مدير استخبارات إسرائيلي يعترف: حماس استخدمت تكتيكات عسكرية بمستوى لم يره أحد من قبل
تاريخ النشر: 5th, August 2024 GMT
سرايا - كشفت صحيفة “تلغراف” البريطانية عن أساليب المقاومة الفلسطينية الناجحة في القتال الذي يدور في قطاع غزة، منذ نحو 10 أشهر، مستندةً إلى اعترافات رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، وخبير في حرب المدن.
وأكدت الصحيفة أنّ “حماس أخذت بعض التكتيكات الدفاعية الحضرية الشائعة ووضعتها على مستوى لم يره أحد من قبل”، مسلسلة الأحداث منذ بداية التوغل البري لـ “جيش” الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
ورأت “التغراف” أنّه عندما دخل “الجيش” الإسرائيلي إلى غزة، في بداية التوغل، “واجه مقاومة محدودة”، وعبرت المركبات الإسرائيلية الطرق الرئيسية وشكلت مساراتها الخاصة إلى قواعد عمليات متقدمة أنشئت بسرعة، دون أن “تصطدم بهم كتائب من مقاتلي حماس على الحدود”.
ونقلت عن جنود إسرائيليين قولهم إنّهم “اقتحموا بعض المواقع التابعة لحماس ليجدوها خالية”.
لفتت الصحيفة إلى أنّ هذا النهج الذي اعتمدته المقاومة أجبر “جيش” الاحتلال على القتال “حيث يناسب حماس”، مشيرةً إلى أنّ جزءاً كبيراً من هذا النجاح التكتيكي المبكر الذي حققته حماس يعود إلى المراقبة، وهي القوة المتنامية حتى السابع من أكتوبر 2023.
وبعد ذلك، تعرضت الدبابات والقوات الإسرائيلية لهجوم مكثف بمجرد أن استقرت في المناطق التي اعتقدت أنها “آمنة”، وفق “تلغراف”.
ومعترفةً بأن المقاومة لا تزال تسيطر على معظم المناطق في قطاع غزة، أكدت الصحيفة أنّ ذلك سمح لحماس “بالاعتماد على المراقبين المدنيين وكاميرات المراقبة في بداية الحرب لمراقبة إسرائيل وهي تتوغل أكثر داخل القطاع، للعثور على العدو ومواجهته”.
وأضافت أنّه بمجرد توغل قوات “الجيش” الإسرائيلي في عمق غزة، أصبحت دباباته، التي تعد من بين الأكثر تقدماً في العالم، بمثابة غنائم حرب ثمينة.
وأشارت الصحيفة إلى أنّه “بالنسبة لحماس فإن الدبابات لها بُعد عسكري وثقافي وأسطوري تقريباً، ويظهر عدد كبير من مقاطع الفيديو لاحقاً نوعاً من الكمائن ضد دبابات ميركافا”.
وقد وثقت حماس عدداً لا يحصى من المشاهد التي يظهر فيها مقاتلوها وهم يطلقون قذائف صاروخية على الدبابات من مسافة قريبة للغاية، وأحياناً في الشارع، وفي حالات تمكنت حماس من التسلل إلى دبابة ووضع عبوة ناسفة عليها أو تحتها”، بحسب الصحيفة.
وبعد أن تشق المركبات المدرعة طريقها، يتبعها في كثير من الأحيان جنود المشاة. وتُظهِر مقاطع الفيديو التي بثتها حماس مقاتلين يخرجون من الأنفاق إلى ساحة المعركة، ويتسللون إلى الجنود لمهاجمتهم عن قرب، وعادة ما يكون ذلك باستخدام بنادق “AK-47”.
أما العنصر الأخير، والذي وصفته الصحيفة بأنه “غالباً ما يكون الأكثر تدميراً في تكتيك الكمائن الذي تنتهجه حماس”، فهو استدراج “إسرائيل” إلى مناطق أو مبان وضعت فيها عبوات ناسفة.
في المقابل، قالت مصادر في “الجيش” الإسرائيلي إن “حماس لديها نظام معقد ومتغير من العلامات التحذيرية، مثل الملاءات الملونة، على المباني لمساعدة زملائهم المقاتلين على التمييز بين الأفخاخ ومخازن الأسلحة الآمنة، مضيفةً أنها “تستخدم أيضاً المعدات والملابس العسكرية الإسرائيلية التي تستولي عليها لجذب القوات إلى المباني قبل تفجيرها”.
خبير الحرب في المناطق الحضرية في أكاديمية “ويست بوينت” العسكرية في الولايات المتحدة، جون سبنسر، قال إن هذه الهجمات على وجه الخصوص “مزعجة”، مقراً أنّها “تجبر إسرائيل على تغيير تكتيكاتها”.
وتابع أن غزة أثبتت أنها واحدة من أصعب المعارك الحضرية في التاريخ، حتى بالمقارنة مع الموصل أو ستالينغراد، مشيراً أنّ المقاومة كان لديها “15 عاماً للاستعداد لهذه اللحظة”،وأنها عملت جاهدة “لتحويل كل شبر إلى مشكلة لأفضل جيش في العالم”.
وأقرّ سبنسر بأن الجنود الإسرائيليين يواجهون حقيقة متزايدة مفادها أن “كل مبنى عبارة عن قنبلة أو فخ. وكل فتحة نفق عبارة عن فخ”.
بدوره، اعترف رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، تمير هايمان، أن الحرب الحالية هي الأصعب في تاريخ “إسرائيل”، مؤكداً أنّ حماس متغلغلة فوق الأرض وتحتها في كل أنحاء غزة.
وأثبت هايمان أقواله بسببين: الأول، هو أنّ “اختراق” البنية التحتية لحماس في المناطق الحضرية أمر بالغ الصعوبة، والثاني لأن الصور ومقاطع الفيديو للجنود الإسرائيليين وهم يقومون بمداهمات المدارس والمستشفيات “تبدو سيئة” لبقية العالم.
إقرأ أيضاً : تفاصيل جديدة بشأن الاستعدادات والتحركات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط لحماية "إسرائيل"إقرأ أيضاً : شهيدان بغارة إسرائيلية على لبنانإقرأ أيضاً : مسؤول رفيع في حماس يحسم الجدل حول خليفة هنية
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
إقرأ أيضاً:
طالبهم بالإخلاء في خان يونس وعدة مناطق.. الاحتلال يصعّد عملياته العسكرية ويستهدف المدنيين
البلاد – غزة
في مشهد يعكس تصاعدًا غير مسبوق في الحملة العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، وسّع الجيش الإسرائيلي عملياته في جنوب القطاع، طالبًا من آلاف المدنيين في مناطق خان يونس وبني سهيلا وعبسان والقرارة إخلاء منازلهم “فورًا” والتوجه إلى مناطق غربية.
جاء ذلك في بيان رسمي مرفق بخريطة نشرها المتحدث باسم الجيش على منصة “إكس”، حذر فيها من أن المنطقة أصبحت “ساحة قتال خطيرة”. هذا التصعيد الميداني تزامن مع قصف عنيف طال مناطق مدنية، أبرزها مدرسة تأوي نازحين في حي الدرج بمدينة غزة، أسفر عن مقتل 33 مدنيًا، معظمهم من النساء والأطفال، وفق الدفاع المدني الفلسطيني. وقد أثار الاستهداف موجة استنكار محلية ودولية، خاصة أن المدرسة كانت تؤوي عائلات نزحت من مناطق سابقة تحت القصف.
الجيش الإسرائيلي ادعى أن الموقع “كان يُستخدم كمركز قيادة مشترك لحركتي حماس والجهاد الإسلامي”، ما يفتح الجدل مجددًا حول معايير الاستهداف في ظل الكثافة السكانية في القطاع.
الميدان يشتعل ومصير المدنيين على المحك
في جباليا شمالًا، أسفر قصف استهدف منزلاً عن مقتل 19 فلسطينيًا آخرين. ووسط هذا التصعيد، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه رصد إطلاق ثلاثة صواريخ من غزة، جرى اعتراض أحدها، بينما سقط الاثنان الآخران داخل القطاع.
ووفق مصادر إسرائيلية نقلًا عن صحيفة معاريف، من المتوقع أن تمتد العمليات العسكرية لشهرين آخرين، في إطار خطة استراتيجية تهدف إلى “السيطرة على 75% من أراضي القطاع”، وهو ما قد يفضي إلى تهجير جماعي لنحو مليوني فلسطيني، ودفعهم إلى مناطق محددة مثل المواصي ووسط غزة.
ومنذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، قتل ما لا يقل عن 53,939 فلسطينيًا في غزة، معظمهم من المدنيين، وفق بيانات وزارة الصحة في القطاع. وفي المقابل، تشير إسرائيل إلى مقتل 1218 شخصًا في الهجوم الذي شنّته حركة حماس على جنوبها في بداية الحرب، إضافة إلى احتجاز 251 رهينة، لا يزال 57 منهم في غزة. وتشير التقديرات إلى أن العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة منذ استئناف القصف في مارس 2025 بعد هدنة قصيرة، أوقعت أكثر من 3,785 قتيلًا جديدًا.
الاستراتيجية الإسرائيلية القائمة على “تفكيك بنية حماس” تقابلها اتهامات بانتهاك القانون الدولي، لا سيما مع استهداف المدارس والمرافق المدنية، وفرض قيود مشددة على دخول المساعدات. كما بدأت المحكمة الجنائية الدولية إجراءات بحق مسؤولين إسرائيليين، بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في ظل تزايد الدعوات لمساءلة قانونية.
الوضع في غزة يدخل مرحلة حرجة، وسط تحذيرات من انهيار كامل للخدمات الإنسانية، وتراكم الغضب الشعبي إزاء صمت المجتمع الدولي، فيما تستمر إسرائيل في الدفع نحو تغيير ميداني قد يكون له تداعيات سياسية وجغرافية عميقة على مستقبل القطاع والمنطقة ككل.