لم تقدم سلطات بورتسودان معلومات أولية كافية عمن يقف وراء حادثة جبيت. وما تزال الميديا مليئة بجدل كثيف حول الفاعل، أهو الخصم أم الحليف؟ ولكن على كل حال لم تكن حادثة جبيت الأولى. فالجيش يعايش اختراقاً متصاعداً بالمسيرات منذ رمضان الماضي في المناطق التي يسيطر عليها. فمحاولة اغتيال البرهان سبقتها حوادث مماثلة في مناطق الخرطوم، وعطبرة، وشندي، وكوستي، والدامر، وأماكن أخرى، وبالأمس شاهدنا الصواريخ تدخل معركة الفاشر.
وبخلاف بيانات تمتلك معلومات شحيحة عن هذه "الاستهدافات" المسيرة لمقرات الجيش، وكرنفالات مؤيديه، فإن الأحداث السابقة هذه انتهت عند ختام التداول حولها إعلامياً فحسب. ولم تسفر تحريات بورتسودان عن تقارير تفصيلية لاحقة لكل حادثة حتى تتأكد لنا قدرة الجيش على امتلاك أدوات بحث جنائية، واستخباراتية، تفيض ببينات قوية عن مرتكبي هذه الهجمات. وسط هذا الركام من التسريبات، واختلاق الروايات، حول حوادث المسيرات يفضل
الدعم السريع من الناحية الأخرى الصمت. ومهما يكن فإن استراتيجيته هنا - إذا لم يكن هو الفاعل - تنحو إلى زيادة التكهن لدى الرأي العام حول جهات معادية له، تلك التي تحيط بالجيش كما السوار بالمعصم. والملاحظ أن المسيرات المخترقة للساحة التي يتواجد فيها البرهان لا تتزامن إلا مع أنباء عن قرب تفاوض مع الدعم السريع، أو بعدها، كما حدث الأمر بعد عودة كباشي من المنامة. وآنذاك جاءت مسيرة شندي بعد لحظات من وصول البرهان إليها ليتم إخلاؤه من قرب المكان الذي ضربت فيه المسيرة. مسيرات جبيت ترافقت هي الأخرى مع غموض موقف الجيش من المبادرة الاميركية للتفاوض. وكلنا وقفنا في الأيام الماضية على حملات مسعورة ضد الجيش، و"ابتزازات" تبعتها تسريبات لأحد الإسلاميين المتطرفين يهدد في تسجيل بدخولهم مرحلة العمليات الاستشهادية الانتحارية في حال الوصول لتسوية مع الدعم السريع. فضلاً عن ذلك فإن غلاة الإسلاميين، والبلابسة، ظلوا يوحون منذ فترة بأن البرهان هو العقبة الكوود أمام انتصار الجيش. وهو السبب أيضاً للفشل في استرداد أي منطقة فقدها في هذا النزاع الدامي. ذلك رغم أن البرهان نفسه هو الذي أحيا الروح للإسلاميين في المشهد السياسي، وأعاد تمكينهم في الحكومة والجيش حتى أصبحوا حاضنته الأساسية. وبرغم كل ما حققه البرهان من إعداد مادي، ومعنوي، للجيش مدفوعاً بكتائب البراء، وحركات دارفور، والنيل الأزرق، والمستنفرين، إلا أنه لم يسلم من تحميله وحده المسؤولية في ظل توفير طاقمه كل السلاح المطلوب لكتائب الإسلاميين لإبراز ملكاتهم الجهادية. لغط كثير أثير أيضا عن وفاة ابن البرهان. وذهبت تكهنات معارضين للإسلاميين بأنهم يقفون وراء الحادثة، محاولة لتنبيهه للسير بالضرورة وفقاً لاستراتيجيتهم المعدة لما بعد الحرب، إذ إن الهدف عندهم إما سحق الدعم السريع بالمرة، أو استمرار النزاع، حتى ولو أدى ذلك لدخول البلاد في حرب أهلية مكتملة الأركان. وذلك يعني تفضيل الإسلاميين أن يكون السودانيون في حالة الانتحار، لا السلام. إذا كان الدعم السريع هو المسؤول عن حادثة جبيت، وتوجيهه مسيراته لمدن نهر النيل، والنيل الأبيض، وشرق السودان، فإنه ينبغي أن يستدرك البرهان، وطاقمه، وكذلك الاسلاميين، والبلابسة، أننا دخلنا حرب لا تستثني رموز القتال، حيث كل طرف يتغذى في إمداده بأطراف خارجية. أما إذا اتضح أن "الاختراق المسيراتي" الذي يعاني منه البرهان في أماكن وجوده مرتبط بمواقفه المعاكسة للتيار الإسلامي الحربي على وجه الدقة، فإنه كذلك ينبغي أن يحتاط لنفسه أكثر. ذلك حتى لا تناله في المرة القادمة مسيرة لطائرته المغادرة إلى سويسرا، هذا إذا عقد العزم على مصافحة أنتوني بلينكن في الرابع عشر من اغسطس المقبل.
suanajok@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية:
الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
أول تعليق من أمريكا على محاولة اغتيال مرشح رئاسي في كولومبيا
أدان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الأحد، بأشد العبارات، محاولة اغتيال مرشح الرئاسة الكولومبي ميجيل أوريبي، واصفًا الهجوم بأنه "نتاج مباشر لخطاب اليسار المتطرف العنيف الذي يصدر عن أعلى مستويات الحكم في كولومبيا".
وأضاف روبيو في تصريح رسمي أن "ما حدث هو انعكاس خطير لواقع سياسي مشحون بالتحريض والكراهية"، محمّلًا الحكومة الكولومبية مسؤولية ما وصفه بـ"تدهور المناخ الديمقراطي في البلاد".
وجاءت تصريحات روبيو بعد إعلان السلطات الكولومبية أن ميجيل أوريبي، عضو مجلس الشيوخ والمرشح الرئاسي عن تيار اليمين، أصيب بالرصاص خلال فعالية انتخابية في حي فونتيبون غرب العاصمة بوجوتا، مساء السبت.

ترامب يلوّح بتدخل فيدرالي لوقف «الشغب والنهب» في لوس أنجلوس

نائب
الرئيس الأمريكي يصف هجوم ماسك على
ترامب بـ الخطأ الكبير

ترامب: لم أجرِ أي مناقشات
بشأن التحقيق مع ماسك

زيلينسكي يسعى للقاء ترامب في قمة مجموعة السبع بكندا

طهران: قرار ترامب بشأن حظر السفر يظهر "عداء عميقا" تجاه الإيرانيين

أخبار العالم | إسرائيل ترفض مقترح بشأن تخصيب اليورانيوم الإيراني .. ترامب يهدد بعقوبات غير مسبوقة على روسيا.. واستشهاد العشرات في خان يونس

ترامب يعلن مراجعة شاملة للعقود الحكومية مع إيلون ماسك

عميل أمريكي حاول تسريب معلومات لـ ألمانيا بسبب استيائه من إدارة ترامب

ترامب: هجمات كييف أعطت روسيا مبررًا لقصف أوكرانيا بشدة

ترامب يلوح بالخيار العسكري ضد إيران: لن نسمح بالتخصيب حتى لو مؤقتا
لحظة الهجوم وتفاصيل التحقيقوتداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يوثق اللحظة التي كان فيها أوريبي يلقي خطابًا أمام أنصاره، قبل أن يسمع دوي طلقات نارية، ما أثار حالة من الذعر في المكان. وقد أُصيب أوريبي البالغ من العمر 39 عامًا، وتم نقله لتلقي العلاج وسط تأهب كامل من شبكة المستشفيات في العاصمة، بحسب ما أفاد رئيس بلدية بوجوتا كارلوس جالان.
وأكد جالان أنه تم إلقاء القبض على المشتبه به في تنفيذ الهجوم، دون الكشف عن تفاصيل إضافية بشأن هويته أو دوافعه.
الحكومة الكولومبية تندد بالهجوممن جهتها، نددت حكومة الرئيس اليساري جوستافو بيترو بالهجوم "بأشد العبارات"، واصفة إياه بأنه "اعتداء خطير ليس فقط على شخص المرشح، بل على الديمقراطية وحرية الفكر والممارسة الشرعية للسياسة في البلاد"، بحسب بيان رسمي صدر عن الرئاسة الكولومبية.
وأضاف البيان أن مؤسسات الدولة ملتزمة بحماية المسار الانتخابي وضمان أمن جميع المرشحين، دون تمييز أو انحياز سياسي.

ترامب يلوّح بتدخل فيدرالي لوقف «الشغب والنهب» في لوس أنجلوس

نائب الرئيس الأمريكي يصف هجوم ماسك على ترامب بـ الخطأ الكبير

ترامب: لم أجرِ أي مناقشات بشأن التحقيق مع ماسك

زيلينسكي يسعى للقاء ترامب في قمة مجموعة السبع بكندا

طهران: قرار ترامب بشأن حظر السفر يظهر "عداء عميقا" تجاه الإيرانيين

أخبار العالم | إسرائيل ترفض مقترح بشأن تخصيب اليورانيوم الإيراني .. ترامب يهدد بعقوبات غير مسبوقة على روسيا.. واستشهاد العشرات في خان يونس

ترامب يعلن مراجعة شاملة للعقود الحكومية مع إيلون ماسك

عميل أمريكي حاول تسريب معلومات لـ ألمانيا بسبب استيائه من إدارة ترامب

ترامب: هجمات كييف أعطت روسيا مبررًا لقصف أوكرانيا بشدة

ترامب يلوح بالخيار العسكري ضد إيران: لن نسمح بالتخصيب حتى لو مؤقتا
ويُعد ميجيل أوريبي من أبرز الشخصيات المعارضة للرئيس جوستافو بيترو، وعضوًا بارزًا في حزب "الوسط الديمقراطي" الذي يتزعمه الرئيس السابق ألفارو أوريبي، والذي حكم كولومبيا بين عامي 2002 و2010.
وكان أوريبي قد أعلن في أكتوبر الماضي عن عزمه الترشح للرئاسة في الانتخابات المقررة عام 2026، مؤكدًا أنه يسعى إلى "استعادة المسار الديمقراطي وتحصين البلاد من الفوضى اليسارية"، على حد وصفه في تصريحات سابقة.

طباعة شارك وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ميجيل أوريبي كولومبيا روبيو