ما وراء اغتيال إسماعيل هنية في طهران؟
تاريخ النشر: 31st, July 2024 GMT
الثورة نت../
ساد الحزن العالم العربي والإسلامي مع الأخبار التي تتوالى إثر استشهاد القائد الفلسطيني المجاهد إسماعيل هنية.
ما وراء اغتيال إسماعيل هنية في طهران؟
ويعد اغتيال هنية ضربة مزدوجة للجمهورية الإسلامية الإيرانية وللمقاومة الإسلامية حماس، إذ أن هنية كان ضيفاً في طهران، وحضر لتقديم التهنئة والتبريكات للرئيس بزشكيان بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية، ما يعني أن الكيان الصهيوني اغتال ضيفاً عزيزاً على قلوب الإيرانيين، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية، كان اختراقاً كبيراً للسيادة الإيرانية، في تجاوز لكل القوانين والأعراف الدولية.
لن تكون الأمور طبيعية بعد اليوم، فالمجرم نتنياهو قد أراد اشعال المنطقة برمته، والدخول في حرب إقليمية واسعة قد يكون وارداً لا محالة، فالوجع من الغطرسة الأمريكية والإسرائيلية قد شمل كل دول محور المقاومة، وفي مقدمتها إيران، وضربات موجعة كهذه لا يمكن أن تمر مرور الكرام.
بالنسبة لموضوع الشهادة، فهي مشروع لكل قادمة محور المقاومة، والقائد هنية يلحق بزملائه الشيخ أحمد ياسين، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي، لكن مكان الاغتيال وتوقيته هو الأهم، وهو خلط لكل الأوراق، وحرج كبير لإيران التي تحتفي بتنصيب رئيسها الجديد، وحالة الفرح هذه ستتحول بكل تأكيد إلى حزن وعزاء.
ويعد هنية من أبرز القادة السياسيين الفلسطينيين، وأحد رموز حركة “حماس”، وشغل منصب رئيس
الحكومة الفلسطينية في 2006-2007.
وانتخب لأول مرة رئيساً للمكتب السياسي لحماس في مايو/ أيار 2017، وأعيد انتخابه في 2021 لدورة ثانية تنتهي في 2025.
من هو هنية؟
ينحدر هنية الذي رحل عن العالم عن عمر 58 عاماً من أسرة فلسطينية لاجئة، هاجرت قسراً من قرية جورة عسقلان، خلال أحداث النكبة عام 1948م.
ولد هنية، عام 1963، في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين شمال غرب مدينة غزة، وعاش فيه لكن ومنذ عام 2019 كان يقيم في قطر.
و”هنية” أب لـ13 من الأبناء، اغتالت إسرائيل مؤخراً 3 منهم في أبريل/ نيسان 2024 بمخيم الشاطئ.
درس الابتدائية والإعدادية في مدارس وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” في غزة، بينما حصل على الثانوية العامة من معهد الأزهر.
التحق “هنية” بالجامعة الإسلامية في غزة، عام 1981، وتخرّج منها مُجازاً في الأدب العربي.
بدأ “هنية” نشاطه السياسي داخل “الكتلة الإسلامية” الذراع الطلابية لجماعة الإخوان المسلمين، والتي انبثقت عنها لاحقًا حركة حماس.
تعرض للاعتقال من قبل الجيش الإسرائيلي لأكثر من مرة.
كانت المرة الأولى عام 1987، وأمضى حينها نحو 18 يوماً داخل السجون الإسرائيلية، ليعاد اعتقاله “إداريا” عام 1988 لمدة 6 أشهر.
أما المرة الثالثة والتي اُعتبرت الأطول، فكانت عام 1989 لمدة 3 سنوات، بتهمة قيادة “جهاز الأمن” الخاص بحركة “حماس”.
و في 17 ديسمبر/ كانون الأول عام 1992، بعد خروجه من المعتقل، أجبرت إسرائيل هنية على مغادرة الأراضي الفلسطينية، وأبعدته إلى جنوب لبنان مع العشرات من قياديي حماس؛ لمدة سنة كاملة.
محاولات اغتيال متعددة
تعرض هنية لمحاولات اغتيال ومضايقات، حيث جُرحت يده يوم 6 سبتمبر/أيلول 2003 إثر غارة إسرائيلية استهدفت بعض قياديي حماس من بينهم الشيخ أحمد ياسين مؤسس الحركة.
كما تعرض موكبه لإطلاق نار في غزة يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول 2006 أثناء صدام مسلح بين حركتي فتح وحماس، واستهدفت إسرائيل منزله في غزة بالقصف في حروبها على غزة خلال السنوات الماضية سعياً لاغتياله.
خسارة كبيرة
بالتأكيد فإن رحيل إسماعيل هنية ليس خسارة على الشعب الفلسطيني بالتحديد، وإنما على الأمة الإسلامية برمتها ولمحور المقاومة.
سيتعين على حماس، المسارعة، في اختيار رئيساً للحركة بدلاً عن هنية، لكنه التوقيت مزعج تماماً، إذ تعيش غزة أسوأ أيامها جراء العدوان الصهيوني الغاشم غير المسبوق على القطاع.
لقد أرادت “إسرائيل”، ومن ورائها أمريكا، إيصال رسالة لكل دول المحور، مفادها بأن يدها “طولى” وأنها تستطيع الوصول إلى أعدائها في أي مكان، وليس في الداخل الفلسطيني، وهذا يزيد من التحدي، ويضع فصائل المقاومة الفلسطينية، ومحور المقاومة أمام مرحلة جديدة، ستكون تداعياتها كبيرة جداً.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: إسماعیل هنیة فی غزة
إقرأ أيضاً:
ماذا حققت جولة مفاوضات واشنطن وطهران الخامسة؟ وما علاقة إسرائيل؟
اتفق محللان سياسيان على أن جولة المفاوضات الخامسة بين واشنطن وطهران أظهرت مؤشرات على تقدم جزئي، لكنها لا تزال تصطدم بعقبة مركزية تتعلق بحق إيران في تخصيب اليورانيوم، وسط ضغط إسرائيلي متصاعد يسعى إلى فرض معادلة "صفر تخصيب"، وهو ما يهدد بنسف أي توافق محتمل.
ووسط أجواء مشحونة بالتصعيد والتوجس اختُتمت في العاصمة الإيطالية روما الجولة الخامسة من المفاوضات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران بشأن البرنامج النووي الإيراني، والتي وصفها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بأنها "الأكثر مهنية" حتى الآن، مشيرا إلى أنها قد تفتح الباب أمام تقدم مرتقب.
وعُقدت هذه الجولة الجديدة من المحادثات في مقر سفارة سلطنة عمان في روما بحضور المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني، وتزامنت مع لقاء جمع ويتكوف بمسؤولين إسرائيليين قبل انطلاق المحادثات، مما أعاد إلى الواجهة تساؤلات بشأن الدور الإسرائيلي وتأثيره المحتمل على مسار هذه التفاهمات النووية.
وأشارت روكسان فارمان فارمايان أستاذة العلاقات الدولية في جامعة كامبردج إلى أن وصف الجولة بالمهنية يعكس جدية الطرفين، لكنها أوضحت أن الولايات المتحدة طرحت للمرة الأولى موقفا صارما يتمثل في المطالبة بتوقف إيران الكامل عن تخصيب اليورانيوم، وهو ما تعتبره طهران خطا أحمر لا يمكن التنازل عنه.
إعلانوترى فارمايان أن الموقف الأميركي الجديد لا يتيح هامشا كبيرا للحلول الوسط، مشيرة إلى أن إيران أعلنت صراحة أن لا اتفاق ممكنا من دون الإقرار بحقها في التخصيب، مما يعني أن التناقض في المواقف لا يزال قائما في جوهر الملف.
تجنب المواجهة
بدوره، اعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة جونز هوبكنز الدكتور خليل العناني أن المفاوضات تعكس رغبة الطرفين في تجنب المواجهة، مشيرا إلى أن لدى كل طرف خطوطا حمراء لا يرغب في تجاوزها، أبرزها مستوى التخصيب ونطاقه.
ويضيف العناني أن الموقف الأميركي يعاني انقساما داخليا، فهناك تيار متشدد يطالب بتفكيك البرنامج الإيراني بالكامل، في حين تقبل أطراف أخرى بالتخصيب المحدود ضمن المعايير السلمية التي حددها اتفاق 2015، مع فرض رقابة صارمة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأشار إلى أن الإيرانيين يطالبون في المقابل بضمانات قانونية ملزمة تمنع انسحاب واشنطن من أي اتفاق كما حدث عام 2018، مؤكدا أن مسألة الثقة بين الطرفين لا تزال أبرز العقبات في طريق التوصل إلى تفاهم مستدام.
وبينما أبدى المسؤولون الأميركيون تفاؤلا مشوبا بالحذر فإن إسرائيل -بحسب فارمايان- باتت تتخذ خطوات ميدانية استعدادا لعمل عسكري ضد المنشآت الإيرانية، مما يضيف ضغطا إضافيا على طهران وواشنطن لتسريع التفاهم، وإن كان ذلك لا يبدد الهواجس المتعلقة بخيارات تل أبيب المنفردة.
وأوضحت فارمايان أن خطر التصعيد يزداد مع تنامي القناعة الإسرائيلية بأن المفاوضات لن تسفر عن تفكيك كامل للبرنامج الإيراني، ولا سيما بعد إعلان طهران عن تطوير قدرات جديدة في مجال الطائرات المسيرة قادرة على استهداف إسرائيل وقواعد أميركية في المنطقة.
اتفاق جديد
وفي هذا السياق، يرى العناني أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يسعى إلى صياغة اتفاق جديد يمنحه زخما سياسيا داخليا، ويمنع في الوقت نفسه انزلاق واشنطن إلى مواجهة عسكرية غير محسوبة، خاصة في ظل الانتشار العسكري الأميركي الواسع في الشرق الأوسط.
إعلانويضيف أن الإدارة الأميركية تواجه معضلة الموازنة بين مطامح إسرائيل التي ترفض مبدأ التخصيب من أساسه، والواقع الجيوسياسي الذي يفرض حلا وسطا يضمن لإيران حقها السيادي في الاستخدام السلمي للطاقة النووية.
وبحسب فارمايان، فإن الخطر لا يقتصر على تباين المواقف بين واشنطن وطهران، بل يشمل أيضا التجاذبات الداخلية داخل الكونغرس الأميركي الذي يضم تيارا قويا مواليا لإسرائيل يرفض أي اتفاق لا يتضمن "صفر تخصيب"، مما يجعل تمرير الاتفاق داخل الكونغرس محفوفا بالتعقيدات.
ورجحت أن يذهب ترامب نحو توقيع اتفاق بصفة تنفيذية دون إحالته إلى الكونغرس، محاولا بذلك تسويق الاتفاق بأنه نجاح شخصي وتجاوز لفشل الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما رغم أن هذا المسار قد يعيد إنتاج الأزمة في حال تغيرت الإدارة الأميركية لاحقا.
ورغم كل التعقيدات فإن العناني يرى أن اللحظة الراهنة قد تكون أكثر نضجا من مفاوضات 2015، مشيرا إلى أن توافقا داخل إدارة ترامب بدأ يتبلور بشأن الحاجة لاتفاق يبعد خيار الحرب عن الطاولة، ويمنح واشنطن فرصة لاحتواء التهديد النووي الإيراني ضمن معايير قابلة للتنفيذ.
ضربة عسكرية
ولم تخفِ فارمايان مخاوفها من إمكانية أن تقدم إسرائيل على توجيه ضربة عسكرية لإيران دون الرجوع إلى واشنطن، مشيرة إلى أن اتصالات أجريت مؤخرا بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقب مقتل دبلوماسييْن إسرائيلييْن اثنين في واشنطن قد تشير إلى تنسيق أمني جديد يعيد ضبط إيقاع العلاقة بين الجانبين.
من ناحيته، شدد العناني على أن ما يطالب به نتنياهو يشبه "الحل الليبي"، أي تفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل، وهو ما تعتبره طهران إهانة لسيادتها الوطنية، مؤكدا أن أميركا لا تتبنى هذا الطرح المتطرف حتى اللحظة.
ويختم العناني بالتأكيد على أن المسار التفاوضي لا يزال ممكنا إذا ما تم تثبيت نقطتين رئيسيتين: قبول تخصيب محدود للأغراض السلمية، وضمان عدم انسحاب أميركي مستقبلي من الاتفاق، وهو ما قد يخلق أرضية سياسية قابلة للبناء عليها في المرحلة المقبلة.
إعلانوعلى الرغم من أن الجولة الخامسة لم تُفضِ إلى اتفاق نهائي فإن أجواءها حملت إشارات مزدوجة تعكس في آن واحد تصعيدا في الخطاب وتشبثا بمسار التفاوض، في معادلة لا تزال معلقة بين التصعيد والتهدئة وبين ثوابت طهران وتحفظات واشنطن وحسابات تل أبيب.