في أكبر تجمع ديني كاثوليكي منذ انتهاء جائحة الكورونا اجتمع مليون وخمسمائة ألف حاج غالبيتهم من الشباب جاءوا معبرين عن رجائهم في الكنيسة التي يمكنها أن تستوعب واقعهم المليء بالشكوك والمتناقضات وغياب اليقين في المستقبل وجهادهم أمام آلهة هذا الزمان من السعي وراء الاكتفاء الذاتي الانغلاق على الاحتياجات الذاتية بالبحث عن متع الرفاهية الرقمية وإقصاء الآخرين وضعف الالتفات لمن لا صوت لهم.

بات البابا فرنسيس صاحب الـ 86 عاماً بقيادته للأيام العالمية بلشبونة في أغسطس من العام 2023 هو أكبر حبر أعظم للكنيسة الكاثوليكية يقود هذه الفعاليات منذ أن أطلقها البابا القديس يوحنا بولس الثاني في منتصف الثمانينيات من القرن العشرين، لا بل مضى متحدياً ذاته، وربما متحدياً عوامل المرض والسن والزمن والرافضين لنمط قيادته للكنيسة، بدعوة الشباب ليوبيل خاص بهم بروما في العام 2025، أي بعمر ال88 اذا ما بلغه البابا فرنسيس، والذي دعى الشباب لهذا الحدث الكنسي الاستثنائي في ختام قداس اليوم العالمي للشّبيبة قائلا بصيغة صاحب الدعوة: " أنتظركم في سنة 2025 لنحتفل معًا بيوبيل الشّباب."

دلالات اختيار مدينة سول لاستضافة الأيام العالمية القادمة للشباب

في إشارة واضحة الى استمراره في قيادة الكنيسة بالمخالفة لقراءات وتحليلات ونبؤات الكثيرين، يمضي البابا فرنسيس في دعوته لكنيسة اكثر وحدة وانفتاحاً على أطرافها البعيدة بإعلانه اختيار العاصمة الكورية الجنوبية سول لاستضافة الأيام العالمية القادمة للشباب في العام 2027 تعبيراً عن كنيسة اكثر شمولاً من اقصى الغرب الى اقصى الشرق بحسب تعبير البابا الذي إذا ما أتم حبيرته حتى هذا الحدث فسيصير عمره حينها التسعين عاماً، وإذا لم يتمها فربما ستكون الكنيسة يومها مع حبرها الأعظم الأول من قارة آسيا وفي هذا مقال آخر من القراءات التفصيلية عن توجهات الكرادلة ومزاجهم يوم اختيار البابا اللاحق لفرنسيس.

بالحديث عن شمولية الكنيسة الجامعة التي كانت محور كلمات البابا فرنسيس خلال الأيام الخمسة لزيارته بلشبونة بداية من كلمته بعد صلاة الغروب مع الأساقفة والكهنة والشّمامسة والمكرّسين والمكرّسات والإكليركيّين والعاملين الرّعويّين في ”دير هيرونموس“ بلشبونة يوم الاربعاء 2 أغسطس، مروراً بكلمته للترحيب بالشباب في حديقة في ”حديقة إدواردو السّابع“ عصر يوم الخميس 3 اغسطس، وصولاً الى بكلمته في نهاية صلاة المسبحة الورديّة مع الشّباب المرضى في كابيلا –كنيسة- الظّهورات بمزار سيّدة فاطيما نهار يوم السبت 5 أغسطس، نجد أن البابا يركز على فكرتان أساسيتان متصلتان برؤيته الإصلاحية للكنيسة الكاثوليكية بأعتبارها اماً للجميع وكنيسة بدون جمارك او ابواب.

الكنيسة للجميع

الفكرة الأولى للكنيسة التي يطرحها البابا فرنسيس بتأكيد وإلحاح، لا بل دعى الشباب والحاضرين ليرددوها خلفه في مراسم الترحيب بالشباب بحديقة إدواردو السابع كما يفعل معلموا التربية الدينية في كثير من الاحيان من اجل ان يقوموا بتثبيت تعليمهم في عقول وقلوب تلاميذهم حيث دعا الجميع ليرددوا خلفه: ”الجميع، الجميع، الجميع“ . طرح البابا وصفاً ابوياً للكنيسة باعتبارها "أماً" للجميع حيث الجميع خطأة وبحاجة الى مكان بداخل الكنيسة، أمضى البابا مؤكداً: "لا أحد عديم الفائدة، ولا أحد تافه، بل يوجد مكان للجميع. هكذا كما نحن، كلّنا."  

لا بل اكثر من ذلك فقد مضى البابا خلال زيارته موصفاً حال الجميع المدعوين للكنيسة مؤكداً على عدم أفضلية من هم بداخلها عمن بخارجها، فلا تصنيفات أو فئويات يمكن أن تعيق احداً عن الحضور حيث امهم – الكنيسة – تحتضن الجميع الخطأة والذين لا يتمتعون بأية امتيازات إذا ما كانوا خداماً او مترددين عليها او اذا ما كانوا غائبين أو ناسين لحضورهم بها. ومن ثم طرح البابا يوم السبت 5 أغسطس من مزار العذراء مريم بفاطيما، طرح مستشهداً بأمومة العذراء مريم الحانية على الجميع وباعتبارها أماً للكنيسة مؤكداً على أن الجميع يمكنهم الدخول للكنيسة حيث :" الكنيسة هي بيت الأُم، والأمّ قلبها مفتوح دائمًا لكلّ أبنائها، كلّهم، كلّهم، كلّهم، ودون استبعاد أحد." بحسب وصف البابا يومها.

كنيسة بدون جمارك

بحسب البابا فرنسيس، فلا يمكن أن تكون الكنيسة اماً ومكاناً مفتوحاً للجميع بدون إلغاء أية حواجز أو بحسب تعبير البابا "جمارك" تعيق الجميع عن أن يكونوا حاضرين. يبدو أن الكثيرين ممن بداخل الكنيسة امتلكوا بها "حيازات ملكية" جعلت الآخرين ممن بخارجها يظنون ان لا مكان لهم، غير أن البابا فرنسيس أكد ان لا مزايا او املاك او حيازات لاحد بداخل الكنيسة ومن ثم لا يمكن لأية جماعة أو افراداً أن يضعواً معاييراً أو متطلبات للحضور بالكنيسة، فوحدة المسيح بحسب البابا فرنسيس قادراً منح تأشيرة الدخول للكنيسة تلك التي عبر عنها المسيح ذاته في مثل وليمة الملك الذي استشهد به البابا فرنسيس في حديثه عن الكنيسة للجميع، حيث أرسل الملك رسله ليدعو الجميع لوليمة عرسه: "اذهبوا وأحضروا الجميع، الشّباب وكبار السّن، والأصحّاء والمرضى، والصّالحين والخطأة: الجميع، الجميع، الجميع“.

ومن ثم فقد استهل البابا فرنسيس مقابلاته بلشبونة بمقابلة رجال الدين من أساقفة ومطارنة وكهنة ورهبان وراهبات ومكرسين ممن يظن الكثيرين عنهم او ممن يظنون هم عن أنفسهم بأنهم رجال جوازات الكنيسة، أكد البابا في كلمته معهم بعد صلاة الغروب بدير "هيرونموس“ بلشبونة مساء يوم الأربعاء 2 أغسطس بأنه لا يجب وضع اية جمارك بالكنيسة قائلاً: "يجب ألّا تكون الكنيسة جمارك لتختار من يدخل ومن لا يدخل. الجميع مدعوّ إلى الدخول، كلّ واحدٍ مع حياته التي يحملها على كَتِفَيه، ومع خطاياه، وكما هو، أمام الله، وكما هو أمام الحياة... الجميع، الجميع."

خبرة البابا فرنسيس المرشد الروحي للمسيحيين

يمضي البابا فرنسيس بسنوات خبرته الإنسانية لأكثر من 86 عاماً وخبرته الروحية استناداً الى رياضات القديس اغناطيوس دي لويولا لأكثر من 60 عاماً الرهبانية اليسوعية من التمييز والبصيرة، وخبرته في القيادة والادارة الدينية على مدار 50 عاماً منذ تولى مسؤولية الرئيس الإقليمي للرهبانية اليسوعية بالأرجنتين بعمر 36 عاماً مروراً بقيادته للجامعة اليسوعية بسان ميجيل ببيونس ايريس ثم اسقفاً مساعداً فنائب رئيس أساقفة فرئيس أساقفة لبيونس ايريس فكاردينالاً بالكنيسة الجامعة من الأعوام 1990 حتى العام 2013 يوم انتخابه حبراً أعظم للكنيسة الكاثوليكية مع خبرة عشرة سنوات من قيادة الكنيسة الكاثوليكية، يمضي خلال جميعها البابا فرنسيس مرشداً للكنيسة والمسيحيين ببصيرة يخضع فيها الحبر الأعظم لصوت الروح القدس ولنموذج المسيح الراعي والخادم لرعيته. هذا النموذج الذي ظهر جلياً في كلمات البابا فرنسيس ورسائله للكاثوليك حول العالم التي بعث بها خلال قيادته للأيام العالمية للشباب الاخيرة بلشبونة- البرتغال والتي لم يخص بها الشباب فقط.

ثلاثة رسائل لثلاثة فئات

استهدفت رسائل البابا من لشبونة البرتغال ثلاثة فئات رجال الدين والأكاديميين والمؤمنين الكاثوليك مرتكزة حول ثلاثة موضوعات رئيسية؛ الأولى موجهة لرجال الدين الكاثوليك بشأن التقاعد عن الخدمة الكنسية بسبب دوافع اليأس والإحباط، والثانية مخاطباً بها الباحثين والأكاديميين ورجال التعليم بشأن غرور الاكتفاء الذاتي ورفاهية الألقاب الدراسية، والثالثة للمؤمنين الكاثوليك عن التباين بين المحبة النظرية والمحبة العملية ذات الايادي المتسخة والقلوب التي لا يطالها الشعور بالاشمئزاز جراء ملامسة الفقراء.

تجنب "تعب الصالحين"

بالحديث عن الكنيسة للجميع دعا البابا خدام وخادمات الكنيسة من الأساقفة والكهنة والشّمامسة والمكرّسين والمكرّسات والإكليركيّين والعاملين الرّعويّين إلى تجنب "تعب الصالحين" الناتج عن علامة الشباك الفارغة والخدمات التي لا يجدوا منها نفعاً فينتابهم اليأس والإحباط ويضعف رجائهم وربما يتضاعف نتيجة انسياق الكثيرين خلف تيارات العلمانية والإلحاد واللامبالاة تجاه الله المقترنة بالمشكلات الاجتماعية الاقتصادية بحسب وصف البابا فرنسيس. خبرة البابا فرنسيس الروحية والرعوية جعلته يخاطب رجال الدين محذراً إياهم من اليأس والإحباط الذي ربما يقودهم للتقاعد كما الموظفين الحكوميين بدلاً من تذكر تكريس حياتهم. ومن ثم يطالب البابا رجال الدين الكاثوليك بتجديد رجائهم في المسيح الذي يقود الكنيسة وسط طوفان العالم مخاطباً اياهم قائلاً: " أنت، الكاهن والمُكرَّس والمُكرَّسة والأسقف، هل تُريد فقط أن تحافظ على الماضيّ الذي عبر أم أن ترسل الشّباك باندفاع للصّيد من جديد؟“ هذا ما يطلبه منّا الرّبّ يسوع: أن نوقظ القلق للإنجيل."

المعلمين خبراء الإنسانية والشفقة

في كلمته بمحضر الشّباب الجامعيّين في ”جامعة البرتغال الكاثوليكيّة“ بلشبونة، أكد البابا فرنسيس على أن الشعور بالقلق هو علامة صحية ومطلوبة كمضاد للغرور وللاكتفاء بالذات وحب الذات. مضى البابا في كلماته كمعلم آداب وفلسفة محذراً من أن تصير الألقاب الدراسية والدرجات الأكاديمية ترخيصاً لضمان الرفاهية الشخصية بدلا من أن تصير دافعاً لبناء تقدم المجتمعات بمزيد من معايير الشمولية والعدالة. ومن ثم عبر البابا فرنسيس المعُلم المتقدم في السن عن حلمه لجيل من المعلمين لا بل الخبراء في الانسانيةوالشفقة والرجاء وفرص الحياة الجديدة على الارض المهددة بفعل الدمار البيئي.

المحبة ذات الأيدي المتسخة

يبدو أن رسالة البابا فرنسيس للمؤمنين الكاثوليك لم تنفصل عن رسائله لرجال الدين والأكاديميين، حيث أن المحبة التي تعكس "تجسد المسيح" كانت هي المركز الذي ظل البابا فرنسيس يخاطب به الشباب المليون وخمسمائة ألف المجتمعين بلشبونة والمليار والثلاثمائة مليون كاثوليكي حول العالم. كانت كلمات البابا فرنسيس مع مُمثّلي بعض مراكز الإغاثة والإعانة والمحبّة في مركز سيرافينا الرّعوي بلشبونة باعتباره المرشد الروحي للمسيحيين الكاثوليك حول العالم عن المحبة ذات الأيدي المتسخة بمثابة تحدي ايماني لكل مسيحي يتحدث بلغة المحبة في أجواء الراحة بدلاً من الولوج الى واقع الحياة الذي يتطلب ملامسة الفقراء ومصافحتهم دون الشعور بالرغبة في الابتعاد عنهم سريعاً نتيجة الشعور بالاشمئزاز، يؤكد البابا فرنسيس على الفارق بين المحبة الافلاطونية المجردة والمحبة متسخة الايدي قائلاً: " الحبّ الأفلاطونيّ يكون في المدار الفلكي، وليس في الواقع. الحبّ الواقعي، الذي يوسّخ اليدين. يمكن لكلّ واحدٍ منّا أن يسأل: هل الحب الذي أشعر به نحو الجميع هنا، والذي أشعر به نحو الآخرين، هو حبّ واقعيّ أم مجرَّد؟ عندما أُصافح شخصًا مُحتاج، أو مريض، أو منبوذ، وبعد أن أصافحه، هل أمسح يدي بثيابي على الفور حتّى لا أُصاب بالعدوى؟ هل الفقر، وفقر الآخرين يُثير اشمئزازي؟"

دعوة نابعة من قلب البابا النابض بالشباب

في ختام الأيام العالمية للشباب بلشبونة البرتغال أصر البابا البالغ من العمر 86 عاماً على أن يُمّحور كلماته مع الشباب خاصة، والمسيحيين الكاثوليك عامة، بالا يفقدوا الرجاء على الرغم من مختلف مبررات اتباعه، لا بل دعاهم بحماس وقوة "شباب القلب" أن يبقوا على شعلة الحماسة وعدم الخوف من المُضي قدماً، ليس بعشوائية الاختيارات، بل برشادة الإيمان هذا الذي ينبع من العلاقة الخاصة التي يبادر فيها المسيح بالنظر الى كل احداً منهم حيث يعرف كلاً منهم على حدى، هكذا كانت كلمات البابا في عظة القداس الختامي للأيام العالمية للشباب بلشبونة: " أيّها الشّباب الأعزّاء، أودّ أن أنظر في عَينَي كلّ واحدٍ منكم وأقول لكم: لا تخافوا! لا تخافوا! أكثر من ذلك، سأقول لكم شيئًا أجمل. لستُ أنا من ينظر إليكم، بل يسوع نفسه ينظر إليكم الآن، ينظر إليكم، وهو الذي يعرفكم، ويعرف قلب كلّ واحدٍ منكم، وحياة كلّ واحدٍ منكم، وأفراحكم، وأحزانكم، ونجاحاتكم وفشلكم. إنّه يعرف قلوبكم."

 

 

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أقباط

إقرأ أيضاً:

أرمينيا تشتعل.. اشتباكات داخل مقر الكنيسة بعد محاولة اعتقال أسقف بارز

تصاعدت حدة التوترات في أرمينيا، اليوم الجمعة، بعد اندلاع اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن والكهنة داخل المقر الرئيسي للكنيسة الأرمنية الرسولية، وذلك إثر محاولة جهاز الأمن القومي توقيف رئيس أساقفة شيراك ميكائيل أجباهيان، أحد أبرز رجال الدين المعارضين للسلطة.

ووقعت عملية الاقتحام في دير إتشميادزين المقدس، المقر الرسمي لكاثوليكوس عموم الأرمن، غاريغين الثاني، الذي خرج شخصيًا لمواجهة قوات الأمن ومحاولة تهدئة الكهنة الغاضبين، بعد أن تحولت المواجهة إلى عراك بالأيدي واستخدام للقوة ضد المحتجين.

كاثوليكوس الأرمن يواجه قوات الأمن: انقسام نادر داخل المؤسسة الدينية

في مشهد غير مسبوق، ظهر الكاثوليكوس غاريغين الثاني علنًا وهو يحاول صد عناصر الأمن من التقدم داخل أروقة الكنيسة، في لحظة جسدت الانقسام العميق بين الدولة والمؤسسة الدينية.

الكهنة أغلقوا بوابات الدير، ومنعوا رجال الأمن من الوصول إلى الأسقف أجباهيان، الذي أعلن بدوره استعداده لتسليم نفسه لكنه شدد على أن “التهديد الحقيقي يجلس في الحكومة”، على حد تعبيره.

أسقف معارض في قلب العاصفة: من هو ميكائيل أجباهيان؟

ميكائيل أجباهيان، رئيس أبرشية شيراك، تحوّل في الأشهر الأخيرة إلى رمز للمقاومة الدينية في وجه الحكومة. وُجهت إليه تهمة خطيرة تتعلق بـ”الدعوة إلى قلب النظام الدستوري”، في وقت تتهم فيه السلطات الأرمنية رجال الدين باستخدام منابرهم للتحريض على إسقاط الحكومة.

أجباهيان نفى أي نية للانقلاب على السلطة، مؤكدًا أن دعواته كانت لحماية هوية الكنيسة الأرمنية ورفض تهميش دورها التاريخي في الحياة العامة.

حملة أمنية تطال رموزًا دينية واقتصادية: هل بدأ باشينيان تصفية معارضيه؟

محاولة توقيف أجباهيان لم تكن المعركة الأولى بين الحكومة ورجال الدين، إذ سبقها قبل يومين اعتقال المطران باغرات غالستانيان، قائد حركة “النضال المقدس”، بتهمة التخطيط لهجمات إرهابية والاستيلاء على السلطة.

كذلك، أصدرت السلطات مذكرة توقيف بحق رجل الأعمال الأرميني الروسي البارز سامفيل كارابيتيان، رئيس مجموعة “تاشير”، بعد أن عبّر علنًا عن دعمه للكنيسة.

هذه الاعتقالات دفعت العديد من المراقبين إلى التساؤل: هل تحوّلت الدولة إلى خصم مباشر للكنيسة؟ وهل يستخدم رئيس الوزراء نيكول باشينيان جهاز الأمن القومي في تصفية خصومه السياسيين والدينيين؟

توتر يتصاعد في دير إتشميادزين: تعزيزات أمنية ومخاوف من التصعيد

بحسب مصادر محلية، دفعت السلطات بتعزيزات أمنية إضافية إلى محيط الدير، وتم تسجيل دخول عناصر مقنعة من القوات الخاصة إلى ساحة الكنيسة بعد طرد الصحفيين.

الراهب آسوغيك كارابيتيان كتب منشورًا مثيرًا للقلق جاء فيه: “كل رجال الدين في أرمينيا مستعدون للاعتقال، إما أن تأخذونا جميعًا، أو تخرجوا جثثنا”، في تعبير عن حالة الغليان داخل المؤسسة الدينية.

غومري تحت المجهر.. تفتيشات واحتجازات لأنصار الكنيسة

في موازاة ما يجري في العاصمة الدينية، داهمت قوات الأمن مقر المطران أجباهيان في مدينة غيومري، واحتجزت عدداً من أنصاره بعد تفتيش واسع لمقر أبرشية شيراك.

محامي الأسقف، ميغران بوغوسيان، أكد أن نحو 30 عنصراً من القوات المقنعة اقتحموا المبنى دون إذن قضائي واضح، وهو ما أثار تساؤلات قانونية حول شرعية الإجراءات الأمنية المتخذة بحق المؤسسة الدينية.

ردود فعل داخلية ودولية.. موسكو تراقب والشارع الأرمني يغلي

داخل أرمينيا، تعالت أصوات سياسية وحقوقية منددة بتصرفات الحكومة، متهمة رئيس الوزراء باشينيان بإطلاق حملة منظمة ضد الكنيسة تحت ذريعة الحفاظ على النظام العام.

دوليًا، دخلت روسيا على خط الأزمة، إذ أعلن الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن موسكو على تواصل مع شركائها في يريفان بشأن اعتقال كارابيتيان، المواطن الروسي الذي يواجه اتهامات قد تؤثر على العلاقات الثنائية بين البلدين.

كنيسة في مواجهة الدولة: أزمة هوية أم صراع على النفوذ؟

ما تشهده أرمينيا لا يُعد مجرد توتر مؤقت، بل يعكس أزمة أعمق تتعلق بدور الكنيسة الأرمنية في الشأن العام، وموقعها التاريخي كمؤسسة حامية للهوية الوطنية.

ومع تزايد الاتهامات للحكومة بمحاولة تحجيم الكنيسة وتجريدها من نفوذها التقليدي، يزداد خطر تفكك التوازن بين السلطات الروحية والسياسية، في بلد لطالما ارتبط تاريخه وبقاؤه بدوره الديني العميق.

هل ترغب أن أُحوّل هذا التقرير إلى صيغة جاهزة للنش

مقالات مشابهة

  • أرمينيا تشتعل.. اشتباكات داخل مقر الكنيسة بعد محاولة اعتقال أسقف بارز
  • انتخاب القس عماد حداد مطرانا جديدا للكنيسة الإنجيلية اللوثرية
  • البابا تواضروس يستقبل مطرانين من الكنيسة الهندية الأرثوذكسية
  • الأنبا أنجيلوس أسقف شبرا الشمالية يرسم دياكونين جديدين للكنيسة
  • الأمن الأرمني يجري عمليات تفتيش في مقر رأس الكنيسة الرسولية الأرمنية وأبرشية شيراك
  • وزير العدل يستقبل رئيس المحكمة الدستورية البرتغالية
  • اختبارات إلزامية وزيادة سنوات الإقامة.. البرتغال تشدد شروط الجنسية
  • جماهير بورتو تنفجر وتهاجم اللاعبين بعد وصولهم البرتغال
  • بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك يهنئ رئيس الجمهورية وقيادات الدولة بحلول العام الهجري الجديد
  • وفد المجلس الإسلامي زار مطرانية طرابلس للروم الاورثوذكس معزيا بضحايا الكنيسة في دمشق