بعد مدة من إعلان دونالد ترامب ترشحه في 2016 للرئاسة، أعلن مؤلف محافظ، وغير معروف نسبيا من ولاية أوهايو، عن ازدرائه لترامب، وهو James Vance حيث قال في مداخلة تلفزيونية: "لست رجل ترامب أبدا" طبقا لما نسمعه ببداية الفيديو المعروض أدناه. كما وصفه في مناسبة أخرى بأنه "هتلر أميركا".

إلا أن الحال تغيرت بعد 8 سنوات، وأصبح جيمس فانس نائب ترامب الرسمي منذ أمس الاثنين.

فانس، البالغ 39 عاما، اشتهر لأول مرة بمذكرات ألفها بعنوان Hillbilly Elegy أو "مرثية هيلبيلي" التي تحدث فيها عن نشأته في أسرة دخلها قليل وغارقة بالعنف والإدمان في مسقط رأسه بمدينة Middletown في أوهايو، وفيها قدم نفسه على أنه شاب ناجح، تغلب على صراعات طفولته ودرس الحقوق بجامعة Yale.الشهيرة، بحسب المتوافر إعلاميا عنه في الانترنت، كما بتقرير نشرته صحيفة "التايمز" البريطاني.

وتبدلت الحال بفانس، حين استخدم الملياردير الأميركي Peter Thiel كصديق مشترك لعقد اجتماع مع ترامب وابنه دونالد ترامب جونيور في 2021 بمنتجع "مارألاغو" الذي يملكه ترامب الذي أخبر فانس بأنه قرأ مذكراته ونالت اعجابه. أما فانس، فاعتذر لترامب الذي لم يسامحه فقط، بل أيد ترشحه لمقعد بكونغرس أوهايو، وهي الانتخابات التمهيدية الجمهورية الأكثر تنافسية لدورة 2022 الانتخابية.

وجاء اختيار ترامب لفانس "لتظليل موقف الرئيس السابق المتشدد بشأن الهجرة والاقتصاد وتورط الولايات المتحدة في الحروب الخارجية" فيما قال دونالد جونيور هذا الأسبوع: "نحن واثقون بنسبة 100% من أن جيمس فانس هو "أميركا أولا" حتى النخاع"، مضيفا أن العائلة سئمت من إصرار وسائل الإعلام على التنقيب عن تعليقاته السابقة المناهضة لترامب.

كما أثبت فانس أيضا أنه يتمتع بجاذبية لجمع التبرعات. وقد ساعد في تنظيم حملة جمعها في "وادي السيليكون" الشهر الماضي، حيث كان كنقطة اتصال بين رجل الأعمال التكنولوجي ديفيد ساكس وحملة ترامب، وانتهت بجمع 12 مليون دولار. أما النقاد، فيتكهنون بأن فانس جزء من جيل جديد يرى بترامب خطوة أولى في ثورة شعبوية قومية أوسع، وتعمل بالفعل على إعادة تشكيل اليمين الأميركي.

من هو جيه.دي فانس؟

ولد ونشأ في ميدلتاون، أوهايو، وهي مدينة صناعية أميركية، كانت مزدهرة "ذات يوم"، وفق تقرير عن سيرته في موقع مجلس النواب. يبلغ 39 عاماً.

كانت علاقته بجدته وتدعى "ماماو" قوية جداً، ولعلها صقلت شخصيته، حسب شبكة "أي بي سي نيوز".

توفيت جدته وملهمته عام 2005، بعد وقت قصير من تجنيده في قوات مشاة البحرية الأميركية.

تخرج من جامعة ولاية أوهايو وكلية الحقوق في جامعة ييل، وخلال عمله بالجيش، كان ضمن البعثات العسكرية التي عملت بالعراق.

كتاب Hillbilly Elegy

عام 2016 ألف كتاب Hillbilly Elegy، الذي تم تحويله إلى فيلم عرض على منصة "نتفليكس".

يعتبر فانس كتابه بمثابة مذكراته، حيث شارك فيه قصة نشأته في فقر بمنطقة تعرف بـ"حزام الصدأ الأميركي" وكونه محاطاً بالعنف والإدمان.

كما بدأ مشروعاً تجارياً مخصصاً لتنمية الوظائف والفرص في قلب أميركا.

ويُشير مصطلح "حزام الصدأ" في السياق الأميركي إلى منطقة تشمل الولايات الصناعية القديمة في شمال شرقي الولايات المتحدة. والتي تشمل أجزاء من ولايات نيو إنغلاند، وبنسلفانيا وأوهايو وميشيغان.

تُعرف هذه المناطق بتاريخها الصناعي القديم، وتأثيرات انخفاض الصناعة والتحولات الاقتصادية التي نتجت عنها.

"لم يكن رجل ترامب أبداً"

أصبح فانس كمتحدث بين وسائل الإعلام وسكان "حزام الصدأ"، لا سيما خلال انتخابات 2016، حيث ناقش القضايا المهمة لأولئك الذين لديهم خلفية مماثلة له.

في ذلك الوقت، أوضح أنه ليس مؤيداً لترامب، قائلاً في مقابلة مع تشارلي روز عام 2016 إنه "لم يكن رجل ترامب أبداً".

وفي أغسطس 2016، صرح لشبكة "أي بي سي نيوز" أنه لا يرى أن ترامب "يقدم العديد من الحلول".

إشادة واعتذار

مع ذلك، انضم فانس في النهاية إلى الرئيس السابق، وأشاد بالفترة التي قضاها في منصبه واعتذر عن هجماته عليه خلال مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" في يوليو 2021.

كما جاء اعتذاره في نفس الوقت تقريباً الذي دخل فيه السباق على مقعد مجلس الشيوخ في ولاية أوهايو، التي أصبحت واحدة من أكثر الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري تنافسية في الدورة الانتخابية لعام 2022.

وقال فانس لـ"فوكس نيوز" في 2021: "أنا نادم، ويؤسفني أن أكون مخطئاً بشأن الرجل".

بعد دعم ترامب في آخر لحظة، فاز فانس بالانتخابات التمهيدية لمجلس الشيوخ في أوهايو لعام 2022 واستمر في الفوز في الانتخابات العامة، متغلباً على الديمقراطي من الولاية تيم رايان.

الدورة الانتخابية لعام 2024

أما طوال الدورة الانتخابية لعام 2024، كان فانس بديلاً نشطاً للرئيس السابق، حيث شارك في فعاليات الحملة وساعده في جمع الأموال لحملة إعادة انتخابه. وكان آخرها المشاركة في حملات جمع التبرعات بأوهايو وكاليفورنيا.

يعيش حالياً في أوهايو مع زوجته أوشا وأطفالهما الثلاثة.

وامس الاثنين اختار الحزب الجمهوري الأميركي رسمياً دونالد ترامب مرشحاً للرئاسة.

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: رجل ترامب

إقرأ أيضاً:

أوراق أمريكا المتساقطة في خريف ترامب

محمد بن علي البادي

منذ تأسيسها، سعت الرئاسة الأمريكية إلى ترسيخ صورة الدولة القائدة للعالم "الحر"، المتحدثة باسم الديمقراطية، والحارسة لمصالحها عبر تحالفات محسوبة وخطابات مدروسة.

لكن هذه الصورة لطالما بدت مزدوجة، تمارس الضغط وفرض الهيمنة بقدر ما تروّج للقيم. ومع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بلغ هذا التناقض ذروته، حين تحوّل التعامل الأمريكي مع الشرق الأوسط إلى صفقات مكشوفة، وتراجع دور المؤسسات لصالح نزوات الرئيس ومصالحه الضيقة.

فقد دعم أنظمة قمعية باسم "الاستقرار"، وتخلى عن قضايا عادلة كالقضية الفلسطينية، وروّج لما سُمي بـ"صفقة القرن" دون اعتبار لحقوق الشعوب.
وبدا الشرق الأوسط في نظره ليس أكثر من سوق صفقات، يتعامل معه بمنطق التاجر لا رجل الدولة.

سياسة بلا بوصلة

منذ اللحظة الأولى لتسلّمه الحكم، ظهرت ملامح الارتباك في تعاطي ترامب مع القضايا الدولية.. فقد بدا أقرب إلى رجل أعمال يراوغ ويتفاوَض ويهدد، منه إلى رئيسٍ يدير ملفات عالمية بحسٍّ مسؤول.. وتصريحاته المتقلّبة، قراراته المفاجئة، وانفعالاته المتكررة، كلها جعلت الثقة في منصب الرئاس ة تتآكل، داخليًا وخارجيًا.

كثير من تصريحاته كانت متناقضة أو تفتقر للدقة، ما أضعف مصداقيته وأربك شركاءه.. تعامل بفوقية مع الحلفاء، وبمزاجية مع الخصوم، وانسحب من اتفاقيات دولية كبرى دون تبرير واضح.. كل ذلك ساهم في تقويض صورة أمريكا بوصفها دولة مؤسسات، وأظهرها كدولة تُدار بتغريدة.

ازدواجية فاضحة

من أبرز مظاهر تخبطه، تردده في ملف إيران؛ يتفاوض عبر قنوات سرية، ثم يأمر بضرب منشآت نووية فجأة.. يتحدث عن السلام، ثم يشعل التوترات.

أما في ملف حقوق الإنسان، فقد سقطت كل الأقنعة، حين دعم بشكل سافر الاعتداءات الإسرائيلية على غزة، متجاهلًا دماء المدنيين وآهات الأطفال.
ينادي بالقيم في العلن، ويدعم من ينتهكها في الخفاء.

اليد الأمريكية في تجويع غزة وتدمير قوى المقاومة

وقف ترامب بقوة إلى جانب إسرائيل في سياستها العدوانية ضد أهالي غزة، متجاهلًا معاناة المدنيين المحاصرين الذين يعانون من الحصار والتجويع المستمر.

لم يقتصر دعمه على الكلمات، بل شمل تقديم دعم سياسي وعسكري لتمكين إسرائيل من تنفيذ حملات التدمير ضد قوى المقاومة، بدءًا من غزة مرورًا بجنوب لبنان وسوريا، وصولًا إلى اليمن وإيران.

هذا الدعم ساهم في تفاقم الأزمات الإنسانية، وتدمير البنى التحتية، وإضعاف قدرات المقاومة، ما عزز من حالة عدم الاستقرار في المنطقة، وأغرق الشعوب في معاناة مستمرة بلا أفق للحل.

رئيس بلا هيبة

تجلّى الارتباك حتى في حضوره الدولي؛ قادة يتجاهلونه، وآخرون يُظهرون عدم احترامه علنًا... كُشف عن صفقات سرّية معه، وأحرج في مؤتمرات صحفية أكثر من مرة. لقد تراجعت هيبة الرئاسة الأمريكية في عهده، وتحوّل الحضور السياسي إلى عرض مرتجل، خالٍ من الحكمة والاتزان.

انهيار الثقة

كيف يمكن لحلفاء أن يثقوا برئيس ينقض الاتفاقيات، ويبدّل المواقف، ويُعلن السياسات في تغريدة ويلغيها في أخرى؟ كيف تُبنى التحالفات مع قيادة لا تفرّق بين الدولة والمصلحة الشخصية، ولا تثبت على موقف أو شراكة؟

لقد زرع ترامب الشك حتى في أروقة الحلفاء، وأدار أمريكا كما تُدار شركة خاصة، حيث مصير الشعوب مرهون بمزاج المدير.

خاتمة

ترك عهد ترامب ندوبًا عميقة في صورة أمريكا، التي كانت رمزًا للثبات والقوة. تحولت الرئاسة إلى حكم متقلب قائم على الأهواء الشخصية، بعيدًا عن الحكمة والاستراتيجية.

أمريكا صارت دولة ضائعة بين تغريدات متناقضة ودعم متحيز على حساب العدالة وحقوق الإنسان.

السؤال: هل يمكن استعادة الثقة والسياسة الرشيدة التي تحترم الشعوب وتحافظ على السلام، أم أن أوراق أمريكا ستظل تتساقط في خريفٍ لا ينتهي؟
فالاستقرار العالمي لا يبنى على مزاج قائد، بل على مسؤولية وطنية وعالمية حقيقية.

   

 

مقالات مشابهة

  • ترامب يصعّد تجارياً: رسوم جمركية جديدة تطال عشرات الدول
  • ما مصدر المعلومات الذي يثق به ترامب وبه غير موقفه من تجويع غزة؟
  • استقرار أسعار النفط وسط تهديدات ترامب وزيادة مفاجئة في المخزون الأميركي
  • ما الذي دفع ترامب لتغيير موقفه من المجاعة في غزة خلال 48 ساعة؟
  • الاحتياطي الاتحادي الأميركي يثبت الفائدة
  • ترامب معلقا على قرار الفيدرالي الأميركي: الفائدة المرتفعة تضر بالناس
  • الاقتصاد الأميركي ينمو 3% في الربع الثاني
  • استجابة لضغوط الرئيس الأميركي آبل تفتتح أكاديمية تدريب
  • أوراق أمريكا المتساقطة في خريف ترامب
  • فايننشال تايمز: تعهدات أوروبا باستيراد النفط والغاز الأميركي مستحيلة