حكم شراء الكتب الخارجية المستعملة لأبنائي لأن سعرها أرخص.. الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 5th, August 2025 GMT
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: يحتاج أبنائي كل عام كتبًا خارجية في دراستهم، لكن سعرها يكون غير مناسبٍ لي، وفي سور الأزبيكة يُوفِّر الباعة الكتب المستعملة مِن العام الماضي بمقابلٍ ماديٍّ أقل، فهل يجوز لي شراء هذا الكتب والانتفاع بها؟
وأجابت الإفتاء عن السؤال قائلة: إن شراء هذه الكتب المستعملة بسعر زهيدٍ جائز شرعًا، ما دامت ملكيتها آلت إلى البائع بطريق شرعي صحيح معتبر شرعًا، وتحققت شروط البيع وأركانه، ولا يوجد من نصوص المشرع المصري ما يمنع من تداولها.
بيان مشروعية البيع في الإسلام
وأوضحت الإفتاء أن الله شرع البيع وأحله ما دام عن تراض، فقال تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275]، وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29]، وروى الحاكم في "المستدرك" عن أبي بُرْدَة قال: سُئِل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أي الكسب أطيب أو أفضل؟ قال: «عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ، وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ».
ملكية المبيع للبائع من شروط صحة عقد البيع
وبينت أن من شروط صحة عقد البيع أن يكون المبيع مملوكًا للبائع؛ لما رواه الترمذي وابن ماجه عن حكيم بن حزام قال: قلت: يا رسول الله الرجل يسألني البيع وليس عندي، أفأبيعه؟ قال: «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ».
وهو ما اتفق عليه الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، قال العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (5/ 146-147، ط. دار الكتب العلمية): [(ومنها): وهو شرط انعقاد البيع للبائع أن يكون مملوكًا للبائع عند البيع، فإن لم يكن لا ينعقد] اهـ.
وقال العلامة المواق المالكي في "التاج والإكليل" (6/ 71، ط. دار الكتب العلمية): [(وقدرة عليه) ابن عرفة: يطلب في المعقود عليه أن يكون مقدورًا على تسليمه مملوكًا لبائعه أو لمن ناب عنه] اهـ.
وقال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 349، ط. دار الكتب العلمية): [الشرط (الرابع) من شروط المبيع: (الـمِلك) فيه (لـمَن له العقد)] اهـ.
وقال العلامة أبو السَّعَادات البُهُوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (3/ 180، ط. دار الكتب العلمية) في كلامه عن شروط المبيع: [الشرط الرابع: (أن يكون) المبيع (مملوكًا لبائعه) وقت العقد وكذا الثمن (ملكًا تاما)] اهـ.
حكم شراء الكتب الخارجية المستعملة بسعر أرخص
الكتب إنما هي مِلك لمؤلِّفها وهو حق كَفَله له القانون، ومن ثَمَّ فكافة التصرفات الناقلة للمِلكيَّة من حق مؤلِّف الكتاب ومَن له حق التَّصرُّف فيه، ويجوز بيعها على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية في قولٍ والحنابلة في روايةٍ.
قال الشيخ عليش في "منح الجليل" (7/ 487، ط. دار الفكر) عند كلامه على الإجارة على تعليم الفقه وبيع كتبه ونقله قول الإمام مالك بالكراهة: [ابن يونس: قد أجاز غيره بيع كتب الفقه، فكذلك الإجارة على تعليمه جائزة على هذا، وهو الصواب. ابن عبد الحكم: بِيعت كتب ابن وهب بثلاثمائة دينار وأصحابنا متوافرون فلم ينكروه، وكان أبي وَصيَّه] اهـ.
وقال العلامة الشيرازي في "المهذب" (2/ 12، ط. دار الكتب العلمية): [ويجوز بيع المصاحف وكتب الأدب؛ لما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنَّه سُئِل عن بيع المصاحف فقال: لا بأس يأخذون أجور أيديهم، ولأنه طاهر منتفع به فهو كسائر الأموال] اهـ.
وقال العلامة أبو السَّعَادات البُهُوتي في "كشاف القناع" (3/ 178): [ويجوز بيع كتب العلم] اهـ.
وبناء على ذلك وتخريجًا عليه: فإنه يجوز بيع الكتب المستعملة متى آلت إلى الإنسان بطريق شرعي صحيح، وتحققت شروط البيع وأركانه، ولا يوجد مانع قانوني من ذلك، ولم يكن فيه اعتداء على حقوق الملكية الفكرية بأن منع أصحابها من مثل هذه التصرفات.
وتجدر الإشارة إلى أنه لا يجوز شرعًا تصوير الكتب وبيعها دون إذن الـمُؤلِّف أو من له حق النشر والتوزيع؛ لما فيه من الاعتداء على الملكية الفكرية وحقوق الآخرين التي حماها الشرع الشريف ونصوص التشريع القضائي، وأنه إذا عرف المشتري ذلك فيحرم شراؤها حينئذ؛ لأنها مِن باب التعاون على الإثم وهو منهي عنه شرعًا؛ قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2].
وأكدت بناءً على ما سبق أن شراء هذه الكتب المستعملة بسعر زهيدٍ جائز شرعًا، ما دامت ملكيتها آلت إلى البائع بطريق شرعي صحيح معتبر شرعًا، وتحققت شروط البيع وأركانه، ولا يوجد من نصوص المشرع المصري ما يمنع من تداولها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: البيع في الإسلام الكتب الخارجية الإفتاء دار الکتب العلمیة الکتب المستعملة المستعملة بسعر الکتب الخارجیة قال العلامة أن یکون مملوک ا
إقرأ أيضاً:
هل دعوة الأم الظالمة مستجابة؟.. الإفتاء تجيب
هل دعوة الأم الظالمة مستجابة؟ سؤال ورد الى دار الإفتاء المصرية.
وأجاب عن السؤال الدكتور محمود شلبي أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية وقال: إن الظالم دعوته مردودة عليه، لأننا ندعو الله وما عنده سبحانه لا يطلب إلا بطاعته.
ونوه أننا نلجأ إلى الله بالدعاء والله نهانا عن الظلم، فلا يجوز أن أكون ظالما ومعتديا وآثما وأدعو الله.
ولفت الى أنه طالما لم يصدر من الأبناء تقصير أو عقوق تجاهها فإن عملها يعد محرما في الشرع وهي آثمة لأنها معتدية بغير حق ومضيعة للأمانة التي ائتمنت عليها، فدعاء الظالم لغو لا حرمة له في الشرع ولا يستجيب الله لدعائها لأنه دعاء بالإثم والقطيعة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة.
ووجه كلامه للسائل قائلا لا تخف من هذه الدعوة فهى دعوة جائزة قائمة على الظلم والعدوان ليس لها مبرر ولا وجه حق، والله سبحانه وتعالى لا يستجيب لمثل هذه الدعوات.
حكم الشرع في مقاطعة الأم الظالمة
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول صاحبه "والدتي كبيرة في السن وأطيعها أنا وأختي ونفعل لها كل شئ ولكن لا يعجبها أي شئ، ودائما تشتكي منا وتحاول أن تكرهنا في بعض وبدأت أغضب منها ولا أفعل ما يرضيها؟
وأجاب الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء، أنه ينبغي على السائلة أن تتحلى بالصبر وتدعو لها بالخير والصلاح، وجميل أن يعلم الأبناء ما تحاول الأم فعله من أمور تفسد العلاقات بين الأخوة وعليهما ألا يتفاعلا مع ما تقوله لهم.
وأشار إلى أنه ينبغي على الأبناء البر بهذه الأم ويقدموا لها الخير، فبر الأم مطلوب سواء كانت طائعة أو عاصية.
وأوضح، أن الله مطلع على قلوب العباد وأفعالهم وسيجازي كل شخص على ما اقترفه من ذنب في الدنيا.