سودانايل:
2025-06-29@08:31:45 GMT

أسئلة ما قبل عبور الجسر

تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT

المقال الأسبوعي بصحيفة الشرق الاوسط

فيصل محمد صالح

تشغل الأسئلة المعقدة أذهان السودانيين، ليست تلك المتعلقة، فقط، بـمتى تتوقف الحرب، لكنها تمتد لتسأل كيف تتوقف الحرب، وبأي نوع من الاتفاقات، وما مصير طرفي الحرب، هل سيعودان كأن شيئاً لم يحدث، يتقاسمان السلطة والثروة والنفوذ...؟ مَن المسؤول عن القتل والخراب الذي حدث، ولا يزال يحدث، من سيحاسب من تسببوا في كل الخراب، ومن فتحوا أبواب الهلاك.

..؟ كيف ومتى وبأي وسيلة سيحاسبون؟ ثم يأتي السؤال الأكبر... كيف العمل مع العسكريين، وبالذات «قوات الدعم السريع»... هل يمكن قبول وجودها بأي شكل من الأشكال...؟
هذه أسئلة مشروعة، ومن الطبيعي أن تتردد في أذهان الناس، لكنها تحتاج إلى بعض الترتيب وربما تقسيمها مراحل، رغم أنها جميعاً تعكس الهم العام.
الهم الكبير والأساسي هو كيف ومتى تتوقف الحرب، وكل الأسئلة الأخرى تتوقف عليه، فلا مجال للإجابة عنها إذا لم تتوقف الحرب؛ لأنها ستصبح أسئلة معلقة في الهواء وكأنها مجرد أطروحات فلسفية للتأمل. ومن الملاحظ من الكتابات الكثيرة المتناثرة في الميديا بأنواعها من كتّاب وناشطين وسودانيين مهتمين بالوضع العام أن البعض يربط موقفه من الحرب بالإجابة عن الأسئلة الأخرى المتعلقة بمرحلة ما بعد الحرب، فيقول إنه ضد الحرب ومع السلام، لكن... ثم يطرح الأسئلة الكثيرة المتعلقة بأوضاع ما بعد الحرب.
مشكلة هذه الكتابات والمواقف أنها تنتظر إجابات من طرف ما، مجهول أو معلوم، وكأنه يمسك بكل الخيوط في يديه، ويملك حق تقرير نهاية الحرب ونتائجها ومصير أطرافها. والحقيقة، أن هذا الطرف غير موجود، ومن ينتظرونه كمن ينتظرون «غودو» في رواية الكاتب الآيرلندي صمويل بيكيت. لا أحد يملك هذه الإجابات، بل ولا يجب أن يمتلكها أو يحتكرها أي طرف، وكل من يحمل أمانة القلم، لديه دور ومسؤولية في محاولة الإجابة عن هذه الأسئلة.
ومع أهمية هذه الأسئلة وضرورة أن تعمل عليها بعض الأطراف حتى تكون لدينا بعض الخطوط العامة للإجابات عندما يحين وقتها، فليس من المنطقي أن تكون شرطاً لتحديد الموقف من الحرب.
موقف انتظار الإجابات من طرف ما، يعني ببساطة انتشار حالة من التسليم والاتكالية والكسل ممن يفترض فيهم أن يلعبوا دوراً طليعياً في المجتمع، كما أنه بدرجة ما يعكس تراجعاً في درجة الإحساس بحجم المأساة التي تعيشها البلاد وشعبها، وكأن هؤلاء قد أعطوا ضميرهم الوطني والإنساني إجازة. الأرقام التي تصدرها المنظمات الإنسانية العالمية مخيفة ومفزعة بدرجة كبيرة، قُتل الآلاف من المدنيين، نزح الملايين من مناطق الحرب إلى ما يظنونها مناطق آمنة، ولجأت ملايين أخرى إلى دول الجوار وإلى أبعد منها. مقدرات البلاد الصناعية والاقتصادية في حالة دمار شامل، وتمتص ماكينة الحرب ما تبقى من موارد، الدولة بكاملها ومؤسساتها وشعبها تواجه مصيراً مجهولاً.
هذا الوضع يتطلب موقفاً وعملاً جماعياً عابراً للحدود السياسية والآيديولوجية ومتجاوزاً الاصطفافات القديمة، ليشكل اصطفافاً جديداً يوقف الحرب، ثم عندما تأتي مرحلة اختيار الأوضاع الجديدة فيما يتعلق بشكل وطريقة بناء الدولة بعد الحرب يمكن للاصطفافات أن تتغير ويقف كل طرف في المكان الذي يوافق قناعاته.
والحقيقة، أن اختزال صورة الحرب ومواقف الأطراف منها ودوافع هذه المواقف في طرفين جامدين، «لا للحرب» من جانب و«نعم للحرب» حتى لو أدت إلى تدمير الجميع، مع التفسيرات البسيطة التي تصل حتى السذاجة أحياناً، هي مواقف تبسيطية خاطئة، بدليل أن هذه المواقف لم تتشكل كلها منذ اليوم الأول، بالنسبة لكلتا الكتلتين.
صحيح كانت هناك قوى تسعى لإشعال الحرب، وكان هناك أناس وقوى سياسية ضد الحرب منذ اليوم الأول، لكنّ هاتين الكتلتين تشكلت وتكونت مواقفهما مع تطورات الحرب، وانضمت إلى كلتيهما مجموعات بعدما شاهدت نتائج الحرب؛ ولهذا تتفاوت وتتنوع الدوافع عند كل كتلة، وهناك حراك كبير يحدث داخل كل منهما.
تحتاج القوى السياسية والاجتماعية السودانية وجماعات الكتّاب والمثقفين، التي تدرك فظاعة الحرب ونتائجها، إلى أن تركز جهودها على وقف الحرب، وإلى أن تتلاقى هذه القوى حتى وإن كانت تختلف في تصورات ما بعد الحرب وتصطف تحت هذه اللافتة حتى تعبر الجسر إلى حيث الأمن والسلام، ثم لها بعد ذلك أن تختلف، وعلى الأقل إن توقفت الحرب فستجد وطناً تختلف عليه وفيه بدلاً من خلافات المنافي والمهاجر.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: تتوقف الحرب بعد الحرب

إقرأ أيضاً:

محللون وخبراء: المهلة الزمنية التي حددها ترامب لوقف إطلاق النار بغزة غير واقعية

استبعد محللون وخبراء إمكانية التوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة وفق المهلة الزمنية التي حددها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتحدثوا عن عراقيل أساسية لا تزال تقف في طريق أي اتفاق محتمل بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل.

وعقب انتهاء الحرب الإيرانية الإسرائيلية أكد ترامب على رغبته في إنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، وأعرب عن تفاؤله بشأن التوصل إلى وقف إطلاق النار تحديدا الأسبوع المقبل.

وفي هذا الإطار، كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن أن وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر سيلتقي مسؤولين كبارا في البيت الأبيض الاثنين المقبل.

وبشأن المهلة الزمنية التي حددها ترامب، قال المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية توماس واريك إن ترامب يستعمل الوقت بطريقة مرنة، وما أراد قوله هو أن إنهاء الحرب في غزة يدخل ضمن أولوياته، مشيرا إلى أن المهم هو ما سيحدث خلال المباحثات التي سيجريها ديرمر في واشنطن، ولفت إلى وجود اتفاق بين واشنطن وتل أبيب بأن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لا يمكنها حكم قطاع غزة.

ويقضي العرض الأميركي -يواصل واريك- بأن إنهاء الحرب على غزة مشروط بخروج قادة حماس من غزة وتخلي الحركة عن أسلحتها، مشيرا إلى أن المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف يتعين عليه الضغط على إسرائيل من أجل أن تقبل بفكرة أن قطاع غزة يصبح جزءا من صلاحيات السلطة الوطنية الفلسطينية.  

ونقلت "هآرتس" عن مسؤول في البيت الأبيض قوله إنه سيتم إبلاغ ديرمر بضرورة إنهاء الحرب وإنقاذ الأسرى الأحياء وتأجيل تفكيك حركة حماس.

كما قالت إن محادثات ديرمر ستركز على إنهاء الحرب في غزة والمفاوضات الأميركية الإيرانية وتوسيع اتفاقات أبراهام.

من جهته، اعتبر رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل الدكتور بلال الشوبكي أنه من المستحيل أن يتم التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال المدة الزمنية التي حددها ترامب، لأن هناك عقبات أساسية لا تزال قائمة، أولاها أن إنهاء الحرب من منظور فلسطيني يختلف عن إنهائها من منظور إسرائيلي، والفلسطينيون يرفضون التوقيع على اتفاق لا ينص على انسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة.

إعلان الضمانات

وأشار الشوبكي إلى مسألة الضمانات التي يفترض أن تقدم للفلسطينيين بأن تستمر حالة الهدوء ووقف إطلاق النار خلال المرحلة التفاوضية، وهي مسألة لا يشير إليها الأميركيون والإسرائيليون بشكل واضح، بالإضافة إلى أن الطرح الأميركي بإيجاد حكم بديل في غزة يفتقد -يضيف الشوبكي- إلى أدوات تنفيذه على أرض الواقع.

وذكّر الشوبكي بأن حماس أعلنت في تصريحات سابقة لها أنها مستعدة لعدم المشاركة في حكم غزة، وهو موقف قدمته للوسطاء العرب.

وقال إن طرح هذا الموضوع مجددا هو محاولة لخفض سقف المفاوض الفلسطيني، مؤكدا أن المشكلة التي تطرح حاليا تكمن في محاولة فرض أنماط حكم جديدة في غزة، كما قال إن "من يريد تمكين السلطة الفلسطينية في قطاع غزة فليمكّنها في الضفة الغربية".

وحسب الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا، فإن ما تطلبه المقاومة الفلسطينية من مطالب يلغي ما يطلبه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية.

وقال حنا إن إنهاء الحرب يتطلب انسحابا إسرائيليا كاملا من قطاع غزة وتقديم ضمانات، وطرح تساؤلات عن مصير سلاح المقاومة ومصير القطاع في المرحلة المقبلة.

وأوضح أن انسحابات إسرائيل من المناطق التي تحتلها ترتبط عادة بالواقع الداخلي والواقع الدولي وبعمليات المقاومة وما توقعه من خسائر في صفوف جيش الاحتلال.

مقالات مشابهة

  • محللون وخبراء: المهلة الزمنية التي حددها ترامب لوقف إطلاق النار بغزة غير واقعية
  • النائب عشا يسأل محافظة عن امتحاني الانجليزي والرياضيات / وثيقة
  • مجازر لا تتوقف في غزة - 20 شهيدا بينهم 9 أطفال بقصف على حي التفاح
  • مادورو ليهود العالم: أوقفوا جنون الحرب التي يقودها نتنياهو
  • الكشف عن الخسائر المادية التي تكبدتها إسرائيل في الحرب مع إيران
  • النائب عشا يوجه أسئلة لوزير التربية والتعليم حول امتحانيّ اللغة الإنجليزية و الرياضيات
  • ضربة إيران.. أهم الأسئلة التي بقيت بلا إجابة بعد كشف البنتاغون تفاصيل جديدة
  • نجحت في الحفاظ على انسيابية حركة الطيران والمسارات الجوية في ظل الأزمة.. أجواء المملكة تُسجل عبور 1330 رحلة طيران كمتوسط يومي خلال الأحداث التي شهدتها المنطقة مؤخرًا بزيادة تقدر بنحو 95%
  • د. أحمد مقدادي عن امتحان الرياضيات للفرع العلمي .. سيّء جدا والأصعب منذ عشرات السنين ويحتاج 3 ساعات ونصف
  • صراخ وبكاء بين طلاب الثانوية العامة من صعوبة أسئلة الفيزياء بجنوب سيناء