"الدُقّة" ملجأ أهالي شمال القطاع لإسكات جوع صغارهم
تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT
غزة - مدلين خلة - صفا
تسبب تضاعف وتيرة المجاعة مجددًا في مدينة غزة وشمالها بدفع الأهالي هناك إلى إنتاج مواد غذائية في ظل انعدام الخضر والفاكهة واللحوم من الأسواق؛ فضلاً عن الارتفاع اللامنطقي للأسعار.
تلك الأسباب دفعت بالأهالي للبحث عن بدائل لوقف تضوّر الأطفال جوعًا، فيمَ كانت "الدُقّة" أحد تلك الحلول.
وحسب الأمم المتحدة فإن المجاعة حقيقة ولم يعد من الممكن تفاديها في قطاع غزة. من جهتها، أكخادت إحدى المنظمات غير الحكومية والتابعة لليونيسف أن "90 بالمئة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6 إلى 23 شهرا والنساء الحوامل يواجهون نقصا حادا في المواد الغذائية".
وتعتبر "الدقة الغزاوية" طبقٌ رئيس على موائد الافطار في البيت الغزيّ، كونها تحضر بطريقة بسيطة وتكلفة قليلة، إلا إنه ومع المجاعة التي أصابت شمال القطاع لم تعد مكوناتها متوافرة فأخذ السكان بالبحث عن بديل لصنعها، فكان الدقيق الأبيض ملاذهم.
و "الدُقة الغزاوية" خلطة شعبية تشتهر بها فلسطين بشكل عام وقطاع غزة بشكل خاص وهي عبارة عن حبوب القمح المحمصة ويُضاف إليه الملح والبهارات الحارة والسمسم والسماق وملح الليمون ويُطحن الخليط بآلة خاصة ينتج عنها مسحوقٌ شبيه بالقهوة طعمًا ولونًا إلى حدٍ ما.
ومع غلاء المواد الأولية لإنتاج ذلك المسحوق البنيّ، لم لم يعدم سكان شمالي القطاع الوسيلة؛ فانقطاع القمح المخصص لصناعة "الدُقة"، دفعهم إلى استخدام الدقيق الأبيض والذي يعتبر المادة الغذائية المتوافرة بعد معاناة شديدة.
وعانى سكان شمال غزة، جراء الحرب والقيود الإسرائيلية في الشهور الماضية، من "مجاعة" في ظل شح شديد فرضته "إسرائيل" على إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مما تسبب في وفاة عدد من الأطفال وكبار السن.
وعن طريقة تحضيرها بالدقيق الأبيض؛ تحكي المواطنة فايزة أبو وردة لوكالة "صفا" خطوات تجهيز الدقة.
وتقول أبو وردة: "إن المجاعة التي يتعرض لها شمال القطاع وقلة الأكل تسببت بقلة ما يمكن إيجاده لأكله مع الخبز، فصرنا نحمّص الطحين الأبيض ونصنع منه دُقة".
وتضيف: نستمر في تحميص كمية من الطحين حتى يغدو لونه بنيًا، ثم تُضاف التوابل التي باتت تشحّ في الأسواق كعين الجرادة، الكزبرة، القرفة، الكمون، السماق، الملح، حمض الليمون، والسمسم".
وتعتقد السيدة فايزة أن الصغار يحبون تناول الدُقة، كما أنها قد تعوّض بعض ما فقد في الأسواق من أطعمة.
لكن تحضير الدقة على بساطتها، لم يكن ليمرّ بسهولة على فايزة؛ فتقول إن تحميص الطحين على نار الحطب يأكل من لون أيدينا قبل أن يغدو بنيًا، عدا عن الأدخنة والأبخرة وحرّ تموز.. كل ذلك لسدّ جوع الأطفال المتضورين جوعًا.
وعلى الرغم من بساطة مكونات الدقة؛ إلا أن فايزة تمتنع عن تحضيرها إذا لم تجد بعض المكونات في السوق، ما يعني أن أطفالها وأحفادها لن يتناولون ما تجود به يدا الجدّة الممتلئة بالحروق الصغيرة.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: الدقة الزعتر المجاعة
إقرأ أيضاً:
غزة: ارتفاع شهداء المجاعة إلى 169 شهيدا
وقالت الوزارة، في بيان إن مستشفيات قطاع غزة سجلت خلال الـ24 ساعة الماضية 7 حالات وفاة جديدة نتيجة المجاعة وسوء التغذية، من بينهم طفل واحد.
وأكدت أن الأزمة الإنسانية في قطاع غزة مستمرة بالتفاقم في ظل الحصار ونقص الإمدادات الغذائية والطبية، مجددة دعوتها للمجتمع الدولي ومؤسسات الإغاثة للتدخل الفوري والعاجل.
ويواجه فلسطينيو قطاع غزة موجة غير مسبوقة من الجوع منذ إغلاق العدو الإسرائيلي معابر القطاع، مطلع مارس الماضي، وفرض قيود مشددة على دخول المساعدات الغذائية والإغاثية والوقود والدواء.
ومع مرور الوقت، استنفد سكان غزة كل موارد الطعام وأصبحت المحلات فارغة، وباتت العثور على رغيف خبز أشبه بالمستحيل، فيما يشهد المتوفر من البضائع ارتفاعاً خيالياً في الأسعار، حتى بات "الموت جوعًا" سببًا من أسباب الموت في القطاع وأشرسها.