صحيفة الاتحاد:
2025-05-28@11:01:14 GMT

شيخة الجابري تكتب: الأزمة.. ومنتصف العمق

تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT

عندما تضيق وتستحكمُ حلقات اللغة تشعرُ بأنك تقف في المنتصف، لا التراجع يُجدي، ولا الاستمرار يمكن أن يحقق النتيجة التي تتمناها، أزمة الكتابة تُشبه أزمة الناس في الصيف، كانوا يتوقعونه أقل قليلاً في عنفهِ من السنوات الماضية، وإذا به يعصف بالأجواء ونعيش معه أزمة الهروب منهُ أم البقاء في ظله، وتحت رحمة سوطه اللاهب، هكذا حينما تتجلى الفكرة في توهجها، ثم ما تلبثُ أن تَغيم.


هذا الصيف لاهبٌ حقيقة، قبل أسبوع من اللحظة كنتُ أدافع عنه، وأقول كل عام نشعر بذات الحرارة، «نحن بطرانين لا يعجبنا الصيف ولا الشتا»، في كل الحالات نشكو ونتذمر، لكن للحقيقة إن حرَّ هذا العام لا يشبه أيٍ عامٍ مضى، «حروره، ووهيَه»، الأرض كأنها لا تتنفس إلاّ شراراً مع كلّ نسمةٍ منهُ نقول اللهم أجرنا من حر نار جهنم يا رب العالمين.
يصيرُ أيضاً أنك تشعرُ بأنك في عمقِ مسألة ما، قادرٌ على احتوائها، على التعامل معها، والتصرف بشكلٍ جدّي حيالها، ثم وأنت في أوج تألقكِ باتجاه معالجتها تسقطُ من يديك مفاتيح التفاصيل الدقيقة لتلك الحالة أو المسألة، فتقع في شركِ الذهول والحيرة وتصير غير قادرٍ عل استيعاب ما يدور حولك، حتى أنك تظلُّ تدور حول نفسك دوران الكرة الأرضية، فلا ثبات ينقذك من حالة التوهان تلك.
من الإيجاز في القول أن تقول كلمتك بشكل مختصرٍ، مختزلٍ جداً وتمضي، غير أنّ مًضيّكَ ذاك يجب أن يُستوعب بأنه ليس هروباً من مواجهة، أو عجزٌ عن مدّ حوار لسنوات ضوئية قادمة، وإنما إيجازكَ يفيدُ بأنك قد وضعتَ الملحَ على الجرحِ ومضيت، لا تود الدخول في معترك الحوارات العقيمة، أو الجدل المَقيت، فذاك كلّه لا يُجدي أمام اللحظة، المنتصف، أو العمق.
الناس الضوضائيون أو المندسّون في دائرة التحرك السريع والركض نحو الدخول في مناطق ومساحات لا ينبغي لهم الدخول فيها، أو التعاطي معها، أو المشاركة في تفاصيلها، أولئك من الحكمة التعامل معهم بكثير من الحذر، وقليل من الوعي، لمَ قليلٌ من الوعي، ذلك أن الوعي الذي تملكه قد يكون غامضاً في دائرتهم، الأمر الذي يُعرّضك إلى الوقوف عند منتصف الأزمة، وفي عمق المجهول ما أن تقترب منهُ حتى يأخذك نحو مدارات من الجدل والتشويش، هو لا يختصرُ المسافات بل يمددها حتى تضيع بين ردهاتها.
المعالجة التي تحتاج إليها هي الوقوف في أول المسار، ثم الاتصال بك، فالحوار معك، عندها بإمكانك التنفسَ بحرية أكثر، وأنت في عمق الأزمة، ومنتصفِ الحل. 

أخبار ذات صلة شيخة الجابري تكتب: الأسرة أولاً وعاشراً ودائماً شيخة الجابري تكتب: في مديح الحَرّ

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: أحوال شيخة الجابري

إقرأ أيضاً:

كريمة أبو العينين تكتب: من خاف سِلم

يقولون إن الأمثال الشعبية انعكاس لشخصية البشر وطريقة تفكيرهم وحياتهم، ولعل مايحظى به تراثنا الوفير من أمثال تقول لنا الكثير من حياة الماضين والأجداد والكهول.

 كنت اتصفح كتاب ( أصل ألف مثل ومثل ) ووجدت ان معظم الأمثال المتوارثة قريبة المعنى والظرف فى معظم الدول العربية مع اختلاف اللهجة والحدث والحديث  أمثال كثيرة منها من يسعى الى شحذ الهمم واعلاء الكرامة ومنها من يؤكد لك ان هناك أناس منذ القدم كانوا يريدون أن يعيشوا فى ذلة ومهانة بل وأنهم يبررون ذلك ويريدون ان يقنعوا غيرهم بأن ينتهجوا نهجهم . 

من بين الأمثال المحيرة مثلا يقول " من خاف سلم " ويتبعه آخرون بمثل مكمل له يقول " من عاش ندل مات مستور " ، المثل فى شقيه مخير وغريب  فمن خاف سلم  ذلك المثل الذى  يتناقله كثير من الناس وهو مثل له معنى واضح ان من خاف سلم من الانجازات وتحقيق الغايات والتمتع بالحياة والفوز باللذات ذلك المثل من المفترض ان يحمل من ينطبق عليه صفات تؤهله لتخطى العقبات وبالطبع لا أن يكون خانعا ذليلا بل لابد أن  يكون جسورا تخلص من الخوف وواجه التيار بقرار وواصل المسار وانت مقدر لذاتك رغم صعوبة الظروف وتذكر ان من خاف سلم لكنها سلامة الذل والخنوع والمهانة. 

المثل مع مرور الزمان فقد جزءا من مفهومه وأصبح منزوع الهوية وصار يقول ان من عاش وكل همه ان يحيا فقط مثله ومثل باقى المخلوقات غير العاقلة ولذا فعليه أن ينأى بنفسه عن أية مواجهات وتحديات لان هدفه الاسمى أن يظل على قيد الحياة ، وهنا نتساءل أية حياة تلك التى تجعل بنو عروبتنا يصموا آذانهم وينفضوا عن أيديهم ويغمضوا أعينهم عن معاناة أهل غزة الذين يقتلون بدم بارد ويحاصرون ويموتون جوعا وعطشا وقهرا وذلا بيد الصهاينة جبابرة هذا العصر . 

من خاف سلم أصبح الآن مقولة المرحلة وشعارها وسلوجانها البغيض، فقد صار الحال يظهر لنا ان الكل اصبح يريد العيش فى سلام مهما كلفه ذلك من مذلة وهوان . ان تعيش سالما آمنًا فى هذا الزمان فلابد ان تكمل المثل الذى يقول من عاش ندلا مات مستورا ؛ لان مايحدث فى الاراضى المحتلة طاغ وزاد الطين بلة وأصبح حال المنطقة والامة المسماة بالعربية تاريخيا فقط وليس أخلاقيا اصبح حالها من خاف سلم وبالطبع اكمل المثل بلا خذلان ولا قلق لان الكل سيغض بصره ويصم أذنه من اجل ان يعيش بمبدأ من خاف سلم . أى سلم هذا وأى أمان ذاك الذى نتغنى به ونتخذه نبراسا لنا . لعن الله المرحلة التى فرضت علينا فرضا وجبرتنا اجبارا بأن نخاف كى نعيش سالمين آمنين .. لاعزاء لنا ولا صوان ينصب لأخذ العزاء لاننا لم نمت بأجسادنا ولذا فلن يقام عزاء ولن نتلقى التعازى لأننا نعيش سالمين خائفين.

طباعة شارك الأمثال الشعبية من خاف سلم من عاش ندل مات مستور

مقالات مشابهة

  •  ضربة الشمس.. العدو الخفي في الصيف الذي يهدد حياتك
  • «إهانة للكرة المصرية».. محمد أبو العلا يعلق على لجوء الزمالك وبيراميدز للمحكمة الرياضية بعد أزمة القمة
  • الصحة العالمية: أكثر من 14.5 مليون نازح بسبب أزمة السودان وتدهور الوضع الصحي بشكل غير مسبوق
  • عيادة بيطرية أثارت ‏الأزمة.. اعتذار يحسم الخلاف بين آية سماحة ومشيرة إسماعيل ‏
  • السودان وفروقات الوعي السياسي
  • محمد بركات: تأجيل نهائي الكأس سبب أزمة بيراميدز
  • شيخة الجابري تكتب: التنشئة والذكاء الاصطناعي
  • كريمة أبو العينين تكتب: من خاف سِلم
  • "أطباء الأسنان" تعلن تفاصيل أزمة أطباء ماجستير الاستعاضة الثابتة والمتحركة
  • الأسنان تكشف تطورات أزمة أطباء الاستعاضة الثابتة والمتحركة