بعد تصريحات العطا.. هل يتجه السودان للتحالف مع الشرق؟
تاريخ النشر: 5th, August 2024 GMT
الخرطوم – أثار حديث ياسر العطا عضو مجلس السيادة ومساعد القائد العام للجيش السوداني جدلا بشأن توجه السودان للانخراط في محور إستراتيجي جديد يتشكل من دول كبرى ومن أخرى داخل الإقليم وخارجه، بعدما عملت قوى إقليمية على حصار السودان وعزله، حسب تعبيره.
وأعلن العطا، خلال حديث بثه التلفزيون السوداني الرسمي السبت، أن الفترة المقبلة ستشهد انتصارات حاسمة للجيش في كل محاور القتال بعدما حصل مؤخرا على إمدادات عسكرية كبيرة، مع توقعات باستلام أسلحة نوعية أخرى "ستكون بداية لنهاية قوات الدعم السريع"، حسب قوله.
كما كشف أن رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان قد أبلغه عبر الهاتف قبل أيام برغبته في التنحي، على أن يتفق العطا مع شمس الدين كباشي نائب قائد الجيش على نقل السلطة للأخير، لكنه أوضح أنه تمكّن من ثنيه عن رغبته هذه وأقنعه بالاستمرار إلى حين "هزيمة مليشيا الدعم السريع، ومن ثم الدخول في فترة انتقالية قصيرة لترتيب أوضاع البلاد وتنظيم انتخابات وبعدها يغادر العسكريون السلطة".
وانتقد العطا بشدة القوى السياسية في تنسيقية تحالف القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"، واتهمها بالعمالة والخيانة، وقال إنها طلبت فترة انتقالية مدتها أربع سنوات لأن "لديهم مشروعا يريدون إنجازه خلال هذه المدة"، والآن يرددون "لا للحرب"، وتابع "من أشعل الحرب من السياسيين هم من يسعون الآن لإيقافها".
"تقدم" تردغير أن الناطق الرسمي باسم تحالف "تقدم" بكري الجاك رفض اتهامات العطا، ووصفها بأنها "كاذبة وتعكس عدم المسؤولية"، وقال "إنه غارق في سفك دماء السودانيين، وليس له أفضلية أخلاقية لتوزيع صكوك الوطنية".
وقال الجاك، في بيان اليوم الأحد، إن العطا "لا يملك رؤية للحرب والسلام"، مؤكدا أن "حديث مساعد قائد الجيش لا يزيدهم إلا تمسكا بطريق البحث عن السلام ولن تثنيهم المصاعب"، وطالب قيادة الجيش بالتحلي بالشجاعة واتخاذ قرار الذهاب إلى طاولة المفاوضات للوصول إلى حل سلمي يعالج أمهات القضايا التي أدت إلى الحرب.
من جهته، قال الباشا طبيق مستشار قائد قوات الدعم السريع في تغريدة على منصة "إكس" إن حديث العطا عن رغبة البرهان في التنحي "تعكس الحالة النفسية لقائد الجيش بسبب الانتصارات المتوالية لقوات الدعم السريع، كما تعكس الخلافات بين الكباشي والعطا الذي يتحكم في قرار الجيش"، على حد قوله.
أسلحة ومحوروكشفت مصادر قريبة من مجلس السيادة -طلبت عدم الكشف عن هوياتها- أن الجيش حصل على أسلحة وذخائر ومعدات عسكرية متطورة بعدما عانى من نقص تحدث عنه قائد الجيش والعطا خلال لقائه بإعلاميين سودانيين وأجانب خلال يونيو/حزيران الماضي.
وحسب حديث المصادر للجزيرة نت، فإن الحكومة اشترت أسلحة من دول شرقية ظلت تتعامل معها خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وبعضها تربطها معها اتفاقات تعاون عسكري وشراكة في الصناعات الدفاعية.
وتبين المصادر ذاتها أن قوى إقليمية عرقلت خلال الفترة السابقة وصول شحنات أسلحة إلى السودان لمدة تزيد عن 3 أشهر بحجة أن هناك حظرا دوليا على الأسلحة للسودان، رغم إدراكها أن الحظر يقتصر على إقليم دارفور، كما أن هناك قوى أخرى اشترت أسلحة تعاقد عليها السودان "بهدف خنق الجيش وتغيير المعادلة لصالح مليشيا الدعم السريع".
بحث عن حلفاءمن جانبه، يرى المحلل السياسي والمتحدث السابق باسم وزارة الخارجية السفير العبيد أحمد مروح أن السودان ظل محور تنافس وصراع بين الأقطاب الدولية، وبقي لأكثر من ثلاثة عقود مسرحا للتنافس بين الصين والولايات المتحدة الأميركية.
واعتبر المحلل أن ذلك يعود بسبب أساسي إلى موقع السودان الجيوسياسي وموارده الهائلة والمتنوعة، إلى جانب أسباب أخرى ثانوية، كما زادت حدة التنافس عندما دخلت روسيا على الخط وهي في وضع أقرب إلى الحلف مع الصين، في مقابل حلف غربي تتزعمه الولايات المتحدة وبريطانيا.
وحسب حديث مروح للجزيرة نت، فإن الجيش السوداني يشعر بالخذلان والمرارة من موقف الغرب عموما، والولايات المتحدة خصوصا، وقد زاد هذا الشعور بعد الحرب الأخيرة التي بدا فيها الغرب وكأنه يساوى بين الجيش والقوات التي تمردت عليه وارتكبت جرائم وانتهاكات.
ولا يحمل حديث ياسر العطا في جوهره أمرا جديدا حسب ما يرى المحلل، إذ ليس أمام الجيش من خيار سوى البحث عن حلفاء أقوياء مقابل مَن تتقوى بهم قوات الدعم السريع، وفي هذه الحالة فإن خيار التوجه إلى كل من روسيا والصين هو خيار حتمي على المستوى الدولي، وكذلك نحو إيران وتركيا، فضلاً عن القاهرة على المستوى الإقليمي.
غير أن الباحث السياسي إبراهيم عيسى يشكك في توجه قيادة مجلس السيادة التي تقود البلاد إلى الانضمام لحلف جديد، لأنها "ظلت تتعامل بطريقة تكتيكية في قضايا تتطلب تبني مواقف إستراتيجية وليس المناورة".
ويقول عيسى للجزيرة نت إنه ليس من مصلحة السودان الانضمام إلى محور في ظل ظروفه الحالية، "لأن البلاد في حالة هشاشة ولا توجد حكومة مفوضة شعبيا أو متفقا عليها بين القوى الوطنية"، معتبرا أن الدخول في محور سيحوّل السودان إلى مسرح للتنافس الدولي والصراع الإقليمي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مجلس السیادة الدعم السریع قائد الجیش
إقرأ أيضاً:
أكسيوس: الجيش الأمريكي غير قادر على الانسحاب من الشرق الأوسط
تناول موقع "أكسيوس" وجود الولايات المتحدة فيما أسماه بـ"دوامة الشرق الأوسط" رغم تركيزها المعلن على الصين وروسيا، بشكل ساخر، قائلة: إذا كنت تعمل في قطاع الدفاع، فربما صادفت العبارات التالية بشكل أو بآخر".
وذكر الموقع أن العبارات هي: "وُلدتُ متأخراً جداً للانتشار في الشرق الأوسط، أو وُلدتُ مبكراً جداً للانتشار في الشرق الأوسط، وأخيرا وُلدتُ تماماً في الوقت المناسب للانتشار في الشرق الأوسط".
وأوضح الموقع "قد تبدو هذه الدعابة سطحية، لكنها ذات وقع قوي، إذ يعكس انتشارها الكبير على وسائل التواصل حجم التورط الأمريكي العميق في هذه المنطقة المضطربة، حتى في وقت تؤكد فيه واشنطن أنها تعتزم التمحور بشكل أكبر نحو مواجهة التهديدين الصيني والروسي".
وقال "هذه المفارقة هي صورة مصغرة لحالة شدّ الحبل الجيوسياسي، يرافقها قدر من السخرية العامة والتشكيك الشعبي".
وأضاف "جاءت الضربات المفاجئة على منشآت إيران النووية – باستخدام قاذفات بي 2 سبيريت وأكثر من 100 طائرة أخرى – لتشكل أحدث تدخل أمريكي مباشر في الشرق الأوسط، حيث أنفقت الولايات المتحدة لعقود أرواح جنودها وأموال دافعي الضرائب. ويشمل ذلك دولاً مثل أفغانستان والعراق والأردن والكويت ولبنان وسوريا واليمن.
وذكر أنه "في الوقت نفسه، ينشغل البنتاغون بالقلق من طموحات بكين وموسكو العالمية. غير أن الموارد اللازمة لخوض هذا التنافس – بما في ذلك العتاد العسكري التقليدي الثقيل مثل حاملات الطائرات – باتت مطلوبة بإلحاح في جبهات أخرى".
ونقل عن برايان كارتر، الخبير في شؤون الشرق الأوسط لدى معهد "أمريكان إنتربرايز"، قوله: "هناك فجوة واضحة بين ما نقوله في استراتيجيات الدفاع الوطني وهذه التصريحات الطموحة، وبين ما يحدث فعلياً على الأرض".
وتابع: "المشكلة أننا نمنح الشرق الأوسط أولوية على حساب الصين بشكل متقطع. لم ننجح يوماً في تخصيص جهد كافٍ لضمان ألا تنزلق الأوضاع هناك إلى الفوضى".
وأضاف: "عندما نضطر فجأة لحشد كل هذه الإمكانات، نجد أنفسنا دوماً في وضع رد الفعل".
كان مسؤولو البنتاغون وقادة الجيش يلمحون إلى هذا التناقض منذ أشهر.
ولطالما ضغط إلبرج كولبي، وكيل وزارة الدفاع للسياسات، لطالما ضغط باتجاه إعطاء الأولوية للصين على حساب أوروبا والشرق الأوسط، وخلال جلسة تثبيته في آذار/ مارس، أمام أعضاء مجلس الشيوخ قال إن الولايات المتحدة لا تملك "جيشاً قادراً على خوض حربين في آن واحد".
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، صرّح قائد القيادة الهندية-الهادئة الأميرال صامويل بابارو أن الدعم الأمريكي المقدم لـ"إسرائيل" وأوكرانيا بدأ "يستنزف" بعضاً من أندر مخزونات الأسلحة الأمريكية.
ثم كشف في نيسان/ إبريل أن نقل كتيبة صواريخ باتريوت واحدة من منطقة قريبة من الصين إلى القيادة المركزية تطلّب ما لا يقل عن 73 رحلة جوية.
أما أحدث التصريحات – قبل أيام فقط – فجاءت على لسان الأدميرال جيمس كيلبي، القائم بأعمال قائد العمليات البحرية، الذي أبلغ المشرعين أن البحرية الأمريكية تستهلك صواريخ ستاندرد-3 "بمعدل مقلق للغاية".
وأشار إلى أن القوات البحرية أنفقت أكثر من مليار دولار على الذخائر لمحاربة الحوثيين قرب البحر الأحمر وخليج عدن، فيما فقدت حاملة الطائرات هاري إس. ترومان ثلاث مقاتلات سوبر هورنت، بينها واحدة بنيران صديقة.