عُمان مشروع حضاري: الوطن ليس أولئك
تاريخ النشر: 30th, July 2024 GMT
من المسلم به أن المشروع الحضاري العماني هو مشروع ضارب في أعماق التاريخ، فالعمانيون شكلوا مع منعطفات التاريخ رمزا ثابتا في التأثير والإثراء والتفاعل في الحضارة الإنسانية... كانت عُمان ولا تزال حاضرة في التاريخ إقليميا وعالميا، ولكن تظل المرحلة الحالية من عمر الحضارة العمانية نقطة مفصلية في تاريخ بناء الدولة العمانية، فقد بدأت ومع الخطوة الأولى من حكم السلطان قابوس بن سعيد- رحمه الله- لإعادة عُمان إلى مسيرة الحضارة مرة أخرى، ويكمل الآن مسيرة التجديد صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله وأبقاه- فجلالته أعاد رسم خارطة الطريق الجديدة لعُمان الحضارة نحو مستقبل مختلف الآفاق والأدوات والأهداف.
ركز المشروع الحضاري العماني على صنع الهوية الوطنية وخصائصها المميزة مما أوجد مركبا سياسيا دقيقا جسد الثوابت الوطنية وأولويات المصلحة الوطنية العليا، وتماهت فيه الاحتياجات والتطلعات والإنجازات إلى حد كبير، لقد اشتغل العمانيون مع قيادتهم على مدار العقود الخمسة الماضية على تجسيد وبرهنة مدى انتمائهم وولائهم وحبهم وتقديسهم لعُمان بعيدا عن الشعارات الفضفاضة، يتعلمون ويعلمون الآخرين أن عُمان ليست فئة ولا قبيلة، وأن المسيرة أكبر من الأشخاص، فالثابت الوحيد هو تلاحم الوطن بقيادته وشعبه... وستبقى عُمان دائما وأبدا فوق الجميع والعمل الوطني يتطلب فهما للصورة الكبيرة ونكرانا للذات وطموحات عُمان العزة والكرامة ترتقي عاليا فوق الأوهام والأطماع وضيق الرؤية وأنانية الغاية والمقصد.
«نعم الوطن ليس أولئك»، فالوطن بقيادته الحكيمة وشعبه المعطاء ماضون في مسار العمل المشترك تحت سقف الثوابت الوطنية وتحمل المسؤولية الوطنية والأخلاقية والتاريخية المناطة بهم مع وجود المواطن كشريك حقيقي، ولاؤه للوطن وقيادته على أسس المواطنة الكاملة وصيانة حقوق الإنسان وكرامته وتكافؤ الفرص... يقول شكسبير «لا شيء يأتي من لا شيء» فالوحدة الوطنية والشعور بالانتماء للوطن تأتي دوما كنتيجة وأثر لشروط والتزامات غاية في الأهمية والضرورة ولا شيء يصون الوحدة الوطنية ويحمي مكاسبها كتكريس مفهوم المواطنة الكاملة.
إن المشروع الحضاري العماني يقوم على مفهوم الدولة للجميع وبالجميع يتم القيام بمختلف الوظائف والأدوار، الدولة ليست إقليما ذا جغرافيا وتاريخ فقط بل هي كيان نابض يفتح قلبه ومشروعاته ومؤسساته وهياكله ومناصبه ومسؤولياته لكافة مكونات المجتمع، لذلك كان المشهد العماني فريدا من نوعه في التفاف الشعب بكل فخر واعتزاز حول قيادته الملهمة والمحققة لآماله وطموحاته ورفدها دون قيد أو شرط بكل غالي ونفيس؛ فاختلط عرق الجميع بالتراب الوطني في مسير واحد ومصير واحد وهدف واحد، فحققت عُمان مسارا تقدميا وفكرا نهضويا مميزا جعل منها تجربة حضارية وإنسانية رائدة.
إن المكون الأساسي للمشروع الحضاري العماني يعتمد على قاعدة يتوازن فيها الجانب الثقافي بكل ما تعنيه الكلمة من معان ودلالات مع جانب الانضباط وحب العمل والإنجاز وهو ما يؤكد على اجتهاد العمانيين عبر كل العصور كأمة عاملة ذات طموح ورغبة جامحة وجهد مثابر للاستكشاف والتعلم ونشر العلم والدين، ولعل هذا الفهم لمكون الحضارة العمانية وقوتها الناعمة يفرض علينا أن نطور لدى الأجيال المقبلة ثقافة حب العمل والمشاركة لأهميتها في عملية التنمية وبناء المستقبل فهي توفر فرص لإثراء المشهد وتنويعه بآراء وأفكار متجددة ومن مصادر متنوعة ودونما إقصاء لفرد أو جماعة، فالعناية بتشكيل ثقافة الأجيال القادمة هو جزء لا يتجزأ من منطلقات المشروع الحضاري للدولة بقطاعاته الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية.
وختاما يمكننا القول بأن خصوصية المشروع الحضاري العماني تتلخص في رؤيته الاستشرافية للمستقبل يترجمها حراك جاد وهادف لتطوير بناء عمان (الدولة) وعمان (الإنسان).
د. خالد الحمداني كاتب عماني
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
محافظ القليوبية يتابع آخر التطورات في مشروع "ممشى أهل مصر" ببنها
تابع المهندس أيمن عطية، محافظ القليوبية، اليوم آخر التطورات في المرحلة "د" من مشروع ممشى أهل مصر على كورنيش النيل بمدينة بنها، والتي نفذها استشاري المشروع وجهاز تطوير وإحياء القاهرة الفاطمية، خلال اجتماع لبحث سير العمل.
وأكد المحافظ أن الأعمال تهدف إلى استكمال المشروع وفق أعلى مستويات الجودة، مع مراعاة تطبيق أكواد الهوية البصرية للمحافظة، وضمان تحقيق الشكل النهائي المتناسق للممشى بما يليق بأهالي بنها والقليوبية.
حضر الاجتماع كل من: رئيس جهاز تطوير وإحياء القاهرة الفاطمية، نائب المحافظ، السكرتير العام، معاون المحافظ، استشاريو المشروع، رئيس مدينة بنها، ومدير الشئون الهندسية بالمحافظة.