كاتب بريطاني: الفظائع التي سمح بها الغرب في غزة ستدق بابه قريبا
تاريخ النشر: 15th, October 2025 GMT
نقل تقرير نشرته صحيفة غارديان البريطانية وأعده كاتب العمود بالصحيفة أوين جونز عن أسرى فلسطينيين محررين تفاصيل مروعة عن التعذيب الجسدي والنفسي والإهمال الطبي المتعمد داخل سجون إسرائيل، دون أن توَجّه لهم حتى تهمة واحدة.
وذكر التقرير أن عدد الفلسطينيين المحتجزين دون توجيه تهمة نحو 2800 معتقل، وذلك بعد أن أتاح قانون أُقِرّ عقب هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول للجنود الإسرائيليين احتجاز أي شخص يشتبهون به إلى أجل غير مسمى، وفق ما أورده كاتبا التقرير وليام كريستو وسهام طنطيش.
وأشار إلى أن الأسير نسيم الرضيع (33 عاما) تحرر يوم الاثنين بعين واحدة، بعد أن "ودعه" الحراس بربط يديه وطرحه أرضا ولكمه وركله بشدة، لتصيب ركلة عينه مباشرة.
وقضى الرضيع، وفقا للتقرير، أكثر من 22 شهرا في السجون الإسرائيلية، بما في ذلك 100 يوم في زنزانة تحت الأرض، وفقد أكثر من ثلث وزنه، وكل ذلك دون تهمة تذكر، بعد أن اعتقل في مدرسة نزح إليها مع عائلته في 9 ديسمبر/كانون الأول 2023.
ورغم ما تعرض له بالسجن، يقول جونز، اختبر الرضيع "أسوأ تعذيب" في غزة، حين حاول الاتصال بزوجته فلم ترد، واكتشف أنها استشهدت مع أطفالهم عدا واحد بقصف إسرائيلي.
وقال: "كنت سعيدا لأن يوم خروجي صادف يوم ميلاد طفلتي صبا الثالث، كنت أخطط لإعطائها أفضل هدية لأعوض عيد ميلادها الأول الذي لم نحتفل به بسبب الحرب، ولكن صبا ذهبت مع عائلتي، وذهبت معها فرحتي".
تعذيب ممنهجووصف الرضيع لغارديان شتى أنواع التعذيب التي اختبرها في السجن، مؤكدا أن الحراس "استخدموا الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لتخويفنا، بالإضافة إلى الإهانات والشتائم".
وأضاف أن "الحراس كانوا يدخلون على المساجين فجأة ويقيدون أيديهم وأرجلهم ثم يبدؤون بضربهم بلا رحمة، ولم تكن الضربات استثناء بل جزءا من نظام منتظم للتعذيب".
وبحسب التقرير، كان الحراس يعلّقون الأسرى الفلسطينيين على الجدران، ويرشّونهم بالهواء والماء البارد، وأحيانا يرمون مسحوق الفلفل الحار على المعتقلين، مشيرا إلى أن كثيرين منهم أصيبوا بأمراض جلدية أو فطرية نتيجة الظروف القاسية داخل الزنازين.
"إن الفلسطينيين يصرخون محذرين مما سوف يواجهه الغرب لاحقا، فحين يكون لديك طبقة إعلامية-سياسية تستلذ وتفرح بمقتل أطفالنا، هل تظن أنها ستهتم بأطفالك؟"
بواسطة المحلل الفلسطيني محمد شحادة
ونقلت الصحيفة عن محمد الأسالية، طالب جامعي يبلغ من العمر 22 عاما، أنه أصيب بالجرب خلال فترة احتجازه، وقال: "لم تكن هناك رعاية طبية، وحاولنا معالجة أنفسنا باستخدام مطهر الأرضية على جروحنا، ولكن ذلك زاد الأمر سوءا".
إعلانونقل التقرير عن إياد قديح، مدير العلاقات العامة في مستشفى ناصر جنوب غزة، الذي استقبل المعتقلين، قوله إن علامات الضرب والتعذيب كانت واضحة على أجسادهم، مثل الكدمات والكسور والجروح وعلامات السحب على الأرض وعلامات القيود التي قيدت أيديهم بإحكام.
جزاء الغربوقال جونز في مقال منفصل، إن ما ارتكبته إسرائيل في غزة بدعم غربي ليس جريمة بحق الفلسطينيين فحسب، بل جريمة تُعيد صياغة الغرب ذاته، أخلاقيا وسياسيا، وتفضح تواطؤ حضارته مع الإبادة.
وحذر جونز في مقاله من أن الأهوال والجرائم التي ارتكبت في غزة، والتي تم تسهيلها والتغاضي عنها وتطبيعها من قبل الحكومات والنخب الإعلامية الغربية، ستعود وتنعكس على الغرب نفسه في شكل تصاعد للفاشية، وتآكل للنظام الدولي، وتطبيق أساليب القمع والتجريد من الإنسانية محليا.
وأشار جونز إلى تحذيرات الماضي المروع، مستشهدا بالمفكر الفرنسي إيمي سيزير الذي قال إن الاستعمار "يُفسد المستعمِر قبل المستعمَر، ويعمل على تجريد المستعمِر من الحضارة، ويوقظ فيه الغرائز الدفينة والطمع والعنف وكراهية الأعراق".
وأضاف سيزير أن أهوال الإمبريالية الغربية، بعنفها وتجريدها للضحايا من الإنسانية، ارتدّت في نهاية المطاف لتضرب أوروبا نفسها على هيئة الأيديولوجية الفاشية، وهو ما سمّته الفيلسوفة الألمانية الأميركية حنة أرنت بـ"الارتداد الإمبراطوري".
وخاطب جونز القراء قائلا: "ثقوا بأن الفظائع التي سمح بها الغرب في غزة ستطرق أبوابه قريبا".
ونقل المقال عن المحلل الفلسطيني محمد شحادة قوله إن "الفلسطينيين يصرخون محذرين مما سوف يواجهه الغرب لاحقا، فحين يكون لديك طبقة إعلامية سياسية تستلذ وتفرح بمقتل أطفالنا، هل تظن أنها ستهتم بأطفالك؟".
والسؤال الآن، برأي جونز، هو: ماذا سيرتد على الغرب من "حقول الموت" في غزة؟ مشيرا إلى أن القطاع أصبح "مختبرا للعنف والإبادة"، وفق الباحث الإسرائيلي شموئيل ليدرمان.
وفي هذا الصدد لفت جونز إلى تحذير الصحفي الأسترالي أنتوني لوينشتاين من أن إسرائيل دائما ما تجرب اختراعاتها على الفلسطينيين ثم تصدرها، ويشمل ذلك برامج التجسس وتقنيات التعرف على الوجه والمسيرات وأنظمة استهداف مدعومة بالذكاء الاصطناعي.
"كل تكنولوجيا قمعية وأسلوب تجريد من الإنسانية مارسته إسرائيل على الفلسطينيين بغزة بدعم من الغرب سيعود ليطال الغرب نفسه"
بواسطة أوين جونز في مقاله
كما أكد الكاتب أن اليمين المتطرف في أوروبا وحول العالم، والذي كثرت مظاهراته مؤخرا ضد المهاجرين، يرى إسرائيل كـ"دولة إثنية" يقتدى بها ونموذجا لحضارة تخوض حربا "عادلة" ضد الإسلام.
ولفت إلى أن قادة اليمين المتطرف الأوروبيين بدؤوا يطالبون بالفعل بتطبيق نموذج إسرائيل لوقف الهجرة وطرد المهاجرين من أوروبا، ومنهم حزب فوكس في إسبانيا، وحزب فيلدرز في هولندا.
وأشار جونز إلى أن كل "إبادة" -في غزة أو في أي مكان- تتطلب نزع الإنسانية عن ضحاياها، فقد وصف القادة الإسرائيليون الفلسطينيين بأنهم "حيوانات بشرية" و"وحوش"، ودعوا إلى "محو غزة عن وجه الأرض"، في لغة تُعبّر عن عقيدة عنصرية ممنهجة.
إعلانووفق جونز، سيكون لذلك عواقب وخيمة على الغرب، حيث إن نزع الإنسانية بات يُستخدم إستراتيجية في الداخل، إذ عمل الغرب على شيطنة ومعاقبة مواطنيه الذين احتجوا على الحرب بغزة، وسط صعود اليمين المتطرف الغربي الذي يعتبر المسلمين واليسار (مثل منظمة "أنتيفا" المناهضة للفاشية) أعداء له.
وخلص الكاتب إلى إن ما يُرتكب في غزة لن يبقى محصورا هناك، فكل تكنولوجيا قمعية وأسلوب تجريد من الإنسانية مارسته إسرائيل على الفلسطينيين بغزة بدعم من الغرب سيعود ليطول الغرب نفسه، وحذّر من أن التاريخ المظلم يعيد نفسه دائما عندما يختار الناس تجاهل دروسه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات من الإنسانیة إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
معاريف: إسرائيل ترفض مشاركة تركيا بـالقوة الإقليمية التي ستدخل غزة
قالت صحيفة معاريف العبرية، إنه بالتزامن مع مباحثات الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة، تجري نقاشات أخرى مكثفة خلف الكواليس بشأن المرحلة التالية من خطة ترامب، وتحديدا تلك المتعلقة بإنشاء قوة أمنية إقليمية ودولية ستدخل القطاع بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي.
وقالت الصحفية آنا بارسكي، في تقرير لها نشرته الصحيفة، إن هذا الملف يعد أحد أكثر المكونات حساسية وتعقيدًا في الخطة الشاملة لإعادة إعمار غزة، ومن المتوقع أن يكون محور المناقشات في قمة شرم الشيخ المنعقدة في مصر ، حيث أن الهدف من هذه القوة، هو منع حماس من العودة إلى السلطة، وتمكين الاستقرار الأمني في المنطقة، وتهيئة الأرضية لتشكيل حكومة فلسطينية جديدة بعد فترة انتقالية تشرف عليها هيئة دولية.
وأضافت بارسكي، في المناقشات التي جرت خلال الأيام الأخيرة، تتضح إحدى أهم نقاط الخلاف وهي: هوية الدول التي ستشارك في القوة العربية والدولية في غزة، ووفقًا لمصادر مطلعة على المناقشات، أعربت إسرائيل عن استعدادها لضم دول خليجية وصفتها بالمعتدلة - بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين - رغم أنها لا تمتلك قوة عسكرية كبيرة لنشرها على الأرض، إضافة لمصر والأردن، حيث يُفترض أن تقودا العملية وتجندا قوة شرطة فلسطينية محلية.
من وجهة نظر إسرائيل، فإن مجرد وجود هذه الدول في غزة قد يضفي شرعية إقليمية على هذه الخطوة، ويقول مصدر إسرائيلي مطلع على هذه المناقشات: "ستكون مساهمتهم سياسية واقتصادية بالأساس، لكن وجودهم قادر على تحقيق الاستقرار".
في المقابل والكلام للصحفية آنا بارسكي، أعلنت حكومة نتنياهو، معارضتها القاطعة لمشاركة تركيا في القوة، وتنبع هذه المعارضة من مواقف أنقرة المتشددة تجاه إسرائيل، ودعمها العلني لحماس، والروابط الأيديولوجية الوثيقة بين إدارة أردوغان وجماعة الإخوان المسلمين، يقول مصدر إسرائيلي: "لا يمكن لتركيا أن تكون جزءًا من كيان يهدف إلى نزع سلاح حماس، فالوجود التركي سيقوض العملية برمتها"، كما أن مصر لديها تحفظات على الفكرة، خوفًا من محاولة تركية لإعادة ترسيخ نفوذها في منطقة تعتبرها القاهرة جزءًا من مسؤوليتها الأمنية المباشرة.
وتضيف، لا تزال الأسئلة الأكثر صعوبة مطروحة، تطالب إسرائيل بنزع سلاح حماس بالكامل كشرط للانسحاب الكامل، بينما تطالب حماس بوعد صريح بانسحاب جميع القوات الإسرائيلية من قطاع غزة حتى قبل بدء هذه العملية، في هذه المرحلة، ما يبدو ظاهريًا مجرد مخطط أمني إداري تقني، هو في الواقع صراعٌ على إعادة تعريف المنطقة بأسرها، حيث تسعى إسرائيل إلى الحفاظ على السيطرة الأمنية لتحقيق أقصى استفادة ممكنة في المفاوضات حول استمرار تنفيذ خطة ترامب، فيما تسعى حماس إلى البقاء سياسيًا، ولكن بالأساس عسكريًا وأيديولوجيًا، وتحاول الولايات المتحدة والدول العربية بناء جسرٍ مستقر بين مطالب الأطراف والواقع الذي يتبلور أمام أعيننا.
لا يعتمد نجاح المبادرة على تشكيل القوة وهوية المشاركين فيها فحسب، بل يعتمد أيضًا على قدرة كل طرف، وخاصة إسرائيل، على الاعتقاد بأن من يدخل غزة هذه المرة سيكون قادرًا على البقاء فيها أيضًا، مشيرة إلى أن قمة شرم الشيخ قد تحدد طبيعة غزة في السنوات القادمة فيما إذا ستصبح منطقةً مُدارةً ومُشرفةً دوليًا، أم أنها ستعود إلى نقطة البداية.