عربي21:
2025-08-02@16:52:11 GMT

لا حرب كبرى الآن بين إسرائيل وإيران

تاريخ النشر: 3rd, August 2024 GMT

قامت إسرائيل الأسبوع المنصرم باغتيال فؤاد شكر، المسؤول العسكري البارز وأحد كبار مستشاري حسن نصرالله للشؤون العسكرية، في قلب الضاحية الجنوبية في داخل شقّة بمبنى في المنطقة الأكثر تحصيناً لدى حزب الله، وأكّدت مقتله قبل أن ينتظر حزب الله ساعات من الزمن لتأكيد اغتياله. ثمّ أعقبت إسرائيل هذه العملية بعملية أخرى اغتالت فيها إسماعيل هنيّة، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وذلك خلال تواجده بمقر استضافته المؤمّن من قبل الحرس الثوري، بُعَيدَ مشاركته مباشرة في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد.



مع ضرورة عدم الجمع بين العمليّتين في سلّة واحدة لاختلاف المستهدف، دور كل منهما، دوافع الاستهداف، ونتائجه، طُرحت الكثير من علامات الإستفهام حول البيئة الأمنيّة لدى حزب الله وإيران، فصالح العرعوري وهنيّة لم يُقتلوا في تركيا أو قطر حيث يقيمان، وإنما في الضاحية وطهران. وإذا تركنا موضوع لبنان جانباً وركّزنا على إيران، يصبح الأمر أكثر غرابةً. فمن الناحية النظريّة على الأقل، من المفترض أنّ هنيّة كان متواجداً في أكثر الأماكن أمناً على الإطلاق، مكاناً وزماناً، إذ عادة ما تكون الاستعدادات الأمنيّة والإجراءات الاحترازيّة في مراسم تنصيب الرؤساء في أعلى درجة، وهو ما يطرح تساؤلات عن حجم الإختراق الأمني للحرس الثوري والأجهزة الامنيّة المسؤولة عن هذه المراسم.

في أعقاب الاغتيال، إعتبرت إيران أنّ استهداف "ضيفها" يستلزم الرد، وعدنا مجدداً الى نفس السيناريو الذي كان قائماً في شهر أبريل الماضي، وعاد الحديث كذلك حول ضرورة الرد وشكل الرد وكيفية الرد وما قد يترتب على الرد..الخ. ثم تبع ذلك تصريحات إسرائيلية تقول بأنّ أي "ردّ كبير" من قبل إيران وأذرعها سيستلزم ردّاً إسرائيلياً عبر حرب شاملة على جميع الجبهات، وأنّ إسرائيل مستعدة لذلك.

كل ما هو بين عدم الرد والرد الحقيقي مقبول على ما يبدو من جميع الأطراف وضمن قواعد اللعبة الجديدة. الوقوع في خطأ في الحسابات يبقى قائماً طبعاً في ظل التصعيد المستمر، وفي مثل هذا الجو المشحون والمتوتر، لكنّ الأصل أنّ حسابات الأطراف الإستراتيجيّة تقول أنّ ذلك لن يحصل.وبين هذا التصريح وذاك، جاء بيان البيت الأبيض ليؤكّد انّ الولايات المتّحدة ستقف في السرّاء والضرّاء مع إسرائيل بغض النظر عمّا يفعله نتنياهو، وأنّها ستدافع عنها بكل الوسائل. وبموازاة ذلك، أعلنّ البنتاغون تمركز مدمرات أميركية في منطقة الخليج وشرق البحر المتوسط، بما في ذلك حاملة الطائرات "يو إس إس ثيودور روزفلت"، وفرق الهجوم البرمائي، وأكثر من 4 آلاف جندي من مشاة البحرية والبحارة.

وإذا ما أخذنا خطوة إلى الوراء ونظرنا الى الوضع ليس من زاوية الضربة والرد المضاد لحفظ ماء الوجه، وإنما من الزاوية الأوسع، ومن المنظور الإستراتيجي، فانّ السؤال الأساسي الذي يطرح نفسه في مثل هذا الوضع هو: "اذا كانت إسرائيل مستعدة لحرب شاملة، فهل إيران ووكلاؤها في لبنان مستعدون هم كذلك لحرب شاملة"؟ الجواب باختصار هو "لا". لكن لماذا؟ بالنسبة إلى إسرائيل، ليس هناك مصلحة شخصية لرئيس الوزراء نتنياهو في التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح المعتقلين، أو إيقاف حرب الإبادة ضد الفلسطينيين، أو تحقيق الاستقرار في المنطقة. إيقاف الحرب بالتحديد يعني أنّ مستقبله السياسي سينتهي، وأنّه سيتم محاسبته وربما زجّه في السجن أيضاً. ما يفيد نتنياهو هو الاستمرار في الحرب، وتوسيع نطاقها لتشمل أطرافاً أخرى لا سيما إيران على أمل أن يخلّصه ذلك من الأزمة الداخلية، وأن يجّر الولايات المتّحدة الى معركة مع طهران يستفيد هو منها.

في المقابل، فإنّ أولويّة النظام الإيراني منذ الثورة الإيرانية وحتى اليوم هي حماية نفسه في وجه حملة تغيير الأنظمة التي تقودها واشنطن بين الحين والآخر، وهذا يقتضي بالضرورة عدم خوض حرب مباشرة او شاملة مع أمريكا أو إسرائيل. ولهذا السبب بالتحديد – من بين أسباب آخرى-، عكفت إيران على صناعة أذرعها في المنطقة كخط دفاعي متقدّم وكعامل إسناد وإشغال أملا في أن يتيح لها ذلك توفير الوقت اللازم لإمتلاك القنبلة النووية أو التوصل الى إتفاق مع واشنطن يضمن لها ما تريد. لهذا السبب بالتحديد، فان الكلام عن حرب شاملة أو مواجهة مباشرة تقودها إيران هو كلام أقرب الى الهراء.

 إيران تعلم أنّ حرباً من هذا النوع ستكون مكلفة للغاية وربما ستنتهي بدمارها وتغيير نظامها. عدا عن ذلك، لا مصلحة إيرانية في التدخل في وقت يغرق فيه نتنياهو في غزّة، كما لا مصلحة لها في الدخول بمواجهة مع أمريكا في الوقت الذي يتم فيه ترتيب الطاولة مجدداً للتفاوض على الملف النووي وترتيب أوراقها في المنطقة، وأخيراً فهي تحضّر لسيناريو عودة ترامب إلى البيت الأبيض مجدداً، وهذا يقتضي منها عدم الزج بحزب الله في محرقة الآن تؤدي إلى تدميره ولبنان معاً في هذه المرحلة وفي توقيت لا يخدم أجندتها، لأنّها تحتاج إليه في السيناريو المذكور أعلاه اذا ما عاد ترامب مجدّداً.

لذلك، حسابات إيران لا ترتبط بفلسطين أو غزّة أو حماس، وإنما هو موضوع ثانوي يتم توظيفه كما غيره من الأوراق لمحاولة تعزيز مكانتها الإقليمية، وموقعها التفاوضي، وشعبيتها بعد عقد من المجازر المستمرة في حق الشعب السوري وغيره من الشعوب العربية. لا شك أنّ لمثل هذا الأمر تكاليف أيضاً، ولكنها قليلة ومقبولة بالنظر الى النتائج التي تحصدها طهران. ولذلك، فعندما أرادت الأخيرة حفظ ماء وجهها في شهر أبريل الماضي، قامت بإبلاغ كل المعنيين بما في ذلك الأمريكيين بحجم ونوع ومكان وزمان الهجمات المفترضة ضد إسرائيل.

نتنياهو تمادى في إحراج إيران من خلال عمليات استخباراتية تستهدف قلبها، ولذلك ترى الأخيرة بأنّ عليها أن ترد ولكن ذلك يشكّل معضلة لها. عدم الرد يشجّع نتنياهو على غيّه واغتيالاته وضرباته للداخل الإيراني في محاولة لإستدراجها إلى معركة لا قبل لها بها. وفي المقابل، فإنّ الرد الحقيقي يعني استدراجها إلى المعركة التي يريدها نتنياهو وجر الولايات المتّحدة إليها وهو ما سينتهي على الأرجح بدمار إيران وتغيير نظامها. كل ما هو بين عدم الرد والرد الحقيقي مقبول على ما يبدو من جميع الأطراف وضمن قواعد اللعبة الجديدة. الوقوع في خطأ في الحسابات يبقى قائماً طبعاً في ظل التصعيد المستمر، وفي مثل هذا الجو المشحون والمتوتر، لكنّ الأصل أنّ حسابات الأطراف الإستراتيجيّة تقول أنّ ذلك لن يحصل.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إسرائيل الإيراني إيران إسرائيل علاقات رأي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی المنطقة حرب شاملة

إقرأ أيضاً:

عراقجي: إيران لن تقبل بأن تمضي الأمور كما كانت عليه قبل حرب الـ12 يوم مع “إسرائيل”

الثورة نت/وكالات أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اليوم الخميس، على “ضرورة أن تقدم الولايات المتحدة الأمريكية، تعويضات لإيران عن الأضرار التي لحقت بها”. وقال عراقجي، في تصريحات لصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، إن “التعويضات الأمريكية يجب أن تكون قبل الدخول في مفاوضات نووية”، مشيرًا إلى “تبادل الرسائل مع المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، خلال الحرب وبعد انتهائها”. وأضاف أن “طهران لن توافق على العودة إلى الوضع المعتاد كما في السابق بعد القتال مع “إسرائيل” الذي دام 12 يوما”، متابعًا: “يجب عليهم أن يوضحوا لماذا هاجمونا في منتصف المفاوضات وأن يضمنوا عدم تكرار ذلك أثناء المفاوضات المقبلة”. وشدد وزير الخارجية الإيراني على أن “طهران لا تزال تمتلك القدرة على تخصيب اليورانيوم”، مؤكدًا أنه “لا يمكن التوصل لاتفاق ما دام (الرئيس الأمريكي) دونالد ترامب، يطلب موافقتنا على وقف التخصيب”. وأوضح عراقجي أنه “يحتاج إلى إقناع القيادة العليا في إيران، بأن الطرف الآخر يأتي إلى المفاوضات بعزم حقيقي للتوصل إلى اتفاق يربح فيه الجميع”، مؤكدًا أن “الحرب عززت من المعارضة المتنامية للمفاوضات داخل دوائر الحكم في إيران”. وفي ليلة 13 يونيو الماضي، شنّ الكيان الإسرائيلي عدوانا سافرا على إيران حيث استهدف بغارات جوية المنشآت النووية السلمية وقادة عسكريين وعلماء فيزياء نووية بارزين، وقواعد جوية.وردت إيران بدورها، بهجمات خاصة على المنشآت العسكرية والحيوية في الأراضي المحتلة. وتبادل الطرفان الضربات لمدة 12 يومًا، وانضمت إليهما الولايات المتحدة، التي نفذت هجومًا لمرة واحدة على المنشآت النووية الإيرانية، ليلة 22 يونيو الماضي. بعد ذلك، شنّت طهران ضرباتٍ صاروخية على قاعدة “العديد” الأمريكية في قطر، مساء الـ23 من الشهر ذاته. ثم أعلن ترامب ، بعد 24 ساعة هدنة بين إيران و الكيان الإسرائيلي، لتنهي رسميًا حرب الأيام الـ12 يوما”.

مقالات مشابهة

  • ضربة تقضي على النووي .. مخاوف من عودة الحرب بين إيران و إسرائيل
  • إيران في الذكرى الأولى لاستشهاد “هنية”: جريمةٌ كبرى وانتهاكٌ صارخٌ للمبادئ الدولية
  • كاتب إسرائيلي: ما تفعله إسرائيل في غزة إبادة جماعية
  • تحرك عسكري ضد نتنياهو .. حرب بلا جدوى(يجب أن ينتهي الأمر الآن)
  • ويتكوف يصل إسرائيل للقاء نتنياهو وزيارة غزة
  • دول الخليج تستعد لثلاثة سيناريوهات لمواجهة الصفحة الثانية من حرب إيران- إسرائيل
  • نتنياهو يتجه لتسريع الهجرة الطوعية من غزة بعد خلاف مع بن غفير
  • عراقجي: إيران لن تقبل بأن تمضي الأمور كما كانت عليه قبل حرب الـ12 يوم مع “إسرائيل”
  • أخبار العالم | تصعيدات نارية.. ترامب يغير موقفه من غرز .. تركيا تهدد نتنياهو .. وإيران تحت نار العقوبات
  • مسؤول سابق في جيش الاحتلال يطالب نتنياهو بصفقة شاملة مع حماس الآن