اليمنيون يحيون ثقافة زراعة الأشجار لمواجهة التغير المناخي
تاريخ النشر: 18th, July 2024 GMT
شمسان بوست / العين الاخبارية:
في ظل التطرف المناخي، يحاول مواطنون يمنيون إحياء ثقافة التشجير والتنمية الخضراء لتخفيف حدة هذه الظاهرة في مناطق جبلية وقرى ساحلية.
هنا في قرى ريف المخا اليمنية المطلة على البحر الأحمر بدأ المواطن يعقوب الأمين زرع مختلف الأشجار بمحيط منزله كوسيلة للتخفيف من حرارة الصيف التي ازدادت حدتها مؤخرًا.
ويقول الأمين لـ”العين الإخبارية”: “إن ظاهرة تغير المناخ جعلت القرى الريفية ولاسيما الساحلية أمام تحدي البقاء، فكان لابد من إحياء ثقافة التنمية الخضراء والبدء بتشجير المنازل والقرى بمختلف أنواع الأشجار لاسيما الأشجار المظللة والمرتفعة وأشجار الزينة”.
وأكد أنه لاحظ منذ نحو 7 سنوات اهتمام الأهالي بغرس الأشجار في القرى والمنازل بما في ذلك أشجار الفاكهة مثل المانجو والجوافة والليمون كجزء من مواجهة ارتفاع الحرارة وتقلبات الطقس في هذه المناطق الساحلية.
المركزي الإماراتي وبنك إندونيسيا.. توقيع اتفاقية تعاون في مجال أنظمة الدفع
شركات الطاقة المتجددة «الناشئة» تجمع 5.9 مليار دولار في 2024
ويضيف أن بعض القرى كانت قبل سنوات خالية من الأشجار سوى أشجار شوكية لكن هذه الأعوام برزت قرى ممتلئة بالأشجار المتنوعة منها المانغروف والمورينجا والنخيل والبدرومي والدمس، واللوز وشجرة الورد والجهنمية، والياسمين للتخفيف من حدة الحرارة اللاهبة صيفاً.
ثقافة بحاجة إلى تشجيع
ويسعى المواطنون إلى تحويل زراعة الأشجار إلى ثقافة تتبناها جميع القرى الساحلية في البلاد لمواجهة تغير المناخ، وهو ما يراه اليمني عبدالعزيز قاسم مهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة، وتحتاج لإشراك منظمات البيئة والإعلام الأخضر لإبراز قصص النجاح التي تلهم المواطنين لتبني فكرة ثقافة التنمية الخضراء.
وأضاف الشاب الثلاثيني لـ”العين الإخبارية” أن ارتفاع الحرارة دفع العديد من أهالي ريف المخا إلى تبني فكرة زراعة الأشجار ذات الظل الوارف في المنازل كتقليد قديم متبع لتخفيف حدة الحر وهي ثقافة بحاجة للدعم التشيجع من قبل الجهات المعنية الرسمية وغير الرسمية والاهتمام بها لمواجهة التحديات المناخية.
يمني يعمل في بيع شتلات الأشجار بمدينة تعز
وأشار قاسم إلى أنه يفضل غرس أشجار الفاكهة ذات الظل والثمار، فشجرة المانجو تعطي الظل إضافة إلى فاكهتها الموسمية.
وأوضح أن زراعة الأشجار في المنازل لها قيمة عالية بفضل الظل، والهواء النقي والجمال والرائحة الذكية، حيث تحول القرى كأنها لوحة خضراء تفتح النفس.
إقبال على شراء الأشجار
في أحد شوارع مدينة تعز (جنوب)، تنتشر العديد من المشاتل الخضراء، التي تبرز مدى تمسّك المواطن اليمني ببيئته وتاريخه القديم، حيث يمارس عملية زراعة الأشجار بمختلف أنواعها منذ سنوات كحل لمواجهة التغيرات المناخية في البلاد.
وتعد زراعة الأشجار في الأرصفة وجوار المنازل والأماكن العامة ظاهرة قديمة حديثة، حيث زاد استخدامها في مؤخرا للتخفيف من الآثار البيئية الناتجة عن تلك التغيرات التي دفعت مواطنين في تعز يشكون من ارتفاع قياسي للحرارة هذا العام للمرة الأولى في تاريخ المدينة.
ويقول بشير العريقي (44 عامًا) أحد مالكي المشاتل وسط مدينة تعز، إنه اتجه للعمل في المشاتل نظرًا لندرتها داخل هذه المدينة التي يقطنها أكثر من 5 ملايين نسمة، ولكثرة الإقبال عليها.
ويضيف العريقي لـ”العين الإخبارية “، والذي يعمل في بيع الأشجار منذ أكثر من 10 سنوات، أنه خلال موسم الصيف وتساقط الأمطار يزداد إقبال المواطنين على شراء الأشجار بمختلف أنواعها، حيث يذهب البعض منهم لشراء أشجار الزينة، والبعض للأشجار المثمرة، وهناك مواطنون يأتون من الأرياف.
يمني يعمل في بيع شتلات الأشجار بمدينة تعز
وتابع: “كنت أشتغل مهندس برمجة جوالات ولدي محل في المدينة، لكن وبسبب حرب مليشيات الحوثي والتي دمرت محلي اتجهت لتوسعة المشتل والعمل في الزراعة والمتاجرة بأشجار الزينة وأشجار الفواكه”.
وبحسب العريقي فإن الأشجار الأكثر مبيعا كانت من أشجار الفواكه: الجوافة، والرمان، والخرمش، والتين ، والبلس، والأفوكادو، والتنين، والبرتقال. والليم الحامض واليوسفي، والموز.
كما تأتي أشجار الزينة في المرتبة الثانية منها: ورود الهبسكس، والجوري، وورد الكنا الهندي، والقوان السوري، وأشجار الفيكس، والسرو، والصبّار، وغيرها من الأشجار.
ويشير إلى أن الأسعار ترتفع بين الحين والآخر بسبب انهيار سعر صرف العملة المحلية، وقطع الطرقات من قبل مليشيات الحوثي الإرهابية، وأنه ليس هناك سعر ثابت ومحدد لكل شتلة، موضحاً أنه لا يوجد اهتمام بالمشاتل وعمليات غرس الأشجار من قبل الجهات المعنية.
أهمية التشجير في مواجهة التغير المناخي
تساهم الأشجار بشكل كبير في امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون وإنتاج الأكسجين، مما يساعد على تخفيف الاحتباس الحراري والتلوث الجوي في البلاد.
ويقول الخبير اليمني في البيئة والمناخ منير قائد لـ”العين الإخبارية “، إن التشجير مهم كحل لمواجهة التغيرات المناخية، والذي يحتاج إلى تقييم حجم الانبعاثات في المدينة والأخذ في الاعتبار تشجير الشوارع والأحياء، والدعوة لإحياء الاهتمام بزراعة الأشجار من قبل المجتمع.
ويؤكد الخبير اليمني أن الأشجار تساعد على تنظيم درجات الحرارة وتبريد البيئة المحيطة، وتوفير الظل والرطوبة اللازمة، موضحا أن انتشار بائعي المشاتل والأشجار في شوارع المدن اليمنية له أهمية كبيرة، حيث يسهم في زيادة الرقعة الخضراء في الأحياء وتحسين مظهرها الجمالي.
يمني يعمل في بيع شتلات الأشجار بمدينة تعز
وحث قائد الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني العاملة في البيئة لدعم توفر الأشجار بأسعار ميسرة وتشجيع السكان على زراعتها في منازلهم وأماكن عملهم، مما ينعكس إيجابًا على البيئة المحلية بالبلاد.
وعن أهمية انتشار زراعة الأشجار في المدن اليمنية، يؤكد الخبير البيئي، أن الأشجار بمختلف أنواعها تساعد على امتصاص الملوثات الناتجة عن المركبات والحرائق، وتوفير الظل والبيئة المناسبة للتنزه والراحة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الأشجار تعمل على الحفاظ على التربة الزراعية، وتخزينها المياه الجوفية، ومكافحة ظاهرة الاحتطاب الجائر وقطع الأشجار من جذوعها، والتي انتشرت في السنوات الأخيرة في مختلف المحافظات اليمنية.
ويوضح قائد أن عملية امتصاص ثاني أكسيد الكربون وإنتاج الأكسجين تتم من خلال البناء الضوئي التي تقوم بها النباتات والأشجار، حيث يتم امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون وتحويله إلى جزيئات السكر اللازمة لنمو النباتات.
في المقابل، يتم إطلاق الأكسجين كنفايات من هذه العملية الحيوية وبالتالي، فإن الأشجار والنباتات تلعب دورًا محوريًا في تنقية الهواء والحفاظ على التوازن الغازي في الغلاف الجوي.
وكانت الخلية الإنسانية للمقاومة الوطنية اليمنية بتمويل من الهلال الأحمر الإماراتي؛ قد أطلقت الفترة الماضية مشروع الحزام الأخضر الذي يستهدف تشجير شوارع مدينة المخا، وبدأت بزرع ألف شجرة ضمن خطة تهدف إلى تبني نهج التنمية الخضراء في وجه التطرف المناخي.
المصدر: شمسان بوست
كلمات دلالية: لـ العین الإخباریة زراعة الأشجار أشجار الزینة یعمل فی بیع الأشجار من الأشجار فی من قبل
إقرأ أيضاً:
الهاكر الأخلاقي في 2025.. بطل الظل في معركة الأمن السيبراني
في عالم أصبحت فيه الأنظمة الرقمية أكثر تعقيدًا وتشابكًا، تبرز مسألة الأمن السيبراني كأحد أعقد التحديات التي تواجه الأفراد والمؤسسات وحتى الدول.
ومع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة في شتى مناحي الحياة، لم تعد الهجمات الإلكترونية مجرد تهديدات عشوائية، بل تطورت إلى هجمات ذكية قادرة على التكيف، والتعلم، والتخفي داخل البُنى الرقمية لأشهرٍ وربّما لسنوات.
في خضم هذا المشهد المتغير، يظهر "الاختراق الأخلاقي" (Ethical Hacking) كخط الدفاع الذكي والأكثر واقعية، فهو لا يمنع الاختراق فحسب، بل يعمل على محاكاته بدقة بهدف كشف الثغرات قبل أن يستغلها المهاجمون.
ومع صعود الذكاء الاصطناعي، أصبح هذا النوع من الاختراق أكثر تطورا، إذ بات المخترقون الأخلاقيون يستخدمون الأدوات ذاتها التي يعتمدها القراصنة الخبيثون، ولكن لهدف نبيل: حماية البيانات، وكشف نقاط الضعف، وبناء أنظمة أكثر أمنا.
قد يبدو "الاختراق الأخلاقي" مصطلحا متناقضا، لكنه في الواقع أداة حيوية في الأمن السيبراني للمؤسسات. يُعرف المخترق الأخلاقي، أو ما يطلق عليه أيضا "القبعة البيضاء"، بأنه محترف أمني تُوكل إليه مهمة محاكاة أساليب القراصنة الخبيثين، بهدف اكتشاف الثغرات في أنظمة المؤسسات الدفاعية. وعند العثور على تلك الثغرات، يمنح المؤسسة فرصة لمعالجتها قبل أن يستغلها مجرم إلكتروني حقيقي.
في جوهره، يحاول المخترق الأخلاقي التسلل إلى أنظمة المؤسسة بموافقة مُسبقة، بهدف الوصول إلى موارد أو بيانات بطرق غير مصرّح بها، لكنه بدافع نبيل لا يستغل الثغرات، بل يبلّغ عنها لاتخاذ التدابير الوقائية المناسبة.
وفي ظل تزايد الهجمات السيبرانية عالميا، يتزايد الاعتماد على هؤلاء المتخصصين، إذ تلجأ إليهم كبرى شركات التكنولوجيا، مثل "غوغل"، التي يمتلك فريقها المعروف باسم "الفريق الأحمر" مهمة محاكاة الهجمات الإلكترونية، واختبار فعالية الدفاعات، وتطوير حلول واقعية بناء على نتائج هذه المحاكاة.
الوجهان المتضادان للاختراق.. الهجوم مقابل الدفاعوبينما يواصل المخترقون الأخلاقيون تعزيز خطوط الدفاع السيبراني، تتسارع في المقابل وتيرة الهجمات الخبيثة، فقد كشف تقرير حديث صادر عن شركة "تشيك بوينت سوفتوير" (Check Point Software)، أن عدد الهجمات السيبرانية على مستوى العالم ارتفع بنسبة مقلقة بلغت 44% خلال العام الماضي.
إعلانولا تقتصر هذه الهجمات على أفراد أو شركات، بل تنفذها جهات معقدة، من عصابات برامج الفدية إلى كيانات مدعومة من دول، تستخدم تقنيات متطورة لاختراق الأنظمة وسرقة البيانات أو زرع البرمجيات الخبيثة، محدثة أضرارا جسيمة مادية أو معنوية (من حيث السمعة).
في المقابل، يتسلّح المخترقون الأخلاقيّون بالمعرفة ذاتها، لكن بنوايا معاكسة. فبفضل قدراتهم على تقمص عقلية المهاجم، يستطيعون اكتشاف نقاط الضعف التي لا تكتشف عبر الفحوص التقليدية، مما يجعلهم عنصرا محوريا في أي استراتيجية أمنية متقدمة.
لماذا نحتاج إلى "الاختراق الأخلاقي" في 2025؟لم تعد الحاجة إلى "الاختراق الأخلاقي" مجرد خيار استراتيجي، بل أصبحت ضرورة تفرضها طبيعة العصر الرقمي المتسارع، ففي عام 2023 برزت هذه الأهمية بوضوح نتيجة الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا، إلى جانب التطور السريع في أساليب التهديدات السيبرانية.
وفي ظل استمرار القراصنة ومجرمي الإنترنت في تطوير تقنيات جديدة لاستغلال الثغرات الأمنية، سواء بهدف الوصول غير المشروع إلى المعلومات الحساسة، أو تعطيل الخدمات، أو ارتكاب جرائم مالية، برز دور المخترقين الأخلاقيين كخط دفاع استباقي، إذ يعملون على تحديد هذه الثغرات ومعالجتها قبل أن تستغلها جهات خبيثة.
ومع انتشار التخزين السحابي، والأجهزة المتصلة بالإنترنت، والخدمات الرقمية، أصبحت معلومات الأفراد والمؤسسات أكثر عرضة للهجمات السيبرانية. ولذلك، يُجري المخترقون الأخلاقيّون تقييمات أمنية شاملة، واختبارات اختراق دقيقة لتحديد نقاط الضعف، مما يمكن المؤسسات من تعزيز دفاعاتها بشكل فعّال.
وعلى مستوى البنية التحتية، يلعب "الاختراق الأخلاقي" دورا محوريا في ضمان سلامة القطاعات الحيوية، مثل شبكات الطاقة، ووسائل النقل، والمؤسسات المالية، والأنظمة الصحية، التي باتت مترابطة بشكل متزايد، مما يجعلها أهدافا مغرية للهجمات. ومن خلال محاكاة التهديدات الواقعية، يتمكن المخترقون الأخلاقيّون من كشف الثغرات والمساهمة في تطوير إجراءات وقائية تمنع الكوارث.
إضافة إلى ذلك، يسهم "الاختراق الأخلاقي" في تعزيز الثقة بالفضاء الرقمي، فالأفراد والمؤسسات يصبحون أكثر استعدادا للمشاركة في الأنشطة الإلكترونية عندما يشعرون بالأمان. ويعود ذلك إلى الجهود المتواصلة للمخترقين الأخلاقيين، الذين يعملون على الكشف عن الثغرات والتعاون مع المطورين ومسؤولي الأنظمة لإصلاحها، مما يضمن صمود الأنظمة في وجه الهجمات المعقدة.
وباختصار، في عام 2025، لا يمكن ضمان أمن المعلومات، أو حماية البنية التحتية، أو تعزيز الثقة الرقمية دون وجود اختراق أخلاقي متقدم وفعال.
يُعدّ المخترق الأخلاقي خبيرا في مجال الأمن السيبراني، يستخدم مهاراته ومعرفته لتحديد الثغرات ونقاط الضعف في أنظمة الحاسوب، والشبكات، والبرمجيات.
وفيما يلي أبرز المهام والمسؤوليات التي يضطلع بها المخترق الأخلاقي:
تحديد الثغرات الأمنية، إذ يعمل على البحث الاستباقي عن الثغرات في الأنظمة والشبكات والتطبيقات، مستعينا بأدوات وتقنيات اختراق أخلاقية لمحاكاة الهجمات الحقيقية وكشف مواطن الضعف المحتملة. اختبار الاختراق (Penetration Testing)، إذ يجري اختبارات تهدف إلى تقييم مستوى الأمان، من خلال استغلال الثغرات بشكل مراقب، مما يسمح بقياس فعالية التدابير الأمنية الحالية. تقييم الثغرات (Vulnerability Assessment)، فبالإضافة إلى اختبارات الاختراق، يجري تقييما شاملا لاكتشاف برمجيات غير محدثة، أو إعدادات خاطئة، أو كلمات مرور ضعيفة، لمساعدة المؤسسات على معالجة هذه الثغرات قبل استغلالها. التدقيق الأمني (Security Auditing)، إذ يراجع السياسات والممارسات الأمنية المعتمدة في المؤسسة، ويتحقق من مدى توافقها مع المعايير التنظيمية وأفضل الممارسات، ثم يقدم توصيات لتحسين الوضع الأمني العام. تدريب التوعية الأمنية، إذ يسهم في رفع وعي الموظفين تجاه التهديدات السيبرانية من خلال تنظيم دورات تدريبية وحملات توعوية، تركز على مخاطر مثل التصيّد الاحتيالي والهندسة الاجتماعية والبرمجيات الخبيثة. الاستجابة للحوادث، إذ في حال حدوث خرق أمني، يشارك المخترق الأخلاقي في جهود الاستجابة، حيث يجري تحقيقا لتحديد نطاق الحادث، ويساهم في تأمين الأنظمة المتأثرة ومنع تكرار الهجوم.البحث والتطوير في الأمن السيبراني، إذ يواكب أحدث الاتجاهات في تقنيات وأساليب الاختراق، ويبحث باستمرار في التهديدات المستجدة لتطوير حلول مبتكرة وفعالة لمواجهتها. التقارير والتوثيق، إذ يوثق نتائج عمله بدقة، بما يشمل الثغرات المكتشفة، والأدوات المستخدمة، والتوصيات المقدمة، لمساعدة المؤسسات على فهم نقاط الضعف واتخاذ الإجراءات المناسبة.الالتزام بالأخلاقيات، إذ يلتزم بميثاق أخلاقي صارم، يضمن قانونية وسرية جميع الأنشطة التي يقوم بها، ولا ينفذ أي اختبار دون إذن رسمي، حرصا على خصوصية المؤسسة وسلامة بياناتها. إعلان كيف تصبح مخترقا أخلاقيا محترفا؟في عصر التعلم الرقمي، كثيرا ما يُطرح هذا السؤال: هل يمكن تعلم "الاختراق الأخلاقي" بشكل ذاتي؟ الجواب هو نعم، فالمخترق الأخلاقي يستخدم مهاراته في مجال الحاسوب لحماية وتأمين الأنظمة الرقمية ضد التهديدات، وإذا كنت ترغب في خوض مسيرة مهنية ناجحة في مجال "الاختراق الأخلاقي"، فعليك أن تعرف أن هذه المهنة تعتمد على امتلاك مجموعة من المهارات والمعارف اللازمة لتحديد الثغرات الأمنية في الأنظمة الرقمية ومعالجتها بطريقة قانونية وأخلاقية.
تنقسم هذه المهارات إلى نوعين أساسيين: المهارات التقنية، والمهارات الشخصية، وهما ضروريتان للنجاح في هذا المجال.
المهارات التقنية الأساسية:1- الشبكات (Networking): فهم بنية الشبكات أمر جوهري، بما يشمل عناوين "آي بي" (IP)، وبروتوكولات "تي سي بي/ آي بي" (TCP/IP)، وأجهزة التوجيه (Routers) والمحولات (Switches) والجُدران النارية (Firewalls).ويجب أن يكون المخترق الأخلاقي قادرا على تحليل حركة مرور البيانات واكتشاف نقاط الدخول المحتملة.
2- البرمجة (Programming): إتقان لغات مثل "جافا" (Java)، و"سي بلس بلس" (++C) و"بايثون" (Python)، أو لغات السكريبت مثل "باور شال" (PowerShell)؛ أمر مهم لتطوير أدوات مخصصة، أو تنفيذ عمليات استغلال الثغرات، أو أتمتة اختبارات الأمان.
3- التشفير (Cryptography): معرفة خوارزميات التشفير، والبروتوكولات الآمنة، والتوقيعات الرقمية؛ ضرورية لفهم كيفية حماية البيانات، ورصد الثغرات في تقنيات التشفير.
4- تقييم الثغرات واختبار الاختراق (Vulnerability Assessment and Penetration Testing-VAPT): يجب على المخترق الأخلاقي أن يجيد تنفيذ اختبارات الاختراق وتحليل نتائجها، لتحديد نقاط الضعف ووضع التوصيات المناسبة لمعالجتها.
5- أمن الشبكات اللاسلكية (Wireless Security): من المهم جدا أن يكون المخترق الأخلاقي ملمًّا بالبروتوكولات مثل "دبليو بي أي" (WPA) و"دبليو بي أي 2″ (WPA2)، وأن يفهم كيفية تحليل الحُزم وتأمين الشبكات اللاسلكية ضد الاختراقات.
6- الاستجابة للحوادث والطب الشرعي الرقمي (Incident Response and Forensics): يتعين على المخترق الأخلاقي معرفة أساسيات تحليل السجلات، وحفظ الأدلة، والتحقيق في الحوادث الأمنية لتحديد جذورها ومنع تكرارها.
المهارات الشخصية المطلوبة1- حل المشكلات: القدرة على تحليل الأنظمة، واكتشاف الثغرات، وتصميم حلول إبداعية يجعل من الهاكر الأخلاقي محققا رقميّا ماهرا.2- التفكير النقدي: يساعد التفكير النقدي في تقييم المخاطر، وتحديد الأولويات، واتخاذ قرارات مدروسة عند التعامل مع التهديدات المحتملة.
3- الفضول: روح الفضول تدفع الهاكر الأخلاقي لمواكبة التطورات التقنية، والتعرف على أساليب الهجوم الجديدة، وتعلم الأدوات الحديثة باستمرار.
4- العقلية الأخلاقية: يمتلك الهاكر الأخلاقي إحساسا عاليا بالمسؤولية، ويستخدم مهاراته لخدمة الصالح العام، مع الالتزام بالقانون واحترام الخصوصية.
5- مهارات التواصل: القدرة على تبسيط المفاهيم التقنية وتقديم التوصيات بوضوح إلى الفرق الفنية أو الإدارية أمرٌ بالغ الأهمية لتطبيق الحلول الأمنية بنجاح.
6- القدرة على التكيف: نظرا لطبيعة المجال المتغيرة، فإن مواكبة المستجدات والتكيف مع الأدوات والتهديدات الجديدة شرط أساسي للبقاء في الصدارة.
باختصار، لكي تصبح مخترقا أخلاقيّا، لا يتطلب الأمر فقط إتقان الأدوات التقنية، بل يحتاج أيضا إلى تبني عقلية فضولية ومسؤولة ومتكاملة.. إنها رحلة مستمرة من التعلم والتطور، تبدأ من الأساسيات ولا تنتهي أبدا.
إن كنت تتساءل ما الذي ينتظرك بعد تعلم المهارات والحصول على الشهادات، إليك بعض الوظائف البارزة التي يمكنك العمل بها كمحترف في الأمن السيبراني:
إعلان مختبر اختراق (Penetration Tester): يقوم مختبرُو الاختراق بمحاكاة الهجمات السيبرانية لتحديد نقاط الضعف في أنظمة الحاسوب، والشبكات، والتطبيقات. ويقيمون إجراءات الأمان ويقدمون توصيات للتحسين. استشاري أمني (Security Consultant): يعمل الاستشاريون الأمنيون مع المؤسسات لتقييم وضعها الأمني، وتطوير استراتيجيات الحماية، وتنفيذ أطر إدارة المخاطر. محلل أمني (Security Analyst): يراقب المحللون الأمنيون الأنظمة لاكتشاف الخروقات أو الأنشطة المشبوهة، ويطورون استراتيجيات لتعزيز الأمان. المستجيب للحوادث (Incident Responder): مسؤول عن الاستجابة السريعة للحوادث الأمنية، والتحقيق في الخروقات، والحد من آثارها، وتحسين التدابير المستقبلية. مهندس أمني (Security Engineer): يصمم وينفذ الأنظمة والشبكات الآمنة، ويطور بروتوكولات الحماية، ويهيئ البُنى التحتية لتكون محصنة ضد التهديدات. خبير تشفير (Cryptographer): متخصص في تصميم وتنفيذ أنظمة تشفير لحماية البيانات، وضمان خصوصيتها وسلامتها. مهندس أمان (Security Architect): يقوم بتصميم بنية أمنية شاملة للمؤسسة، تشمل السياسات، والبنية التحتية، والإجراءات الوقائية. مقيم الثغرات (Vulnerability Assessor): يستخدم أدوات تحليل لاكتشاف الثغرات الأمنية وتقديم حلول لها لإصلاحها قبل أن تستغل من قبل جهات خبيثة. مدقق أمني (Security Auditor): يراجع السياسات والإجراءات الأمنية ويقيم التزام المؤسسة بالمعايير واللوائح الأمنية. باحث في الأمن السيبراني (Cybersecurity Researcher): يستكشف التهديدات الحديثة ويطور حلولا مبتكرة للحماية منها، ويساهم في تطوير المعرفة العامة بالمجال. مستقبل "الاختراق الأخلاقي".. أين يتجه هذا المجال؟يعد مستقبل الاختراق الأخلاقي واعدا بشكل كبير، مع استمرار نمو الطلب على محترفي هذا المجال. تقف عدة عوامل وراء هذا التوجه المتسارع، أبرزها تزايد تعقيد الهجمات السيبرانية، إذ بات القراصنة يمتلكون مهارات وتقنيات متطورة تمكنهم من استغلال الثغرات بطرق كانت غير ممكنة في السابق. وهذا ما يجعل وجود هاكرز أخلاقيين مهرة ضرورة لا غنى عنها لاكتشاف نقاط الضعف ومعالجتها قبل أن تستغل.
من العوامل الأخرى التي ترفع الحاجة إلى هذا التخصص، تعقيد بنية تكنولوجيا المعلومات الحديثة، فكلما تنوعت وتداخلت الأنظمة، أصبح تأمينها أكثر صعوبة، ما يزيد من أهمية المتخصصين القادرين على تفكيك هذه التعقيدات وتحصينها.
وفيما يلي أبرز المجالات التي يُتوقع أن تشهد طلبا متزايدا على القراصنة الأخلاقيين في المستقبل:
أمن السحابة (Cloud Security): مع انتقال عدد متزايد من الشركات إلى التخزين السحابي وتشغيل تطبيقاتها عبره، تزداد الحاجة إلى مختصين يمكنهم تأمين هذه البيئات الديناميكية من الهجمات المتقدمة. أمن إنترنت الأشياء (IoT): يتسع نطاق الأجهزة الذكية المتصلة، ما يفتح بابا واسعا أمام التهديدات. الأمر الذي يزيد من الطلب على المخترقين الأخلاقيين لحماية هذه الأجهزة والبنى التحتية التي تدعمها. الحرب السيبرانية: مع تزايد التوترات الرقمية بين الدول والكيانات، يتوقع أن يرتفع الاعتمادُ على الهاكرز الأخلاقيين لحماية البُنى التحتية الوطنية والدفاع ضد الهجمات المنظمة.فإن كنت مستعدا لبذل الجهد، فإن مسيرة مهنية في الاختراق الأخلاقي ستكون مثيرة ومؤثرة. ستستخدم مهاراتك لحماية الأفراد والمؤسسات من التهديدات السيبرانية، وستعمل مع أحدث التقنيات، لتصنع فرقًا حقيقيا في عالمٍ يزداد ترابطا رقميّا أكثر من أي وقت مضى.
ومع تزايد التهديدات الرقمية وتطور أدوات الهجوم، يبقى "الاختراق الأخلاقي" حجر الزاوية لأي استراتيجية أمنية فعالة. فالمخترق الأخلاقي لا يواجه القراصنة بالخوف، بل بالمعرفة، ولا يسعى للدمار، بل للحماية.
وفي عام 2025، لن يكون بالإمكان حماية العالم الرقمي إلا بفضل هؤلاء "الجنود المجهولين" خلف الشاشات، حين توجههم الأخلاق، ويقودهم الضمير.