سودانايل:
2025-06-12@01:27:19 GMT

لاجئون سودانيون يموتون على طرق التهريب إلى مصر

تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT

هرباً من مصيدة الموت بسبب الحرب، يموت سودانيون على طريق التهريب إلى مصر، وتتعدد الأسباب من مخاطر الطرقات إلى الوقوع في فخاخ احتيال المهربين ومواجهة الحرارة المرتفعة "القاتلة".

ضاعفت مخاطر لجوء السودانيين المنكوبين بالحرب المندلعة منذ 15 إبريل/ نيسان الماضي إلى مصر هرباً من الجحيم في بلدهم، إذ بلغ عددهم خلال الأشهر الأخيرة أكثر من 500 ألف شخص، وحصل قليلون منهم على تأشيرات دخول من القنصليات المصرية، فيما دخل معظمهم البلد المجاور بطريقة غير قانونية، باستخدام سيارات عبرت الحدود البرية.


تسلك سيارات التهريب طرقاً صحراوية محفوفة بالمخاطر وصولاً إلى مدينة أسوان المصرية، ثم يستقل اللاجئون حافلات محلية للوصول إلى العاصمة القاهرة أو غيرها من المدن الكبرى. يتعرض اللاجئون لعمليات نهب تنفذها عصابات، واستغلال مالي واحتيال من المهربين، ويواجهون وعورة الطرق التي تسببت في حوادث مرورية لم يستطع أحد التعامل معها بسبب عدم وجود فرق للإسعاف. كما يسلك هذه الطرق أيضاً مرضى تعرضوا لانتكاسات صحية أدت إلى وفاة بعضهم ودفنهم في الصحراء.
في الأسابيع الأخيرة، تزايدت مخاطر ارتفاع درجات الحرارة، ما أدى إلى وفاة كثيرين بضربات شمس أثناء رحلات التهريب. نُقِلت جثامين بعضهم إلى مستشفيات في أسوان، ودُفن آخرون في الصحراء، فيما أنقذ مواطنون البعض من الموت عطشاً. وتحدثت تقارير عن تكدس جثامين في مشارح مدينة أسوان، من بينها أب وأم وثلاثة من أبنائهما قضوا بعدما تاهوا في الصحراء.
وزادت الدعوات الرسمية والشعبية للسودانيين بعدم السفر إلى مصر عبر طرق التهريب البرية، خصوصاً مع تصاعد حملات السلطات المصرية ضد المقيمين غير النظاميين، والضغوط الشعبية لطرد جميع اللاجئين بحجة تأثيرهم السلبي على الاقتصاد والخدمات الأساسية في مصر، وأيضاً على الأمن الداخلي.
يُقول سيف الدين (اسم مستعار) لـ "العربي الجديد" إنه ذهب قبل أيام إلى منطقة أبي حمد مع زوجته ووالديها وأطفالهما، ودفع نحو مليون جنيه مصري (21 ألف دولار) لمهربين من أجل إيصالهم إلى مدينة أسوان، فيما بقي هو نفسه في السودان لمواصلة عمله وتوفير جزء مما يكسبه لإرساله إلى أسرته التي وصلت إلى القاهرة.

مصر: عريضة إلكترونية تندد بالعنصرية وتدعم اللاجئين السودانيين
ويوضح أنه كان يسكن مع أسرته في الخرطوم قبل اندلاع القتال، ثم نزح إلى ولاية النيل الأبيض، لكن في الأشهر الأخيرة أصبحت الحياة صعبة بعد سقوط ولاية الجزيرة بيد قوات الدعم السريع، وسيطرتها على مدينة القطينة ومهاجمتها شمال وجنوب ولاية النيل الأبيض، والطريق الذي يربط بين ربك وسنار، المنفذ الوحيد لحصول الولاية على إمدادات. ويشير إلى أن الضغوط النفسية زادت على أسرته بعدما ارتكبت قوات الدعم السريع مجازر في قرى بولاية الجزيرة، لذا قررت زوجته وأبناؤها وأمها وأبوها المغادرة هرباً من الواقع السائد.
يضيف سيف الدين: "بقيت معهم حتى تحركت سيارة التهريب، ثم انقطع التواصل معهم لأربعة أيام، حتى اتصلت بي زوجتي، وأخبرتني أن والدتها توفيت بضربة شمس خلال الرحلة. وبعد ثلاثة أيام من هذا الاتصال أبلغتني أن والدها وصل بحالة سيئة من ضربة شمس أيضاً، وأدخل المستشفى حيث فارق الحياة. وهكذا يمكن القول إننا هربنا من الموت إلى الموت، علماً أن زوجتي تحتاج إلى فترة من الزمن للتعافي من الصدمة. ما زالت خائفاً على زوجتي وأبنائي بعدما تخطوا الموت في طريق التهريب، لأن السلطات المصرية يمكن أن تقبض عليهم وترحّلهم إلى السودان ليواجهوا رحلة موت أخرى".
ويقول الناشط الحقوقي طارق إلياس لـ"العربي الجديد" إن "اتفاق الأمم المتحدة الخاص باللاجئين الذي صدر عام 1951 وبروتوكول عام 1967 يكفلان كل الحقوق الإنسانية للاجئين بسبب ظروف الحرب، ويمنع طرد أي لاجئ إلا لأسباب تتعلق بالأمن القومي والنظام العام، ويحظر الاتفاق إعادة اللاجئ إلى دولته في حال تهديد حياته أو حريته بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة".

ويرى إلياس أن "السلطات المصرية ارتكبت مخالفة صريحة للاتفاق عبر إرجاعها نحو 700 لاجئ سوداني هربوا من ويلات الحرب، كما نُفِد قرار الإبعاد في ظروف مناخية قاسية، علماً أن السودان عُرف باستضافته لاجئين من كل دول الجوار، ومعاملتهم مثل المواطنين، وقد منح بعضهم جوازات سفر سودانية. يجعلنا ذلك نضع علامة استفهام حول طريقة تعامل مصر وإثيوبيا مع اللاجئين السودانيين".
في حين يرى المحامي أشرف خليل، المقيم في مصر، أن "ثمّة تعقيدات ماثلة في أوضاع السودانيين بمصر تتلخص في شكوى المقيمين بشكل نظامي من بطء إجراءات تجديد الإقامات السياحية والمدرسية. السلطات المصرية منحت مهلة لتسوية أوضاع المخالفين انتهت في الأول من يونيو/ حزيران، ومكاتب اللاجئين التابعة للأمم المتحدة لا تعمل على نحو مرضٍ، ويصطف السودانيون أمامها على أمل الحصول على مواعيد لمقابلات بعد ستة أشهر كحد أدنى".
ويذكر أن الوجود السوداني الكثيف والمفاجئ في مصر لم يتوزع في شكل جيد حيث اكتظت بعض الأحياء، ما أشعر المصريين بضغوط، ونبّه إلى وجود مظاهر سلبية في بعض مناطق الأطراف حيث انتشرت مجموعات نشرت الرعب والهلع.

لجوء واغتراب
لاجئون سودانيون في إثيوبيا يواجهون الجوع وهجمات المليشيات
يتابع خليل: "حصلت مداهمات أمنية للبحث عن النقد الأجنبي وتجار العملة، وشملت سودانيين، ما أثار انتقادات في شأن طريقة تنفيذ المداهمات، والخسائر الفادحة التي تعرّض لها البعض بسبب جهلهم الإجراءات التي يجب اتباعها في شأن سياسات الإفصاح. كما عمّت أجواء الكراهية حيال الوجود السوداني، وقد تنتقل هذه الأجواء إلى مراحل أخرى إذا لم تعالج بعض الثغرات، وتتدخل السلطات المصرية والسودانية من أجل تلافي الانزلاق. السفارة السودانية في القاهرة كلّفت فريقاً قانونياً بوضع إطار لمعالجة المشكلات والمعوقات تمهيداً لمناقشتها مع الجانب المصري".
وكانت منظمات للمجتمع المدني في السودان طالبت دول اللجوء بتحسين التعامل مع السودانيين. وأبدت منظمة "شباب دارفور"، في بيان أصدرته أخيراً، قلقها الشديد مما يتعرض له اللاجئون السودانيون من مضايقات واعتداءات في عدد من دول الجوار، خاصة إثيوبيا وتشاد، ما تسبب في أضرار نفسية بالغة لكثيرين، وفي تدهور مريع في مستوى تقديم الخدمات والاحتياجات الأساسية.
وشددت المنظمة على ضرورة توفير الحماية والرعاية للاجئين السودانيين، فيما حثت السلطات السودانية على الاضطلاع بدورها تجاه مواطنيها اللاجئين الذين أصبحوا معرضين لكل أشكال الإذلال والإهانة والانتهاكات الشنيعة، وتأكيد أولوية سلامتهم للحفاظ على حياتهم وكرامتهم. كما طالبت "شباب دارفور" المنظمات الدولية والإقليمية بالإيفاء بالتزاماتها وواجباتها تجاه اللاجئين السودانيين، والعمل لتقديم العون القانوني لهم في دول اللجوء، ومساندتهم عبر توفير متطلبات الحياة والعيش الكريم.

العربي الجديد:  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: السلطات المصریة إلى مصر

إقرأ أيضاً:

أطفال غزة في مواجهة آلة الموت

 

نهاية ديسمبر من العام 2023، أبادت الطائرات الحربية «لإسرائيل» مربعا سكنيا في النصيرات، استُشهد عشرات الفلسطينيين ومن ضمنهم والد ووالدة وأخ الطفلة ذات *الست* سنوات دانا سمور، وقدّر الله لها أن تحيا رغم أن قوة الانفجار قد ألقتها من علو وسقطت في طرف آخر من المبنى.

عقب التهدئة الأخيرة عادت دانا رفقة جدتها وأقاربها إلى مدينة غزة ثم مع اشتداد القصف والتهديدات المتصاعدة ارتأت الجدة اصطحاب أحفادها للمنطقة الوسطى إلا أن غارة إسرائيلية عاجلتهم في المنطقة الوسطى لتقتل الجدة وأربعة من أحفادها وتُبقي دانا تُصارع الموت في العناية المركزة.

حال دانا كحال جميع أطفال غزة، ففي غزة لا يُولد الطفل ليعيش، بل يُولد في طابور الانتظار على أبواب الشهادة. بين أول صرخة وأول قذيفة، لا وقت للطفولة، ولا متّسع للأحلام. وفي هذا المكان المُتخلى عنه عمدًا، تجتمع كل عناصر الجريمة: الحصار، القصف، الجوع، والخذلان. جريمة لا تكتفي بقتل الأجساد، بل تُمعن في اغتيال البراءة، وتدمير البنى النفسية والإنسانية لأجيال لم تُعطَ حتى فرصة البكاء.

أكثر من 17,900 طفل ارتقوا شهداء منذ أكتوبر 2023، تُكتب أسماؤهم بأحرف دامية في سجلات الأمم المتحدة، بينما تقرؤها أمهاتهم على شواهد القبور. ماتوا في حضن أمهاتهم، تحت أنقاض مدارسهم، وفي مستشفيات بلا دواء. أما من بقي حيًّا، فهو على قوائم الموت القادم من حمم الطائرات الإسرائيلية: 4,000 رضيع يواجهون خطر الموت جوعًا، بلا حليب، بلا ماء، بلا أفق.

هذه ليست مجرد أرقام، بل أجساد غضّة تُحمَل كل صباح على أكتاف صغيرة، لتُدفن على عجل قبل أن تأكلها الكلاب الضالة والقطط الجوعى..

نصّت المادة (24) من اتفاقية حقوق الطفل (1989) على «حق الطفل في التمتع بأعلى مستوى من الصحة»، والمادة (6) على «حقه الأصيل في الحياة»، بينما أكدت اتفاقيات جنيف الرابعة (1949) على حماية الأطفال خلال النزاعات المسلحة.

لكن في غزة، تُنتهك هذه المواد ليس بالخطأ، بل عن عِند وإصرار رغبة في محو جيل والقضاء على عرف.

الحصار يُستخدم كسلاح إبادة، والمساعدات تُعاق، والمستشفيات تُقصف، والمدارس تُستهدف. والنتيجة: جريمة موصوفة بكل المعايير القانونية، مكتملة الأركان، تحت سمع وبصر العالم.

أين محكمة الجنايات الدولية؟ أين مجلس الأمن؟ أين الشعارات التي وُلدت من رحم الإنسانية؟

كلها تقف عاجزة أمام آلة القتل والدمار الإسرائيلية دون إرادة حقيقية لوقف المجازر اليومية.

معابر غزة تحولت من بوابات الحياة إلى، مشانق جماعية فمعبر رفح ليس مجرد

حاجز حدودي، بل هو رمز للخذلان المتكرر. يُفتح ويُغلق وفق المزاج السياسي، لا وفق صراخ الأطفال. وفي ظل التجاذبات الدولية والإقليمية، يُترك 2.2 مليون إنسان، أكثر من نصفهم أطفال، محاصرين خلف جدار الموت.

المواد الإغاثية ممنوعة، الوقود نادر، والدخول مشروط بالتواطؤ. كل هذا يحدث بينما تشير المادة (55) من اتفاقيات جنيف إلى التزام القوة المحتلة بضمان الغذاء والدواء للسكان.لكن غزة ليست بندًا قانونيًا فقط، بل هي سؤال أخلاقي يتردد صداه في ضمير الإنسانية: كيف تُجاع الطفولة أمام الكاميرات؟

لقد سقطت الإنسانية والعدالة الدولية في امتحان غزة، فالتجويع في غزة ليس نتيجة نقص الموارد، بل نتيجة تعمد منعها.

صور الأطفال الذين يُغسَلون بالماء المالح، الرُضّع الذين تُخفّف لهم الأمهات الحليب بالماء، والأطفال الذين يموتون في الحاضنات بسبب انقطاع الكهرباء، ليست مشاهد عابرة، بل شواهد على جريمة إبادة بطيئة.

وفق نظام روما الأساسي، المادة (7) و(8): التجويع المتعمد للسكان المدنيين، وحرمانهم من الوصول إلى الغذاء والدواء، يُعد جريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب.

فكم من جريمة يجب أن تُرتكب، قبل أن يتحرك المدّعون الدوليون؟

العالم لا يجهل ما يحدث، بل يراه، يُشاهده، يقرأه، ويختار الصمت. هذا الصمت ليس نابعًا من العجز، بل من التواطؤ. إنه خيانة مكتملة، تُرتكب بربطة عنق، وبيان صحفي، ومصافحة على هامش مؤتمر.

العواصم تُضاء بألوان قوس قزح، والشوارع تمتلئ بزينة الأعياد، بينما أطفال غزة يُدفنون في أكياس بلاستيكية، بلا كفن، بلا نعش، بلا وداع.

ما يجري اليوم في غزة ليس فقط عدوانًا، بل هو مشروع ممنهج لتحطيم المجتمع من جذوره، عبر قتل روحه: أطفاله.

لن يغفر التاريخ لأولئك الذين صمتوا. ولعلّ أولئك الذين ينامون على وسائد ناعمة، يتذكرون أن في غزة طفلًا جائعًا يبكي دون أن يسمعه أحد، وأن هناك أمًّا تُرضع الخوف، وأبًا يكتب اسم ابنه على صخرة بدل شهادة ميلاد.

لقد تم توثيق الجريمة، وتم تحديد الضحية، وتم التعرف على الجلاد. وما تبقى من هذا العالم، إن لم يتحرك الآن، فإن صمته سيكون بحجم الجريمة نفسها. أطفال غزة لا يريدون شفقة، بل عدالة. لا يحتاجون بيانات، بل مواقف. لا ينتظرون مساعدات مؤقتة، بل رفع الحصار الكامل، والمحاسبة، والإنصاف.

وإلى أن يحدث ذلك، سيظل الطفل الغزّي، بابتسامته الضعيفة، ودموع أمه، وسجادة الصلاة تحت ركام المنزل، هو المُرافِع الأصدق أمام محكمة التاريخ.

 

* كاتب وناشط في العمل الإغاثي

مقالات مشابهة

  • السلطات المصرية تحتجز عشرات الناشطين المشاركين بقافلة الصمود في مطار القاهرة
  • مجموعة العمل تعبر عن أسفها لعدم تسهيل السلطات المصرية مهمة المشاركة في مسيرة كسر حصار غزة
  • حصار مضاعف.. هل تُعرقل السلطات المصرية قافلة المتضامنين مع غزة؟
  • بعد بكاء العروس..السلطات المصرية تصدر قراراً بشأن عريس متلازمة داون
  • مسؤول أممي: دعم المؤسسات المالية الدولية أساسيّ لعودة اللاجئين السوريين
  • أطفال غزة في مواجهة آلة الموت
  • مفوضية اللاجئين: أزمة السودان وصلت نقطة اللاعودة مع تضاعف أعداد اللاجئين بتشاد
  • تلميذ يطعن مشرفة تدريس حتى الموت في فرنسا
  • طعَنوه حتى الموت اغتيال عقيد في منزله بعدن
  • الصحة” بغزة: مستشفيات القطاع بلا كهرباء والمرضى يموتون اختناقاً