17 يوليو.. يوم مولد العصر الذهبي لليمن
تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT
أكثر من ثلاثة عقود متتالية، كانت عصر اليمن الذهبي في مختلف المجالات وكان مولده في 17 يوليو 1978، إلا أنه ما لم يرُق لقوى الشر ومخططاتها التوسعية، فأبقاها متربصة له ونار الفتنة بيدها حتى سنحت لها الفرصة في ربيعها الفوضوي من العام 2011، مستفيدة من أذرعها المأجورة ووطنيتها المدفوعة مسبقاً، فسقط اليمن وشعبه في وحل المتآمرين، غير أنهم لم يدركوا أن الشعب الضارب تاريخه في الأعماق سرعان ما ينهض ويقف على جثث العملاء.
اختار مجلس الشعب وبالإجماع المقدم/ علي عبد الله صالح رئيساً للجمهورية في 17 يوليو 1978 (الذي يصادف يوم غد الأربعاء)، في وقت كانت اليمن تمر بحالة اضطراب تجعل من قائد البلاد والرجل الأول فيها محط مخاطر ومؤامرات لا تغري أحدًا بالاقتراب من كرسي الرئاسة الملغوم بصراعات متداخلة، إلا أن صالح تصدر المشهد وتصدى للأخطار.
تقول المصادر التاريخية، إن حدود الدولة اليمنية كانت قبل 17 يوليو تكاد تكون محصورة في العاصمة صنعاء فقط، فيما القبيلة هي صاحبة السلطة الأكثر في خارجها وإن ساد ذلك الطابع الحكومي إلا أنه صوري. بل إن القبيلة هي من كانت تدير الدولة وتوجهها، وهذا سر ضعفها وعدم استقرارها لنحو عقدين من قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م.
الشواهد تؤكد أن الرئيس الزعيم علي عبدالله صالح نقل بلداً مثخناً بجراحات الفقر والجهل والمرض، علاوة على الصراعات بين الملكيين والجمهوريين، وكذلك بين الشطرين الشمالي والجنوبي، إلى مواكبة عجلة التطور في القرن العشرين، في مهمة كانت شبه مستحيلة، لولا أنها اتكأت على حنكة سياسية وشجاعة ورجاحة عقل، تكللت بتحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990.
تغلب اليمن خلال ثلاثة عقود من حكم صالح على الأمية بإنشاء آلاف المدارس والجامعات والمعاهد المهنية الحكومية، وعلى الفقر بتنمية اقتصادية شاملة، وارتبط شمال البلاد بجنوبها وشرقها بغربها عبر أكبر شبكات طرق. ونال المواطن اليمني حقه السياسي والثقافي والاجتماعي والديني، حينما أسست عشرات الأحزاب ومئات الصحف والمجلات، وفتحت الشركات والمنشآت التجارية والصناعية. وكانت المساواة في الحق التعليمي والوظيفي والاستثماري استحقاقاً قانونياً يأتي امتداداً لأهداف ثورة سبتمبر المجيدة.
استطاع صالح خلال هذه الفترة إفشال الكثير من المؤامرات الداخلية والخارجية، في مقدمتها محاولة قوى دولية تدخلها المباشر في إدارة شؤون البلاد، وهو ما أزعجها كثيراً وأبقاها متربصة بالبلاد حتى سنحت لها الفرصة في ربيع 2011.
العصر الذهبي
لعل أهم ما شهدته مرحلة نظام الشهيد صالح، إذابة النزعة الطائفية والدينية والمناطقية في اليمن الذي خضع فيه المسلم واليهودي، السنّي والزيدي والصوفي، والبهائي وغيره لقانون واحد، حتّى طفت على السطح إثر فوضى العام 2011 التي أعدّت مخططها المخابرات الغربية، وكان من ثمارها انقلاب مليشيا الحوثي المدعومة من النظام الإيراني الشيعي بشكل مباشر في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، وفق تأكيد الكثير من المراقبين.
وأضافوا في حديث لوكالة خبر، أخذت هذه الطائفية والمناطقية في التوسع وتمترس عشرات الآلاف خلف مناطقيتهم وطائفيتهم، حتى بات الفرز حاضراً وبقوة، وبات الشعب متهماً بـ"العمالة والخيانة والتآمر والارتزاق" لمجرد مطالبته باستحقاقه الديمقراطي الذي اعتاد على ممارسته واختيار من يمثله في المجالس المحلية، ومجلس النواب، ورئاسة الجمهورية.
وأشاروا إلى أن الخدمات بمختلفها (تعليمية، صحية، تنموية.. وغيرها)، أصبحت تعتبرها السلطات الحاكمة شرعية في عدن، وانقلابية في صنعاء، في ذيل الاهتمامات، بينما تصدر القائمة العسكرة والتجييش الحزبي والمناطقي والطائفي، وفقاً لاجندة خارجية كانت ترتأي أن النهضة اليمنية الشاملة خلال فترة نظام صالح خطر محدق يهدد أطماعها التوسعية لأهمية المكانة التي يحتلها اليمن جغرافياً، ولثرواته الطبيعية البكر "النفط، الغاز، الأسماك، الذهب، الحديد... وغيرها".
وأكدوا، أن انتشار القوات العسكرية في بحار ومحيطات الشرق لقوى الصراع العالمي (أمريكا، روسيا، بريطانيا، إيران، الصين، ألمانيا.. وغيرها) ليس إلا ثمار فوضى ربيع العام 2011، والتي كان لليمن نصيب منها، وازدادت فرصة تلك القوى في بسط نفوذها المباشر وغير المباشر في البلاد مع استمرار تمترس مليشيا الحوثي خلف مشروعها الطائفي الإيراني.
اليوم وبعد أن أصبح المواطن اليمني غير قادر على تخطي الحدود الجغرافية للمحافظة التي ينحدر منها إلا بعد اجتياز عشرات النقاط العسكرية، وإخضاعه لعمليات تفتيش وفرز مناطقي ومذهبي، يؤكد المراقبون أن اليمن شهدت عصراً ذهبياً خلال فترة حكم نظام صالح.
يستحيل طمس أصغر التفاصيل من أي تاريخ، وفي تاريخ صالح، لا تستطيع أي جماعة أو حزب أو طائفة أن تضع غربالاً على ضوء الشمس، حتى تحقق قفزة تتخطى قفزة من سبقها، وهذا لم يحدث في البلاد منذ تنحي الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح، غير أن ما لم تدركه هذه الأطراف وخلفها من يغذي مشاريعها أن الشعب اليمني الذي يعود تاريخه لآلاف السنين قبل الميلاد، يقف عقب كل سقوط أقوى من السابق.
للمزيد..
- محللون: الـ17 من يوليو سيظل تاريخاً ساطعاً وفيه وُلد اليمن الجديد
- 17 يوليو ميلاد البناء والتنمية وانفتاح اليمن على العالم الخارجي
- تحت وسم #فجر_الديمقراطيه_17_يوليو تنطلق تظاهرة الكترونية واسعة لاحياء ذكرى تولي الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح السلطة
المصدر: وكالة خبر للأنباء
إقرأ أيضاً:
المساعدات الخارجية لليمن تتراجع ومركز اقتصادي يحذر من تداعيات غير مسبوقة
شهد النصف الأول من العام 2025 تراجعا غير مسبوق في حجم التمويل المخصص لخطة الاستجابة الإنسانية في اليمن، حيث لم تتجاوز نسبة التغطية 9% من إجمالي المتطلبات حتى منتصف مايو، في وقت يتزايد فيه عدد المحتاجين للمساعدات إلى أكثر من 19.5 مليون شخص، مما يعكس حجم الفجوة التمويلية التي تواجهها المنظومة الإنسانية.
مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي في تقرير حديث له حذر من خطورة تداعيات هذا التراجع الذي يأتي في وقت تتفاقم فيه الأزمة الإنسانية والاقتصادية بصورة غير مسبوقة خلال المرحلة الراهنة.
وطالب التقرير بضرورة تقديم الدعم الطارئ والضروري لليمن والتحول التدريجي نحو العمل التنموي المستدام، مشيرًا إلى الآثار الخطيرة التي خلفها تراجع الدعم على النازحين والفئات الضعيفة في المجتمع وكذلك على الأوضاع الصحية والمعيشية لملايين اليمنيين.
تقرير المركز دعا إلى ضرورة تغطية فجوة التمويل الراهنة سواء ضمن خطة الاستجابة الإنسانية التي أعدتها الأمم المتحدة للعام 2025، أو من خلال دعم البرامج التنموية الأخرى ومواصلة الجهود الدولية للتخفيف من واحدة من أسوأ الازمات الإنسانية في العالم.
واستعرض التقرير مستجدات تقليص الدعم الدولي المقدم لليمن لاسيما الدعم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والذي مثل نسبة مهمة خلال فترة الحرب التي تشهدها اليمن على مدى عشرة أعوام وساهم بصورة واضحة في تخفيف الأزمة الإنسانية والمعيشية للشعب اليمني.
وسلط التقرير الضوء على التأثيرات الكبيرة الناتجة عن قرار الولايات المتحدة الأمريكية تعليق جزء كبير من مساعداتها الإنسانية مطلع العام الجاري، حيث لم تتجاوز مساهمتها 16 مليون دولار خلال النصف الأول من عام 2025، مقارنة بـ 768 مليون دولار خلال العام 2024، الأمر الذي أدى إلى فجوة واسعة في تمويل البرامج الحيوية، وتدهور في أداء المنظمات الدولية والمحلية العاملة في المجال الإنساني، خاصة في محافظة مأرب التي تضم أكبر تجمع للنازحين داخليًا.
وأشار التقرير إلى أن إجمالي المساعدات الدولية المقدمة لليمن منذ عام 2015 تجاوز 29 مليار دولار، بينها أكثر من 6.4 مليار دولار قدمتها الولايات المتحدة، عبر برامج متعددة دعمت قطاعات أساسية كالغذاء، والصحة، والتعليم، والمياه، في ظل الانهيار المستمر لمؤسسات الدولة.
وبين التقرير في تحليل معمق كيف أسهمت هذه التطورات في تفاقم معدلات الجوع، وتوقف المرافق الصحية، وتراجع خدمات الحماية، إلى جانب الانعكاسات الاقتصادية، بما في ذلك انخفاض قيمة الريال اليمني بنسبة تجاوزت 25% خلال فترة قصيرة، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وتراجع فرص العمل، الأمر الذي زاد من هشاشة الأوضاع المعيشية والاقتصادية في البلاد.
ودعا المركز من خلال التقرير إلى ضرورة تبني خطة انسحاب تدريجي ومنظم للمساعدات الإنسانية، تتزامن مع تعزيز مسارات التنمية المحلية، واستئناف تصدير النفط والغاز، وضمان صرف رواتب الموظفين، وتحفيز الاستثمارات، مشددًا على أهمية تعزيز الشفافية، وتوسيع قاعدة الشراكات مع المنظمات المحلية، وتبني نهج متكامل يربط بين الاستجابة الإنسانية والتنمية وبناء السلام.