قبل أن أمضى فى هذا المقال، أنوه إلى أننى لا أشيد بالرئيس بايدن ولا حزبه ولا بأى شخص مثله يدعم العدو الصهيونى، ويقتل برصاص وقنابل وصواريخ أمريكا آلاف الفلسطينيين فى غزة وغيرها من الأراضى العربية المحتلة، ولا يرحم شيخا مسنا، ولا طفلا ولا سيدة تحمل فى أحشائها أمل المستقبل.
ودخولاً إلى الموضوع، فإن ما حدث قبيل إعلان انسحاب الرئيس الأمريكى بايدن من سباق الرئاسة أمام منافسه الجمهورى دونالد ترامب، من سلاسة وسهولة فى اختيار البديل، يدعو أى عربى وأى بنى آدم فى دولة نامية متخلفة سياسيا، واخرى تدعى ممارسة الديمقراطية، أن يتوقف لحظات حتى يستوعب درس حب الوطن، ويتعلم كيف يتم تقديم مصلحة البلد على أى مصلحة اخرى شخصية.
فقد تابع العالم كله كيف تنازل وانسحب فى هدوء تام دون فوضى أو ضجيج رئيس أقوى دولة على وجه الأرض من ماراثون الرئاسة فى مرحلة بالغة الخطورة من تاريخ أمريكا، ولم يفكر لحظة فى تداعيات قرار الانسحاب المفاجئ على عائلته وشلته وشركاته ومستقبله السياسى وحزبه الذى ظل يدعمه حتى آخر لحظة، قبل أن يتخذ القرار ويرفع الحرج عن الجميع، ولم يكتف بذلك، إنما قدم بديلا مختلفا وهو سيدة، لا تحظى بتلك الشعبية التى يتمتع بها المنافس اللدود «ترامب».
قبل يومين، استيقظ جو بايدن فى منزله بولاية ديلاوير، ليجد أمامه ملفا معلوماتيا خطيرا يفيد بأن منافسه ترامب يتفوق عليه فى جميع استطلاعات الرأى، وأنه سيخسر إذا ما استمر فى السباق، فلم يغضب الرجل الذى بلغ من العمر 81 عاما، ولم يقل على وعلى أعدائى، ولم يأمر بالقبض على كبار معارضيه ولا منتقديه، ولم يجبر حزبه على النزول للشوارع يهتفون بحياته وإنجازاته ووعوده، وإنما استسلم بكل هدوء ورفع الراية البيضاء، واستدعى أقرب مستشاريه ستيف روتشينى ومايك دونيلون، ومساعديه توماسينى وبيرنال، وقرر الانسحاب قبل أن يكتب تغريدة التنحى والوداع، ويتصل بنائبته كامالا هاريس وزعيم الأغلبية فى مجلس الشيوخ تشاك شومر وقادة حملته الانتخابية وكبار موظفيه فى البيت الأبيض ويصدمهم بالانسحاب.
إن هذا المشهد لا يمكن أن نراه فى عالمنا العربى، فقط يحدث فى أمريكا وبعض الدول الأوروبية المتقدمة، لأسباب كثيرة، تأتى فى مقدمتها، قوة النظام السياسى، الذى يستند إلى حياة حزبية قوية، تصنع فيها الأحزاب رؤساء الدولة ونوابهم، وتحدد المعايير والضوابط التى تتوفر فى المرشح الرئاسى، فضلا عن احترام هؤلاء الكبار للكرسى الرئاسى وتفضيلهم مصالح الأم أمريكا على أية مصلحة أخرى.
قال الرجل «من مصلحة حزبى والدولة أن أتنحى وأن أركز فقط على أداء واجباتى كرئيس للفترة المتبقية من ولايتى»، فانظروا إلى تقديس هؤلاء الساسة بمختلف انتماءاتهم للحياة الحزبية، ويضعونها فى مقدمة أى صراع أو تنافس شريف بينهم، وانظروا أيضا إلى أى مدى تلعب مراكز ومؤسسات قياس الرأى العام دورا رئيسيا ومحوريا فى رصد نبض الشعوب، وكيف توجه استطلاعات الرأى العام بوصلة العملية السياسية فى الاتجاه الصحيح الذى يحقق المصلحة العليا للشعوب المتحضرة والواعية والتى تعى حقوقها وواجباتها.
إن ما فعله الرئيس بايدن يكشف وبجلاء الفارق الكبير بين الأحزاب القوية والأحزاب الضعيفة الهشة، وهو الفارق الذى يجعلنا دائما فى المؤخرة فيما يعتلون هم القمة سياسيا واقتصاديا.
أتمنى أن يصل درس تنحى بايدن إلى من لا يؤمنون ولا يثقون بدور الأحزاب السياسية فى صناعة الدولة وحمايتها والحفاظ عليها من اى صراعات داخلية وخارجية.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: العدو الصهيوني بايدن
إقرأ أيضاً:
بحضور سفراء ودبلوماسيين.. سفارة نيبال تحتفل باليوم العالمي للشاي في القاهرة
فى إطار الاحتفال باليوم العالمى للشاى، استضافت مكتبة مصر العامة الرئيسية بالجيزة، اليوم الأربعاء، احتفالية ثقافية وفنية فريدة بعنوان "شاى وكاريكاتير"، بحضور سفير نيبال بالقاهرة سوشيل كومار، والسفير رضا الطايفى مدير صندوق مكتبات مصر العامة، بالإضافة إلى سفيرى سريلانكا وميانمار والمستشار الثقافى الصينى ودبلوماسى من سفارة ماليزيا، إلى جانب نخبة من فنانى الكاريكاتير، والصحفيين.
وقال سفير نيبال خلال كلمته: إن الشاى ليس مجرد مشروب، لكنه رمز للصداقة والضيافة ومصدر للإيجابية والدفء والتواصل والوحدة، ولغة تجمع الناس عبر الثقافات والقارات والأجيال.
وأضاف، يعود إنتاج الشاى فى نيبال إلى منتصف القرن التاسع عشر، لكن فى العقود الأخيرة فقط برزت نيبال على الخريطة العالمية من خلال الشاى عالى الجودة، العطرى والحرفى، حيث يحظى الشاى النيبالى بإعجاب دولى لطابعه ونكهاته المميزة.
وتابع السفير: تنتج نيبال نوعين رئيسيين من الشاى: الشاى الأورثودوكسى، الذى يُزرع فى تلال شرق نيبال على ارتفاعات تزيد عن 1000 متر ويُصنع يدويًا ويشتهر بنكهاته الزهرية، ويصدر هذا النوع فى الغالب إلى الولايات المتحدة واليابان وأوروبا الغربية.
وأضاف: وشاى CTC الذى يُزرع فى السهول الجنوبية، وهو قوى ومنعش وبنكهة مالتية، ويُستهلك على نطاق واسع فى السوق المحلية.
وتابع: بالنسبة لمجتمعات زراعة الشاى فى شرق نيبال، يعتبر الشاى أسلوب حياة متجذر فى الثقافة والهوية المحلية، خاصةً بالنسبة للمزارعين الصغار، الشاى يمثل شريان حياة اقتصادى، يوفر لهم الدخل والفخر.
تضمن احتفال اليوم، افتتاح معرض كاريكاتير يضم 65 عملًا فنيًا لنحو 60 فنانًا من 25 دولة عربية وأجنبية، حيث تعكس هذه الأعمال النابضة بالحياة متعة شرب الشاى وجمال ثقافته، من خلال رسومات الكاريكاتير المرحة.
بينما تصور هذه الأعمال الفنية الرائعة ثقافات شاى مختلفة حول العالم، فإنها تحمل أيضًا رسالة مركزية تتردد فى كل مكان، رسالة مفادها أن الاستمتاع بكوب شاى مع الأصدقاء والزملاء وأحبائنا هو من أروع نعم الحياة.
ووجه السفير، الشكر لمدير مكتبات مصر العامة السفير رضا الطايفى على دعمه الذى جعل هذا الحدث ممكنًا، مضيفًا، نيابة عن سفارة نيبال أعبّر عن خالص امتنانى لك وعائلة المكتبة بأسرها على تضامنكم وتعاونكم.
كما وجه الشكر، إلى الفنان فوزى مرسى صاحب فكرة الاحتفالية لابتكار فكرة هذا الحدث، وتنسيق مجموعة أعمال الكاريكاتير من حول العالم، ودعمه لهذه المبادرة بإخلاص من البداية حتى التنفيذ، مضيفًا، لم يكن هذا الاحتفال ليرى النور لولا تفانيه وحماسه.
ومن جانبه، أوضح الفنان فوزى مرسى أن هذه الفعالية تعد الأولى من نوعها التى تحتفى بثقافة الشاى من خلال فن الكاريكاتير، مؤكدًا، أن الشاى ليس مجرد مشروب، بل طقس يومى يحمل رسائل ود ومحبة، ولغة عالمية توحد الشعوب.
سلطت الاحتفالية، الضوء على ثقافة الشاى النيبالية العريقة، حيث يتحول كوب الشاى إلى جسر للتواصل بين الناس سواء فى البيوت أو الممرات الجبلية.