حكم المزاح وضوابطه في الإسلام.. الإفتاء توضح
تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إن الأصل في المزاح الإباحة، وقد يستحب إذا كان بقصد التلطف وإدخال السرور على الآخرين، وتطييب نفوسهم ومؤانستهم، وما أشبه ذلك، ولا يكون جائزًا إذا اشتمل على نحو كذبٍ، أو ترويع أحد، أو كلامٍ فاحشٍ بذيءٍ، أو أيِّ قولٍ أو فعلٍ محرم؛ كالغيبة والنميمة والاستهزاء والسخرية، أو كان عادةً مفرطة، أو إذا أضر بالآخرين.
مفهوم المزاح
المزاح: هو الدُّعابة ونقيض الجد؛ فهو كلامٌ يراد به الانبساط مع الغير على جهة التَّلطُّف والاستعطاف دون أن يُفضي إلى إيذاء أحد؛ ينظر "تاج العروس" للزبيدي.
حكم المزاح في الإسلامأوضحت الإفتاء، أن المزاح من وسائل الترويح عن النفس التي يتناولها النَّاس في حياتهم من أجل تناسي الهموم، وتخفيف الضغوطات اليومية، والتسلية، والـتخلص من الملل، وإدخال السعادة والسرور على الآخرين؛ وذلك بنحو ذكر طُرفة أو نُكْتَة أو نحوها مما يُذهِب الملل عن النفس والأخرين، ويُدخل السرور عليهم؛ والمزاح الذي يخلو من إيذاء الآخرين، ويشتمل على إدخال السرور عليهم من أحب الأعمال إلى الله عزَّ وجلَّ؛ رَوى الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رجلًا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول الله أي الأعمال أحب إلى الله عزَّ وجلَّ؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ».
وتابعت: ولأن المزاح مما ينشر السرور واللطف ويشيع البهجة في حياة الناس كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يمزح مع أهله وأصحابه والأطفال الصغار؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحسن النَّاسِ خُلُقًا، وكان لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو عُمَيْرٍ، قَالَ: أَحْسِبُهُ فَطِيمًا؛ فَكَانَ إِذَا جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ فَرَآهُ، قَالَ: «أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ» قَالَ: فَكَانَ يَلْعَبُ بِهِ. متفق عليه، النُّغَيْرُ بالتصغير: طائر صغير يُشبه العصفور؛ قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": [وفيه جوازُ الممازحة، وتكرير المزحِ، وأنَّها إباحة سُنَّةٍ لا رخصةٌ، وأنَّ ممازحة الصّبيّ الذي لم يُميِّز جائزةٌ، وتكرير زيارة الممزوح معه، وفيه ترك التكبر والترفع، والفرق بين كون الكبير في الطريق فيتواقر أو في البيت فيمزح].
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَا ذَا الْأُذُنَيْنِ». قال أبو أسامة: يعني: يُمَازِحُهُ. رواه أبو داود والترمذي في "سننيهما" وأحمد في "مسنده"؛ قال الإمام شهاب الدين الرملي في "شرح سنن أبي داود": [قيل: إنَّ هذا من جملة مزحه صلى اللَّه عليه وآله وسلم ولطيف أخلاقه؛ لأنَّ كل أَحد له أذنان تثنية أذن.. وعلى القول الأول أنّه من جملة مزحه، فيُحمل على أنَّه قاله لأنس في صغره قبل البلوغ؛ فإنَّه كان أكثر مزحه مع النساء والصبيان؛ تلطفًا بهم دون أكابر الصحابة رضي اللَّه عنهم].
وكان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم يضحكون ويمزحون؛ اقتداءً بالنبي صلي الله عليه وآله وسلم؛ فقد أخرج البخاري في "الأدب المفرد" عن بكر بن عبد الله رضي الله عنه قال: "كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَتَبَادَحُونَ بالبطِيخ؛ فإِذا كَانَت الحَقَائِقُ كَانُوا هُمُ الرِّجَالُ"، ومعنى: "يتبادحون بالبطيخ"؛ أي: يترامَوْن به، وكان فعلهم هذا رضوان الله عليهم من قبيل المزاح. ينظر: "غريب الحديث" للإمام أبي الفرج الجوزي.
الموازنة بين الجد والمزاحوينبغي على الإنسان أن يوازن بين الجد والمزاح، ويكون المزاح في كلامه كالملح في الطعام إن عُدم أو زاد عن الحد فهو مذموم؛ فلكل مقام مقال؛ فقد أخرج البغوي في "شرح السنة" عن ثابت بن عبيد رضي الله عنه قال: "كَانَ زيد بْن ثَابت رضي الله عنه مِن أفكه النّاس فِي بَيته؛ فَإِذا خرج كَانَ رجلًا مِن الرِّجَال".
قال الإمام الماوردي في "أدب الدين والدنيا": [قال أبو الفتح البستي:
أَفْدِ طَبْعَك الْمَكْدُودَ بِالْجِدِّ رَاحَةً ... يُجَمُّ وَعَلِّلْهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَزْحِ
وَلَكِنْ إذَا أَعْطَيْتَهُ الْمَزْحَ فَلْيَكُنْ ... بِمِقْدَارِ مَا تُعْطِي الطَّعَامَ مِنْ الْمِلْحِ].
وممَّا ذكرناه يتضح لنا مشروعية وإباحة الضحك والمزاح في الإسلام.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المزاح الإفتاء إدخال السرور الغيبة حكم المزاح صلى الله علیه وآله وسلم رضی الله عنه قال ه علیه وآله وسلم رسول الله ى الله ع ه وآله
إقرأ أيضاً:
دعاء النبي عند رؤية هلال شهر صفر.. تعرف عليه وردده
دعاء النبي عند رؤية هلال شهر صفر.. يحل علينا اليوم أول أيام شهر صفر، حيث كشف مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، عبر صفحته الرسمية على فيس بوك، عن دعاء سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال.
دعاء النبي عند رؤية هلال شهر صفر
قال الأزهر للفتوى، إن التبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال: «اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، ربي وربك الله، هلال رشد وخير» [أخرجه الترمذي].
استطلعَت دارُ الإفتاءِ المصريةُ هلالَ شهرِ صفر لعام ألفٍ وأربعمائةٍ وسبعة وأربعين هجريًّا بعد غروب شمس يوم الخميس الماضى الموافق التاسع والعشرين من شهر المحرم لعام ألفٍ وأربعمائةٍ وسبعة وأربعين هجريًّا،والرابع والعشرين من شهر يوليو لعام ألفين وخمسة وعشرين ميلاديًّا بواسطة اللِّجان الشرعيةِ والعلميةِ المنتشرةِ في أنحاء الجمهورية.
وقالت: قد تحقَّقَ لدينا شرعًا من نتائج هذه الرؤية البصرية الشرعية الصحيحة عدمُ ثبوتِ رؤية هلالِ شهر صفر لعام ألفٍ وأربعمائةٍ وسبعة وأربعين هجريًّا.
وبناء على ذلك أعلنت دارُ الإفتاءِ المصريةُ أن يومَ أمس الجمعة الموافق الخامس والعشرين من شهر يوليو لعام ألفين وخمسة وعشرين ميلاديًّا هو المتمم لشهر المحرم لعام ألف وأربعمائة وسبعة وأربعين هجريًّا، وأن اليوم السبت الموافق السادس والعشرين من شهر يوليو لعام ألفين وخمسة وعشرين ميلاديًّا هو أول أيام شهر صفر لعام ألف وأربعمائة وسبعة وأربعين هجريًّا.
وتقدمت بهذه المناسبةِ الكريمةِ بخالص التهنئة لفخامة الرئيس/ عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، ونتمنى له دوام الصحة والعافية، كما نتقدمُ بخالص التهنئة للشعب المصري الكريم، ولجميع رؤساءِ الدولِ العربيةِ والإسلاميةِ وملوكِها وأمرائِها وللمسلمين كافةً في كُلِّ مكان، داعين اللهَ سبحانه وتعالى أن يُعيدَ على مصرَ وعليهم جميعًا أمثالَ هذه الأيامِ المباركةِ باليُمنِ والخيرِ والبركات والأمنِ والسلام، وهو نعمَ المولى ونعمَ النصير.