مارشان.. «الصبي» يتحول إلى «عملاق» في السباحة!
تاريخ النشر: 1st, August 2024 GMT
تولوز (أ ف ب)
أخبار ذات صلة
تحوّل الفرنسي ليون مارشان من «الصبي الصغير المتحفّظ» إلى عملاق في أحواض السباحة، بعدما فرض نفسه من أبرز نجوم أولمبياد بلاده، إن لم يكن أبرزهم، أقله حتى الآن، بإحرازه ثلاث ذهبيات، والأهم أنه بات أول سبّاح في تاريخ الألعاب يُتوج بسباقي 200 م فراشة و200 م صدراً.
وما يزيد من أهمية حجم الإنجاز الذي حققه ابن الـ22 عاماً في باريس، أنه أحرز ذهبيتي 200 م فراشة و200 م صدراً في غضون ساعتين فقط، إضافة إلى فوزه بذهبية سباق 400 م متنوعة بفارق كبير عن أقرب منافسيه.
التواجد في الأضواء ليس بالشيء الذي يناسب شخصية مارشان الذي كان هذا «الصبي الصغير المتحفظ»، خلال بداية المشوار في مسقط رأسه تولوز، حيث اعتاد ركوب الدراجة على مسافة بضع مئات من الأمتار، للوصول من منزل العائلة إلى المجمع المائي.
تحيط الألواح الخشبية بحوض السباحة الصغير في مجمع ألفريد نقاش الذي تم إغلاقه منذ أشهر بسبب مشاكل التآكل، مثل العديد من أطفال المدينة الوردية، تعلم مارشان السباحة هناك، بين الجدران القديمة لمبنى مصنف نصباً تاريخياً.
كان بين السادسة والسابعة من عمره، حين بدأ السباحة مع نادي «تي أو أي سي دوفان»، في مسار طبيعي بالنسبة للعائلة، إذ كان والده كزافييه وصيف بطل العالم في سباق 200 م متنوعة عام 1998.
كما شاركت والدته سيلين بونيه، وهي سباحة من المستوى العالمي، في أولمبياد برشلونة عام 1992 الذي تواجد فيه أيضاً عمه كريستوف مارشان.
رغم كل هذا المحيط، لم يشعر ليون دائماً أنه في المكان الذي يريده، لدرجة أنه ترك السباحة لفترة وجيزة، من أجل اختبار الجودو والرجبي التي تعتبر الرياضة الأكثر شعبية في منطقته.
تراجع الصبي الأشقر عن قراره، وكأنه كان يشعر بما يخبئ له المستقبل، ومن دون أي ضغط على الإطلاق من والديه، بل على العكس، هما خفّفا من حماسته، إدراكاً منهما بالمتطلبات الانضباطية التي تحتاجها السباحة.
-يتذكّر نيكولا كاستيل «صبياً صغيراً متحفظاً» عندما بدأ تدريبه وهو في الثامنة من عمره، مضيفاً «من حيث التحرّك في الماء، كان جيّداً لكنه لم يكن استثنائياً»، مشيراً إلى أنه لم يكن أيضاً صاحب بنية جسدية قوية.
ويضيف مدربه السابق «كان سعيداً بشكل خاص لوجوده بين أصدقائه. هذا هو القاسم المشترك في مسيرته حتى الآن، كان قادراً أينما حل على تكوين مجموعة من الأصدقاء الذين يخوض معهم المغامرة ويشاركهم الأوقات الجيدة».
وريمي لاكور أحدهم وأيضاً يتذكر ليون الذي كان «ضعيف النمو» جسدياً في بداياته و«كان يزن على الأرجح 40 كلج في الصف السادس، كان في الحقيقة ربياناً»، لكنه كان مجتهداً جداً.
واستطرد بشأن الصبي الذي بات بطل العالم في سباقين خلال مونديال 2022 وخمسة في مونديال 2023 إضافة إلى ذهبياته الأولمبية الثلاث، إنه «قائد بالفطرة».
وتابع صديقه وزميل مقاعد الدراسة في مدرسة بيرتيلو في تولوز «لم يكن بالضرورة الشخص الذي يتحدث بصوت أعلى أو كان لديه أقوى رأي، كان جيداً في كل ما يفعله، واتفقنا في الصف الثالث على انتخابه ممثلًا للفصل، وقد حدث ذلك من دون أن يترشح».
توقف معظم رفاق الدرب عن السباحة مع مرور الأعوام واختيارات الحياة، لكن ليون واصل شق طريقه التقدمي من مرحلة إلى أخرى، من المنافسة على مستوى الشاب إلى المنافسة على مستوى فرنسا، وصولاً إلى أولمبياد طوكيو في صيف 2021 ورحيله إلى الولايات المتحدة للتدرب مع بوب بومان، المرشد السابق لمايكل فيلبس.
يقول كاستيل «لم تكن هناك لحظة قلنا فيها لأنفسنا حسناً، لقد وصلنا، هذا هو مايكل فيلبس المستقبلي»، مضيفاً «حدث ذلك تدريجياً وفي كل مرة وضعنا فيها أهدافاً لأنفسنا، حققناها».
كشف المدرب الشاب الموشوم الذراعين مع قرط في كل من أذنيه، أن والدي ليون لم يتدخلا في عمله، مضيفاً «كزافييه وسيلين فهما سريعاً أن لا ضرورة لتضارب التوجيهات (من الأهل والمدرب)، وهذا أوجد أيضاً قوة حول ليون، لقد شعر بالارتياح والحماية».
ورداً على سؤال، فَضَّل السباح السابق كزافييه مارشان الذي أصبح صحفياً مصوراً في قناة فرانس 3 أوكسيتاني، إبقاء نفسه خارج دائرة الأضواء «إنها قصته، وليس قصتي».
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: فرنسا السباحة باريس أولمبياد باريس 2024 لم یکن
إقرأ أيضاً:
الجيل المستهدف .. حين يتحول الترفيه إلى سلاح
في العقدين الأخيرين، تحوّلت ألعاب الفيديو إلى سلاح ناعم تُنفق عليه القوى الكبرى مليارات الدولارات، لا لتمضية الوقت، بل لصناعة جيل جديد، جيل ضعيف الانتماء، هشّ الهوية، قابل للتوجيه، منفصل عن دينه وأخلاقه وأسَرته، ومحاصر بشبكة من الإدمان المصمَّمة بعناية، وما كان لهذا السلاح أن يجد ساحة أكثر هشاشة من العالم العربي والإسلامي، فهنا، حيث يشكّل الدين والهوية الإيمانية عمود الوعي الجمعي، تسعى الحرب الناعمة لإسقاط هذا العمود أولًا، لفتح الطريق أمام تأثيرات أشدّ وأعمق، ولأن الهدم لا يُواجَه إلا ببناء، برزت الثقافة القرآنية في اليمن خصوصًا كقوة مقاومة، ومنهج واعٍ يعيد تشكيل حصون الوعي، ويربط الجيل بنافذة النور التي غُيّبت طويلًا، وهو القرآن الكريم، هكذا لم تعد المعركة معركة ترفيه أو تقنية بل صراعًا على الوعي، على الذاكرة، على القيم، على الهوية نفسها.
ومن يخسر هذه الجبهة، يخسر كل شيء.
يمانيون / تقرير / طارق الحمامي
الألعاب هي أكثر أشكال الثقافة تأثيرًا اليوم، وبالأرقام كشفت تقارير دولية أن المراهق يستنزف كحد أدنى 3 ساعات يوميًا متوسط للعب عالمياً، وهناك أكثر من ثلاثة مليار مراهق يعانون من الإدمان على الألعاب حول العالم، وأكثر من مائتين مليار دولار حجم الصناعة سنويًا، والمعلومة الأكثر إثارة للجدل هي أن مصدر الانتاج لهذه الألعاب هي الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية بينها بريطانيا والتي تنتج أكثر من 80% من الألعاب العالمية
هذا يعني أن المراهق حين يلعب ، فهو يدخل عالَمًا صمّمه عدو متربص ويسعى للسيطرة على العقول، بثقافته، بقيمه، بمفاهيمه عن القوة، العنف، الجنس، الحرية ، إلخ، هذا ما يسمى هندسة ثقافية منهجية.
التوجيه المقصود في محتوى الألعاب
صناعة الألعاب مرتبطة مباشرة بالمؤسسات العسكرية والإعلامية الغربية، وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) موّلت أكثر من 60 لعبة فيديو خلال العقدين الماضيين لتجميل صورة الجندي الأمريكي وجعل الحرب مغامرة ممتعة، وتقدم شخصية المقاتل الأمريكي في اللعبة أنه الجندي الخارق الذي لا يمكن هزيمته، ألعاب شهيرة، استعانت مباشرة بمستشارين عسكريين أمريكيين وبريطانيين لصياغة سيناريوهات الحرب.
الهدف هو جعل الجيل يؤمن بأن الحرب التي يخوضها الغرب عادلة وضرورية، وزرع الروح الإنهزامية في قلوب وعقول الجيل الناشئ أنهم جنود لا يمكن هزيمتهم .
في دراسة أعدتها جامعة ستانفورد في العام (2024)، أكدت أن المراهق المدمن على هذه الألعاب يمارس ألعاب القتال لساعات طويلة أسبوعياً، يُظهر انخفاضًا بنسبة 30% في ردود الفعل العاطفية تجاه العنف الواقعي، هذا ليس ترفيهًا، هذا إعادة تشكيل حساسية الإنسان تجاه الدم.
كما أن هناك ألعاب تروّج لصورة البطل الواحد و العدو الواحد في عشرات الألعاب الكبرى للعدو الأمريكي الغربي على أنه بطل بينما المسلم شرقي الملامح في اللعبة هو الإرهابي، والهدف من ذلك بناء صورة ذهنية مقصودة ومكررة .
ماذا يحدث للجيل الناشئ؟ .. الأرقام تكشف الكارثة
منظمة الصحة العالمية أكدت في تقرير لها في العام 2024 أن ، 12% من المراهقين عالميًا أصبحوا قريبين من اضطراب الإدمان الرقمي، وما يقارب نصف هذه النسبة من الوطن العربي، جميعهم يعانون أمراض نفسية ومشاكل أسرية منها زيادة القلق، وتدهور العلاقات الأسرية، ونوم مضطرب ، وانخفاض الأداء الدراسي ، كما أن هذه النسبة الكبيرة من المدمنين على الألعاب يعانون من أمراض بدنية خطيرة أهمها ارتفاع مشاكل الظهر والأطراف خصوصاً عند صغار السن ، وكذلك السمنة المفرطة .
هذه الأرقام تكشف الجانب الأخطر في هذه الحرب الناعمة كيف تخلق هذه الألعاب سلخ هذه الفئة من الفتية عن معتقداتهم وأسرهم وقيم مجتمعهم ، فيتحولوا إلى وحوش بشرية مؤذية لمحيطهم يبدأ من داخل أسرهم، وجيل بهذه المواصفات سيكون من السهل توجيهه وتأطيريه واستغلاله والتحكم به،
لماذا تُستهدف الهوية الإيمانية في الدول العربية والإسلامية عبر الألعاب الرقمية؟
لم تكن الألعاب الإلكترونية مجرّد وسيط ترفيهي، بل تحوّلت إلى منصة ثقافية عالمية تحمل رؤى وقيمًا تتعارض بشكل مباشر مع منظومة القيم الإيمانية التي تقوم عليها المجتمعات العربية والإسلامية، هذا ليس استنتاجًا عاطفيًا، بل ملاحَظ في المحتوى والنتائج والسياق، لأن الهوية الإيمانية هي خط الدفاع الأخير أمام الهيمنة الثقافية، والقوة الناعمة الحديثة لا تريد فقط تغيير السلوك، بل تعديل الإيمان والقيم والتصورات التي تُنتج هذا السلوك.
ولأن الشباب العربي والإسلامي هو الفئة الأكثر ارتباطًا بالدين عبر التاريخ، بعكس مجتمعات الغرب التي تشهد، تراجع الانتماء الديني، وضعف الارتباط بالهوية والقيم .
ألعاب الفيديو اليوم ليست مجرد لعب، بل سردية قيمية قد تعيد صياغة معنى البطولة، الخير، الشر، الرجولة، الشجاعة، الصداقة، وحتى المصير، وكلما ابتعد الجيل عن جذوره الروحية، ازدادت قابليته للتشكل بأي قالب يُقدَّم له.
الثقافة القرآنية كقوة مناعة مجتمعية في مواجهة الحرب الناعمة
في مقابل موجات الحرب الناعمة العابرة للحدود ،بما فيها أدوات الترفيه الرقمية وتدفق المحتوى الثقافي الغربي برزت في اليمن تجربة لافتة تقوم على إحياء الثقافة القرآنية باعتبارها ركيزة لبناء وعي الجيل وترسيخ هويته الإيمانية والأخلاقية.
هذه التجربة اعتمدت على المنهج القرآني ، الذي أعاد الاعتبار للدور التربوي للقرآن الكريم، ومعالجة مظاهر الفراغ القيمي لدى الناشئة، وتحصين الشباب من التأثيرات الخارجية التي تستهدف الهوية، وبناء شخصية متوازنة روحيًا وأخلاقيًا وطنيًا
وقد مثّلت هذه المقاربة واحدة من أكثر الاستجابات التنظيمية وضوحًا في العالم العربي لمواجهة آثار الحرب الثقافية الناعمة على الجيل الجديد.
إعادة وصل الجيل بالقرآن بعد عقود من الانقطاع
في اليمن، أخذت المراكز الصيفية دورًا كبيرًا في تعليم القرآن وتعزيز فهمه، وتقديم دروس تربوية وأخلاقية، وتنمية قدرات الشباب الفكرية والاجتماعية، وبناء بيئة آمنة للناشئة بعيدًا عن الفراغ والضياع الرقمي، وإحياء الأنشطة الرياضية، الثقافية، والمسابقات القرآنية.
وبأرقام معلنة ، تضاعفت أعداد الملتحقين بالمراكز الصيفية خلال السنوات الأخيرة، ما يعكس تحوّلًا اجتماعيًا نحو استعادة الهوية الإيمانية كأداة حماية ثقافية، كذلك مدارس تحفيظ القرآن في اليمن لم تعد مجرد مدارس تحفيظ تقليدية، بل أصبحت مؤسسات تربوية ذات برامج منتظمة، تركّز على التزكية والسلوك، وتعزز الانتماء الإيماني، وتبني جيلًا قادرًا على التمييز بين المحتوى النافع والهدّام، تخلق بيئة بديلة عن الفضاء الرقمي المشتت، هذا المسار يهدف إلى تأسيس وعي راسخ لا يتأثر بسهولة بتأثيرات الحرب الناعمة، وأحد أهم الخطوات في التجربة اليمنية كان إعادة النظر في المناهج الدراسية وتنقيح محتوياتها وإدراج دروس قيمية وأخلاقية وترسيخ مفاهيم، الهوية الإيمانية، والانتماء الوطني،
ختاماً
في النهاية، يتأكد أن ما يجري ليس مجرد انفتاح تقني أو ترفيه رقمي، بل معركة ناعمة تُخاض على العقول قبل الساحات، تستهدف الهوية والقيم وتعيد تشكيل وعي الجيل بعيدًا عن جذوره، وفي مقابل هذا السيل الجارف، أثبتت التجارب الراسخة ،وفي مقدمتها التجربة القرآنية في اليمن أن بناء الوعي الإيماني هو السلاح الأنجع لاستعادة الإنسان من قبضة العوالم الافتراضية، وتحويله من متلقٍّ هشّ إلى شخصية تمتلك البوصلة والمعنى.
إن تحصين الجيل لا يتحقق بالتحذير وحده، بل بإحياء البديل القيمي، وإعادة ربط الشباب بمصادر القوة في ثقافتهم ودينهم وهويتهم، فالمعركة في جوهرها معركة وعي، ومن يكسب الوعي يكسب المستقبل.