أضعاف، ويحمله حوالي واحد من كل 50 شخصا.
وأوصت الدكتورة ماريسا غونيات، المعدة الرئيسية للدراسة، بأهمية تقليل وقت الجلوس، حتى بالنسبة للأشخاص الذين يمارسون الرياضة بانتظام.
وقالت: “إن تقليل وقت الجلوس لا يقل أهمية عن ممارسة الرياضة اليومية في تقليل خطر الإصابة بمرض ألزهايمر”.
وأضافت البروفيسورة أنجيلا جيفرسون، المعدة المشاركة في الدراسة، أن “النتائج تظهر أهمية أخذ فترات راحة من الجلوس طوال اليوم والتحرك بشكل دوري لتحفيز الدماغ”.
وفي حين أن الدراسة لم تتمكن من تحديد السبب الدقيق وراء زيادة خطر الإصابة بألزهايمر نتيجة الجلوس المطول، اقترح العلماء أن الخمول قد يعطل تدفق الدم إلى الدماغ، وقد يؤدي هذا على المدى الطويل إلى تغييرات هيكلية في الدماغ تساهم في تطور مرض ألزهايمر.
نشرت الدراسة في مجلة Alzheimer’s & Dementia: the Alzheimer’s Association.
المصدر: ديلي ميل